حماية جناب التوحيد في النظام الأساسي للحكم
لا كثرهم الله – المرتزقة والمداحين – تجدهم في كل واد يهيمون، في الإعلام وفي الساحات الأدبية وعلى المسرح السياسي والأحداث، بل بدأنا نشك أن ما من شعب من أودية العلم والأدب والفكر إلا وتجد فيها هذا الصنف يبحث عن لقمة العيش إما ببيت قصيدة أو بجملة يسطرها بمقال.
متى تنتهي ظاهرة التملق غير المقبولة لدى ولاة أمرنا ولدى المجتمع، وللأسف بدأت تستشري عند بعض الأشخاص المحسوبين على النخبة الفكرية والأدبية، وما يتملق هؤلاء إلا للبحث عن المكاسب الشخصية وإن كانت بعد حين.
إن حرية التعبير عن الرأي مكفولة بمختلف وسائل النشر في نطاق الأحكام الشرعية والنظامية، هكذا نص المادة الـ (8) من نظام المطبوعات والنشر الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/32) بتاريخ 3/9/1421 وعبر النظام على أن هذا المبدأ يقوم عليه الإعلام الناجح ويعتبر وسيلة لإدارة الوعي بالمجتمع، ولكن حينما تتخطى حرية الرأي إلى المساس بجناب التوحيد والخروج عن المألوف في المدح والثناء إلى درجة الإطراء الفاحش المنهي عنه شرعا هنا يجب أن توقف هذه الحرية ويحاسب صاحبها بالطرق النظامية، ومن يجهل قوله عليه الصلاة والسلام «إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب».
إن المملكة العربية السعودية قامت على حماية جناب التوحيد وهذا واضح في النظام الأساسي للحكم الصادر بالمرسوم الملكي رقم (أ/90) بالمادة (23) والتي تنص «تحمي الدولة عقيدة الإسلام..».
وما قام به خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، من إيقاف كاتب في بعض الصحف المحلية إنما ينطلق من مبدأ شرعي وقانوني، وليس منعا لحرية التعبير أو ردة فعل مجردة، لأن الغلو بالإطراء باستخدام أوصاف أو ألفاظ وصفت بها الذات الإلهية يعتبر خطيئة لا تقبل بالمجتمع ولها أبعاد خطيرة، ولا يظن البعض أن هذه ردة فعل، بل هذا مبدأ يساس به المجتمع لتعظيم جناب التوحيد.
يذكر المؤرخون أن الملك عبدالعزيز – رحمه الله – في إحدى زياراته لبلدة الخرج في عام 1363ه دخل عليه شاعر من الشعراء فاستأذنه بإلقاء قصيدة وقال من ضمنها «أنت آمالنا وفيك الرجاء»، فقام الملك عبدالعزيز ونهره بشده، وكان في المجلس أحد علماء الشريعة الشيخ حمد الجاسر فقال له علمه التوحيد يا ابن جاسر. بهذا المبدأ قامت هذه البلاد وبهذه الطريقة يدار المجتمع وأتمنى أن تنتهي ظاهرة التملق وأن نكون كالبنيان المرصوص مسورا على الوطن لنقيم بداخله حضارة راقية ونعد أجيالا طموحة بعيدا عن البحث عن المصالح الشخصية.
عبدالله قاسم العنزي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً