ماهية المعاينة و أثرها على تغيير شكل الدعوى
ماهية المعاينة:
إن موضوع المعاينة يتطلب تحديد مفهومها من جهة وهذا ما سنتناوله في المطلب الأول،كما يتطلب تحديد الأشخاص المخول لهم قانونا القيام بها من جهة أخرى و هذا ما سنتناوله في المطلب الثاني، وسنتطرق من خلال المطلب الثالث إلى بعض التطبيقات العملية للمعاينة.
المطلب الأول: مفهوم المعاينة:
إن تحديد مفهوم المعاينة يتضح بتحديد معناها وهذا ما سنتطرق إليه من خلال الفرع الأول
وطرق إثباتها من خلال الفرع الثاني.
الفرع الأول:تعريف المعاينة:
يقول جانب من الفقه الحديث: “إن الأدلة المنتزعة من لغة الأشياء أقوى من شهادات الشهود في قاعات المحاكم ذلك لان الأشياء لا تكذب، في حين أن الشهود قد يكذبون أو ينسون “.
و المعاينات المادية هي وسيلة يتمكن بواسطتها قاضي التحقيق من الإدراك المباشر للجريمة و مرتكبها.
يقصد بالمعاينة الكشف الحسي المباشر لإثبات حالة شيء أو شخص، وتتم إما بانتقال المحقق
إلى مكان أخر أو بجلب موضوع المعاينة إلى مقره كما في معاينة العملات المزورة أوالأشياء و الأسلحة و الأوراق التي استخدمت في اقتراف الجريمة أو مكان و أثار الجريمة أو الكشف عن المجني عليه لإثبات أثار الجريمة من ضرب أو جرح أو قتل أو فحص المدعى عليه لإثبات حالته المرضية أو ما تعرض له من ضرب و تعذيب(.
فالمعاينة وسيلة بواسطتها يتمكن القاضي من الإدراك المباشر للجريمة ومرتكبها وقد تشمل النتائج المادية التي تخلفت عنها أواثبات حالة الأماكن أو الأشياء أو الأشخاص التي لها علاقة بالجريمة أواثبات الوسيلة التي استخدمت في ارتكابها أو المكان الذي وقعت فيه الجريمة .
و تتم المعاينة بأية حاسة من الحواس، مثل المس و السمع و البصر و الشم والتذوق. والمعاينة قد تكون شخصية فتنصب الملاحظة على شخص، ويستوي أن تتناول المعاينة المجني عليه أو المتهم كما إذا كان الغرض منها إثبات أثار الإكراه بالمجني عليه في جريمة السرقة ، وقد يكون موضوع المعاينة شخصا على قيد الحياة ، قد تقع على جثة وغالبا ما تقترن في الحالة الأخيرة بوسيلة إثبات أخرى هي الخبرة بقصد التشريح .
قد تكون المعاينة مكانية كما إذا اتجهت إلى التحقق من توافر عنصر العلانية إزاء المكان الذي وقعت فيه الجريمة، قد تكون المعاينة عينية أي موضوعها منقول كما لو تناولت المعاينة الخطاب الذي يحوي عبارات القذف أو السلاح المستخدم في ارتكاب الجريمة للتحقق مما إذا كان صالحا لإحداث الموت.
إن المعاينة تعتبر دليل إثبات أكيد، لأنها تعطي صورة مادية مباشرة للشيء موضوع الفحص، و تعد إجراء بمقتضاه ينتقل المحقق ( ضابط الشرطة، قاضي التحقيق، وكيل الجمهورية)إلى مكان وقوع الحادث ليشاهد بنفسه و يجمع الأدلة المتعلقة بالجريمة.
فالمعاين الجزائي عند انتقاله إلى مسرح الجريمة وبعد اتخاذه لجميع الإجراءات تتكون لديه فكرة عن الجريمة موضوع البحث ، وذلك لكي يتسنى له من تمحيص أقوال التي أبديت حول كيفية ارتكاب الفعل الإجرامي ، وتقدير المسافات و مدى وضوح الرؤية من عدمها وغيرها ، ناهيك عن جمع الأثار التي تخلفت عن الجريمة كبقع الدم أو البصمات.
و من ثم إقامة أو نفي العلاقة بين الأثار المعثور عليها بمكان ارتكاب الجريمة أو بالمجني عليه و ما وجد من أثار على المشتبه فيه
إن لمسرح الجريمة دليل بارز في الإثبات فهي شاهد صامت على وقوع الجريمة،و تعتبرصورة ناقلة لمسرح الجريمة من حيث فحص الأثار المادية كبقع الدم و هي بذلك تعطي لنا صورة وافية عن طبيعة الجريمة ، إن كانت عمديه و نوعها فيما إذا كانت واقعة على الأشخاص أو الأموال و تحديد ملابسات الفعل الإجرامي لمعرفة كيفية دخول الجاني وخروجه و مدى علاقته بالمجني عليه، و ما إذا كان الجرم القانوني يحمل صفة الاشتراك (المساهمة) من عدمه .
إن المعاينة تعد تشخيص مادي محسوس كاشفة عن نفسية و خطورة الجاني فتحدد طبيعة الفعل الإجرامي الواقع ، و كذا الأضرار الناجمة عن هذا الفعل قرائن دالة على حالة هذا المجرم ، فيما إذا كان عائدا محترفا أو مبتدئا ، مما يتطلب معاملته حسب شخصيته الإجرامية وإعطاء احتمالات من قبل المحقق عن كيفية وقوع الحادث و سببه و الأسلوب الإجرامي المتبع انطلاقا من الأثار المادية المتواجدة بمكان الحادث سواء كانت ظاهرة أوخفية، و للكشف عنها تتم بأحد الطرق التي تتم بها المعاينة .
الفرع الثاني: طرق إثبات المعاينة:
يقصد بالمعاينة الفنية جميع الإجراءات التي تتخذ بواسطة فنيين في مكان وقوع الحادث سواء عن طريق وصفه أو تصويره أو رسمه أو رفع الأثار ، وباعتبارها صورة ناقلة لوقائع الفعل الإجرامي فإنها تستهدف أمران و هما :
·جمع الآثار المادية التي تخلفت عن الجريمة .
·إعطاء المحقق فرصة ليشاهد بنفسه على الطبيعة مسرح الجريمة .
و عليه فان المعاينة تتخذ 03 صور تتمثل في :
أولا:المعاينة الكتابية:
يعد الوصف بالكتابة، و هو من أهم الوسائل و أقدمها ،حيث يتم تسجيل وقائع الحادث بصورة صادقة ، و الهدف من التسجيل هو إمكانية تصور حالة الجريمة وقت حدوثها والمكان الذي ارتكبت فيه و تدوين أقوال كل من له علاقة بالحادث والإجراءات التي اتخذت بواسطة المحققين والخبراء فيقوم المحقق مثلا بوصف مكان الحادث ، فيما إذا كان مسورا ووصف الحجرات وصفا دقيقا من حيث نوافذها و أبوابها ، كما تشمل المعاينة الأثاث فيما إذا كان مرتبا ومبعثرا و نوع الإضاءة فيما إذا كانت اصطناعية (كهربائية ) أو تقليدية
( كبقايا من الشمع ) ، فهذه الأخيرة قد تشكل قرينة على أن الجريمة وقعت في الليل ، كما يصف المعاين الجثة من حيث حالتها و موضعها والملابس الموجودة عليها و يصف الجروح فيما إذا كانت قطعية أم طعنية كما يصف الآلات المستخدمة و مكان تواجدها مع وصفها وصفا دقيقا .
و يعد تسجيل الحادث بالكتابة من أقدم الطرق المتبعة في نقل صورة عن الحادث إلى كل من يهمه الأمر سواء كان المحقق أو القاضي و الهدف منها هو إمكان تصور الجريمة و المكان الذي ارتكبت فيه و الإجراءات التي اتخذت بواسطة المختصين .
و المعاينة الكتابية حاليا فقدت بعضا من أهميتها كوسيلة لتعريف القاضي بدقائق الحادث وذلك راجع لدور لكل من المعاينة التصويرية والهندسية اللتان قللتا من أهمية المعاينة الكتابية
ثانيا: المعاينة الفوتوغرافية:
تعتبر من أهم إجراءات المعاينة الفنية الحديثة ، و لها حجية قاطعة في الإثبات أمام المحاكم
خاصة في بعض الجرائم كحوادث الطرقات والحرائق و بذلك تسجل مكان الحادث بالحالة التي تركها عليه الجاني ودون إنقاص من جسامة الحادث.
كما تعمل المعاينة الفوتوغرافية على إظهار الجريمة بالحالة التي يتركها عليه الجاني دون مبالغة أو تقليل من جسامة الفعل مهما مر عليها من الزمن تاركة من الأثر في نفسية القاضي و إصدار أحكام مطابقة للأفعال الجرمية محل المتابعة .
ثالثا:المعاينة الهندسية:
إن المعاينة الهندسية لمكان الجريمة في حادث قتل مثلا يبين لنا بدقة مساحة المكان و طرق الوصول و الخروج منه ، و توضيح مكان الجثة وبعدها أو قربها عن الأماكن الثابتة وتظهر أهمية المعاينة الهندسية في جرائم الحرائق و حوادث الطرقات ، لان حكـم القاضي يتوقف في هذه الأخيرة على معاينة اتساع الطريق و اتجاه الفرامل و بعد السيـارة التي نجم عنهاالحادث و أماكن تناثر الزجاج بعد تحديد مفهوم المعاينة يتطلب معرفة الأشخاص المخول لهم قانونا القيام بها وذلك من المطلب الموالي..
المطلب الثاني: الأشخاص المخول لهم قانونا القيام بالمعاينة:
تنص المادة 42 من قانون الإجراءات الجزائية :” يجب على ضابط الشرطة القضائية الذي بلغ بجناية في حالة تلبس أن يخطر بها وكيل الجمهورية على الفور ثم ينتقل بدون تمهل إلى مكان الجناية و يتخذ جميع التحريات اللازمة .
وعليه أن يسهر على المحافظة على الآثار التي يخشى أن تخفى.
و أن يضبط كل ما يمكن أن يؤدي إلى إظهار الحقيقة .
و أن يعرض الأشياء المضبوطة على الأشخاص المشتبه في مساهمتهم في الجناية لتعرف عليها “.
فيتبين من خلال المادة أنه إذا ما توصل إلى علم ضابط الشرطة القضائية نبأ جريمة في حالة تلبس و جب عليه إخطار و كيل الجمهورية و الانتقال فورا إلى مسرح الحادثة للسهر على حالة الأشياء و المحافظة على أثار الجريمة. أما إذا حضر وكيل الجمهورية الذي يحق له إتمام الإجراءات رفعت يده عن التحقيق إلا إذا كلفه و كيـل الجمهـورية لمتـابعة الإجراءات
كما أن لضابط الشرطة القضائية سلطة ضبط كل شيء يمكنه أن يساعده على إظهار الحقيقة وعند الانتهاء من التحقيق التمهيدي يجب عليه تقديم الشخص أمام وكيل الجمهورية و تقديم تلك الأشياء المضبوطة إلى وكيل الجمهورية مع محضر التحقيق التمهيدي.
كما نصت المادة 62 من قانون الإجراءات الجزائية :” إذا عثر على جثة شخص وكان سبب الوفاة مجهولا أو مشتبها فيه سواء أكانت الوفاة نتيجة عنف أو بغير عنف ، فعلى ضابط الشرطة القضائية الذي أبلغ الحادث أن يخطر وكيل الجمهورية على الفور و ينتقل بغير تمهل إلى مكان الحادث للقيام بعمل المعاينات الأولية …”.
خاصية المعاينات الأولية هذه أنها تحافظ على مسرح الجريمة تمهيدا لقيام سلطات التحقيق بإجراء المعاينة مثل تعيين الحراسة على مكان وقوع الجثة و إبعاد الفضوليين عنها.
أجازت المادة 49 قانون الإجراءات الجزائية لضابط الشرطة القضائية بالاستعانة بمن لهم إلمام علمي أو فني بعيد عن تخصصه حيث جاء فيها : “إذا اقتضى الأمر إجراء معاينات لا يمكن تأخيرها فلضابط الشرطة القضائية أن يستعين بأشخاص مؤهلين لذلك …”.
و من أهم الأثار التي يمكن لضابط الشرطة القضائية أن يعثر عليها أثناء الانتقال للمعاينة:
ـ بصمات الأصابع و الأقدام، إنطباعات عجلات السيارات و الدراجات النارية والعادية
ـ البقع الدموية، خصلة الشعر، قطع الملابس ،المواد العالقة تحت الأظافر ،قطع الدهون
و أثار الزيوت ، قاب السجائر ،ظروف و مقاذيف الأسلحة النارية وقطع الزجاج.
وهذه الأثار تتلخص فائدتها فيما يلي :
أ ـ الدلالة على تاركها بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
ب ـ تبيين صفات و عادات و مميزات أصحابها .
ج ـ تشير إلى الطريق أو الوجهة التي سلكها الجاني في اقترابه و دخوله وابتعاده عن مكان الجريمة
وقد تكتشف الجريمة فور وقوعها أو بعد ذلك بوقت قصير ، و قد نص المشرع على صلاحيات أوسع لضابط الشرطة القضائية في ميدان البحث و التحري و هذا بالنظر إلى الظروف الخاصة التي تحيط بالجريمة ورد فعل المجتمع الذي يتطلب سرعة التدخل والحفاظ على الأدلة .
أما المعاينة في مرحلة التحقيق الابتدائي فقد نصت المادة 79 من قانون الإجراءات الجزائية على ما يلي : ” يجوز لقاضي التحقيق الانتقال إلى أماكن وقوع الجرائم لإجراء جميع المعاينات اللازمة أو للقيام بتفتيشها ويخطر بذلك و كيل الجمهورية الذي له الحق في مرافقته ، و يستعين قاضي التحقيق دائما بكاتب التحقيق و يحرر محضرا بما يقوم به من إجراءات ” .
و عليه فإن أهم إجراءات جمع الأدلة الانتقال إلى مكان الجريمة و ذلك لمعاينة حالة الأمكنة و الأشخاص و الأشياء التي لها علاقة بالجريمة ، أواثبات الوسيلة المستعملة في ارتكاب الجريمة أو المكان الذي وقعت فيه قبل أن تزول أو تتغير معالم الأمكنـة و ذلك حتـى يتمكن قاضي التحقيق من الإدراك المباشر للجريمـة ومرتكبها .
كما أن انتقال قاضي التحقيق لإجراء المعاينات اللازمة لا يقتصر فقط في دائرة اختصاصه و إنما اختصاصه يمتد ليشمل أيضا دوائر اختصاص، على أن يخطر وكيل الجمهورية بالمحكمة التي سينتقل إلى دائرة اختصاصها، كما يجب عليه أن يدون ذلك على محضر الأسباب التي دعت إلى انتقاله و هذا ما نصت عليه المادة 80 من قانون الإجراءات الجزائية.
والانتقال للمعاينة إجراء متروك لسلطة التقديرية لقاضي التحقيق فله تقدير اللجوء إلى الانتقال من عدمه ، غير أن مهمة قاضي التحقيق كمحقق تفرض عليه أحيانا الانتقال إلى الميدان لإجراء المعاينات المادية التي لم تجريها الضبطية القضائية أو لتكميل المعاينات قامت بها الشرطة أو لتأكيدها
كما أجازت المادة 147 من قانون الإجراءات الجزائية لقاضي التحقيق ندب خبير حيث جاء فيها :” يجوز لقاضي التحقيق ندب خبير أو خبراء “.
بعدما أن عرفنا المعاينة و الأشخاص القائمين بها وطرق إثباتها سنتناول بعض التطبيقات العملية للمعاينة من خلال المطلب الموالي:
المطلب الثالث: بعض التطبيقات العملية للمعاينة:
ما دامت المعاينة إثبات مادي للأشياء موضوع البحث و التحقيق فان من واجب الفنيين اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لمعاينة كافة مشتملات مسرح الجريمة باعتبار هذه الأخيرة المكان الذي تنبثق منه كافة أثار الجريمة سواء كانت ظاهرة كطلق ناري أو بقع دموية أو منوية
أو خفية كأثار البصمات ، ذلك أن الأثار المادية يصعب العبث بها أو إخفائها بصورة كلية .
إن المعاين حتى يتصف بحسن التقدير و التصرف عليه أن يضع خطة للبحث تتفق و حالة الجريمة و أن لا يترك مجالا لنوازعه العاطفية متأثرة بشخصية أحد الأطراف، و أن لا يتسرع في إبداء رأيه في حادث نتيجة البلاغ الذي وجه إليه أو عن إشاعة تصل إليه أثناء وجوده لإجراء المعاينة بل واجبه يفرض عليه أن يعاين محل الحادث و يفحص مخلفاته ويدرس تقرير الخبير، و جميع التحريات التي أجراها ( أقوال الشهود ، متهمين ، المجني عليه …..).
و يجب على ضابط الشرطة أن يحترز هو الأخر من الأخطاء التي يمكن أن تصدر منه كإهماله و ذلك بإزالته لأثر قد ينتهي بتأكيد إتهام قبل شخص معين أو يضيف شيء قد يضلل العدالة.
كما يجب عليه أن يراعي التسلسل المنطقي للأحداث بحيث يجب أن يعطي صورة كاملة وصحيحة لموضوعها حيث لا ينتقل من إثبات نقطة لأخرى دون أن تكون رابطة بينهما، فلا
يصف مثلا الجثة ثم ينتقل لوصف السلاح المستخدم في الحادث ثم يعود مرة أخرى لوصف الجثة من حيث موضوعها و حالتها و الملابس الموجودة عليها و حالة الجروح و شكلها.
حتى تكون المعاينة صحيحة و منتجة لأثارها تقتضي أن تتم في وقتها المناسب وهو أمر متوقف على طبيعة الجريمة فقد يبدأ المعاين بالمعاينة و قد يتخذها بعدما أن تتخذ إجراءات أخرى .
و يرتبط اعتراف المتهم بالمعاينة الجنائية للأشياء ، فعند توجيه الاتهام من قبل المحقق واستجوابه، ففي حالة الإنكار فإن على المحقق أن يتخذ كافة الإجراءات المتعلقة بمعاينة الحادث ثم مواجهته بنتيجة تقرير المعاينة التي تكون بمثابة الدليل الصامت على اعتراف المتهم أو إصراره على إنكار التهمة الموجهة له ،أما في حالة اعترافه فيجوز إجراء المعاينة بعد تكوين كافة المسائل المتعلقة بالاستجواب وفي هذه الحالة فان اعترافه لن يؤكد النتائج التي قد تسفر عنها المعاينة ، و عند الاستجواب يجب التركيز على جميع الأسئلة المتعلقة بالأثار المادية والتي يحتمل أن تكشف عنه المعاينة.
و من خلال ما سبق ذكره نقسم هذا المطلب إلى ثلاثة فروع فسنتناول في الفرع الأول معاينة الأسلحة النارية والمتفجرات وفي الفرع الثاني معاينة بعض افرازات الجسم الإنسان وسنتناول في الفرع الثالث المخلفات التي يمكن أن نجدها في مسرح الجريمة.
الفرع الأول: معاينة الأسلحة النارية و المتفجرات:
في حالة العثور على الأسلحة النارية و المتفجرات في مكان ارتكاب الجريمة فإنه يتم معاينتها كما يلي:
أولا: معاينة الأسلحة النارية:
يقصد بالأسلحة النارية الأسلحة اليدوية كالمسدسات ، الأسلحة الطويلة كالبندقيات. و قد صنف المشرع الجزائري الأسلحة برمتها و من بينها الأسلحة النارية في الأمر رقم 97/06 ضمن عدة أصناف كالصنف الأول الخاص بالعتاد الحربي و كذا الصنف الرابع والخامس…إلخ
فالأسلحة النارية من أكثر الوسائل استخداما من طرف الجناة ، و لذلك نجد أن الأثار الناتجة عن استخدامها تكون بكثرة في مجال الأدلة الجنائية ، حيث تمكن من الإجابة عن عدد من التساؤلات مثل : ـ ما نوع السلاح المستخدم ؟
ـ كم تبلغ المسافة بين الجاني و المجني عليه عند الإطلاق ؟
ـ من هو مستخدم السلاح ؟…الخ .
فمن أهم النواتج التي ترافق عملية الإطلاق ما يلي :
المقذوف الناري ، الغازات ، اللهب الدخان ، حبيبات البارود غير المحترقة أو المحترقة جزئيا ، الظرف الفارغ …و غيرها .
كما يرافق عملية الإطلاق الناري تشكل مجموعة من الأثار ذات الأهمية البالغة في الإجابة على كثير من الأسئلة التي تدور في ذهن المحقق ، و من أهم هذه الأثار :
1)الأثارالتي تظهر على السلاح المستخدم
، و ذلك يشمل بصمات مستخدم السلاح بقع دموية في حالة الإطلاق من مسافة قريبة ، نواتج احتراق البارود.
2)الأثار التي تظهر على الظرف الفارغ :
إن للظرف الفارغ أهمية كبيرة في مجال التحقيق ، فعن طريقه يمكن معرفة نوع السلاح الناري المستخدم ، تحديد السلاح الذي أطلق منه إذا وجدت أسلحة مشتبه في استخدامها لتنفيذ الاعتداء ، و من ابرز الأثار التي تظهر على الظرف الفارغ أثر إبرة ضرب النار أثر القاذف ، أثر غرفة الإطلاق .
3)الأثار التي تظهر على المقذوف ذات السدود و ذلك يشمل الخطوط الحلزونية من حيث عددها و اتجاهها و زوايا ميولها و عرضها ، و يطلق على ذلك بصمة السلاح أثار دوران المقذوف ، أثار تشويه المقذوف .
4)الأثار المتخلفة على مستخدم السلاح و يشمل ما يتخلف عادة على يد الشخص الذي أطلق النار، مثل جزيئات البارود و الرواسب المعدنية .
5)الأثر التي تظهر على جسم و ملابس المصاب و يشمل ذلك الجرح الناري و هو الإصابة الناتجة عن المقذوف الناري على الجسم ، و يسمى ذلك فتحتي الدخول والخروج للمقذوف ، و ما يحدثه من تمزقات في الجسم و في الملابس ، كما يشمل أثار الغازات الناتجة عن الإطلاق حول مكان دخول المقذوف في حالة الإطلاق الملامس للجسم أو من مسافته قريبة جدا ، الاسوداد في مكان دخول المقذوف ،الحرق التسحج الحلقي ، المسحة الرصاصية .
فأهمية اثأر الأسلحة النارية أنها تساعد عل معرفة نوع السلاح المستخدم ، التعرف على شخص المستخدم السلاح ، معرفة مسافة الإطلاق ، تحديد و معرفة اتجاه و زاوية الإطلاق تحديد وقت استخدام السلاح .
ثانيا:معاينة المتفجرات:
المتفجرات عبارة عن مركبات كيميائية او مخلوط من عدة مركبات من خصائصها الاحتراق السريع تحت مؤثرات معينة لتعطي كميات هائلة من النواتج في لحظة قياسية ، و يكون لها قوة ضغط عالية مصحوبة بدرجة حرارة عالية جدا تؤثر فيما حولها تأثيرا تدميريا تختلف شدته حسب نوع المادة المتفجرة المستخدمة .
و من الصفات المميزة للانفجارات ، شدة الأثار التدميرية للانفجار ، و تناثر المخلفات والمحتويات ووجود إصابات بليغة ، ووجود أثار موضعية تتمثل في و جود حفرة أرضية في مركز الانفجار و يتوقف شكل هذه الحفرة و عمقها على ثلاثة عوامل هي
شدة الانفجار ، موضع الشحنة المتفجرة بالنسبة لسطح الأرض ، طبيعة الأرض و درجة مقاومتها لتأثير الموجة الانفجارية ، و من الأثار المتخلفة من الانفجارات الشظايا الأولية والثانوية .
اترك تعليقاً