رأيى الشخصى
الأراضي الأميرية في فلسطين بقلم المحامي د حسين عاهد العيسة
بقلم المحامي د حسين عاهد العيسة
محامي وباحث مختص في التشريعات العقارية
استاذ قانون الخاص – قسم القانون – الكلية العصرية الجامعية
هي النوع الثاني من الأراضي في قانون الأراضي العثماني التي اولى لها المشرع تنظيما واهتماما خاصا، وتعتبر الأراضي الاميرية الاكثر انتشاراً في الأراضي الفلسطينية عبر المراحل التاريخية التي مرت بها منذ العهد العثماني حتى أيامنا هذه. وبلغت نسبة الأراضي الاميرية في مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة حتى نهاية عام 2001 الى ما يقارب 69% من اجمالي مساحة الضفة وقطاع غزة.
الأصول و النشأة: تعود أصول الأراضي الأميرية إلى تلك الأراضي التي فتحت في عهد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وتركها من بعده في أيدي أهلها وعليهم الخراج وسميت بذلك أرض السواد وبقيت ملكاً لأهلها دون أي منازع يملكونها ويتصرفون بها حسب مصالحهم دون تدخل من الأفراد أو الدولة، وأيضا اشترها المسلمون وتوارثوها حسب نظام الأرث في الشريعة الأسلامية بإقرار الدولة الأسلامية على مر العصور.
وأثناء الحكم العثماني للبلاد العربية حصل النزاع على تلك الأراضي واعتبرت وقفاً للمسلمين وهي بيد المتصرفين بها مقابل أجرة يدفعونها للدولة تتمثل بخراجها، والبعض الآخر اعتبرها ملكاً لأصحابها بتمليك سيدنا عمر وتأخذ الدولة ضريبة الخراج ولأصحابها حق بيعها وتوارثها كباقي الأموال، ومنهم من قال أنها ملك للدولة ويملك أصحابها التصرف فيها على سبيل الأجرة التي هي خراجها.
وفيما يتعلق بآراء فقهاء المذاهب في موضوع أراضي السواد – الأراضي الأميرية فقد قيل فيها كما يلي:
1- الحنفية: أن أراضي السواد هي ملك لأصحابها بتمليك الخليفة عمر لهم إياها عند الفتح، وأما ما يدفعونه من ضريبة فهو الخراج الذي تفرضه الدولة الأسلامية لأتمام مصالهحا فللمالكين بيعها وشراءها وتوارثها.
2- الشافعية: ذهبوا إلى أن أرض السواد هي وقف للمسلمين جميعاً فلا تباع ولا تشترى و تورث،
وهي بيد أصحابها على سبيل الأجارة وما يدفعونه المتصرفين بها ما هو الا أجرتها المستحقة لخزينة بيت المال.
3- المالكية: فقد جاء في المغنى والشرح الكبير ” إلا أن يحكم ببيعها حاكم أو يفعله الإمام أو نائبه فتثبت الشفعة” وهذا القول يعتبر عند المالكية استثناء من قولهم العام باعتبار أراضي السواد أنها أراضي وقف لكافة المسلمين وعليه فإنه إذا حكم القاضي بثبوت الشفعة فيها فأنه يثبت جواز الشراء والبيع لآنها تابعة له.
أما بالنسبة لإصطلاح الأراضي الأميرية فقد ظهر حينما أقرت الدولة العثمانية قانون الأراضي العثماني في العام 1858 حيث نصت مادته الأولى على أنواع الأراضي في الدولة بما فيها ألاراضي الاميرية التي أولى لها اهتماما خاصأ في هذا القانون، ويعني مصطلح الأراضي الأميرية بموجب هذا القانون أن تلك الأراضي مربوطة بالولاة والأمراء العثمانيين وأيضا اصحاب الزعامة والثيمار حيث لا يجوز التصرف في هذه الأراضي ألا بأذن خاص من المذكورين والذين كان يطلق عليهم تسمية الأمير وبالتالي الأراضي كافة التي تحتاج لآذن خاص منهم بالتصرف بها بالزراعة سميت بالأراضي الأميرية.
وبقي الحال عما هو عليه بمنح حق التصرف في الأراضي الأميرية بإذن الأمير الى نهايه حقبة الدولة العثمانية في العام 1917. اما في عهد الانتداب البريطاني لفلسطين فقد اصبح التصرف في هذه الأراضي مرهون بأن مأمور الدولة والذي يمثل المندوب السامي البريطاني في فلسطين بمعنى أن الدولة اصبحت هي صاحبة الحق في إذن التصرف الذي تمنحة بمجب سند طابو.
وبعد نهاية الإنتداب البريطاني على فلسطين في العام 1948 وتقسيم فلسطين الى ثلاثة مناطق القسم الأكبر أُقيم عليه دولة إسرائيل والباقي المتمثل في الضفة الغربية وقطاع غزة فقد أختلف صاحب منح حق التصرف باختلاف حقبة الإدارة فالأردن أصبحت صاحبة حق منح التصرف في الأراضي الأميرية في الضفة ومصر في غزة لنهاية حتى العام 1967 وبعد الاحتلال الإسرائيلي لهما أصبح الحاكم العسكري هو المختص في منح إذن التصرف بواسطة مأمور تسجيل الأراضي والذي أستغله لصالح منح أذون التصرف للهيود المستوطنين وبعد مجيء السلطة الوطنية الفلسطينية فقد أصبحت صاحبة ألاذن في مناطق أ وبعض مناطق ب اما منطقة ج والتي تعتبر الأكبر من مساحة الضفة الغربية فبقيت بيد المأمور الإسرائيلي والذي مازال يمنح الأذن لليهود في مناطق عديدة من المستوطنات في الضفة الغربية.
وما تجدر الإشارة إليه هنا أن اصول الأراضي الأميرية قد يعود إلى أراضي الموَات في حال تم إحياءها بإذن المأمور المختص وزراعتها لمدة عشر سنوات متتالية وفقا للقانون الخاص بذلك.
المفهوم: تُعرَف الأراضي الأميرية وفقا لنص المادة الثالثة من قانون الأراضي العثماني على أنها (ما كان عائداً لبيت المال من المزارع والمراعي والمسارح والمشاتي والمحاطب وأمثال ذلك من الأراضي التي يحصل التصرف بها مقدماً عند وقوع الفراغ والحلولات بإذن وتفويض أصحاب التيمار والزاعمة الذين كانوا يعتبرون أصحاب الأراضي وبعض الأحيان بالإذن من والتفويض من الملتزمين والمحصلين وقد حصل الغاء ذلك أخيراً فأصبح يجري بها التصرف على هذا الحال باذن وتفويض الذات المأمورة بهذا الخصوص من طرف الدولة العلية ويعطى ليد الذين يتصرفون بها سندات طابو متوجة بالطغراي. والطابو هو المعجلة التي تعطى في مقابلة حق التصرف فيأخذها المأمور ويستوفيها إلى جانب الميري).
وأيضا في المادة التاسعة من نفس القانون أن الأراضي الآميرية هي ( الاراضي الاميرية القابلة للزراعة والحراثة يزرع فيها كل شيء يعني حنطة وشعيرا وأرزا ونيلة وغير ذلك من الحبوب وتتزرع كذلك اجارة أو اعارة ولا تتعطل ما لم يتحقق وجود أحد الاعذار الصحيحة). كما ان المادة 3 من قانون تحويل الأراضي الأميرية الى ملك رقم 41 لسنة 1953 اعتبرت الأراضي الأميرية أنها الأراضي التي تكون خارج حدود البلديات في المدن والبلدات الفلسطينية التي تديرها بلديات وليس مجالس محلية وقروية.
وبتحليل مفهوم النصوص السابقة يَتضح أن الأراضي الأميرية هي الأراضي الكائنة خارج حدود البلديات وتشمل ما يلي:
1- الحقول الزراعية كحقول الزيتون والعنب والتين …………الخ
2- المراعي الصيفية والشتوية.
3- الأراضي التي تعتبر منابت للربيع وتزرع لعلف البهائم.
4- الأحراج.
5- الأراضي القابلة للزراعة والتي يزرع فيها القمح والشعير وغير ذلك من الحبوب.
6- كما انني أضيف على النقاط الخمسة أن أراضي الموات التي يتم إحيائها وفق القانون تصبح أراضي أميرية وهذا ما سأبحثه في المبحث الخامس من هذا الفصل، وكذلك بناءً على ما تقدم حين الحديث عن الأراضي الخراجية والعشرية من النوع الملك أنها تحول إلى أميرية في حال وفاة مالكها ولم يكن له ورثة شرعين وتصبح للدولة.
وفيما يتعلق بحق الملكية والتصرف في الأراضي الأميرية فإنه وفقا لنص المادة الثالثة من قانون الأراضي العثماني أن رقبة الأرض الأميرية تعود لبيت المال والذي يتمثل بشخص السلطان والذي ينوبه اصحاب الزعامة والتيمار على النحو الذي وضحناه في الفرع الأول، أما حق التصرف فيها فيكون لشخص او مزارع تم منحه إياها من قبل الدولة، وأشير هنا مرة أخرى ان من يمنح حق التصرف في الأراضي الأميرية يختلف بإختلاف الحقبة التي حكمت فلسطين فقد كان في الحقبة العثمانية صاحبة هذا الأختصاص هو الوالى او من ينوبه من اصحاب الزعامة والتيمار، وفي العهد البريطاني اصبح المندوب السامي او من يخوله لذلك اما في عهد الأدرارة الأردنية و المصرية الإحتلال الأسرائيلي فأصبح بإذن المأمور.
وإن منح حق التصرف للمزارع من قبل الدولة لا يعني ذلك ان القانونية للأراضي الأميرية قد تغيرت وان المزارع أصبح المالك لها فالعكس هنا صحيح أن الدولة تبقى هي صاحبة حق الرقبة وإنها تستطيع نزع حق التصرف منه في أي وقت تشاء في حال أن المزارع لم يقم بأستعمال الأرض لمدة ثلاثة سنوات متتالية وفقا لقانون الأراضي العثماني، وأشير هنا ان الدولة العثمانية لم تستخدم هذا الحق في فلسطين بل بقي الكلام نظريا وما كانت الحكمة من هذا النص الا تشجيع من الدولة ان يبقى المزارع فالحا للأرض وأن لا يهملها، غير أن الامر قد اختلف في عهد الأنتداب البريطاني وأيضا في عهد الأحتلال الأسرائيلي الذي أستغل هذا النص الأستغلال الأمثل فكان كل مزارع يهمل أرضه مدة ثلاث سنوات فأكثر تقوم الدولة ممثلة في المندوب السامي البريطاني او الحاكم العسكري الأسرائيلي بنزع حق التصرف من المزارع وذلك بغية السيطرة على أكبر عدد ممكن من الأراضي في المناطق الفلسطينية سيما الحيوية منها.
بالنسبة للأرض المالية
فى اعتقادى أنها تكون الأرض التى تكون ملك للأفراد وتباع وتشترى بالمال .
اترك تعليقاً