التنظيم الإداري
1 – مفهوم التنظيم :
لا تستطيع المجتمعات الحديثة أن تواكب التطور اعتمادا على قدرات فردية أو بطولات أحادية لان حجم التنوع والتباين في الحاجات الإنسانية لأفراد المجتمع كبير بحيث لا يمكن تغطيته إلا من خلال التنظيم ( المنظمة ) والتي تعمل على تكوين المفاهيم والاتصالات وصنع القرارات ورسم اتجاهات الرأي والتدرج الاجتماعي والتغيير والتطوير والتمحور حول (القضية= الهدف) بما يسهم في تقدم البشرية وتطورها وبناء الحضارة الإنسانية.
إن مصطلح ( التنظيم ) في الأطر السياسية هو ما يطلق عليه اسم ( المنظمة ) في العلوم الإدارية، لذا فإننا سنستخدم المصطلحين في هذا الكتاب بنفس المعنى ولأهمية ( مفهوم التنظيم ) فسنتعرض له من زوايا متعددة آخذين بالاعتبار الأهمية القصوى للكادر والأهداف والهياكل والقوانين والفعل المنظم والتي تشكل بمجموعها عناصر المنظمة الأساسية .
يحدد المفكر ( بارسون ) أن المجتمع الإنساني قد شهد نمو التنظيمات منذ أو قبيل الثورة الصناعية حيث شهدت أوروبا تنظيمات تمارس نشاطا تجاريا أو تعليميا أو إداريا أو دينيا .
إلا أن التنظيم كان بحجمه الكبير موجودا في البيروقراطية الصينية القديمة التي لم تكن قائمة على معرفة متخصصة بقدر ما كانت تنهض على فلسفة ومقدرة أدبية وارتبطت بالمكانة في التنظيم في المجتمع فاقتصرت العضوية على الطبقات صاحبة السيادة ، وكان للتنظيم الهام في الحضارات المختلفة ومنها البابلية والفرعونية أن استطاعت هذه الحضارات الاستمرار والنمو .
وبنيت العديد من الديانات على شكل تنظيمي متدرج كما هو الحال مع الديانة الهندوسية التي أخذت شكلا تنظيميا طبقيا حيث البراهما والتجار والمنبوذين (الهاريجان) يتوزعون في طبقات ذات اختصاصات مختلفة ومنفصلة ، بينما أخذت المسيحية تنظيما هرميا يبدأ من القساوسة فالأسقف فالمطارنة ثم الكاردينالات فالبابا .
وفي المجتمع الإسلامي على مدى عصوره تشكلت التنظيمات الدينية – السياسية ، والإقليمية والتي ناهضت الحكم لأسباب اجتماعية واقتصادية وسياسية غلفت بغطاءات دينية وكذلك الأمر في عدد من الحضارات المختلفة .
إن عصر الثورة الصناعية في أوروبا شهد نمو ظاهرة التنظيم لأسباب هي:
أ – وجود درجة عالية من التباين في الأدوار والمراكز .
ب – الاتجاه نحو تحديد الأدوار الرئيسية وفقا لمعايير .
ج – تأكيد مصالح المجتمع قبل مصالح أية جماعات خاصة .
د – زيادة تعقد وتشابك الحياة الاجتماعية .
هـ – اهتمام الجماعات بأداء وظائف اقتصادية واجتماعية وسياسية لا تقتصر فقط على مصالحها الخاصة .
و – شيوع التنافس بين الجماعات فيما يتعلق بالأهداف وحول الموارد النادرة .
ويمثل التنظيم الاداري أهمية كبيرة في وقتنا الحالي لما له من أهمية في حياة المنظمات الإدارية واستمراريتها، فهو دليل واضح على مفهوم العمليات الإدارية وأبعادها، وهو كذلك الإطار الذي تتحدد بموجبه أوجه النشاطات الإدارية اللازمة لتحقيق الأهداف، حيث يتم فيه تحديد المسارات الوظيفية تحديداً دقيقاً إضافة إلى اكتمال العمليات التنظيمية المتعددة، فتتم فيه عمليات تجميع المهام والنشاطات المرغوب القيام بها في وظائف وفي وحدات إدارية متعددة، كما يتم به تحقيق التنسيق اللازم والصلاحيات والسلطات اللازمة لبقاء واستمرارية المنظمات الإدارية الحديثة، فالتنظيم ظاهرة إدارية تصاحب ظهور أي جماعة تحاول أن تعمل على تحقيق أهداف محددة، فهو ظاهرة واكبت ظهور وتطور المجتمعات والأفراد، لما له من أهمية في تحقيق الأهداف، فالإنسان منذ بدء الكون يعمل ضمن تنظيم محدد يتسم بالبساطة والوضوح، فقد حاول خلق التنظيم في الأسرة للقيام بتوضيح الأدوار وتوزيع السلطات ، وتخطيط النشاطات، ويمكن تعريف التنظيم بأنه الترتيب والتنسيق للأعمال والنشاطات اللازمة لتحقيق الأهداف، هو كذلك الإطار الذي يحوي القواعد والأنظمة والتعليمات.
المصدر: سيد أحمد الكردى
اترك تعليقاً