ما المقصود بدعوى الحسبة في الشرع
الحسبة في المصطلح الشرعي هي وظيفة دينية مدنية عرفها الفقيه /أبو الحسن علي بن محمد البصري/ فقال :
” الحسبة هي أمر بالمعروف إذا ظهر تركه
ونهي عن المنكر إذا ظهر فعله”.
والحسبة بالأصل تقوم على القاعدة القرآنية التي وردت في سورة آل عمران بقوله تعالى :
” ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون”.
وقد وجدت النواة الأولى للحسبة في العهد النبوي، واستمرت وتطورت إلى العهد العثماني، وانتهت وظيفة الحسبة من الجانب الديني بسقوط الخلافة العثمانية في القرن العشرين، وبعدها تولى الجانب المدني من الحسبة الوزارات التي ترعى الخدمات العامة بالدولة.
إلا أن دعوى الحسبة الدينية، عادت إلى الظهور في السنوات الأخيرة، فأقيمت دعاوى الردّة عن الإسلام تحت مظلة الحسبة الدينية على اعتبار أن الردة تعتبر منكراً نهى عنه الشرع لأنها تسيء إلى الدين والفرد والمجتمع، كما أنها مخالفة لنصوص القرآن والسنة النبوية.
وهكذا وقياساً على ما تقدم من فهم شرعي للحسبة، يمكن اعتبار التشهير بالأمة وتحقير القيم والمقدسات والتاريخ، بمثابة الردّة عن الولاء للأمة والوطن ومنكراً ينهى عنه الشرع والنص القرآني ..
وتأسيساً على ذلك فإن لكل مواطن الحق في ممارسة وظيفة المحتسب في مواجهة كل منكر يصدر عن أي فرد أو أية جهة تنال من سمعة الأمة والوطن .. خاصة إن كان منكراً يجافي النص القرآني أو السنة النبوية ولا تطاله القوانين الوضعية، عندها نلجأ إلى أصول الشريعة لإقامة دعوى الحسبة.
وبعد هذه المقدمة الشرعية والقانونية لدعوى الحسبة نعرض بعضاً من المنكر الذي صدر عن صحفي مصري أساء فيه إساءة بالغة إلى كرامة الأمة وشرفها ومقدساتها وتاريخها وماضيها وشهدائها.
فقد أورد هذا الصحفي في صحيفة الجمهورية – المصرية – المقالات التالية :
1_العدد المؤرخ في 3/8/2008 :
العربي حيوان يعتاد كل شيء .. يعتاد الصراخ والنواح .. يتململ في البداية من الضوضاء والضجة وصوت الطاحونة وأزيز الطائرات وقصف المدافع والمقالات الطويلة الزاعقة الناعقة .. يشعر بالقلق والأرق ويتحسس رأسه لعله يجد له رأساً .. كل ذلك في البداية .. ومع الوقت والتكرار الذي يعلم الحمار ولا يعلم العرب، يتثاءب ويزهق ويعود إلى سباته العميق ويعتاد الطبل البلدي والطبل الإفرنجي .. والطبل الإسرائيلي (والخبط والرزع) في أمة الفساد والإفساد ..
العبودية في أمة العرب اختيار وليست جبراً نعبر عنها في مثلنا العامي بكل فخر : (اللي مالوش كبير يشترى له كبير) .. والكبير هنا هو السيد الجلاد الفرعون الذي إذا لم يتفرعن فرعناه غصباً عنه .. نحن لا نطيق الحياة بلا أسياد .. نشعر بالوحدة والغربة إذا لم يكن لكل منا سيد يذله ويهينه .. طبيعة خسيسة دنيئة تكره الحرية وتضيق بالديمقراطية.
2_ بالعدد المؤرخ في 20/7/2008 يقول :
ولأنه لا توجد أساساً في الواقع فكرة اسمها العروبة يمكن الالتفاف حولها والموت من أجلها أو الحياة بها .. العروبة لا تستحق أن نموت لها .. ولا تستحق أن نحيا بها .. هي فكرة عنصرية مصنوعة يسهل على من بناها أن يهدمها.
” لكن والله العظيم .. ليست هناك عروبة ولا قومية ولا أمة عربية”.
3_وعلى الفساد بالعدد المؤرخ في 13/8/2008 يكتب :
والله ما أجمع العرب على حق .. ما أجمعوا على خير .. ما أجمعوا على إصلاح .. لكنهم مجموعون مجمعون على الباطل وأهله وعلى الشر وأهله .. والمفسدين .. والفساد رائج متغلغل في شرايين وأوردة العرب لأنه بين فريقين أجمعا عليه .. فريق ينتج الفساد وفريق يستهلكه.
4_بالعدد المؤرخ في 14/12/2008 يكتب :
والبصرية التي تلح يومياً على عيونكم وآذانكم .. والواقع الذي لا يمكن لمنصف إنكاره هو أن أمة العرب ديكورية ورقية تابعة ذليلة محتلة ليس فيها وجود لمصارحة أو مكاشفة أو نزاهة أو حقيقة واحدة .. لأن الحقائق لا تقال ولأن الإنسان العربي نفسه صار كذبة.
5_بالعدد المؤرخ 8/2/2009 يكتب :
المسألة العربية ليست مجرد غزة أو فلسطين .. فهي أعمق وأكبر من ذلك بكثير .. إنها مسألة التاريخ العربي القذر الذي يعيد إنتاج نفس أحداثه بأشخاص مختلفين لا يقدمون أي جديد حتى في الشعارات .. وبالتالي فإنك لن تجد جديداً تقوله.
نفس المشهد .. الميت مسجى والجثة توشك على التعفن والتحلل والناس من حولها يتعاركون ويختلفون على المكان الذي يتم دفنها فيه .. نحن نريد أن يدفن العرب الميت ويتخلصوا من عفن الجثة المسجاة والمسماة الأمة العربية.
6_بالعدد المؤرخ في 10/6/2009 يكتب :
لم تعد هناك أمة عربية .. بل لم تكن هناك أمة عربية أصلاً .. كانت هناك صورة معلقة على الجدار نطلق عليها الأمة العربية دون أن يكون لها وجود في الواقع .. وجاءت رياح بوش لتسقط هذه الصورة وتحطمها وتمزقها (وحسناً فعلت) .. وظهرت تحت الصورة ألوف الجزر والبرك والمستنقعات الدينية والعرقية والإثنية وفاحت روائحها الكريهة لكن أحداً من العرب لا يشم.
7_بالعدد المؤرخ في 6/6/2010 :
اليتم خير من والدي السوء .. والتشرد خير من بيت السوء وليتنا نستطيع إلقاء الأمة العربية في البحر ولكننا نخاف على البحر من التلوث.
وهكذا، فإن صحيفة الجمهورية المصرية، بما نشرته من مقالات وأقوال وآراء لهذا الصحفي، قد ارتكبت منكراً أظهر فعله على صفحات تلك الجريدة الحكومية، وأضحى فرضاً على كل إنسان عربي أن يقيم دعوى الحسبة القومية استناداً إلى الأحكام الشرعية والقرآنية وإننا نتمسك بالنص القرآني وبالآية /110/ من سورة /آل عمران/ : ” وكنتم خير أمة أخرجت للناس”.
وبالآية /2/ من سورة /يوسف/ : ” إنا أنزلنا قرآناً عربياً لعلكم تعقلون”.
فإن كان الله سبحانه وتعالى قد أنزل على رسوله قرآناً عربياً، وجعل من أمة العرب التي أنزل الله كتابه بلسانها .. خير أمة أخرجت للناس، فإن أي مساس بقدسية الآيات القرآنية وبالقيم العربية والتاريخ العربي، يعتبر ردة عن الإسلام وخروجاً عن أصول الشرع، وهو منكر ظهر فعله من الصحيفة، يوجب معالجته بدعوى الحسبة، وهي من حق كل مواطن عربي، وكل إنسان عربي، أينما وجد خاصة وأن هذه الصحيفة قد وصفت العربي بالحمار والأمة العربية بالجثة العفنة كما قالت عن التاريخ العربي بأنه تاريخ قذر.
وإننا إذ نضع هذه الوقائع والأفعال المنكرة أمام كل إنسان عربي .. ندعو إلى إقامة دعوى الحسبة القومية على الصحيفة والصحفي قياساً على دعوى الحسبة الدينية.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً