رأيى الشخصى
فى ضوء البحث
جنحة التعدي على الملكية العقارية
على ضوء اجتهاد المحكمة العليا
مقدمة
أركان جنحة التعدي على الملكية العقارية
أولا – الركن الشرعي :
ثانيا – الركن المادي :
ثالثا – الركن المعنوي :
الخاتمة
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدّمــَـــــــــــــة
جنحة التعدي على الملكية العقارية تناولها قانون العقوبات الجزائري في مادة واحدة هي المادة 386 منه، و مع ذلك فإنها تثير العديد من الاختلافات و التساؤلات بين رجال القانون بسبب اختلاف قراءة النص باللغة العربية عنه باللغة الفرنسية، وعلى أساس أن من المفروض أن النص باللغة العربية هو النص الرسمي الواجب التطبيق و أن النص بالفرنسية هو مجرد ترجمة، و لكن في الواقع العملي فإن نصوص قانون العقوبات وُضعت في الأصل بالفرنسية ثم ترجمت للعربية، و في بعض الأحيان كانت الترجمة رديئة لأنها ركزت على الترجمة الحرفية فيضيع المعنى، و يكون ذلك في بعض الأحيان حتى بعَدَم وضع الفواصل و النقاط في مكانها مما يُخل بالمعنى و ينعكس ذلك سلبا على العمل القضائي من خلال اضطراب الأحكام و المساس بحقوق المتقاضين، و هكذا فإن المتعامل مع نصوص القانون الجزائري يجب أن يدرسها باللغتين و يضع في اعتباره أن الأصل الحقيقي هو النص المكتوب بالفرنسية ، بل إن بعض القوانين قد تمّ نقلها حرفيا من التشريع الفرنسي خلال السنوات الأولى للاستقلال و ذلك بفعل ظروف موضوعية قاهرة ، ثم هنالك عامل آخر – يزيد الطين بلة – و هو أعمق وأخطر، و يتمثل في وجود توجه أو انتماء حضاري مختلف لدى النخبة المثقفة وبالخصوص لدى رجال القانون على مستوى السلطات التشريعية و التنفيذية والقضائية، فالبعض ذو توجه غربي متفرنس قلبا و قالبا ، و البعض معرب في النخاع ، و القليل من مزدوجي اللغة الذين يحاولون الربط بين التيارين حتى تتمكن العربة من السير ( و الوضع نفسه بالنسبة لكل الدول التي كانت خاضعة للاستعمار الفرنسي بداية بالمغرب و تونس ثم مرورا بكل الدول الإفريقية المماثلة) … و أبسط مثال يتجلى فيه هذا الاختلاف هو: جنحة التعدي على الملكية العقارية كما سيتضح من خلال هذه الأسطر.
و إذا كانت دراسة معظم الجرائم في قانون العقوبات الجزائري يَسْهل التعامل معها من خلال الرجوع إلى أصلها التاريخي و هو قانون العقوبات الفرنسي (القديم) و الاستعانة بالاجتهاد القضائي لمحكمة النقض الفرنسية و الفقه القانوني هناك ، فإذا حصل أن كان هناك أي لبس أو غموض في المعنى بفعل الترجمة فإن الرجوع إلى تلك المصادر يزيل الإشكال أو على الأقل يوضح الرؤيا و يسمح باتخاذ موقف ما على ضوء ذلك، غير أنه بالنسبة لجنحة التعدي على الملكية العقارية فإننا لا نجد مقابلا لها في قانون العقوبات الفرنسي (القديم والحديث) مما يدفع الدارس إلى الاعتماد على اجتهاد المحكمة العليا و ما كتبه بعض المختصين و لو على قلته.
و عندما نلتفت إلى قانون العقوبات المصري فإننا نجد أن المشرع هنالك قد تناول حماية الملكية العقارية من خلال نصوص المواد 369 إلى 373 من قانون العقوبات تحت عنوان انتهاك حرمة ملك الغير، فجرّم فعل دخول عقار في حيازة الغير بقصد منع حيازته بالقوة، و بدراسة تلك النصوص فإن المشاكل التي يطرحها نص قانون العقوبات الجزائري لا تثور أمام نص قانون العقوبات المصري، إذ أن التجريم يتعلق بالتعدي على الحيازة ، و المال المحميّ هو العقار بطبيعته سواء كان أرضا أو بيتا، كما شملت الحماية حرمة المنازل المسكونة أو المعدة للسكن (التي خصص لها المشرع الجزائري نصا خاصا هو نص المادة 295[1] من قانون العقوبات )، و هكذا يتضح أن فكرة حماية حق الملكية بالمعنى الناجم عن صياغة نص المادة 386 من قانون العقوبات الجزائري باللغة العربية لا تجد لها سندا في التشريعين الفرنسي و المصري، و هو ما يزكي الرأي القائل بأن المشرع يقصد حماية الحيازة.
أركان جنحة التعدي على الملكية العقارية
لقيام جنحة التعدي على الملكية العقارية و إدانة مرتكبها و معاقبته طبقا للقانون يجب توافر الأركان الثلاثة المعروفة و هي : الركن الشرعي و الركن المادي و الركن المعنوي كما هو الشأن بالنسبة لمختلف الجرائم.
أولا – الركن الشرعي :
هو نص المادة 386 من قانون العقوبات (معدلة بالقانون رقم 82-04 المؤرخ في 13-02-1982 ) :
« يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة من 20.001 إلى 100.000 دج كلمن انتزع عقارا مملوكا للغير وذلك خلسة أو بطرق التدليس.
وإذا كان انتزاع الملكية قد وقع ليلا بالتهديد أو العنف أو بطريقة التسلق أو الكسر من عدة أشخاص أو مع حملسلاح ظاهر أو مخبأ بواسطة واحد أو أكثر من الجناة فتكون العقوبة الحبس من سنتين إلى عشر سنوات والغرامةمن 20.001 دج إلى 100.000 دج.»
و كان تحريرها السابق في ظل الأمر رقم 66 – 156 المؤرخ في 8 يونيو 1966 كما يلي :
« يعاقب بالحبس من شهرين إلى ستة أشهر وبغرامة من 500 إلى 2.000 دينار كل من انتزع عقارا مملوكا للغير وذلك خلسة أو بطرقالتدليس.
وإذا كان انتزاع الملكية قد وقع ليلا بالتهديد أو العنف أو بطريق التسلق أو الكسر من عدة أشخاص أو مع حمل سلاح ظاهر أو مخبأبواسطة واحد أو أكثر من الجناة فتكون العقوبة الحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات والغرامة من 500 دج إلى 3.000 دينار.»
و النص باللغة الفرنسية :
Section V Atteinte aux biens immeubles
Art. 386. – Est puni d’un emprisonnement d’un (1) an à cinq (5) ans et d’une amende de deux mille (2.000) à vingt mille (20.000) DA quiconque, par surprise ou fraude, dépossède autrui d’un bien immeuble.
Si la dépossession a eu lieu, soit la nuit, soit avec menaces ou violences, soit à l’aide d’escalade ou d’effraction, soit par plusieurs personnes, soit avec un port d’arme apparente ou cachée par l’un ou plusieurs des auteurs, l’emprisonnement est de deux (2) ans à dix (10) ans et l’amende de dix mille (10.000) DA à trente mille (30.000) DA.
Rédigé en vertu de l’ordonnance n° 66-156 du 8 juin 1966 comme suit :
«- Est puni d’un emprisonnement de deux (2) à six (6) mois et d’une amende de 500 à 2.000 DA quiconque, par surprise ou fraude, dépossède autrui d’une propriété immobilière.
Si la dépossession a eu lieu soit la nuit, soit avec menaces ou violences, soit à l’aide d’escalade ou d’effraction, soit par plusieurs personnes, soit avec port d’arme apparente ou cachée par l’un ou plusieurs des auteurs l’emprisonnement est de trois (3) mois à trois (3) ans et l’amende de 500 à 3.000 DA.»
و بمقارنة النصّين نلاحظ أن هناك اختلافا عميقا تترتب عليه نتائج هامة جدا حسب قراءة النص بإحدى اللغتين : العربية أو الفرنسية. و قد ظهر ذلك الاختلاف في قرارات المحكمة العليا و انعكس بطبيعة الحال على العمل الميداني في المحاكم و المجالس القضائية …
و الجملة التي تختلف بين النصّين هي لبّ المادة وهي : ” كل من انتزع عقارا مملوكا للغير” و يقابلها بالفرنسية : ” كل من انتزع من الغير عقارا ” ، و الفرق شاسع بين النصين فالأول يقتضي توفر شرط ملكية الشاكي، في حين أن الثاني لا يتطلب إلا الحيازة …
فهل تشترط ملكية المعتدى عليه أم حيازته فقط ؟ أي ما هي الحماية التي يقصدها المشرع : حماية المالك أو الحائز ؟ و يترتب على ذلك أيضا التساؤل حول صاحب الصفة لتقديم الشكاية ، فالنص باللغة العربية في غاية الوضوح بحيث ينص على حماية العقار المملوك للغير، و هو ما ذهبت إليه المحكمة العليا في أحد قراراتها الذي جاء فيه :
” تقتضي جنحة التعدي على الملكية العقارية للغير أن يكون العقار مملوكا للغير و من ثم فإن قضاة الموضوع الذين أدانوا الطاعنين بهذه الجنحة دون أن يكون الشاكي مالكا حقيقيا للعقار يكونوا قد أخطأوا في تطبيـق القانـون” [2]
في حين أن النص بالفرنسية ينص على تجريم نزع عقار من الغير بحيث ينصرف إلى الحائز أصلا سواء كان مالكا أو غير مالك، و هو ما ذهبت إليه المحكمة العليا في قرار آخر جاء فيه :
« إن المشرع لا يقصد بعبارة “المملوك للغير” الملكية الحقيقة للعقار فحسب و إنما يقصد بها أيضا الملكية الفعلية و لذا ينبغي أن تؤخذ هذه العبارة بمفهومها الواسع الذي لا يقتصر على الملكية حسب تعريفها في القانون المدني بل يتعداها ليشمل أيضا الحيازة القانونية »[3]
و الراجح منطقيا أن المعنى الثاني هو الأصح فالمشرع يرمي إلى حماية الوضع الظاهر و هو حماية الحائز باعتبار أن الحيازة مبدئيا هي المظهر الخارجي للملكية، و أن على من يدعي خلاف الظاهر أن يلجأ إلى القضاء لإثبات مزاعمه و الحصول على حقوقه المحتملة عن طريق السلطة العامة.
و يؤكد هذا التفسير ما ذهب إليه المشرع المصري من خلال النصوص التي وضعها لحماية الملكية العقارية، إذ جاء في قانون العقوبات المصري ما يلي :
مادة 369 :
كل من دخل عقارا في حيازة أخر بقصد منع حيازته بالقوة أو بقصد ارتكاب جريمة فيه، أو كان قد دخله بوجه قانوني وبقى فيه بقصد ارتكاب شيء مما ذكر، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة أو بغرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنيه مصري .
وإذا وقعت هذه الجريمة من شخصين أو أكثر وكان أحدهم على الأقل حاملا سلاحا أو من عشرة أشخاص على الأقل ولم يكن معهم سلاح تكون عقوبة الحبس مدة لا تجاوز سنتين أو غرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه مصري .
مادة 370 :
كل من دخل بيتا مسكونا أو معد للسكن أو في أحد ملحقاته أو سفينة مسكونة أو في محل معد لحفظ المال وكانت هذه الأشياء في حيازة أخر قاصدا من ذلك منع حيازته بالقوة أو ارتكاب جريمة فيها أو كان قد دخلها بوجه قانوني وبقى فيها قصد ارتكاب شيء مما ذكر يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بغرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنيه مصري .
فالحماية تتعلق بالحيازة بكل وضوح، فلا يتطرق القاضي أصلا إلى الملكية، و لا يقبل من المشتكى منه أن يتمسك أو يدفع بملكيته للعقار أصلا لأن لنزاع يتعلق بالحيازة.
و على هذا النحو يمكن أن يتقدم الحائز القانوني بشكوى على أساس التعدي ضد المالك الذي انتزع منه العقار خلسة مثلا، و عندئذ يتمسك الشاكي بأن العقار نزع منه خلسة، و لا يقبل من المشتكى منه أن يدفع بأنه مالك العقار .
و نجد ما ذكر أعلاه مجسدا في قرار المحكمة العليا رقم 203501 الصادر بتاريخ 26-07-2000 فقد جاء في حيثياته :
« حيث أن هذا النعي هو وجيه لأن قضاة الموضوع قد استبعدوا جرم التعدي على الملكية العقارية المنسوبة إلى المتهمين طبقا لنص المادة 386 من قانون العقوبات ، وذلك بحجة أن هؤلاء قد قدموا عقد ملكية وأن النزاع ذو طابع مدني ، والحال أن هذه التهمة تقوم بمجرد عملية انتزاع العقار خلسة أو بطريق التدليس وذلك بغض النظر عن أمر ثبوت الملكية من عدمه الذي يرجع الفصل فيه إلى الجهات القضائية المختصة .
حيث أن الاجتهاد الذي استقرت عليه المحكمة العليا في هذا الشأن هو أن الحيازة الهادئة في حد ذاتها تمنح حقوقا مكتسبة للطرف المتواجد على الأرض محل النزاع ، وبالتالي فإنه يتعين على الطرف الآخر الذي يدعي ملكيته لها أن يسعى للحصول على حكم نهائي لصالحه يقضي بالطرد منها وأن يقوم بتنفيذه طبقا للقانون ، وإلا كان هو المعتدي إذا حاول استرجاع هذه الأرض بناء فقط على وثائق بحوزته كما هو الشأن في قضية الحال … ».
و هل يحق للقاضي الجزائي بحث شروط صحة الحيازة مثل الهدوء و الاستقرار و العلنية قبل بسط الحماية الجزائية على الحائز؟
إن من المقرر قانونا (المواد 330 و 331 من قانون الإجراءات الجزائية) أن على القاضي الجزائي الفصل في جميع الدفوع التي يثيرها المتهم للدفاع عن نفسه، و أما المسائل الفرعية Questions préjudiciellesفيتعين منح المتهم مهلة لطرحها على القضاء المختص ، و هذا ما أكدته المحكمة العليا في قرار ها رقم 93309 بتاريخ 10-10-1995 الذي جاء فيه :
«عن الوجه المأخوذ من الخطأ في تطبيق القانون والمؤدي لوحده إلى النقض:
بدعوى أن القرار المطعون فيه صادق على الحكم الابتدائي القاضي بالبراءة على أساس تصريحات المتهمة وكون القضية مدينة وغير محددة.
وان الوثائق الموجودة بالملف تؤكد كلها على وجود تعد صريح صارح ومن بين هذه الوثائق محضر معاينة شرطة العمران مؤرخ في 11/11/1987 وكذا شكوى السيد رئيس البلدية مؤرخة في 07/06/1989 وكذا الإنذار الموجه إلى المتهمة والمؤرخ في 05/12/1987 وبالتالي كان على المجلس الأخذ بهذه الوثائق وإلا الأمر بخبرة.
حيث أنه بالفعل لم يناقش قضاة الموضوع أية وثيقة من تلك المستشار المشار إليها في الوجه المثار آنفا مكتفين بتصريحات المتهمة فقط وإنكارها.
وحيث أنه في حالة إثارة دفع بخصوص الحدود فكان يجب إثارته كدفع أولي قبل أي دفاع في الموضوع.
كما انه تجب الملاحظة أن القاضي الجزائي مختص بالفعل في جميع الدفوع التي يبديها الأطراف وذلك عملا بنص المادتين 330 و331 من قانون الإجراءات الجزائية.
وبمخالفتهم هذه الأحكام فإن قضاة الموضوع قد طبقوا القانون تطبيقا خاطئ وعرضوا قرارهم للنقض.
وعليه فإن الوجه المثار مؤسس ومبرر ويتعين معه القضاء بنقض وإبطال القرار المطعون فيه وإحالة القضية والأطراف أمام نفس المجلس مشكلا تشكيلا آخر ليفصل فيها حسب القانون.»
و للتذكير فإن الدفوع Exceptions: هي عموما كل وسائل الدفاع التي يتذرع بها المتهم لدحض التهمة الموجهة إليه، كأن يتمسك بأنه كان في حالة دفاع شرعي.
و المسائل الأولية Questions préalables: هي مسائل عارضة تظهر أثناء نظر الدعوى العمومية و يختص القاضي الجزائي بالفصل فيها مسبقا حتى يتوصل للفصل في الدعوى العمومية، كالدفع بانقضاء الدعوى العمومية أو الدفع بعدم قبول الدعوى لانعدام الشكوى إذا كان القانون يشترطها.
و المسائل الفرعية Questions préjudicielles: هي مسائل عارضة تظهر أثناء نظر الدعوى العمومية و لكن لا يختص القاضي الجزائي بالفصل فيها بل يجب أن يحيلها إلى محكمة أخرى ذات الاختصاص للفصل فيها، ثم يلتزم بما حكمت به تلك المحكمة للفصل في الدعوى المطروحة عليه، كالدفوع المتعلقة بالجنسية في قضايا التجسس، و الدفوع المتعلقة بالرابطة الزوجية في قضايا الزنا، أو الدفوع المتعلقة بالنسب في قضايا الفاحشة … و من أمثلة ذلك الدفع الذي يتقدم به الشاكي أو النيابة بأن الوثيقة التي استظهر بها المتهم مزورة فيتعين على الجهة الناظرة في دعوى التعدي على الملكية العقارية أن ترجئ الفصل حتى يتم الفصل في هذه المسألة الفرعية و ذلك ما جاء في قرار المحكمة العليا رقم 203501 المشار إليه أعلاه إذ جاء في حيثياته :
« … بالإضافة إلى أن النيابة العامة ومعها الطرف المدني والي ولاية تلمسان قد دفعت بعدم صحة هذه الوثائق وطلبت صراحة من هيئة المجلس إرجاء الفصل في القضية إلى حين النظر في دعوى التزوير التي هي بصدد التحقيق فيها، إلا أن هذا الدفع لم يجد صدى عند قضاة الاستئناف لأن القول بأنه لا يوجد بالملف ما يفيد أن الولاية رفعت دعوى في هذا الشأن ضد المتهمين ليس جوابا مقنعا ولا ينطبق إلا على طرف واحد مما يعرض قراراهم إلى البطلان وذلك من دون حاجة إلى التطرق إلى طعن الطرف المدني ».
و هنا تطرح علينا حالة استظهار المعتدي بسند ما لتبرير أنه صاحب حيازة شرعية، أي أن تواجده في العقار ليس تصرفا ماديا فقط بل هو عمل له غطاء من المشروعية في نظر صاحبه، و عندئذ يبرز اجتهاد المحكمة العليا القاضي بوجوب أن يكون في هذه الحالة حكم مدني نهائي حَسَمَ هذه المسألة و حدّدَ صاحب الحق و تمّ تنفيذه بالطرق القانونية، وبعدها إذا عاد المطرود إلى العقار يُعتبر معتديا و يطبَّق عليه نص المادة 386 من قانون العقوبات، و هكذا يمكن القول أن اشتراط وجود الحكم المدني الذي تمّ تنفيذه ليست شرطا في كل حالات جنحة التعدي على الملكية العقارية بل هو شرط إذا أثيرت المسألة الفرعية المتعلقة بمشروعية تواجد المشتكى منه في العقار فقط، و بهذا التفسير يزول التساؤل الذي يطرحه العديد من رجال القانون عما إذا كان اشتراط وجود حكم مدني سَبَق تنفيذه أمرٌ ضروري في كل الحالات حسبما يتبادر إلى الذهن من خلال قرارات المحكمة العليا، فالجواب إذن أن النص القانوني لا يشير إلى وجوب عرض النزاع مسبقا على القاضي المدني و بالتالي فإن هذا الشرط لا يثور إلا في حالة الدفع المعتمد على مبررات تصلح أساسا لما يدعيه المتهم كما جاء في نص المادة 331-2 من قانون الإجراءات الجزائية، و من ذلك ما جاء في قرار المحكمة العليا رقم 188475 بتاريخ 23-06-1999 الذي سبّب قضاءه على النحو التالي :
« حيث أن تطبيق المادة 386 من قانون العقوبات تشترط لتطبيقها الفصل في النزاع القائم بين الورثة من طرف القاضي المدني وأن يصبح الحكم بإخلاء الأماكن نهائيا.
حيث أن في قضية الحال أركان المادة 386 من قانون العقوبات غير متوفرة لأنه يوجد نزاع جديّ حول الملكية ولم يفصل فيه قاضي الموضوع، وأن الطاعنين لم يستعملا التهديد أو العنف ولم ينزعوا العقار خلسة أو بطريق التدليس، وبالتالي القرار المطعون فيه غير معلل تعليلا كافيا وأخطأ في تطبيق المادة 386 من قانون العقوبات ، مما يجعل الوجه المثار سديدا ويؤدي لنقض القرار المطعون فيه ».
و الملاحظة الأخرى بشأن مقارنة النصَّين : هي أنه إذا وضعنا الفواصل في الفقرة الثانية من النص العربي مثلما هو الأمر في النص الفرنسي فيكون المعنى أوضح و تكون الصياغة كالتالي :
وإذا كان انتزاع الملكية قد وقع إما ليلا، إما بالتهديد أو العنف، إما بطريقة التسلق أو الكسر، إما من عدة أشخاص، إما مع حملسلاح ظاهر أو مخبأ بواسطة واحد أو أكثر من الجناة، فتكون العقوبة الحبس من سنتين إلى عشر سنوات والغرامةمن … دج إلى … دج.
أي أن ظروف التشديد هي :
1. الليل .
2. التهديد أو العنف.
3. التسلق أو الكسر.
4. تعدد الأشخاص.
5. حمل سلاح ظاهر أو مخبأ.
و الملاحظة الأخيرة هي أن المحاولة في هذه الجنحة غير معاقب عليها لعدم النص على ذلك، و المبدأ أن المحاولة في الجنح لا يعاقب عليها إلا بناء على نص صريح في القانون عملا بأحكام المادة 31 من قانون العقوبات .
ثانيا – الركن المادي :
و الركن المادي هو المظهر الخارجي الملموس أو المشاهَد للفعل أو الامتناع الذي يُجرّمه المشرع من خلال النص القانوني، مثل إصابة جسم الضحية بسلاح في جرائم الضرب و الجرح، أو الاستيلاء على مال منقول للغير في جرائم السرقة، و أيضا الامتناع عن دفع المبالغ المستحقة خلال فترة محددة بالنسبة لجنحة عدم دفع النفقة …
و يتمثل الركن المادي لجنحة التعدي على الملكية العقارية طبقا لنص المادة 386 من قانون العقوبات في انتزاع عقار من واضع اليد عليه دون موافقته ، أي أنه هو العمل المادي الإيجابي الذي يجعل المعتدي يسيطر فعليا على العقار بحيث يصبح تحت يده و سيطرته الفعلية ، كشغل المسكن أو إدخال السيارة في المستودع أو حرث الأرض مثلا. فإذا كان الدخول بموافقة مالك العقار انتفى التعدي مثل الحالة التي أشار إليها قرار المحكمة العليا رقم 188480 بتاريخ 23-06-1999 الذي جاء في حيثياته :
« حيث أن هذا التعليل غير كافي لإدانة المتهم الذي لم يشغل القطعة المتنازعة خلسة أو بالاعتداء عليها بل بموافقة صاحبة الملكية وهي البلدية وأن رغم إلغاء الرخصة الممنوحة للطاعن لم يدخل ضمن الحالات المنصوص عليها في المادة 386 من قانون العقوبات لأنه لم يوجد بالملف ولم يشر القرار لأي حكم نهائي قضى على الطاعن بإخلاء الأرض المتنازعة بعد إلغاء الرخصة الممنوحة له وبالتالي فإن أركان المادة 386 من قانون العقوبات غير متوفرة والوجهين المثارين سديدين ويؤديان لنقض القرار المطعون فيه ».
و قد تساءل البعض هل المقصود هو العقار بطبيعته أم العقار بالتخصيص ؟ على أساس أن المشرع جرّم فعل السرقة و في ذلك حماية للمنقول، و أن العقار بطبيعته لا يمكن سرقته لكونه غير قابل للتحويل من مكانه، و بقي العقار بالتخصيص و هو ذلك المنقول الذي رُصِد لخدمة عقار فاعتقـَد البعضُ أن جنحة التعدي على الملكية العقارية قد وضعها المشرع لحمايته (العقار بالتخصيص) ، و لكن أمام وضوح النص لا داعي للخوض في النقاش المتعلق بالتمييز بين العقار بطبيعته و العقار بالتخصيص، و يتعين صرف حماية المشرع إلى العقار بطبيعته حسب ظاهر النص، و أما العقار بالتخصيص فإن حمايته مكفولة من خلال أحكام قانون العقوبات المتعلقة بالسرقة، و في هذا الاتجاه سارت المحكمة العليا كما هو واضح من خلال قرارها رقم 221966 الصادر بتاريخ 17-10-2000 الذي جاء في حيثياته :
« حيث أنه حُكم على المتهمين الطاعنين حاليا، كما هو مبين في الحكم المعاد و في القرار المؤيد له و المطعون فيه، على أساس جنحتي نزع نصب الحدود الموضوعة للفصل بين الأملاك و ثم حرمان أصحاب الأرض من استغلالها الفعلين المنصوص و المعاقب عليهما بالمادتين 362 و 386 من قانون العقوبات.
و لكن حيث أنه و بالرجوع إلى القرار المنتقد يتضح بأن قضاة الموضوع لم يوضحوا العناصر المادية و القانونية التي قادتهم للتصريح بالإدانة على أساس تهمة التعدي على الملكية العقارية طبقا للمادة 386 من قانون العقوبات، علما بأن نص هذه المادة يطبق إلا على العقارات الثابتة بالتخصيص و التي لا يمكن انتزاعها و نقلها و ذلك خلسة أو بطريق التدليس كما هو موضح في المادة المشار إليها أعلاه.»
و البعض يضيف إلى الانتزاع أن يكون خلسة أو بطريق التدليس معتبرا ذلك من الركن المادي كما جاء في حيثيات قرار المحكمة العليا رقم 300285 بتاريخ 08-06-2005 : « حيــث أنه من الثابت قانونا و قضاء أن جريمة الاعتداء على الملكية العقارية يجب أن يكون حسب مقتضيات و مفهوم المادة 386 من قانون العقوبات التي تشترط لقيامها إثبات الخلسة و التدليس و مع ذلك لم يتطرق قضاة الموضوع سواء في الدرجة الأولى أو في المرحلة الاستئنافية إلى إبراز هذين العنصرين و إثباتهما وفقا للقانون »، و أما الليل أو التهديد و بقية الحالات المذكورة في الفقرة الثانية فيعتبرونها ظروفا مشددة فقط ، و لكنني أعتقد أن الركن المادي يتمثل في الانتزاع فقط قياسا على السرقة التي يتمثل ركنها المادي في الاستيلاء على مال الغير، و أما الكيفية التي يتم بها الاستيلاء فقد تكون خِلسة دون انتباه الضحية و قد تكون عُنوة بإجباره بالقوة على تسليم ممتلكاته للسارق، و يتجلى ذلك بالنسبة لجنحة التعدي على الملكية العقارية من خلال المثال التالي :
هب أن المعتدي قام بانتزاع العقار من صاحبه عنوة جهارًا علنـًا و بالقوة … ففي هذه الحالة ليست هناك خلسة و لا تدليس و مع ذلك فالركن المادي للجرم قائم بصورة أوضح و أشدّ من حالة الانتزاع خلسة. وبالتالي يمكن القول أن الركن المادي يتمثل في الانتزاع بحد ذاته فقط ، سواء كان خلسة أو عنوة، فإذا توفر هذا الركن ندرس بعد ذلك الطريقة التي تم بها، فإن كان الانتزاع خلسة أو بالتدليس كنا أمام الحالة الأولى المحددة في الفقرة الأولى من المادة 386 من قانون العقوبات و عقوبتها من سنة إلى خمس سنوات و الغرامة من … دج إلى … دج، و أما إن كان الانتزاع ليلا أو بالتهديد و العنف أو غيرها من ظروف التشديد كنا أمام الحالة الثانية المذكورة في الفقرة الثانية من النص المشار إليه، و عقوبتها من سنتين إلى عشر سنوات، و الغرامة من … دج إلى … دج .
ثم إن هذه الجريمة تستمر باستمرار الفعل المادي المكون لها و هو بقاء العقار تحت سيطرة المعتدي، و ذلك ما أكدته المحكمة العليا في قرارها رقم 36742 بتاريخ 21-01-1986 الذي جاء في حيثياته : « لكن حيث أن الفعل المنسوب للطاعن هو التعدي على أملاك الغير طبقا للمادة 386 الذي يعتبر جنحة مستمرة وأن تقادم الجرائم المستمرة إنما يسري من يوم توقف صاحبها عن اقترافها ولذلك يتعين رفض الوجه الأول لعدم تأسيسه.» و أيضا القرار رقم 132993 بتاريخ 14/07/1996 الذي يؤكد ذلك .
و في الجانب العملي يظهر احتمال مفاده أن يتابَع المعتدي و يدان ويعاقـَب من أجل التعدي على الملكية العقارية مع بقاء العقار موضوع النزاع تحت يده، و يتساءل البعض هل يمكن للضحية أن يطلب من القاضي الجزائي في باب الدعوى المدنية أن يلزم المتهم بإخلاء العقار، وهو نفس المثال الذي يمكن طرحه بمناسبة جنحة انتهاك حرمة منزل لتشابه الوضع، و بطبيعة الحال فإن القاضي الجزائي حين فصله في الدعوى المدنية لا يمكنه الفصل إلا في طلبات التعويض عن الضرر الناجم عن الجرم كما هو واضح من نص المادة 3 من قانون الإجراءات الجزائية، و أما إلزام المتهم بإخلاء العقار فأعتقد أنه موضوع لا يُطرح في باب الدعوى المدنية بل إنه من صميم الدعوى العمومية باعتبار أن وجود العقار تحت يد المتهم هو استمرار للجريمة و على النيابة أن تقوم بصلاحياتها و واجباتها لوضع حدّ لمخالفة القانون بما لديها من قوة عمومية.
حالة أخرى تتمثل في كون فعل التعدي على الملكية العقارية يشكل في الوقت ذاته جرما آخر مثل الحرث أو قطع و غرس الأشجار في أرض غابية، ففي هذه الحالة أشارت المحكمة العليا إلى تطبيق مبدأ : الخاص يقيد العام، و هو ما جاء في قرارها المذكور سابقا رقم 300285 إذ جاء في حيثياته:
« هذا من جهة و من جهة أخرى فإن الظاهر من الحكم المستأنف و القرار المطعون فيه أن قضاة الموضوع أخلطوا في قضائهم بين جريمة التعدي على الملكية العقارية المنصوص عليها بالمادة 386 من قانون العقوبات التي هي من القانون العام ، و بين جريمة قطع الأشجار و غرس الأشجار المنصوص عليها بالمادتين 78، 79 من القانون رقم 84/12 المتضمن النظام العام للغابات، فمن جهة لم يناقشوا كل فعل على حدى مما يوصف بالقانون العام أو مما يوصف بالقانون الخاص كما هو مجسد في الحيثية التالية من القرار المطعون فيه : ( حيث أن الجرم الملاحق به المتهم ثابت و المعاقب عليه بنص المادة 386 من قانون العقوبات، و 78 و79 من قانون الغابات، و المحكمة لما قضت بإدانته أصابت مبدئيا …).
ففضلا عن الخلط الملحوظ فإنه لا ينبغي مساءلة متهم بالقانون العام على وقائع ينظمها و يضبطها القانون الخاص عملا بمبدأ الخاص يقيد العام .
ذلك أنه إذا كانت المادة 386 من قانون العقوبات تنص على حماية الملكية العقارية و تضع من أجل ذلك شروطا ينبغي توفرها و هي من القانون العام .
فإن المادة الأولى من القانون رقم 84/12 المتعلق بالنظام العام للغابات تهدف إلى حماية الأملاك الغابية بنصوص خاصة و تعاقب على ذلك بالمادتين 78 و 79 [4] من ذات القانون كما هو الشأن في قضية الحال، و هذا و حده يعتبر كافيا لحماية الأملاك الغابية من المعتدين عليها و تكون متابعتهم بهذا القانون الخاص دون حاجة إلى متابعتهم بقانون عام، كما هو عليه الوضع في هذه الدعوى .
و بإهمال قضاة الموضوع التعرض لمناقشة المسائل المشار إليها أعلاه وإثباتها وفقا للقانون فإنهم يكونون قد أخلوا بواجب التأسيس القانوني لقضائهم كما أخلوا بواجب تسبيبه طبقا لمقتضيات المادة 379 من قانون الإجراءات الجزائية .»
ثالثا – الركن المعنوي :
الركن المعنوي أو القصد الجنائي هو الجانب الإرادي لدى مرتكب الجرم، فينبغي أن يكون الفاعل قد أراد ارتكاب الفعل أو الامتناع باعتباره مخيرا في ذلك، عالما بأن تصرفه غير مشروع، و العلم مفترض على أساس أنه لا يعذر أحد بجهل القانون حسب المبدأ الدستوري[5]، و هذا يقتضي سلامة العقل و حرية التصرف بطبيعة الحال، دون مراعاة للباعث الذي دفع الفاعل إلى ذلك باعتبار أن الباعث أمر باطنيّ لا يؤثر على قيام الجرم إلا في حالات استثنائية قليلة حدّدها المشرع و نصّ على وجوب توافر باعث محدّد لدى مقترفها حتى يتحقق الجرم مثل نيّة التقليل من شأن الأحكام القضائية في الجنحة المنصوص و المعاقب عليها بالمادة 147-2 من قانون العقوبات، و أما في معظم الجرائم كالسرقة و التزوير و ترك الأسرة … فإن الباعث أو الغاية التي كانت مقصودة في ذهن الجاني لا تأثير لها في قيام الجرم و إن كان لها تأثير في نفسية القاضي عند تقديره لخطورة الجاني و تقدير العقوبة المستحقة بالنسبة له ( فمَن يسرقْ لإطعام أطفاله ليس كمن يختلس أموالا عمومية لإشباع نزواته مثلا لأن الباعث و الغاية من ارتكاب الفعل تختلف في الحالتين ).
و في بعض الأحيان يتطلب القانون إلى جانب القصد العام المذكور أعلاه أن يتوفر لدى الجاني قصد خاص و هو إرادة الوصول إلى نتيجة بعينها، و لمعرفة ذلك فإن الأفعال الخارجية لا تكفي لإبراز هذا القصد بل يجب البحث في الأفكار التي تدور في خلد الجاني حين عَزَم على ارتكاب الفعل المجرم، أي البحث في نية الفاعل (و إنما الأعمال بالنيات)، و المثل على ذلك البحث عن نية إزهاق الروح لدى من يقوم بضرب آخر للقول بقيام جناية القتل، فإن لم تتوافر هذه النية كنـّا أمام جناية الضرب و الجرح العمد المفضي إلى الوفاة دون قصد، و نية تملك الشيء المسروق في جرم السرقة إذ في غيابه لا يشكل فعل أخذ الشيء المملوك للضحية سرقة …
و بالنسبة لجنحة التعدي على الملكية العقارية طبقا لنص المادة 386 من قانون العقوبات يتعين توافر القصدين العام و الخاص، و يتمثل القصد العام في إرادة فعل انتزاع العقار من يد حائزه و العلم بأن ذلك ممنوع قانونا، و القصد الخاص أن تكون للمعتدي نية السيطرة و الاستحواذ على العقار و حرمان المعتدى عليه منه.
الخاتمة
قد يُفَضـِّل البعضُ (من الضحايا) اللجوء إلى القضاء الجزائي لِمَا يمتاز به من سرعة في الفصل في القضايا مقارنة بالقضاء المدني ، فيحاولون حل المنازعات العقارية عن طريق ” تكييف” النزاع على أنه تعدي على الملكية العقارية (غالبا أراضي فلاحية) مستغلين في غالب الأحيان عدم وجود المستندات و الوثائق المثبتة للملكية أو الحيازة بصفة قانونية في كثير من مناطق القطر، بل وقد تلجأ إلى ذلك بعض الجماعات المحلية في مواجهة من تعتقد أنهم معتدون على الدومين العام أو الخاص للدولة والأشخاص المعنوية ذات الطابع الإداري .
و في المقابل هناك بعض المحتالين الذين يستغلون الظروف الناجمة عن حداثة عهد الاستقلال و بعض النقائص و الثغرات الموجودة في ميدان إثبات الملكية العقارية ( مسح عقاري، تأميم بمناسبة الثورة الزراعية ثم استرجاع، أراضي عرش، تركات … ) و يضعون أيديهم على عقارات لا حقّ لهم فيها مطمئنين بأنّ خصومهم قد لا يستطيعون تقديم الإثبات المطلوب أمام العدالة ، إلى جانب وتيرة الفصل البطيئة للقضايا العقارية.
و من بين الحلول لهذا الوضع هو ضبط النصوص القانونية قدر المستطاع مما يسهل عمل مصالح القضاء و يحقق قدرًا من الاطمئنان لدى المتعاملين مع العقار، كما يحقق قدرا من الردع في مواجهة المتلاعبين، وفي هذا الإطار أتقدم بهذا الاقتراح لتعديل نص المادة 386 من قانون العقوبات على ضوء المناقشة السابقة ليكون على النحو التالي :
« يعاقب بالحبس من عام إلى خمس سنوات وبغرامة من … إلى … دج كلمن ينتزع عن طريق الخلسة أو بالطرق التدليسية عقارا يحوزه الغير، أو أن يدخله بموافقة الحائز ثم يرفض أن يغادره رغم مطالبته بذلك.
وإذا كان انتزاع الحيازة قد وقع إما ليلا، أو بالتهديد، أو بالعنف، أو عن طريق التسلق أو الكسر، أو من عدة أشخاص، أو مع حملسلاح ظاهر أو مخبأ من طرف واحد أو أكثر من الجناة، فتكون العقوبة الحبس من سنتين إلى عشر سنوات والغرامةمن … دج إلى … دج. »
[1]المادة 295 : كلمنيدخل فجأة أو خدعة أو يقتحم منزل مواطن يعاقب بالحبس من سنةإلى خمس سنوات وبغرامة من 1.000 إلى 10.000 دج.
وإذاارتكبت الجنحة بالتهديد أو بالعنف تكون العقوبة بالحبس من خمس سنوات على الأقل إلى عشرسنوات على الأكثر و بغرامة من 5.000 إلى 20.000 دج.
[2]قرار رقم 75919 مؤرخ في 05/11/1991
د/ أحسن بوسقيعة، قانون العقوبات الطبعة 3- 2001 الديوان الوطني للأشغال التربوية الجزائر – ص 158
[3]قرار 112646 في 09-10-1999 و قرار 117996 في 21-05-1995
د/ أحسن بوسقيعة، قانون العقوبات الطبعة 3- 2001 الديوان الوطني للأشغال التربوية الجزائر – ص 158
[4]المادة 78 : يعاقب كل من يقوم بالحرث او الزرع فى الأملاك الغابية الوطنية بدون رخصة بغرامة م 500 دج الى 2000 دج عن كل هكتار.
وفى حالة العود يحكم على المخالف بالحبس من 10 الى 30 يوما.
المادة 79: يعاقب بغرامة من 1000 دج الى 3000 دج كل من يقوم بتعرية الأراضي بدون رخصة.
ويعاقب بغرامة من 1000 دج الى 10.000 دج عن كل هكتار كل من قام بتعرية الأراضي فى الأملاك الغابية الوطنية مخالفة لأحكام هذا القانون.
وفى حالة العود يمكن الحكم على المخالف بالحبس من شهر الى ستة (6) أشهر وتضاعف الغرامة.
[5]المادة 60 من الدستور الجزائري : لا يعذر بجهل القانون.
يجب على كل شخص أن يحترم الدستور وقوانين الجمهورية.
اترك تعليقاً