ماذا تعرف عن الانتربول ؟
المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول) / ا. صفاء أوتاني
المنظمة الدولية للشرطة الجنائية Organisation Internationale de Police Criminelle هي المنظمة الوحيدة المتخصصة في مكافحة الجرائم الدولية ومطاردة المجرمين الدوليين. وهي ليست شخصاً دولياً، وإنما هي من أشخاص القانون الخاص. ولكن المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة[ر] اعترف لها منذ شباط 1949، بطابع المنظمة غير الحكومية ذات النظام الاستشاري، ومن ثمّ أجاز لها أن تشارك في أعماله.
نشأة المنظمة الدولية للشرطة الجنائية
نشأت المنظمة تلبية للحاجة الملحة إلى الكفاح ضد توسع أشكال الإجرام على المستوى الدولي. وقد انبعثت الفكرة الأولى لنشأتها من إمارة موناكو. وذلك سنة 1914 عندما دعا الأمير ألبرت الأول – أمير موناكو وقتئذٍ – حكومات الدول المختلفة للاشتراك في مؤتمر يحضره كبار رجال الشرطة المتخصصون في مضمار الأمن، كي يقوموا بوضع اللبنة الأولى للتعاون الدولي في المجال الشرطي.
وقد لبت أربع عشرة دولة هذه الدعوة، وانعقد المؤتمر في الفترة من 14-18 نيسان/أبريل من العام ذاته، وأطلق عليه «المؤتمر الدولي الأول للشرطة القضائية – موناكو».
في ڤيينا سنة 1923 دعا جوهانس شوير مدير شرطة ڤيينا آنذاك ـ باعتباره ممثلاً للحكومة النمساوية ـ إلى عقد مؤتمر دولي في الفترة من 13-17 أيلول/سبتمبر 1923 وأطلق عليه اسم «المؤتمر الدولي الثاني للشرطة القضائية – ڤيينا».
وقد نجم عن هذا المؤتمر قيام «اللجنة الدولية للشرطة الجنائية» التي اتخذت من ڤيينا مقراً لها، ووضعت على عاتقها مهمة تحقيق التعاون الدولي في المجال الأمني من خلال التنسيق بين أجهزة الشرطة لبعض دول العالم.
إلا أن وجودها انطفأ عملياً طوال الحرب العالمية الثانية وطوال العشر سنوات اللاحقة. وبتاريخ 14/7/1956 أعيد تنظيم اللجنة مجدداً، ووُضِع لها نظامٌ جديدٌ ودستور أساسي للعمل في ڤيينا، وأصبحت تسمى «المنظمة الدولية للشرطة الجنائية». واعتمد لفظ أنتربول Interpol رمزاً لها في جميع اللغات.
أهداف المنظمة
1- تأكيد المعونة المتبادلة وتشجيعها في أوسع نطاق ممكن بين سلطات الشرطة الجنائية في حدود القوانين القائمة في البلاد المختلفة، وبروح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان[ر].
2- إقامة وتنمية النظم التي من شأنها أن تسهم على نحو فعال في منع جرائم القانون العام ومكافحتها.
اختصاصات المنظمة
1- تجميع البيانات والمعلومات المتعلقة بالجريمة والمجرم، حيث تتسلم المنظمة من المكاتب المركزية الوطنية للشرطة الجنائية في الدول الأعضاء؛ تلك البيانات والمعلومات وتقوم بتجميعها وتنظيمها لديها. ومن هذه البيانات تتكون وثائق ذات أهمية كبرى في مكافحة الجرائم على المستوى الدولي.
2- التعاون مع الدول في ضبط المجرمين الهاربين. وهذا التعاون يحكمه مبدأ احترام السيادة الوطنية للدول. وينحصر دور الإنتربول في مساعدة أجهزة الشرطة في تلك الدول عن طريق إمدادها بالمعلومات المتوفرة لديه، لضبط المجرمين الهاربين والموجودين في أقاليمها.
الهيكل التنظيمي للمنظمة
يتكون الهيكل التنظيمي على النحو الآتي:
1) الجمعية العامة: وهي السلطة العليا في المنظمة، وتتكون من مندوبي الدول الأعضاء. وتنعقد اجتماعاتها بمقر المنظمة في دور انعقاد عادي مرة واحدة كل عام، ولها أن تعود للاجتماع في دور انعقاد غير عادي بناء على طلب اللجنة التنفيذية أو أغلبية الأعضاء، وتختص هذه الجمعية بتحديد السياسة العامة للمنظمة وإصدار التوصيات والقرارات لأعضائها، ووضع السياسة المالية للمنظمة، وتقرير المبادئ الملائمة لبلوغ أهدافها المتمثلة في تأكيد المعونة المتبادلة وتشجيعها على أوسع نطاق ممكن بين أجهزة الشرطة، وإقامة النظم التي تسهم في منع الجريمة ومكافحتها.
2) اللجنة التنفيذية: تتشكل هذه اللجنة من رئيس منظمة الإنتربول ونوابه الثلاثة وتسعة أعضاء تختارهم الجمعية العامة من بين مندوبي الدول بناء على مبدأ القرعة .
3) الأمانة العامة: وتتكون من الأمين العام الذي تعيّنه الجمعية العامة، ومجموعة من الإدارات المتخصصة وهي:
أ) قسم التعاون الشرطي: ويضم ثلاثة فروع:
ـ فرع للمعلومات والبيانات المتعلقة بالجرائم المرتكبة ضد الأشخاص والممتلكات.
ـ فرع للمعلومات والبيانات المتعلقة بالجرائم المالية والاقتصادية.
ـ فرع للمعلومات والبيانات المتعلقة بجرائم الاتجار غير المشروع في المخدرات.
ب) قسم الإدارة العامة.
ج) قسم البحوث والدراسات.
د) القسم الخاص بإصدار المجلة الدولية للشرطة الجنائية.
(4) المستشارون: وهم مجموعة من الاستشاريين الدوليين المتخصصين في مكافحة الجريمة، وتستعين بهم المنظمة للاستئناس بآرائهم.
(5) المكاتب المركزية الوطنية: وهي توجد في كل دولة عضو من أعضاء المنظمة، وتعمل على مكافحة الجرائم ذات الطابع الدولي بالتعاون فيما بينها ومع الأمانة العامة للمنظمة الدولية (أنتربول).
مقر المنظمة
جعلت المادة الأولى من دستور هذه المنظمة من باريس مقراً لها. و يقع اليوم في ضاحية سان كلو Saint-Cloud. وينظم الوضعَ القانوني للمقر اتفاقية دولية ـ أبرمت بين المنظمة والحكومة الفرنسية سنة 1972 وجددت في 3 تشرين الثاني/ نوڤمبر 1982ـ وبمقتضاها مُنحت المنظمة بعضاً من المزايا والحصانات داخل فرنسا.
عضويتها
يشترط في الدولة التي ترغب في الانتساب إليها أن تكون دولة مستقلة حتى يقبل طلبها. ويكفي لاكتساب الدولة الراغبة في الانضمام لتلك المنظمة أن تتقدم السلطات المختصة فيها بطلب العضوية إلى الأمين العام للمنظمة، وتعلق العضوية على موافقة الجمعية العامة وذلك بأغلبية ثلثي أعضائها (المادة 4 من دستور المنظمة).
أهم نشاطات المنظمة
إضافة إلى دورها المهم في مجال تسليم المجرمين، فإنّ للمنظمة نشاطاتها المهمة في مجال مكافحة الجرائم ذات الطبيعة الدولية : كجرائم المخدرات، والجرائم المخلة بأمن الطيران المدني وسلامته، وجرائم الآداب العامة، وجرائم تزييف العملة، والجرائم المتعلقة بسرقة الثروات الثقافية والمتاحف.
وقد بثت عام 1983 أكثر من 194000 رسالة بشأن تعقب المجرمين. ولديها سجل شخصي بأسماء مليونين ونصف مليون شخص، وأكثر من 6000 صورة شمسية لعتاة المجرمين في العالم. وقد تمكّنت المنظمة في العام ذاته من تسجيل 1048 حالة توقيف لمجرمين هاربين، وعالجت عدداً كبيراً من السرقات المهمة، وقضايا مخدرات تجاوزت 12000حالة. وقد جرى تبادل ما يقارب من 57000 رسالة في العام ذاته تتعلق بمضبوطات أو قضايا المخدرات. ولديها اليوم أكثر من 3 ملايين ملف.
صفاء أوتاني
اترك تعليقاً