كيف تصدى القانون للكوارث والأوبئة بعد تعليق العمل بالمحاكم المصرية بسبب كورونا؟
بعد تعليق العمل بمحاكم مصر لمدة 15 يوما طبقا لقرار الجهات المختصة؛ وذلك فى غضون 15 مارس الماضى بسبب فيرس كورونا للحفاظ على صحة المواطنين، الأمر الذى حدده القانون بمفهوم “القوة القاهرة” وهى كل حادث خارجى عن الشىء، لا يمكن توقعه، ولا يمكن دفعه مطلقاً.
وقد ورد تعريف خاص لحالة القوة القاهرة فى عقود واتفاقيات خاصة كما يلى:”القوة القاهرة هى ما يحدث قضاءً وقدراً أو أى تمرد أو عصيان أو شغب أو حرب أو إضراب وغير ذلك من اضطرابات عمالية أو حرائق أو فيضانات أو أى سبب أخر ليس ناتجاً عن خطأ أو إهمال من جانب المتعاقدين”.
رأى محكمة النقض فى القوة القاهرة
محكمة النقض المصرية عرفت القوة القاهرة بالمعنى الوارد فى المادة 165 من القانون المدنى تكون حرباَ أو زلزالاَ أو حريقاَ، كما تكون أمر إداريا واجب التنفيذ، يشرط أن يتوافر فيها استحالة التوقع واستحالة الدفع، وعليه فإنه يشترط فى القوة القاهرة شرطان: الأول هو استحالة التوقع، والثانى استحالة الدفع، إلى جانب شرط الخارجية الذى يعد ضرورياَ فى الأحيان التى يكون فيها الحادث مفاجئ أو القوة القاهرة أمراَ داخلياَ.
فى التقرير التالي، يلقى “اليوم السابع” الضوء على إشكالية القوة القاهرة التى تلجأ إليها الحكومات والجهات المختصة فى أوقات قلما تتكرر كما حدث فى المحاكم والنيابات المصرية خلال الساعات الماضية، ما أدى إلى طرح العديد من التساؤلات حول كيفية تطبيق استثناء القوة القاهرة داخل أروقة المحاكم، ووضعية تجديد المحابيس من الناحية القانونية خاصة أن فوات يوم فى التجديد يترتب عليه الكثير من الآثار تصل إلى إخلاء حبس المتهم مهما كانت جريمته؟ وأيضا هل هذا القرار سيمتد إلى النيابة العامة؟، وأن حدث ذلك كيف سيكون وضع القضايا الجديدة والمتهمين الجدد؟ – بحسب الخبير القانونى والمحامى سامى البوادى.
شرطى تطبيق نظرية القوة القاهرة
فى البداية – مفهوم القوة القاهرة فى شتى القوانين، عرفتها بأنها هى الحادث الذى لا يمكن توقعه ويستحيل دفعه، وهى صورة من صور السبب الأجنبى الذى ينفى علاقة السببية بين فعل المدين وبين الضرر الذى لحق بالمتضرر، ويؤثر تأثر بالغ وحقيقى على المواعيد القضائية واجراءات التقاضى وأن القوة القاهرة قد تنشأ عن فعل الطبيعة كالزلازل والفيضانات والأعاصير والأوبئة المعدية المنتشرة – كما هوة الحال مع فيرس كورونا الآن – وقد تنشأ عن فعل الإنسان كالحروب والثورات والحصار الاقتصادى – وفقا لـ” البوادى”.
بمعنى أنه يشترط لاعتبار الحادث قوة قاهرة عدم إمكان توقعه واستحالة دفعه، فإذا تخلف أحد هذين الشرطين انتفت عن الحادث صفة القوة القاهرة، ولا يلزم لاعتباره ممكن التوقيع أن يقع وفقاً للمألوف من الأمور، بل يكفى لذلك أن تشير الظروف والملابسات إلى احتمال حصوله ولا يشترط أن يكون المدين قد علم بهذه الظروف إذا كانت لا تخفى على شخص شديد اليقظة والتبصر، لأن عدم إمكان التوقع اللازم لتوفر القوة القاهرة يجب أن يكون مطلقاً لا نسبياً فالمعيار فى هذه الحالة موضوعى لا ذاتي، فالقوة القاهرة تؤثر على المواعيد القانونية، بيد أن القوة القاهرة لا تهدد شرط التحكيم المتفق عليه إنما يتم وقف سريان الميعاد إذا كان قد تم تحديد ميعاد.
ميعاد أى إجراء قضائى يقف سريانه إذا تحققت القوة القاهرة
ومن المتعارف عليه من الناحية العملية أن القوة القاهرة تحول دون إمكانية الأفراد أو المؤسسات او حتى بعض الدول من تنفيذ التزاماتها بسبب تلك الظروف، ويشترط لذلك توافر عناصر أهمها عدم إمكانية توقع الحادث، فإذا كان الحادث متوقعاً، فلا يعدّ قوة قاهرة، واستحالة دفع الحادث، إذ لا يكفى لقيام القوة القاهرة عدم إمكانية توقع الحادث، بل يجب إضافة لذلك أن يستحيل دفعه، وأن يكون الحادث خارجياً، وعليه فإن ميعاد اى اجراء قضائى يقف سريانه إذا تحققت أثناءه قوة قاهرة أو حادث فجائى يستحيل على المتقاضى مباشرة الإجراءات الخاصة به ومواصلة السير فيها، وتنتهى مدة الوقف فى أول يوم يتم فيه مباشرة المحاكم عملها بشكل رسمى ويتحقق ذلك اعتبارا من أول يوم عمل رسمى بدأت فيه المحاكم عملها بإعلان رسمى عن بدء العمل – الكلام لـ”البوادى”.
لكن ذلك كله منوط بتعليمات القرار الصادر لتعطيل وتعليق العمل بالمحاكم لهذا الظرف أو الحادث وحسب ما ترتئيه السلطة المختصة، فاذا رأت وقف العمل كليا تبعا لهذة القوة التى طرأت سرى أثر القوة القاهرة على العمل القضائى كليا بالمواعيد الاجرائية ومواعيد السقوط والتظلم والتقادم والتقاضى وإذا رأت سحب آثره عن بعض الأعمال القضائية واتيانه فى غيرها سوى ما قررته، وعلى هذا وجدنا أن بالنسبة لقرارات وزارة العدل المصرية بتأجيل كافة الدعاوى المنظورة أمام المحاكم بأنواعها خلال أسبوعين تماشيا مع خطة الدولة لمواجهة فيروس كورونا إلا أن العمل الإدارى بالمحاكم مستمر لتلبية الطلبات خلال مواعيدها المقررة قانوناً دون إقامة جلسات.
3 مرات لجأت فيها مصر لنظرية القوة القاهرة فى العصر الحديث
بل اشتملت القرارات على عدد من الإجراءات واجب اتخاذها خلال فترة تأجيل الجلسات وهي، النطق بالأحكام فى جلساتها المحددة، ولرؤساء الدوائر اتخاذ ما يرونه مناسبًا من قرارات تتفق لصالح العمل والاستمرار فى نظر القضايا دون تجمعات بشرية وتزاحم، مع مراعاة عدم الإضرار بحقوق المواطنين بالقضاء بسقوط الطعن أو باعتبار الدعوى كأن لم تكن أو شطبها، وأيضا حق المتقاضين ووكلائهم فى الطعن على الأحكام فى المواعيد المقررة قانونا، وكذلك إصدار شهادات لذوى الشأن، وقد مرت بمصر مثل هذه القرات إبان أحداث يناير 2011 وما أصاب البلاد وبخاصة المحاكم منها من حرائق وتدمير استتبع أن يصدر وزير العدل قرار بتعليق العمل بالمحاكم فى 29 فبراير 2011 وهو القرار رقم 50 لسنة 2011، كما تم اللجوء أيضاَ لقاعدة القوة القاهرة فى حرب أكتوبر 1973، وفى النكسة 1967، وهذه هى المرات التى لجأت فيها مصر للنظرية فى العصر الحديث ما بعد الغاء المحاكم المختلطة.
مواعيد إجراءات التجديد
ويتطرق الأمر هنا إلى بحث مشكلة المحبوسين احتياطيا ومواعيد تجديد حبسهم أمام القضاء وتحقيقات النيابة العامة فمن الثابت أن الحبس الاحتياطى إجراء من إجراءات التحقيق غايته ضمان سلامة التحقيق الابتدائي، من خلال وضع المتهم تحت تصرف المحقق وتيسير استجوابه أو مواجهته، كلما استدعى التحقيق ذلك والحيلولة دون تمكينه من الهرب أو العبث بأدلة الدعوى أو التأثير على الشهود أو تهديد المجنى عليه أو الانتقام منه وتهدئة الشعور العام الثائر بسبب جسامة الجريمة، اى إنه إجراء تَحفظى تجاه المتهم، ويدخل ضمن سلطات النيابة أو قاضى التحقيق الجنائي؛ إذن هو إجراء وليس محاكمة فجاءت القرارات بأنه يتم النظر فى تجديد الحبس وما يتصل به على أن يقتصر الحضور على المتهم ومحاميه فقط فضلا على أنه قد يتم اتخاذ قرارات تجديد الحبس الاحتياطى إداريا حتى لا يفوت ميعاد التجديد ويصبح الحبس باطلا وما يستتبعه من اجراءات يشوبها البطلان.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً