عندما يخالف وزير الداخلية القانون
في اليوم الأول لتوليه الحقيبة الوزارية ،وقبل أن يقول بسم الله قرر وزير الداخلية وزير الشؤون البلدية حسين هزاع المجالي مخالفة القانون ،ودبت فيه الحماسة واصدر أوامر عاجلة بوقف منح تراخيص محلات الذخائر واستيراد الأسلحة ورخص حمل السلاح ،مخالفا بذلك قانون الأسلحة والذخائر رقم 34لسنة 1952 الذي ينص على انه يجوز لجميع الأهالي في المملكة أن يحتفظوا في منازلهم وأماكن إقامتهم بالبنادق والمسدسات اللازمة لاستعمالهم الذاتي فقط ،مع كمية من العتاد المخصص لذلك السلاح بالقدر الضروري للدفاع عن النفس ،شريطة أن يحصل الشخص الذي يرغب في اقتناء السلاح على رخصة مسبقة من وزير الداخلية أو من ينيبه وذلك قبل شراء السلاح من التاجر ، وعلى التاجر البائع أن يسجل رقم الرخصة واسم الشاري في سجلاته.
إضافة إلى أن القرار غير قانوني فانه غير منتج ،ولن يؤدي الى الغرض المنشود ،ومن الحكمة أن يتريث الوزير قبل أن يرتكب خطأه الأول بمخالفة القانون، فلا طارئ في الموضوع يستوجب العجلة أو الرد السريع لمشكلة متأصلة لم تكتشف من جديد، ذلك أن هنالك مجموعة من الحقائق الكبرى لم يحسب لها حساب أو جرى تجاهلها والتخفيف من شأنها فيما سبق من محاولات لإيجاد حل لمخاطر السلاح ،ففرضت نفسها بقوة كمؤثرات أدت لإخفاق تلك الجهود بإصابة أهدافها لعدم الالتفات إليها وأخذها بعين الاعتبار. ويقف البعد الاجتماعي على رأس تلك المؤثرات كمانع لإحداث التغيير ،لان الأسلحة مقتنيات عزيزة وتمثل ظاهرة تراثية لصيقة تبدو في كثير من الأحيان كجزء غير منفصل عن الجسد ،وموروث اجتماعي جامع لقيم مترسخة مرتبطة بالحاجة لتوفير الطمأنينة والشعور بالأمن ورفيق دائم في الحل والترحال، يصعب معها قطع العلاقة مع السلاح بتلك السرعة والبساطة حسب معتقد أنها تتم بإصدار أوامر قانونية ملزمة ومهما بلغت قوتها ودرجة العقوبة فيها وتواصل إجراءات الملاحقة والضبط.
وهذه هي الحقيقة الأولى. أما الحقيقة الثانية فالقرار لن يثني من لديه النية باقتناء السلاح وسيحتفظ به في بئر أسراره ، ويبقى ترخيص السلاح في هذه الحالة أفضل ، بل ويتطلب تبسط إجراءات الحصول على الرخص ،ومعرفة تفاصيل هوية السلاح وتحديد عنوانه والاحتفاظ ببصمته، وتوجيه الإجراءات نحو مكافحة جرائم الأسلحة وبالأخص الأوتوماتيكية منها ،وتغليظ العقوبة على الحيازة غير المشروعة ،وتشديد الرقابة لمنع تهريبها إلى البلاد ،وفي ذلك تبرز كثير من وجهات النظر التي لها ما يبررها ،لعل أهمها ضرورة الاعتراف بحقيقة وجود الأسلحة سواء كانت مرخصة أو دون ترخيص ،وان عدم التقدم لترخيصها أو منعه وتصعيبه لا يعني فناء المشكلة أو اختفاء الأسلحة وزوالها عن حيز الوجود ،أما إذا كان المقصود التخفيف من منسوب الجريمة وخفض معدلات وقوعها ،فان نسبة استخدام السلاح المرخص في تنفيذ الجرائم العظمى الجنائية والأمنية تكاد تصل إلى الصفر ،بمعنى أنها ترتكب في العادة بأسلحة غير مرخصة ،ومما يعني كذلك أن حسن السيرة والسلوك وصاحب النوايا الحسنة سواء كان مضطرا أو من هواة الصيد هو من يتقدم بطلب الترخيص، والاهم من هذا أن الجريمة لا ترتكب بالسلاح الناري فقط ،وهنالك الكثير من البدائل تختلف فيها أساليب ووسائل ارتكاب الجريمة وتننوع طرق وأدوات تنفيذها ،والتي تغني عن السلاح الناري وهي في متناول اليد ،وتؤدي إلى نفس النتيجة والغرض لمن عقد العزم وقرر اقتراف فعل الانحراف . نقدر للباشا حرصه على الأمن لكن ليس هكذا ، ونحن نعرفه قائد ومتزن وحكيم ،ونتوقع ان يعدل عن القرار ،وقد تجنب اتخاذه كل زملاءه من الوزراء السابقين ،فالقرار زاد من مفاجآت الحكومة ولن يجد له طريقا إلى النفاذ ، وسينتهي الأمر على أسوأ ما يكون والى مجرد ضجيج
اترك تعليقاً