إهمال المعاملة التنفيذية والنتائج التي تترتب على ذلك
– شطب الملف التنفيذي –
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
إن شطب الملف التنفيذي يشبه شطب الدعوى الصلحية أو البدائية (المادة 119 أصول محاكمات) أو ترك الدعوى الاستئنافية للمراجعة مدة ستة أشهر ثم شطبها (المادة 235 أصول محاكمات) علماً أن هناك خلاف وهو أن شطب الملف التنفيذي يتم بسبب إهمال الدائن أو المحكوم له أو ورثتهما أو ممثليهما الشرعيين أو القانونيين متابعة إجراءات التنفيذ ومرور ستة أشهر على آخر مراجعة منهم في الملف التنفيذي أما شطب الدعوى وتركها فيكون بسبب عدم حضور الخصوم فيها.
المهلة التي ينبغي أن تمضي حتى يتم الشطب :
أوجب المشرع على طالب التنفيذ أو المحكوم له ملاحقة المعاملة التنفيذية، فلم يجز بقاءها عالقة أمام دائرة التنفيذ بدون إجراءات جديدة، لذلك أوجب شطب كل معاملة تنفيذية إذا انقضى عليها ستة أشهر ولم يتقدم طالب التنفيذ أو الدائن أو المحكوم له أو ورثته بطلب إجراء من إجراءات التنفيذ/ م 288/1 أصول محاكمات / إلا أن المعاملة التنفيذية لا تشطب إذا كان هناك أجل قد منح إلى المدين أو المحكوم عليه ولو تجاوز هذا الأجل الستة أشهر، وقد استقر الاجتهاد في ذلك : « في حال إمهال المدين أو الدائن لا تشطب المعاملة التنفيذية إذا انقضى عليها ستة أشهر » . كتاب رئيس التنفيذ – 304 – تاريخ 16/7/1961م – أديب استنبولي – تقنين أصول المحاكمات – الجزء الرابع.
وإن قرار رئيس التنفيذ بشطب الملف التنفيذي هو قرار إداري لا قرار قضائي ، وله حق الرجوع عنه إذا تم رغم صدور أمر عرفي أوقف سير الستة أشهر. كتاب رئيس التنفيذ – 13685 – تاريخ 21/12/1972م – تقنين أصول المحاكمات – الجزء الرابع.
والغاية من الشطب هو عدم تراكم الدعاوى أمام دائرة التنفيذ من جهة وعدم ترك المنفذ ضده تحت رحمة طالب التنفيذ يهدد به من جهة أخرى، وينبغي أن تكون المهلة كاملة، أي لا يدخل اليوم الذي اتخذ فيه آخر إجراء في حساب المهلة التي تبدأ من اليوم التالي وتتم بانقضاء اليوم الأخير من الأشهر الستة، وإذا صادف آخر يوم عطلة امتد إلى أول يوم عمل والشطب بعد انقضاء المهلة يتم بصورة حكمية /م 288/1 أصول محاكمات/ دونما حاجة إلى طلب من المنفذ ضده حتى ولو لم يكن رئيس التنفيذ قد قرر الشطب في نهاية المهلة مباشرة لأنه مترتب بقوة القانون. وقد ذهب الاجتهاد إلى أن : «عدم اتخاذ دائرة التنفيذ قراراً بالشطب لا يؤثر في اعتبار الشطب واقعاً لأنه يتم بحكم القانون» . استئناف دمشق – رقم 261 – تاريخ 22/12/1970م.
لذلك يرفض أي طلب بمتابعة التنفيذ بعد انقضاء المهلة حتى ولو لم يكن رئيس التنفيذ قد أصدر قرار بالشطبوقد استقر الاجتهاد على أنه : « إن استجابة رئيس التنفيذ للمراجعة واتخاذ طالبة التنفيذ إجراءات في الملف بعد انقضاء ستة أشهر دون مراجعة لا يكسب المستأنف حق الاستمرار في التنفيذ، طالما أن رئاسة التنفيذ قد انتبهت إلى الخطأ وتلافته بشطب الملف ولأن الشطب يتم حكماً والإجراءات السابقة لاغية» . استئناف حلب – قرار 19 – تاريخ 3/3/1966م.
وبالتالي إذا حضر مباشر الإجراءات التنفيذية بعد انقضاء المدة القانونية وطلب إجراءاً تنفيذياً جديداً رفض طلبه بقرار من رئيس التنفيذ واعتبر فيه الملف مشطوباً حكماً والإجراءات التنفيذية السابقة لاغية ويكلف بتقديم استدعاء جديد في حال أراد التجديد هذا فيما إذا كان طلبه يتعلق بالإجراءات التنفيذية أما إذا تعلق طلبه بنتائجها كمطالبته مثلاً بالمبلغ الذي ترتب عليه نتيجة التنفيذ على أموال المدين وبيعها أو مطالبته بتقسيم هذا المبلغ بنيه وبين أصحاب الحقوق من أطراف الملف التنفيذي فإن رئيس التنفيذ يقبل طلبه ويبحث فيه وعلة ذلك أن إجراءات التنفيذ الجبري قد انتهت بحجز الأموال وبيعها والأموال المطلوبة هي نتيجة لها.
على أنه قد يعمد بعض مباشري الإجراءات خشية شطب ملفاتهم التنفيذية، وعندما يكون التأخير في صالحهم، إلى المراجعة قبل انقضاء المدة في محضر التنفيذ العام، ويتقدمون بأي طلب بهدف قطع مرور هذه المدة كطلبهم دوام التنفيذ مثلاً ومما لا شك فيه أن هذا الطلب أو أي طلب من نوعه لا يعتبر طلباً من طلبات إجراءات التنفيذ، ولهذا يتوجب شطب الملف التنفيذي بعد انقضاء المدة على آخر مراجعة صحيحة بطلب إجراء من إجراءات التنفيذ . قرار محكمة استئناف حلب رقم قرار 21 تاريخ 3/3/1966.
آثار الشطب على إجراءات التنفيذ
يترتب على الشطب إبطال إجراءات التنفيذ بما فيها الحجز القاطع للتقادم. ويبدأ التقادم الجديد من تاريخ آخر إجراء أو عمل اتخذ في المعاملة التنفيذية /م 288/2 أصول محاكمات/. وقد استقر الاجتهاد على أن : « الشطب يترتب عليه إبطال إجراءات التنفيذ ومنها الحجز القاطع للتقادم، ويبدأ تقادم جديد من تاريخ آخر إجراء تم في المعاملة التنفيذية ».محكمة النقض قرار 1261 تاريخ 20/12/1970.
أي أنه في حال تقديم طلب جديد للتنفيذ لا بد من إعادة جميع الإجراءات السابقة لقرار الشطب فإذا كان قد تم قبل الشطب تبليغ المدين أو المحكوم عليه إخطاراً إجرائياً وألقي الحجز على ماله وجب بعد تجديد طلب التنفيذ إعادة هذه المعاملات مجدداً ولا يجوز الاعتماد على هذه الإجراءات.
إلا أن الشطب لا يتناول تبليغ الحكم السابق على التنفيذ لأنه وبحسب الاجتهاد لا حاجة لتبليغ صورة الحكم المطلوب تنفيذه مع الإخطار التنفيذي لأنه لا يدخل في عداد الإجراءات التنفيذية. كما لا يتناول الحجز الاحتياطي المثبت من قبل المحكمة لأنه إجراء سابق على التنفيذ في حين يتناول الحجز التنفيذي المقرر من قبل رئيس التنفيذ لأنه داخل في مفهوم الإجراءات التنفيذية . استئناف دمشق – رقم قرار 25 في 29/2/1964.
وبالتالي إذا حضر المدين أو المحكوم عليه بعد قرار الشطب وطلب رفع الحجز الواقع على أمواله المنقولة وتسليمها إليه أو رفع إشارة الحجز الموضوعة على صحيفة عقاره قبل هذا الطلب ويتخذ رئيس التنفيذ القرارات بالتدابير اللازمة لرفع الحجز وينفذ هذا القرار فوراً على اعتبار أن الإجراءات التنفيذية السابقة لاغية حكماً حيث لا يمكن متابعة التنفيذ استناداً لها.
أما الحقوق فلا يؤثر عليها قرار الشطب وتبقى قائمة لأنها لا تعتبر من الإجراءات، فالشطب يتناول الإجراءات دون الحقوق الثابتة بأحكام، وقرار الإحالة القطعية بمثابة حكم ولا يؤثر الشطب عليه لأنه يولد حقاً للمحال عليه، ومن هذه الحقوق السند التنفيذي نفسه ما دام لم يتقادم، لأن إيداع السند التنفيذي في دائرة التنفيذ يترتب عليه وقف التقادم من تاريخ إيداع المستند لدى دائرة التنفيذ وحتى تاريخ تفهم الدائن وتبليغه السند التنفيذي. وبعدها يبدأ التقادم من جديد وذلكحسبما ذهب الاجتهاد إليه أن : «إيداع السند التنفيذي في دائرة التنفيذ يترتب عليه وقف التقادم خلال المدة المنقضية بين تاريخ إيداع المستند وتاريخ تفهيم الدائن ثم يكتمل بعد ذلك عملاً بنص المادة 475 أصول محاكمات» .المحامون – العدد 3 و 4 ص86 رقم 114 لعام 1971.
أو إذا تضمن محضر التنفيذ كفالة أو إقرار من المدين بحق ما فلا يؤثر الشطب عليها لأنها لا تعتبر من الإجراءات التنفيذية التي تبطل بالشطب.
وكذلك لا يؤثر الشطب على القوة التنفيذية التي يكون الدين الثابت التاريخ بالكتابة قد اكتسبها من جراء عدم الاعتراض عليه خلال المهلة المحددة في المادة /469/2 أصول محاكمات، وهي خمسة أيام على تاريخ التبليغ.
إذ أنه من المقرر قانوناً جواز تنفيذ الدين الثابت بالكتابة مباشرة عن طريق دائرة التنفيذ وللمدين أن يعترض خلال خمسة أيام تلي تاريخ تبليغه، فإذا وقع هذا الاعتراض كلف رئيس التنفيذ الدائن بمراجعة المحكمة، أما إذا لم يقع، أو وقع خارج المهلة المذكورة ولم تكن هناك معذرة مشروعة أخرت المدين عن تقديم اعتراضه اكتسب السند قوة تنفيذية تامة.
على أنه ما ذهب إليه القضاء هو أنه :
«إذا شطبت معاملة تنفيذية لإهمالها أكثر من ستة أشهر ولم يكن قد وقع اعتراض على السند قبل الشطب، فإن هذا الشطب لا يؤثر على هذه القوة التي اكتسبها السند قبل الشطب وتبقى قائمة لخروجها عن مفهوم إجراءات التنفيذ».استئناف حماة رقم قرار 84 تاريخ 31/10/1963 واستئناف حلب رقم قرار 173 تا 18/12/1963.
وكذلك في قرار آخر:
«إذا لم يعترض المنفذ عليه على السند ضمن المدة القانونية صارت للسند قوة تنفيذية غير مشروطة واعتبر تفويت المدة بمثابة إقرار قضائي ولم يعد شطب المعاملة التنفيذية بسبب مرور الأشهر الستة دون مراجعة مبطلاً لهذه القوة التي اكتسبها السند».استئناف حسكة قرار 151 أساس 187 تاريخ 21/11/1965 – محامون 10/11/1967.
وفي هذه الحال، وعند تجديد طلب التنفيذ، يخطر المدين بضرورة الوفاء استناداً لحكم المادة 286 أصول محاكمات وهي خمسة أيام، وهي المهلة المحددة بشكل عام لجميع الأسناد التنفيذية لا المهلة المنصوص عليها في المادة 469 أصول محاكمات. وهي المخصصة للأسناد العادية، لأن السند العادي قد اكتسب قوة تنفيذية تامة بجعله في مصاف باقي الأسناد التنفيذية من الأحكام والقرارات والعقود الرسمية ويترتب على المدين أن يقيم دعوى أمام محكمة الأساس ويحصل منها على قرار بوقف التنفيذ، ، أما اعتراضه أمام رئيس التنفيذ فليس من شأنه أن يوقف التنفيذ أو أن يحمل الدائن على مراجعة محكمة الأساس.
عدم اعتراض المدين على تحصيل الدين الثابت بالكتابة (السند العادي) ضمن المدة القانونية للاعتراض قبل شطب الملف التنفيذي لا يمكن اعتباره إقراراً ضمنياً بالدين من المدين وبالتالي لا يكسب الدائن حقاً مطلقاً، ولا يجعل للسند العادي قوة تنفيذية تامة سواء كان ذلك قبل الشطب أو بعده وذلك لأن نص المادة 470 أصول محاكمات، سمحت للمدين بالنسبة للديون الثابتة بالكتابة الاعتراض على الدين حتى يوم تحصيله منه من قبل دائرة التنفيذ إذا كان تأخره في الاعتراض كان لأسباب استثنائية ويعود لرئيس التنفيذ قبول المعذرة الناتجة عن هذه الأسباب أو رفضها وبالتالي قبول الاعتراض أو رفضه.
آثار الشطب على الحق بالتنفيذ من جديد
إن الشطب لا يؤثر على حق الدائن أو المحكوم له بتقديم طلب جديد بالتنفيذ خاضع لدفع الرسوم القانونية مجدداً /م 288/3 أصول محاكمات و 80/1 من قانون الرسوم والتأمينات القضائية شريطة ألا يكون حقه قد تقادم بمرور الزمن.
« ويعتبر وقف التقادم الذي حصل بتقديم طلب التنفيذ كأن لم يكن لأن الشطب لم يقتصر على إبطال الاستدعاء فقط وإنما تناول جميع الإجراءات التي تلته وبذلك يكون قد أزال مفعول وقف التقادم الناتج عن تقديم طلب التنفيذ الأول » محكمة النقض في 21/9/1955 – رقم 781 في 6/9/1959
وعلى هذا الأساس يكون طلب تجديد التنفيذ غير مقبول إذا كانت مدة التقادم قد تمت بين تاريخ بدئها منذ الأصل وبين تاريخ تقديم الطلب الجديد.
وإذا كانت مدة التقادم لم تنقض بعد كان طلب التنفيذ الجديد مقبولاً، وفي هذه الحالة يضم الملف التنفيذي القديم إلى الملف الجديد ليستعان بما ورد فيه من حقوق ووثائق ومستندات أما الإجراءات التنفيذية السابقة فتعتبر لاغية ولا بد من إعادتها مقدماً.
وقد سار الاجتهاد على أنه : «يترتب على الشطب إبطال إجراءات التنفيذ ومنها الحجز القاطع للتقادم ويبدأ تقادم جديد من تاريخ آخر إجراء تم في المعاملة التنفيذية» . كتاب وزارة العدل رقم 19305 تا 24/10/1968 – سعيد كامل الكوسا
هذا ولا بد من القول أنه لا يجوز إثارة موضوع التقادم إلا من قبل صاحب المصلحة بالذات أو من يمثله قانوناً، وخلال التقاضي حيث جاء في قرار قضائي :«عدم جواز إثارة موضوع التقادم إلا من قبل صاحب المصلحة وخلال مرحلة التقاضي». كتاب وزارة المالية رقم 4527 تاريخ 19/2/1968 وكتاب وزارة العدل رقم 733/68 تاريخ 12/9/1968 – سعيد كامل الكوسا .
عدم سريان المهلة المقررة للشطب إذا وجد سبب قانوني حال دون التنفيذ
إن مهلة الأشهر الستة المقررة للشطب تتوقف كلما وجد سبب قانوني يحول دون السير في إجراءات التنفيذ .استئناف حلب رقم 63/64 تاريخ 10/5/1962.
كما لو أقيمت دعوى استحقاق الأموال المحجوزة أمام محكمة الأساس وصدر قرار عنها بوقف التنفيذ ، أو أوقف التنفيذ بسبب وجود دعوى جزائية أمام المحكمة لم يبت فيها بعد، ثم تعود هذه المهلة إلى السريان حال انتهاء السبب القانوني الموقف لسريانها، ويؤخذ بعين الاعتبار ما انقضى منها قبل قيام السبب الموقف. كما أن صدور أمر عرفي يعد سبباً قانونياً موقفاً لسير مهلة الأشهر الستة وإذا تم الشطب بصورة خاطئة فلرئيس التنفيذ حق الرجوع عنه لأن قراره إداري لا قضائي .كتاب وزارة العدل رقم 3685 تاريخ 21/12/1972 – سعيد كامل الكوسا .
طرق الطعن التي يخضع لها قرار الشطب
يخضع قرار الشطب للطعن فيه بطرق الطعن المقررة لقرارات رئيس التنفيذ ، أي أنه يطعن بقرارات رئيس التنفيذ أمام محكمة الاستئناف المدنية الأولى باعتبارها مرجعاً للأمور المستعجلة ويكون قرارها قطعياً ولا يقبل أي طريق من طرق الطعن ويكون صادراً بالدرجة الأخيرة ودائرة التنفيذ ملزمة باتباع التوجيه الذي يصدر عن محكمة الاستئناف.كتاب وزارة العدل رقم 19305 تاريخ 24/10/1968 – سعيد كامل الكوسا.
وعلى محكمة الاستئناف المقدم إليها الطعن أن تبحث في مدى انطباق القرار على القانون كما لو كانت مهلة الأشهر الستة لم تنقضِ بعد، أو كان هناك سبب قانوني أوقف التنفيذ لم ينتبه إليه رئيس التنفيذ.
ويحق لطالب التنفيذ أن يتظلم من قرار الشطب أمام رئيس التنفيذ لأنه يعد من القرارات الصادرة في قضاء الولاية وليس في قضاء الخصومة.
ويحق لرئيس التنفيذ أن يلغي قرار الشطب من تلقاء نفسه إذا تبين له أنه أخطأ عندما شطب القضية كأن اعتبر المهلة قد انقضت في حين أنها لم تنقض . نصرت منلا حيدر.
إعداد المحامية لما وراق
اترك تعليقاً