حل الشركة اختياريا
د. ملحم بن حمد الملحم
بدأ وتولد الشركات في الأساس بعد الاتفاق بين الشركاء أو المؤسسين، ومن خلال هذا الاتفاق وهذا التأسيس يولد هذا الكيان الجديد الاعتباري الذي نسميه الشركة. تولد الشركات وتتفاوت أعمارها تبعا لعدة عوامل قانونية أو تشغيلية أو خلافية، فمنها ما يعمر عشر سنوات، ومنها ما يعمر عشرات السنين، وتعاصر هذه الشركات المعمرة عدة أجيال. فمثلا نجد أن عمر شركة فورد موتور تجاوز 115 سنة.
ورغم أن كثرة تأسيس الشركات وولادتها قد تعطي انطباعا إيجابيا، والتوجه هو تسهيل تأسيس وولادة شركات جديدة، إلا أن حل الشركات كذلك ينبغي إعادة النظر في آليته من خلال نظام الشركات، ولعلي أوضح وجه الإشكال في هذه المقالة.
تعدد المادة “16” من نظام الشركات، الحالات التي من خلالها تنقضي الشركات، ومن ضمن تلك الحالات حالة اتفاق الشركاء على حل الشركة، أو حلها عن طريق القضاء بطلب من أحد الشركاء أو من له مصلحة، ما يعني أنه إذا لم يتم حل الشركة قضاء، فإنه يجب اتفاق الشركاء بالإجماع على حل الشركة. هذه المادة جاءت في بداية نظام الشركات في الأحكام العامة للشركات، ما يفيد شمول هذه المادة جميع أنواع الشركات الخمس.
وهذا يعني أن اتفاق الشركاء بالإجماع يعني أنه – وإن كان المنظم قد استخدم عبارة شركاء – يشمل الشركات المساهمة، بحيث إن الشركة المساهمة لا يمكن حلها إلا بموافقة جميع المساهمين.
هذا التفسير للنص النظامي فيه إشكال كبير؛ حيث قد يُفهم منه أن الشركات المساهمة ولا سيما المدرجة منها، قد يصعب أو يستحيل الحصول على إجماع المساهمين، الذين قد يكون عددهم بالآلاف.
حتى لو افترضنا أن هذه المادة تشمل فقط الشركات ذات المسؤولية المحدودة – على سبيل المثال – فإن اشتراط الإجماع لحل الشركة هو مشكلة في حد ذاته؛ لأنه يجبر على استمرار الشركة حتى لو رفض من يملك 1 في المائة من رأسمال الشركة، بينما وافق من يملك 99 في المائة. علاوة على ذلك فإن هذا الاشتراط – وهو اشتراط الإجماع – يعني أن الشركاء الذين يرغبون في حل الشركة سيضطرون إلى التوجه إلى القضاء وإن كانوا يشكلون الأغلبية العظمى.
الذي أراه أنه يجوز حل الشركات بموافقة 75 في المائة من الأسهم الممثلة في الاجتماع، كما هو الحال بالنسبة لقرارات الاندماج في الشركات المساهمة التي يتطلب تحققها موافقة ثلاثة أرباع رأسمال الأسهم الممثلة في الاجتماع، ويعتبر نوعا من أنواع انقضاء الشركات ولو نسبيا، ويترك الأمر في المحدودة لما يتفق عليه الشركاء في عقود التأسيس.
اشتراط الإجماع لحل الشركة قد يلجئ الشركاء إلى التوجه إلى القضاء رغم أنه لا حاجة إلى التوجه إلى القضاء، وإنما يكفي ذلك كله قرار شركاء أو مساهمين فقط، ما يعني إضافة تكلفة ووقت على الشركاء.
هذا الإجراء يعتبر مهما لكي يستقيم ويتناسق مع التوجه العام في نظام الشركات، الذي يقوم على أن تمضي الشركات بناء على فكرة التصويت، وأنه لا يمكن إرضاء الجميع، كما يجعل للشركاء خيارات متعددة عند اتخاذ قراراتهم، إضافة إلى التخفيف على القضاء، والتسهيل على الشركاء أصحاب الحصص الغالبية.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً