إجراءات التحقيق في المخالفات العمالية الجنائية
لقد لعبت الإدارات القانونية في المنظمات دورا مهما متمثلا بمهمة التحقيق والكشف عن المخالفات التي يقع فيها الموظفون أو العمال أثناء تأديتهم لمهامهم والوصول إلى الجرائم التي تنحو منحى جنائيا مثل خيانة الأمانة كالرشوة وتسريب الأسرار التجارية أو السرقة ونحوها، ويأتي دور التحقيق كإجراء تقوم به الإدارة القانونية للكشف عن مدى صحة وقوع الموظف أو العامل في المخالفة أو الجريمة والتوصية لصاحب الصلاحية بالعقوبة المناسبة أو الإجراء المناسب.
ونأخذ بالحسبان أن هنالك إجراءات شكلية للتحقيق مع الموظف أو العامل تبتدئ بموجب قرار أو مذكرة تصدر من صاحب الصلاحية المختص بتأديب الموظفين، كما تنص عليه اللائحة التنظيمية في الشركة، ثم يوجه تبليغ للموظف بإحالته للتحقيق حتى لا يفاجأ دون مقدمات بإحالته للتحقيق، ثم يفتح محضر للتحقيق مع الموظف ويدون فيه اسمه كاملا ومسمى وظيفته وجنسيته وبياناتها والساعة التي بدأ فيها التحقيق، ويشار إلى الأمر الذي صدر من صاحب الصلاحية بإحالة الموظف أو العامل إلى التحقيق، وتوجه للموظف أو العامل التهمة التي نسبت إليه كتابة دون لبس أو إيهام، وتوضح له جميع تفاصيل التهمة المنسوبة إليه ومواجهته بالأدلة القائمة ضده، ومطالبته بالرد على كل سؤال وجه إليه أثناء التحقيق، ويعطى مهلة للجواب، وله أن يحضر ما يعتبر دليلا لبراءته مما نسب إليه،
وله الامتناع عن الجواب وتوكيل محام، وليس للمحامي الجواب عنه إنما يكتفى بحضوره وإشرافه على إجراءات التحقيق وإصدار القرار تجاهه أو إيقاع العقوبة حالة ثبتت في حقه التهمة، وللمحقق استدعاء الشهود من زملائه أو من غيرهم من العملاء الذين تقدموا بالبلاغ ضد الموظف أو العامل وتدون شهادة الشهود في محضر التحقيق، وفي حالة كانت الجريمة في قسم أو مصنع تابع للشركة ينتقل محقق الشركة إلى المصنع للمعاينة ويدون محضر معاينة لما شاهد من آثار يستأنس بها المحقق من حيث الإثبات أو النفي، وإذا تطلب الأمر إلى تفتيش جهاز الموظف أو مكتبه فللمحقق ذلك، وليس له تفتيش جسد الموظف أو العامل أو ممتلكاته الخاصة، إنما محل التفتيش يقتصر على ما هو من ممتلكات الشركة وتابعا لها مثل العهد ونحوها، ويكتب محضر تفتيش يضاف في ملف القضية، ويواجه الموظف بالشهود أو بأقوالهم وله أن يردها أو يطعن بنزاهة الشهود ويواجه بمحضر التفتيش ومحضر المعاينة، ويطلب منه الجواب عما ورد في المحاضر وتدون كافة إجاباته في محضر التحقيق ويوقع عند كل جواب انتهى إليه حتى تكون في نهاية إجراءات التحقيق حجة ببراءته أو بالإدانة، وحتى يدرس محضر التحقيق بشكل دقيق وفق الأصول المهنية، ويجب على من وكل له مهمة التحقيق أن يدون اسمه في محضر التحقيق كاملا، ويقتصر التحقيق فيما يتعلق أو كان متصلا بالمخالفة أو الجريمة، وحالة ثبتت التهمة لدى المحقق بجريمة جنائية فإن له الرفع إلى مجلس الإدارة أو المدير العام وطلب إحالة الموظف أو العامل إلى النيابة العامة لاستكمال إجراءاتها في الجريمة التي تقع ضمن اختصاصاتها تمهيدا لإحالة الموظف إلى المحكمة المختصة.
وبما أن المهمة بهذه المسؤولية فيجب على محقق الشركة سواء كان مدير الإدارة القانونية أو مستشارا قانونيا أو من وكل إليه مهمة التحقيق أن يتحلى بالحياد فليس زميله خصما له، فلا يجرحه بكلمات غير لائقة، أو يمارس عليه أساليب الضغط النفسي أو يستوهمه بأسئلة ليستدرج منه إجابات صدرت من عدم فهمه للسؤال الموجه له، ويجب عليه أن يلتزم بالأخلاق المهنية وأن يسعى في إجراءاته إلى الوصول إلى الحقيقة، ولا يبني توصياته على قرائن ظنية لا تصل إلى درجة الدليل القطعي، إنما يأخذ بأدلة الإثبات المعتبرة شرعا ونظاما، لأن الأصل في الإنسان البراءة حتى يثبت خلاف ذلك.
عبدالله قاسم العنزي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً