نطاق تطبيق القانون التجاري
المؤلف : حنان عبد العزيز مخلوف
الكتاب أو المصدر : مبادئ القانون التجاري
أن القانون التجاري يتمتع بذاتية و استقلال أحكامه ، و منشأ ذلك هو طبيعة المعاملات التجارية و ما تقتضيه البيئة التجارية من ضرورة خضوع هذه المعاملات لقواعد و أحكام خاصة غير تلك التي تخضع لها معاملات الأفراد من غير التجار . و يثور التساؤل في هذا الصدد عن النطاق التي يجب إعمال أحكام القانون التجاري به . و بمعنى آخر متى تنطبق أحكام القانون التجاري هل في كل حالة يوجد فيها العمل التجاري بغض النظر عن صفة القائم به ، أم تنطبق أحكامه على التجار فقط في سياق ممارستهم لحرفتهم التجارية ؟ . الواقع أن تحديد نطاق تطبيق القانون التجاري يتنازعه نظريتين هما: النظرية الموضوعية و النظرية الشخصية و سنقوم بتفصيل كل من النظريتين ثم نعرض لموقف المشرع المصري في قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩
أولا : النظرية الموضوعية :
يرى أنصار هذه النظرية (١) أن أحكام القانون التجاري تطبق على العمل التجاري سواء كان قائم به تاجرا أم غير تاجر و مرد ذلك هو أن العمل التجاري يتميز بخصائص ذاتية نابعة من داخله فطبيعة العمل التجاري تقتضى السرعة و البساطة في إتمامها فضلا عن حاجته إلي أحكام تدعم الثقة و تقوى الائتمان و تضمن تنفيذ الالتزامات التجارية في مواعيد استحقاقها ولا شك أن أحكام القانون التجاري هي التي تحقق عاملي السرعة و الائتمان (٢) . و نتيجة ذلك تنطبق أحكام القانون التجاري حيثما وجد العمل التجاري و يستوي أن يكون القائم به تاجر أم غير تاجر . الواقع أن هذه النظرية تثير مشكلة تحديد العمل التجاري تحديدا دقيقا. وهو ليس بالأمر السهل ، فالفقه مختلف حول تحديد المعيار المميز للعمل التجاري فمن قائل بأنه معيار المضاربة أو التداول و منهم من يجمع بين المعيارين .
ثانيا : النظرية الشخصية :
يذهب أنصار هذه النظرية (3) إلي أن أحكام القانون التجاري تطبق على فئة التجار فقط دون غيرهم و ذلك فيما يتعلق بمعاملاتهم التجارية . و يستندون في ذلك إلى النشأة الطائفية للقانون التجاري . فهذا الأخير قد نشأ خاص بطائفة التجار فقط دون غيرهم حتى ولو قاموا بممارسة تصرفات تجارية . وعلى ذلك ووفقا لأنصار هذه النظرية فالقانون التجاري هو قانون الحرفة التجارية . و من ثم تطبق أحكامه على التاجر في سياق ممارسته لمجموعة من الأعمال تكون في مجموعها حرفة تجارية .
موقف المشرع المصري :
نصت المادة الأولي من قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ على أنه : ” تسري أحكام هذا القانون على الأعمال التجارية و على شخص طبيعي أو اعتباري تثبت له صفة التاجر” . كما نصت المادة ١٠ من قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ على أنه ” يكون تاجرا :
١- كل من يزاول على وجه الاحتراف باسمه و لحسابه عملا تجاريا.
٢- كل شركة تتخذ أحد الأشكال المنصوص عليها في القوانين المتعلقة بالشركات أيا كانت الغرض الذي أنشأت من أجله.
و باستقراء النصوص القانونية السابقة يتبين لنا أن المشرع المصري قد تبنى النظرية الموضوعية و النظرية الشخصية معا . و على ذلك تطبق أحكام القانون التجاري على كل من الأعمال التجارية و على كل شخص طبيعي أو اعتباري تثبت له صفة التاجر . و نرى مع البعض ( 4) أن المشرع المصري قد تبنى النظرية الموضوعية .
فأحكام القانون التجاري تطبق على الأعمال التجارية و تطبق على الأشخاص إذا احترفوا هذه الأعمال . فالعمل التجاري هو أساس تحديد نطاق تطبيق القانون التجاري وهو أساس اكتساب الشخص صفة التاجر . و لن يكتسب الشخص وصف التاجر إلا إذا احترف القيام بممارسة العمل التجاري ، و على ذلك فتطبيق أحكام القانون التجاري تدورا وجودا و عدما مع العمل التجاري فهذا الأخير هو أساس تطبيق تلك الأحكام .
_____________
1- Hamel et lagard : op.cit ، P109
٢- د. محمود مختار بريري : قانون المعاملات التجارية ،الجزء الأول ، دار النهضة العربية ، ٢٠٠٠ ، ص ٢2
3- Claude Givetond : Le droit commercial ، droit des commerçants ،J.C.P. 1949 ، I ، P770
4- محمود مختار بر يرى ” المرجع السابق ، ص ٢٨
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً