هل يحمي النظام خصوصيتك التقنية ؟
عبدالعزيز محمد العبيد
باحث ومستشار قانوني
Alobid100 @
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
كفل المنظم تحقيق الحماية الجنائية في مجال تقنية المعلومات لمستخدمي الأجهزة الالكترونية ورواد مواقع التواصل الاجتماعي وللمؤسسات والشخصيات المعنوية أيضاً، وقد صدر نظام مكافحة جرائم المعلوماتية بالمرسوم الملكي رقم م/17 وتاريخ 8/3/1428هـ للحد من وقوع جرائم تقنية المعلومات وحماية الخصوصية لمستخدمي الانترنت، وهو ما توضحه الفقرة الثالثة من المادة الثانية من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية إذ تنص على ما يلي: (يهدف هذا النظام إلى الحد من وقوع جرائم المعلوماتية، وذلك بتحديد هذه الجرائم والعقوبات المقررة لكل منها، وبما يؤدي إلى ما يأتي:
3ــ حماية المصلحة العامة، والأخلاق، والآداب العامة.)
ورتب المنظم العقوبات الرادعة على عدة أوصاف جرمية تشمل الابتزاز والتهديد واختراق البيانات الخاصة وتسريبها والتشهير والمساس بالقيم والآداب العامة، فقد نصت المادة الثالثة من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية على ما يلي:
(يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن سنة وبغرامة لا تزيد على خمسمائة ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين كل شخص يرتكب أياً من الجرائم المعلوماتية الآتية:
1) التنصت على ما هو مرسل عن طريق الشبكة المعلوماتية أو أحد أجهزة الحاسب الآلي – دون مسوغ نظامي صحيح – أو التقاطه أو اعتراضه.
2) الدخول غير المشروع لتهديد شخص أو ابتزازه؛ لحمله على القيام بفعل أو الامتناع عنه، ولو كان القيام بهذا الفعل أو الامتناع عنه مشروعاً.
3) الدخول غير المشروع إلى موقع إلكتروني، أو الدخول إلى موقع إلكتروني لتغيير تصاميم هذا الموقع، أو إتلافه، أو تعديله، أو شغل عنوانه.
4) المساس بالحياة الخاصة عن طريق إساءة استخدام الهواتف النقالة المزودة بالكاميرا، أو ما في حكمها.
5) التشهير بالآخرين، وإلحاق الضرر بهم، عبر وسائل تقنيات المعلومات المختلفة.)
وعلاوة على الفقرة الثانية من هذه المادة والتي تناولت جريمة الابتزاز تحديداً؛ تناولت الفقرات الأخرى صوراً من الممارسات المكونة أو الممهدة أو المكملة لأفعال متعددة أو متسلسلة من المخالفات الجنائية عبر الوسائل الالكترونية.
كما نصت المادة الخامسة من هذا النظام على ما يلي: ( يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على أربع سنوات وبغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ كل شخص يرتكب أيًا من الجرائم المعلوماتية الآتية: ) ثم تناولت في الفقرة الأولى توصيف عدة مخالفات كما يلي:
(1ــ الدخول غير المشروع لإلغاء بيانات خاصة، أو حذفها، أو تدميرها، أو تسريبها، أو إتلافها أو تغييرها، أو إعادة نشرها) وقد أجمل النص النظامي في هذه الفقرة جميع صور (الدخول غير المشروع) إلى الحواسيب والأجهزة اللوحية والهواتف الذكية بطريق غير مشروع أي دون السماح أو الأذن من صاحب الجهاز، لتشمل الاختراقات الالكترونية وغيرها.
كما نصت المادة السادسة من ذات النظام على ما يلي: (يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين كلُّ شخص يرتكب أيًّا من الجرائم المعلوماتية الآتية: ) ثم تناولت الفقرة الأولى الحالات التالية:
(1ــ إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام، أو القيم الدينية، أو الآداب العامة، أو حرمة الحياة الخاصة، أو إعداده، أو إرساله، أو تخزينه عن طريق الشبكة المعلوماتية، أو أحد أجهزة الحاسب الآلي) وقدقررت هذه المادة مبدأ (حرمة الحياة الخاصة) على وجه التحديد.
لذا فإن إنتاج أي محتوى يتضمن المساس بحرمة الحياة الخاصة من خلال أيٍ من الوسائل الالكترونية يعرِّض الجاني للمسؤولية الجنائية التي تقضي بالعقوبة الواردة في هذه المادة، إذ كفلت تلك النصوص توفير الحماية الجنائية لخصوصيات الأشخاص في حياتهم العائلية وأسرارهم وبياناتهم الهاتفية الخاصة ومراسلاتهم وحساباتهم الشخصية.
ولم يكتفِ المنظم بتقرير تلك المبادئ والأوصاف، بل قرر تجريم كل مساهمة في تكوين صورة أيٍ من هذه الجرائم أو التحريض عليها؛ فقد نصت المادة التاسعة على أنْ: (يعاقب كل من حرَّض غيره، أو ساعده، أو اتفق معه على ارتكاب أيٍّ من الجرائم المنصوص عليها في هذا النظام إذا وقعت الجريمة بناء على هذا التحريض، أو المساعدة، أو الاتفاق، بما لا يتجاوز الحد الأعلى للعقوبة المقررة لها، ويعاقب بما لا يتجاوز نصف الحد الأعلى للعقوبة المقررة لها إذا لم تقع الجريمة الأصلية).
وتناول النظام حالةَ الشروعَ في ارتكاب أيٍ من تلك الجرائم وقرر مبدأ المسؤولية الجنائية بسببها، حيث قرر عقوبة من بدأ فعلياً بارتكاب الجريمة المعلوماتية دون أن يتمّها بما لا يتجاوز الحد الأعلى للعقوبة المقررة، إذ نصت المادة العاشرة من ذات النظام على ما يلي: (يعاقب كل من شرع في القيام بأيٍّ من الجرائم المنصوص عليها في هذا النظام بما لا يتجاوز نصف الحد الأعلى للعقوبة المقررة).
كما كفل المنظم حماية خصوصية المكالمات الهاتفية والرسائل النصية وأنواع الاتصالات المختلفة، إذ يُعد هذا النوع من البيانات مطمعاً لاستغلاله في صور متعددة من الابتزاز أو التهديد؛ فقد نصت المادة التاسعة من نظام الاتصالات الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/12 وتاريخ 12/3/1422هـ والمعدل في العامين 1426هـ، 1434هـ، على أن (سرية المكالمات الهاتفية والمعلومات التي يتم إرسالُها أو استِقبالُها عن طريق شبكات الاتِصالات العامة مصونة، ولا يجوز الاطلاع عليها أو الاستِماع إليها أو تسجيلِها إلا في الحالات التي تُبيِّنها الأنظِمة).
كل ما تقدم يبين بوضوح مدى تصدي المنظم في المملكة لجرائم تقنية المعلومات وحماية الخصوصية التقنية للأفراد والمؤسسات، تكريساً للدور المنوط بالأنظمة والقوانين من أجل تحقيق العدالة وتعزيز المرتكزات الوطنية والاجتماعية وحماية القيم والآداب العامة وحفاظاً على النسيج المجتمعي والتمكين المؤسسي والأمن المعلوماتي.
اترك تعليقاً