البنوك وفورة إفلاس الشركات
د. عبد القادر ورسمه غالب
من أوجب واجبات البنوك تقديم القروض والمساعدات المالية للشركات لتمكينهم من مباشرة أعمالهم التجارية بدون توقف بسبب نقص المال والسيولة. وهناك ضوابط كثيرة تقوم بها البنوك لضمان استرداد القروض والأموال وكل التسهيلات الممنوحة للشركات.
والضمانات منها الضمانات المؤسسية والضمانات الشخصية ورهن العقارات والعروض التجارية والحسابات وغيره… ومعظم العمليات تتم بنجاح ويستفيد من هذا النجاح البنوك والشركات ومن هم في دائرتها.
ولكن في ظل الظروف الاقتصادية الحالية التي يمر بها العالم، ومنطقتنا بصفة خاصة، بسبب تدني أسعار البترول مما أدى لانخفاض الموازنات وتقليص الصرف، فكل هذا أثّر ويؤثر سلبا علي الشركات وكل الأعمال التجارية المرتبطة بها.
وهذا بدوره، أثّر ويؤثر سلبا على العلاقة التبادلية والتعاقدية في ما بين البنوك وهذه الشركات التي تضعضعت أحوالها المالية لدرجة كبيرة لا تمكنها من الوفاء بالعديد من التزاماتها ومنها التزاماتها مع البنوك.
ولهذا نلاحظ توقف بعض الشركات تماما عن الوفاء بالتزاماتها عند حلول الوقت. وكقاعدة قانونية عامة، يجوز إشهار إفلاس الشركات في حالة التوقف عن سداد الديون التجارية نظير اضطراب الأعمال المالية. وهذا الإشهار يتطلب الحصول علي موافقة أغلبية الشركاء أو المساهمين.
وكإجراء، يقدم طلب إشهار الإفلاس إلي المحكمة المختصة متضمنا أسماء الشركاء المتضامنين الحاليين والذين خرجوا من الشركة.
وهنا نقطة مهمة لا بد من الوقوف عندها وهي إذا خرج شخص من الشركة فيجب عليه اتخاذ الإجراءات القانونية لشطب اسمه من السجل التجاري فورا وإلا فانه سوف لن يتم التعامل معه كمتخارج من الشركة.
وبالنسبة لطلبات إشهار إفلاس الشركات التي طفحت كثيرا في الآونة الأخيرة، وفي ما يتعلق بصلاحيات المحاكم وتعاملها مع الإفلاس فمن المستحسن أن نشير إلى أنه يجوز للمحكمة، في بعض الحالات، من تلقاء نفسها أو بناء علي طلب الشركة أن تؤجل إشهار إفلاس الشركة لمدة معينة محددة خاصة إذا كان من المحتمل أن يتم دعم المركز المالي للشركة أو إذا اقتضت ذلك مصلحة الاقتصاد القومي، وفي مثل هذه الظروف فان الفرصة قد تكون متوفرة للحكومات للتدخل من أجل دعم الشركات والعمل علي محاولة إنقاذها من الظروف الصعبة الحالية أو التي قد تحدث لأي سبب من الأسباب.
ولقد سبق، وفي حالات عديدة، تدخل الحكومات مثلا لدعم البنوك المتعثرة حتى لا يتم شهر إفلاسها لأن في هذا أضرارا جسيمة علي الاقتصاد الوطني والمودعين وخلافهم وأيضا منعا لانهيار «الدومينو» لأن كل البنوك مرتبطة ببعضها البعض لدرجة بعيدة و قد لا تحتمل سقوط أحدهم …
ومن الجدير بالذكر ولمعالجة هذه الورطة، قامت العديد من الدول باتخاذ خطوات جريئة وأصدرت تشريعات حديثة خاصة بتنظيم أوضاع وأمور إشهار إفلاس الشركات «التفليسة».
ونرى ضرورة الاستفادة من هذه التشريعات وصياغة القوانين المحلية للإيفاء بنفس الغرض، وذلك للأهمية القصوى.
ووفق هذه التشريعات فانه يجوز للشركات التي تتعرض لظروف ضاغطة وخاصة بها، أن تتقدم بما يفيد ذلك للجهات المختصة لتمكينها من النظر في الموضوع من الناحية الموضوعية والعامة لتحقيق المصلحة العامة. وهناك «لجنة» خاصة للنظر في الطلبات.
وفور قبول اللجنة لطلب الشركة تقوم بتعيين ممثل مستقل، يتم اختياره من جدول خبراء معد لذلك الغرض، وذلك لتقديم المساعدة الفنية للشركة.
وهذا الممثل يجب أن يكون خبيرا مستقلا يتمتع بالخبرة والكفاءة في مجال إعادة الهيكلة المالية والإفلاس ومهمته المساعدة في التوصل لاتفاق الشركة المدين مع الدائنين لتسهيل استمرارية الأعمال بينهما. وإجراءات إعادة التنظيم المالي تبدأ من تاريخ تعيين الممثل المستقل مع العلم أن التعيين يكون لمدة أو مدد محددة.
ويجوز للشركة أن تطلب تغيير هذا الممثل إذا لم يبرهن مقدراته الفنية المستقلة، أو في حالة أن وجوده سيؤدي إلى الإضرار بمصلحة الشركة.
ويجب على الممثل أن يقوم بمساعدة الشركة في تحسن وضعها مع العمل الجاد للتوصل لاتفاق ودي بين المدين والدائنين الرئيسيين لتمكين الشركة من الخروج من أزماتها وتقديم اقتراحات للمحافظة على الأعمال القائمة بما في ذلك الإبقاء على الموظفين.
ووفق القانون، فان تعيين الممثل المستقل يجب ألا يؤثر على قدرة الشركة المدين في متابعة إدارة أعمالها كما لا يجوز له التدخل في إدارة الشركة ما لم يحصل على موافقة مسبقة، ولا يجوز له إقالة أو منع المدين من مباشرة واجباته ومزاولة أعماله. وتستمر إجراءات إعادة التنظيم المالي لتحقيق أهدافها على أن يتم رفع تقارير دورية للجنة…
وقد يتم وقف الإجراءات في حالات معينة خاصة إذا توصل الممثل المستقل إلى أنه من المستبعد التوصل إلى اتفاق بين الأطراف وفي هذه الحالة عليه أن يقدم تقريرا إلى اللجنة لإصدار قرار إنهاء الإجراءات وتأمر اللجنة بذلك في حالة موافقتها على توصية الممثل.
وكما يحق للمدين أن يطلب إنهاء الإجراءات في حالة تيقنه من زوال الصعوبات المالية الحالية أو المتوقعة. هذا كما تتوقف الإجراءات تلقائيا عند انتهاء مدة تعيين الممثل أو قبله إذا تم التوصل إلى اتفاق يتعلق بإعادة التنظيم المالي بين المدين ودائنيه، أو قد يكون انتهاء الإجراءات إلزاميا وبشكل تلقائي خاصة إذا بدأ المدين في مباشرة إجراءات الصلح الواقي من الإفلاس أو إجراءات إشهار الإفلاس في أي وقت.
هذا البديل الذي يقدم حلا جديدا، ساعد الكثير من الشركات في تجاوز الصعوبات المالية بفضل المساعدة في المفاوضات والمعونات الفنية التي يوفرها القانون للشركات. ومن هذا تتمكن الشركة من تجاوز الكبوات والعثرات الطارئة ومعاودة السير في الطريق الصحيح مع حصول الجميع على حقوقهم، وهكذا تتواصل الأعمال التجارية ويتقدم اقتصاد الدول ويستفيد المجتمع.
ولنعمل على تطوير تشريعاتنا المالية لسد كل الفجوات التي تعيق العمل، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الجميع بدون فرز…
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً