هل حصول الموظف على تقدير “ضعيف” يؤدي إلى إنهاء خدماته؟
المحامي صلاح بن خليفة المقبالي
من المعلوم أن جميع الوحدات الإدارية بالدولة تسعى إلى تحقيق المصلحة العامة، وهذا الهدف يتحقق بتجويد العمل لديها. والسعي إلى الوصول إلى الجودة يلزمها أن تطور من كفاءة العاملين لديها، وهذا الأمر كذلك لابد له من طريق تتتبعه الجهة الإدارية في معرفة أداء الموظفين لديها وجودته، وسلبياته، فتنمي الجودة لديه، وتبعده عن السلبيات، وعلى ذلك أخذ قانون الخدمة المدنية العماني الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (120/2004) بنظام تقرير تقويم الأداء الوظيفي للموظف، فنصت المادة (20) من قانون الخدمة المدتية على أن: (تعد عن الموظفين تقارير تقويم أداء وظيفي سنوية وفقاً لنظام قياس كفاية الأداء الذي تضعه وزارة الخدمة المدنية بما يتفق مع طبيعة العمل بالوحدات، ويخضع لنظام تقارير تقويم الأداء الوظيفي جميع الموظفين عدا شاغلي وظائف الدرجة الخاصة والخبراء والمستشارين.).
ويقصد بتقرير تقويم الأداء الوظيفي الذي نتحدث عنه عبر زاويتنا القانونية في “أثير” بأنه هو عملية مراجعة أداء الموظف وتقييمه حتى يتطور هذا الموظف وظيفياً، حيث إن تقييمات الأداء هي عبارة عن تقارير يتم بها نقد سلوك الموظفين إيجابياً بهدف تطويرهم ودعمهم وتحسينهم ودفعهم إلى الأمام، و هي أيضاً تقارير تتخذ الطابع الدوري وفق ما نصت عليه المادة (22) من قانون الخدمة المدنية بأن: (يكون وضع تقارير تقويم الأداء الوظيفي خلال النصف الأول من شهر أكتوبر على أن يتم اعتمادها خلال شهر ديسمبر من كل عام باستثناء العاملين في المؤسسات التعليمية فتقدم التقارير وفق ما يقرره رئيس الوحدة.)
والتقييم يجري بناءً على معايير تكون معدة و موضوعة سلفاً، بحيث يجري وضع تقييم شامل للموظف يشمل كافة المواضيع المتعلقة به، و من هنا فإن هذا التقييم كفيل بأن يكون مرآة يرى بها الموظف نفسه، كما أنه كفيل بأن يعطي انطباعاً عن أداء هذا الموظف إلى المسؤولين عنه.
ومن أبرز الأهداف التي تهدف إليها عملية تقييم الأداء، هي توفير كافة الملاحظات والمراجعات لأداء الموظفين، كما أنها عملية تهدف إلى تطوير الموظف ودعمه ، فالتقييم يكشف عن مكامن الضعف عند الموظف و بالتالي يتم اتخاذ الإجراء المناسب لهذا الموظف و يتم أيضاً إلحاق الموظف بالدورات التدريبية المختلفة التي تهدف إلى تطويره و تحسين وضعه، وعلى ذلك نصت المادة (21) من القانون على أن: (يكون تقدير الكفاية بمرتبة (ممتاز) أو (جيد جداً) أو (جيد) أو (متوسط) أو (ضعيف). ويكون الأداء العادي هو المعيار الذي يؤخذ أساسا لقياس كفاية الأداء. ويخطر الموظف عن طريق رئيسه المباشر كتابة أولا بأول بما يؤخذ عليه من إهمال أو تقصير أو أوجه ضعف ليعمل على إزالة أسباب ذلك. وتحدد اللائحة إجراءات وضع التقرير ودرجات كل مرتبة.)
كما إنه من أهداف تقويم الأداء أيضاً أنه عملية توثيق لكافة المعايير التي تلزم في عملية تحديد المكافآت التي يحتاجها الموظف، و هي العامل الأساسي في تحديد الإجراء الذي يتوجب اتخاذه حتى يتم بعد ذلك اتخاذ الاجراءات اللازمة مثل زيادة الرواتب والترقيات والإجراءات التأديبية وما إلى ذلك من أمور مختلفة يدخل التقرير فيها كأساس للحصول عليها.
وأيضاً من أهم أهدافها تحقيق التكافؤ الوظيفي بين الموظفين، إضافة إلى عملية تسهيل التواصل بين الموظفين وإدارتهم، كما أنها تعمل على إيصال وجهة نظر الموظفين إلى الإدارة كما أنها تعمل على إيصال وجهة نظر الإدارة إلى الموظفين. كل هذه الفوائد يمكن و بشكل كبير يمكن تحقيقها من إجراء تقييم الأداء.
ولكن على الرغم من كثرة الفوائد التي تنتج عن طريق عملية تقويم الأداء إلا أنه يجب التنبه إلى مسألة مهمة نوضحها هنا عبر “أثير”، وهي أنه قد يؤدي حصول الموظف على تقدير (ضعيف) في تقريرين متتاليين إلى إنهاء خدماته، وذلك وفق نص المادة (26) من قانون الخدمة المدنية، والتي نصت على أن: (يعرض أمر الموظف الذي يقدم عنه تقريران سنويان متتاليان بمرتبة ضعيف على لجنة شؤون الموظفين، فإذا تبين لها أنه كفء لشغل وظيفة أخرى في ذات درجة وظيفته أوصت بنقله إليها، أما إذا تبين عدم كفاءته اقترحت إنهاء خدمته، وفي جميع الأحوال يرفع الأمر إلى رئيس الوحدة لاتخاذ القرار.)، ولا يتم إنهاء خدمة الموظف بصورة مباشرة من قبل لجنة شؤون الموظفين، وإنما ينظر أولاً في إحالته إلى وظيفة أخرى إذ قد لا تكون الوظيفة التي يشغلها تتناسب مع ميول الموظف وتوجهاته، وإمكاناته الوظيفية، فينظر في قدراته ومدى كفايته لشغل وظيفة أخرى تكون من ذات الدرجة الوظيفية والمالية لوظيفته التي تحصل على تقريرين ضعيفين فيها، فمتى ما وجدت أوصت اللجنة بنقله إليها ويصدر بذلك قرار من الوزير المختص، وإذا لم يكن هذا الموظف كفء لأي من الوظائف فاللجنة لا تمتلك إلا اقتراح إنهاء خدماته، والقرار النهائي بشأن ذلك يكون لدى الوزير المختص فله أن يأخذ برأي اللجنة أو أن يعدله أو يعدل عنه، وهذا الأمر كله مرده إلى تحقيق المصلحة العامة، فلا حاجة للجهات الإدارية لمن لا يقوى على تطوير نفسه، ولا يسعى لذلك، بل إن وجوده سيشكل عبئا على الإدارة في إنجاز عملها، فيكون من الأفضل للمصلحة العامة اتباع إما طريق النقل وإما إنهاء الخدمات.
وخلاصة القول إن تقرير تقويم الأداء الوظيفي ليس هدفاً بحدِّ ذاته، وإنما هو وسيلة تهدف إلى تحفيز الموظفين ومساعدتهم على تعديل سلوكهم وقدراتهم بصورة إيجابية؛ ودفعهم إلى تطوير أدائهم، وبالتالي رفع الكفاءة الإنتاجية في وحدات الجهاز الإداري للدولة.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً