ماهية الحصانة الدبلوماسية ؟
ترجع كلمة حصانة من الناحية اللغوية في أصلها إلى فعل حَصُنَ، أي منع. ولذا فالحصانة تعني منع التعرض للمتمتع بها، أو مقاضاته لأسباب ينظمها القانون الدولي في مجال العلاقات الدولية بالنسبة للمبعوث الدبلوماسي ومن في حكمه، وينظمها القانون الوطني فيما يتعلق بمن يتمتع بالحصانة من رعايا الدول المعنية. وقد عرفت الاتفاقيات الدولية الحصانة بقولها: «الحصانة تعني امتياز الإعفاء من ممارسة الولاية القضائية، أو هيمنة السلطات المحلية». وعرف معجم المصطلحات الاجتماعية الحصانة عموماً بأنها: «إعفاء الأفراد من التزام أو مسؤولية، كإعفائهم من تطبيق القواعد العامة في المسائل القضائية أو المالية».
ويمكن تعريف الحصانة عموماً بأنها: “قواعد مانعة، تضيق أو تحد من الاختصاص القضائي للدولة”. والحصانة بمعناها العام هي حماية أشخاص معينين من الملاحقة القضائية عن الأفعال التي يرتكبونها في معرض قيامهم بأعمالهم الرسمية، وهي مقررة من أجل المصلحة العامة، لا من أجل مصالح الأشخاص الذين يتمتعون بها. والحصانة إما أن تكون مستمدة من أحكام الدستور، أو من أحكام القانون الدولي، أو من القوانين الخاصة. ويمكن تقسيم الحصانات وفقاً للأنواع الآتية:
الحصانة الدبلوماسية:
شهدت العلاقات الدولية تطوراً كبيرًا وأصبحت السياسة الخارجية تلعب الدور الرئيسي والفعال في علاقات الدول مع بعضها البعض،وظلت في تطور مستمر منذ عهد النهضة حيث تطورت من دبلوماسية مؤقتة إلى دبلوماسية دائمة ومن الدبلوماسية الملكية المطلقة الشخصية إلى الدبلوماسية الملكية الدستورية ثم تطورت للدبلوماسية البرلمانية الديمقراطية ومن الدبلوماسية السرية إلى الدبلوماسية العلنية ومن الدبلوماسية الثنائية إلى الدبلوماسية المتعددة الأطراف ومن الدبلوماسية غير المقننة إلى الدبلوماسية المقننة حيث نجحت الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية في إصدار اتفاقيات كانت ثمرتها تنظيم قواعد التبادل الدبلوماسي الدائم والخاص بين الدول من جهة والمنظمات الدولية من جهة أخرى، حيث صدرت اتفاقية العلاقات الدبلوماسية لعام 1961م ثم اتفاقية البعثات الخاصة لسنة 1969م ثم اتفاقية بعثات الدول لدى المنظمات لسنة 1975م بالإضافة إلى اتفاقية العلاقات القنصلية لعام 1963م وجميع اتفاقيات المقر المبرمة منذ العام 1946م والتي تنظم العلاقة بين الدول المضيفة والمنظمات الدولية الإقليمية.
وتمخضت تلك الاتفاقيات بالفعل عن امتيازات وحصانات الدبلوماسيين وإقرار تلك الحصانات وتنظيمها حتى يستطيع الدبلوماسي أداء عمله على الوجه الفعال فكانت الحصانة الشخصية إلا أن الفقه والعرف الدوليين لم يكتفيا بالحصانة الشخصية وحدها فقد استقر الرأي الفقهي والعرف الدولي منذ القرن السابع عشر على عدم خضوع الدبلوماسيين للقضاء المحلى للدولة المعتمد لديها بشقيه الجنائي والمدني، حيث رأى الفقهاء أن تمتع الدبلوماسيين بالحصانة الشخصية وحدها لا يكفى بل لا بد أن يتمتعوا أيضا بحصانة قضائية كاملة تعفيهم من الخضوع لقضاء الدولة المعتمد لديها ولقد ثار جدل فقهي وقانوني كبير حول مدى تلك الحصانة.
لكن إذا كان من المسلم به دولياً هو إعفاء الدبلوماسيين من أي مساءلة جنائية إلا أن الفقهاء ومنذ عام 1584م قد أقروا مبدأ اتخاذ بعض تدابير الحيطة مثل الاستدعاء أو الإبعاد أو الطرد من الدولة المعتمد لديها.
و يمكن اختصار المفهوم العام للحصانة في جانبين:
(أ) الحق السلبي: هو حق يمنح لشخص المبعوث أو سفارته يحول دون أن تقوم الدولة المضيفة بأى إعتداء عليهم ويمنعها أن تمارس سلطاتها القضائية أو المالية ضدهم.
(ب) الحق الإيجابي: توقيع العقوبات القانونية على من يعتدى على المبعوثين الدبلوماسيين أو السفارة.
اترك تعليقاً