جرائم التسول
منصور الزغيبي
من الجرائم التي أصبحت ظاهرة اجتماعية خطرة، وهي غير حضارية وترفضها الشريعة، ومؤذية بشكل لا يطاق «جريمة التسول»، وهي منتشرة في كثير من الأماكن التي تكون موطن تجمع أعداد كبيرة من الناس. وتطور الأمر في السنوات الأخيرة تحديداً، وأصبح التسول الإلكتروني كذلك منتشراً عبر شبكات التواصل الاجتماعي وغيرها، تحت معرفات وهمية تحمل اسم مؤسسات أو على شكل أفراد. والمحاولة في استغلال عاطفة الناس من خلال توظيف النساء والأطفال على أرض الواقع، والانتشار لجمع المال منهم، أو الانتشار في العالم الافتراضي وفق ترتيب معين، وممارسة النصب والاحتيال، من أجل تمرير أجندتهم والحصول على المال بأسهل الطرق وأسرع وقت ممكن. والكثير يتم استغلاله من الذين يدفعون من دون وعي ومعرفة بالعواقب والآثار من ذلك. ويعتبر تجاوزاً للقوانين والأنظمة والتعليمات، ويكون المتبرع سبباً في مد العون للأشرار، والمنظمات الإرهابية وغيرهم. كل ذلك بسبب الجهل بالقانون، وعدم الوعي الكافي والحذر، وعدم تحكيم العقل والاستسلام للعاطفة غير الواعية.
إن قانون مكافحة الاتجار بالأشخاص الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/40 وتاريخ 21-7-1430 عالج جرائم التسول، وقدر لها عقوبات رادعة لكل من تسول له نفسه بممارسة الكذب، والاستغلال، والنصب، والاحتيال، وتوظيف النساء والأطفال، لاستدرار عاطفة الناس. والمقصود بالاتجار بالأشخاص استخدام شخص من أجل إساءة الاستغلال والتوسل، وذلك وفقاً للنظام من الفقرة الأولى من المادة الأولى.
ويعاقب كل من ارتكب جريمة الاتجار بالأشخاص بالسجن مدة لا تزيد على 15 سنة، أو بغرامة لا تزيد على مليون ريال، أو بهما معاً. وفقاً للنظام من المادة الثالثة. وكذلك يجوز للمحكمة المختصة مصادرة الأموال الخاصة والأمتعة، والأدوات التي تم استعمالها. وفقاً للمادة الـ11 من النظام.
إن الجهة المعنية بالتحقيق في هذه الجريمة هي هيئة التحقيق والادعاء العام، وأما الجهة المعنية في النظر والفصل والدراسة هي المحاكم الجزائية.
فالدولة وضعت جهات معنية تقوم باستقبال التبرعات، وفق أنظمة وتعليمات، وتصرفها في مشاريع مجتمعية خيرية، وجهات أخرى تمد يد العون والمساعدة، وتعالج حال المحتاج فعلياً قدر المستطاع، والنهوض به من واقعه بعد التأكد من معرفة ظروفه.
خلاصة القول، ضرورة التصدي لهذه الجريمة غير الحضارية، ويجب أخذ الحيطة والحذر؛ لكثرة المحترفين في الكذب، والتصنع، والتمثيل، خصوصاً من الأجانب الدخلاء الذين يستغلون كرم ونبل أبناء المملكة بحكم أنهم دائماً سباقون للأعمال الإنسانية والخيرية، ويجب أن نكون مع المحتاج ونمد يد العون له بطريقة واعية، مثلاً: مساعدته في الحصول على فرصة عمل يستغني بها عن الناس وسؤالهم وفق الأنظمة، لأن في ذلك امتهان له وإلغاء لكرامته وقيمته. ومن الوعي القانوني والمسؤولية الاجتماعية تبليغ الجهة المعنية عنهم، وهذا واجب وطني. ومن زاوية أخرى وزارة الشؤون الاجتماعية مطالبة بتكثيف جهودها على أرض الواقع، وأن تتصدى لهذه الجريمة التي تهدد الأمن المجتمعي كما يجب ويحتم الواقع، وتعالج ضعف دورها وتأخرها في ذلك، وتباشر حملات ميدانية وتعاون إعلامي لهذه الظاهرة المقيتة.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً