الإجراءات التي تسبق الطلاق
الإجراءات المسطرية والإشهاد على الطلاق – الفصل الثاني:
هكذا وفي ظل ما رأيناه سيتم ختم الحديث ضمن هذا الفصل الأخير من هذه الدراسة بالتطرق للإجراءات المسطرية المرافقة لإنهاء العلاقة الزوجية بالطلاق، وذلك في المبحث الأول، على أن نخصص المبحث الثاني لمعالجة الإشهاد على الطلاق ومشتملات رسمه، حينئذ تكون الفرصة مواتية لختم هذه الدراسة بعون الله بخاتمة نركز من خلالها على مدى تشبع مدونة الأسرة بالنهج المالكي ومدى ابتعادها عنه.
المبحث الأول: الإجراءات المسطرية
سندرج ضمن هذه النقطة الإجراءات التي تسبق الطلاق ثم بعد ذلك تلك المتعلقة بكل من الطلاق والتطليق، وذلك في مطلبين:
المطلب الأول: الإجراءات التي تسبق الطلاق
تشمل هذه الإجراءات كل من محاول الصلح (الفقرة الأولى) والتدابير المؤقتة (الفقرة الثانية:
الفقرة الأولى: محاولة الصلح
إن محولة الصلح إجراء جوهري ولا يمكن إنجازه في غياب الزوجين المعنيين لذلك أوجب المشرع حضورهما الشخصي في جلسة المصالحة، التي يجب فيها على المحكمة بذلك كل الجهود لإصلاح ذات البين.
وإذا كانت مدونة الأحوال الشخصية لم تنص على إجراءات الصلح، بل كانت تحيل عليها ضمن نصوص المسطرة المدنية وخاصة مادة 212 فإن مدونة الأسرة سوف تطالعنا بحملة من النصوص تنظم هذه النقطة، فالمادة 81 تنص على أن المحكمة تستدعي الزوجين بعد أن يطلب مريد الطلاق الإذن من المحكمة ويشهد عليه ويجب أن يتضمن الاستدعاء كافة البيانات المنصوص عليها قانونا، فإذا توصل الزوج شخصيا ولم يحضر، ولم يدل بعذر مقبول ثم صرف النظر عن طلبه، أما إذا توصلت الزوجة شخصيا ولم تحضر، ولم تدل للمحكمة بوسائل دفاعها في مذكرة مكتوبة، يتم إشعارها من طرف المحكمة بواسطة النيابة العامة، بأنها ستبث في غيبتها، إن لم تحضر الجلسة الموالية، حيث يكلف أحد أعوان كتابة الضبط بتبليغ هذا الإشعار.
والتوصل الشخصي يقتضي أن يسلم الاستدعاء إلى الشخص نفسه، وذلك بتوقيعه على شهادة التسليم، فإن كان عاجزا عن توقيع أبصم مكانه ويشير العون إلى هذه الملاحظة في الشهادة، ونفس الإجراء في حالة رفض المتسلم التوقيع.
على أنه تجدر الإشارة أن المحكمة إذا اتضح لها تحايل الزوج وذلك بإدلائه بمعلومات خاطئة كتصريحه بعنوان غير صحيح مثلا، أحالت تلك البيانات على النيابة العامة لاتخاذ ما تراه مناسبا علما أن تحريك الدعوى العمومية رهين بطلب الزوجة، والملاحظ خلال هذه المرحلة هو تفعيل دور النيابة العامة بشكل مسبوق لضمان كل زجر كل إخلال بمقتضيات المدونة الجديدة.
عند حضور الطرفين شخصيا جلسة الصلح تجري المناقشات بغرفة المشورة بما في ذلك الاستماع إلى الشهود و إلى جميع من ترى المحكمة فائدة في الاستماع إليه، ويمكن لها أن تنتدب حكمين من بين أفراد أسرتي الزوجين، أو كل من تراه مؤهلا لإصلاح ذات البين بينهما على أنه عليها أن تحقق من كونهما ذو مروءة وحكمة، ولهما تأثير معنوي على الزوجين كما يمكن للمحكمة الاستعانة بمجلس الاستهانة بمجلس العائلة( ).
أما إذا تعلق الأمر بوجود أطفال، فإن مدونة الأسرة أقرت في المادة 82 من خلال فقرتها الثانية على أن الصلح يجري في محاولتين تفصل بينهما مدة لا تقل عن ثلاثين يوما، أما الفقرة الأخيرة من هذه المادة فقد نصت أنه في حالة وقوع الصلح يحرر محضر ويتم الإشهاد به من طرف المحكمة للرجوع إليه عند الحاجة.
أما في حالة تعذر الصلح بين الطرفين وهي حالة أثارت إليها المدونة في المادة 83 أن المحكمة تحدد مبلغا كافيا يتعين على الزوج إيداعه بصندوق المحكمة داخل أجل 30 يوما، وذلك لتغطية مستحقات الزوجة، والأطفال الملزم بنفقتهم.
تجدر الإشارة في ختام هذه النقطة على أن الزوج إذا لم يودع المبلغ الذي حددته المحكمة خلال اجل الثلاثين يوما اعتبر متراجعا عن رغبته في الطلاق ويصرف النظر عن طلبه ويتم الإشهاد على ذلك من طرف المحكمة ( )، وتظل العلاقة الزوجية بين الطرفين قائمة بجميع آثارها.
الفقرة الثانية: التدابير المؤقتة
تنص المادة 121 من المدونة المغربية الجديدة للأسرة “في حالة عرض النزاع بين الزوجين على القضاء، وتعذر المساكنة بينهما للمحكمة أن تتخذ التدابير المؤقتة التي تراها مناسبة بالنسبة للزوجة، والأطفال تلقائيا وبناء على طلب ذلك في انتظار صدور حكم في الموضوع بما فيها اختيار السكن مع أحد أقاربها، أو أقارب الزوج وتنفذ تلك التدابير فورا على الأصل عن طريق النيابة العامة”.
يتضم من خلال هذه المادة أنه عندما يتم عرض نزاع بين الزوجين أمام المحكمة،ـ وتتعذر المساكنة بينهما أثناء جريان الدعوى يمكن بهذه الأخيرة أن تتخذ ما تراه مناسبا من تدابير وإجراءات مؤقتة بالنسبة للزوجة والأطفال وحضانتهم ودراستهم بصفة تلقائية أو بناء على طلب، وذلك في انتظار صدور الحكم في الموضوع، على أن المحكمة يجب أن تحيل في هذا الصدد فوار للأمر الصادر بإجراء المؤقت على النيابة العامة التي تتولى تنفيذه بجميع الوسائل الملائمة.
ومما يجب التنبيه إليه أن المادة 212 من المسطرة المدنية في فقرتيها الأخيرتين قضت بأن القاضي بين في التدابير المؤقتة المتعلقة بصيانة المرأة والأولاد وحضانتهم وأمتعة البيت ويكون هذا الأمر قابلا للتنفيذ على الأصل رغم كل طرق الطعن ( ) وإذا كانت الإجراءات تأتي في مرحلة سابقة على الطلاق النهائي وذلك لإمكانية جبر الخلاف بين الزوجين وإعطائها فرصة أخرى لمواصلة الحياة الزوجية، فإن للطلاق إجراءات أخرى تأتي في مرحلة لاحقة وذلك إذا فشلت جهود الإصلاح بينهما،
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً