ما هي حاجة الاردن لانتخاب مجلس للاعيان ؟
لا حاجة لانتخاب مجلس الأعيان في الأردن…..د.ليث نصراوين
في مقالة له بعنوان “مبدأ الشعب مصدر السلطة يستوجب مجلس أعيان منتخبا” والمنشورة يوم الثلاثاء الماضي يدعو الأستاذ الدكتور محمد الحموري إلى تشكيل مجلس أعيان منتخب من قبل الشعب وذلك على أساس أن وجود مجلس أعيان معين كجزء من السلطة التشريعية يشكل وصمة عار في جبين مبدأ الشعب مصدر السلطة في الوقت الحاضر.
ومع شديد الاحترام لرأي الاستاذ الدكتور الحموري إلا أنني أود أن أبدي وجهة نظر مغايرة لما جاء في مقالته الأخيرة وذلك من خلال إبراز المصاعب والمشاكل الدستورية التي قد تنجم عن تطبيق اقتراح انتخاب مجلس الأعيان.
إن تغيير آلية تشكيل مجلس الأعيان من خلال الانتقال إلى مرحلة انتخاب أعضائه سيشكل إخلالا بالغاية الدستورية التي من أجلها تم الأخذ بنظام المجلسين في الأردن وهي توفير رقابة تشريعية على أعمال مجلس النواب من قبل مجلس أعلى يتكون من خيرة رجال السياسة والاقتصاد ومن شخصيات معروفة بأعمالها وخدماتها العامة للأمة والذين يملكون من الخبرة والحنكة السياسية ما تؤهلهم للرقابة على مجلس النواب.
فانتخاب أعضاء مجلس الأعيان لا يضمن أن تضم تشكيلة المجلس المنتخب أعضاء على قدر عال من الخبرة والحنكة السياسية لممارسة الرقابة التشريعية على أعمال مجلس النواب. كما أن إدخال عنصر الانتخاب في تشكيلة مجلس الأعيان يخشى منه أن يصبح مجلس الأعيان صورة مكررة عن مجلس النواب من حيث العقلية والنزعة والميول.
حيث سيضطر الأعيان المنتخبون إلى تقديم مصالح ناخبيهم ودوائرهم الانتخابية على دورهم الرقابي وذلك رغبة منهم في إعادة انتخابهم وبالتالي ستنتفي الغاية من وجود مجلس أعيان محايد لا يخضع لأية ضغوطات شعبية وانتخابية يقوم بمراجعة أعمال مجلس النواب وتصحيحها عند اللزوم. هذا بالإضافة إلى أن وجود مجلس أعيان منتخب من شأنه أن ينافس مجلس النواب على أعماله ومهامه التشريعية والرقابية على السلطة التنفيذية وبالتالي تلتغي فكرة أن مجلس الأعيان هو المجلس الأعلى وأن مجلس النواب هو المجلس الأدنى. كما سيؤدي ذلك إلى تغيير جذري في المبادئ الدستورية الثابتة في الأردن خاصة فيما يتعلق بالمسؤولية الوزارية بشقيها الفردية والجماعية.
فكل من رئيس الوزراء والوزراء مسؤولون حاليا أما مجلس النواب باعتباره المجلس الذي يتألف من ممثلي الشعب وذلك تفعيلا للرقابة الشعبية على السلطة التنفيذية. فإذا ما انتقلنا لمرحلة انتخاب أعضاء مجلس الأعيان فإن ذلك سوف يستلزم بالضرورة إخضاع الوزراء للمسؤولية أمامه إلى جانب مجلس النواب وهو الأمر الذي يثير مخاوف من تعارض المسؤولية بين المجلسين.
إن الدستور الأردني قد راعى الاختلاف في تشكيل كل من مجلسي النواب المنتخب والأعيان المعين حيث حابى المجلس المنتخب على حساب المجلس المعين. فقد أفرد الدستور الأردني صلاحيات وسلطات خاصة لمجلس النواب فقط دون مجلس الأعيان اعترافا منه بأفضلية مجلس النواب المنتخب وتأكيدا لمبدأ أن الشعب مصدر السلطة. فتقديم أي حكومة جديدة لبيانها الوزاري عند تشكيلها لغايات الحصول على الثقة يكون أمام مجلس النواب المنتخب وليس أمام مجلس الأعيان وذلك استنادا لأحكام المادة (54/3) من الدستور.
كما ان المسؤولية الوزارية بشقيها الجماعية والفردية قد تقررت في المادة (51) من الدستور أمام مجلس النواب دون مجلس الأعيان, وأن محاكمة الوزراء أمام المجلس العالي لتفسير الدستور يتطلب صدور قرار اتهام عن مجلس النواب دون مجلس الأعيان تطبيقا لأحكام المادة (56) من الدستور.
كما تأكدت أفضلية مجلس النواب المنتخب على مجلس الأعيان في المادة (66/2) من الدستور والتي تنص على أنه إذا حل مجلس النواب توقف جلسات مجلس الأعيان. كما أن الحق في طلب عقد دورة استنثائية قد قرره الدستور الأردني في المادة (82/2) للأغلبية المطلقة من أعضاء مجلس النواب المنتخب دون أعضاء مجلس الأعيان. هذا بالإضافة إلى الحق في طلب تقرير عام من ديوان المحاسبة يتضمن المخالفات المرتكبة والمسؤولية المترتبة عليها والذي قررته المادة (119/1) من الدستور لمجلس النواب المنتخب دون مجلس الأعيان.
اترك تعليقاً