كيف ومتى نحترم الأنظمة ؟!
أ. د. إبراهيم إسماعيل كتبي
إن الحديث عن الأنظمة وتطويرها واحترامها يجب أن يشغل تفكيرنا واهتمامنا في كل موقع لسبب بسيط، أنها تضمن الحقوق والواجبات ، ما لنا وما علينا حتى في أبسط الأمور وهو حق الطريق مترجلا كنت أم قائدا لسيارة ، وصولا إلى ضمان حقوقك وواجباتك الوظيفية وحقوقك الخاصة والعامة مثلك مثل غيرك ، ولولا ذلك لساد قانون الغاب.
والأنظمة والقوانين وإن كان لها نصوص محددة لضمان عدالة التطبيق ، إلا أن نجاحها يستلزم الحزم اولا ، وتعزيزها كثقافة حياتية ، وهذا هو الفارق بين مجتمعات تمارس حياتها بروح النظام ، وبين مجتمعات تعرف أنظمتها لكن البعض فيها ينظر لها بنصف عين ونصف التزام أو تجاهل طالما كان ذلك على هواهم.
مثال بسيط قبل تطبيق نظام (ساهر) والمراقبة الالكترونية للمرور كانت مخالفات السرعة وقطع الاشارة بلا حساب والحوادث بلا عدد
نأتي لمثال من العيار الثقيل وهو الفساد بمظاهره ومجالاته من: رشوة وتعديات ومخالفات وتزوير واستغلال نفوذ وسطو على المال العام ، وكلها تجرمها أنظمة مكافحة النظام ، لكن عندما تضعف الرقابة الإدارية لأسباب عدة ، يبدأ ضعاف النفوس والجشعون استكشاف الأجواء وتصيد الفرص لممارسة إحدى هذه الجرائم أو بعضها. انطلاقا اولا من ضعف الضمير الذاتي الذي يتولد أو يتسلل ويتضخم إن توفرت هكذا بيئة .. وثانيا معرفة آخرة جريمته إذا ضبط متلبسا بجرم مشهود ، خاصة اذا حسبها بأنه سينقل من موقعه ، أو يفصل من وظيفته على أكثر تقدير ، وهذا يحدث في أي مجتمع سواء عندنا أو في دول أخرى إذا توافرت مظاهر التهاون في تطبيق الأنظمة.
النظام يا سادة يا كرام ليس فقط نصوصا مكتوبة ولا يرتبط فقط بالعمل الحكومي وإنما في كل القطاعات والمجالات ، لضمان سير الحياة وأداء الأعمال وحقوق الناس ، لذلك يلزم تطبيق وتنفيذ ثقافة احترام الانظمة أولا ، وهذا الاحترام هو في الأصل أخلاق يجب أن نقدرها ونحرص عليها .
واحترام الأنظمة فيه فضائل كثيرة اهمها حفظ حق الغير ، وحماية الحقوق والمصالح العامة والخاصة ، وحق أفراد الأسرة إن كان الأبناء أو شريكا الحياة داخلها ، وكذا الجار والعاملين . لذلك لو تأملنا جيدا مقاصد الأنظمة وروحها سنجدها تنبع من منطلقات اسلامية أكد عليها ديننا الحنيف في المعاملات، وتقوم الأنظمة واللوائح والقوانين على تطبيق هذه القيم الضامنة للعدالة والمنظمة للحقوق والواجبات.
السؤال هو: لماذا ارتضت مجتمعات كثيرة في العالم احترام أنظمتها ويطبقها الصغار والكبار بنسبة عالية ، ونحن لازلنا نعاني من مظاهر مخالفة النظام والتعدي على الأنظمة بأساليب شتى . .
الأعجب والأغرب أننا جميعا ننتقد الفوضى لكنها موجودة ومظاهرها شتى، كما أن المجتمعات المسلمة تعتز بإسلامها ، لكن الآخرين يأخذون عليها الفوضى وعدم احترام النظام ، مع أن الاسلام حجة على أبنائه وليس هم حجة عليه ، وهذه هي الاشكالية التي لا نعرف كيف نصححها سلوكيا . .
لكن ماذا عن الأنظمة واللوائح التي ترتكز عليها الوزارات والأجهزة الحكومية في تنفيذ الخطط والانجاز والتطوير ، ومتى تراجع الأنظمة العتيقة منها لتطويرها لتواكب متطلبات العصر والتنمية المتسارعة في الوطن ؟ هذه قصة أخرى لنا معها وقفة بإذن الله.
اترك تعليقاً