حالات الإفراج بقوة القانون وفق القانون الجزائري
الإفراج بقوة القانون هو ذلك الإفراج الذي يلتزم فيه قاضي التحقيق أو قاضي الحكم بإخلاء سبيل المتهم المحبوس مؤقتا إذا ما توافرت حالة من الحالات المحددة قانونا، دون أن يكون في ذلك مجال لأية سلطة تقديرية للأمر به.
وقد أطلق عليه بعض رجال القانون اسم الإفراج الوجوبي أو الإلزامي حيث أعتبر بمثابة حق للمتهم يخول له استرداد حريته في الحين إذا ما تحققت حالة من الحالات التالية :
1-حالة الحكم ببراءة المتهم :
نصت المادة 311 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه:” إذا أعفي المتهم من العقاب أو برئ أفرج عنه في الحال ما لم يكن محبوسا لسبب آخر…”، كما نصت المادة 365 من نفس القانون على أنه:” يخلى سبيل المتهم المحبوس مؤقتا فور صدور الحكم ببراءته…، وذلك رغم الاستئناف ما لم يكن محبوسا لسبب آخر…”، و عليه فإنه يفرج حالا عن المتهم المحبوس مؤقتا إذا حكم ببراءته، وهذا بغض النظر عما إذا كان ذلك الحكم قد طعن فيه بالاستئناف أم لا، خلافا للقاعدة العامة التي تقرر بأن الاستئناف يوقف تنفيذ الحكم.
2-حالة الإعفاء من العقوبة:
في حالة حبس المتهم مؤقتا بسبب ارتكابه جريمة ما ثم قضي بإعفائه من العقوبة لتوافر حالة من الحالات المنصوص عليها في المواد 47، 48، 49، 52 من قانون العقوبات والمتمثلة في الجنون، الإكراه، صغر السن والأعذار المعفية من العقاب، فإنه يتعين الإفراج عن ذلك المتهم حالا ولو وقع طعن بالاستئناف طبقا لنص المادة 365 الفقرة الأولى من قانون الإجراءات الجزائية.
3-حالة الحكم بالحبس مع وقف التنفيذ:
في حالة صدور حكم يقضي بالحبس مع وقف التنفيذ، فإنه ينهي الحبس المؤقت، ويستلزم ذلك الإفراج عن المتهم حالا وفقا لأحكام المادة 365 الفقرة الأولى من قانون الإجراءات الجزائية.
4-حالة الحكم بالغرامة دون الحبس:
طبقا لأحكام المادة 365 الفقرة الأولى من قانون الإجراءات الجزائية، فإنه يسقط مفعول الحبس المؤقت بمجرد صدور الحكم القاضي بالغرامة فقط على المتهم وبالتالي يفرج عنه فور صدور هذا الحكم رغم الاستئناف ما لم يكن محبوسا لسبب آخر.
5-حالة الحكم بعقوبة أقل من مدة الحبس أو مساوية لها:
استنادا إلى أحكام المادة 365 من قانون الإجراءات الجزائية وبالخصوص الفقرة الثانية منها، فإنه إذا سبق حبس المتهم مؤقتا ثم بعد محاكمته ثبتت في حقه التهمة المنسوبة إليه وصدر حكم يقضي بحبسه لمدة معينة، وكانت هذه المدة أقل من مدة الحبس المؤقت أو مساوية لها، وجب الإفراج عن المتهم بقوة القانون حال صدور الحكم, تطبيقا لمسألة خصم مدة الحبس المؤقت من المدة المحكوم بها.
6-حالة انتهاء مدة الحبس المؤقت:
يجب الإفراج عن المتهم المحبوس مؤقتا كلما انقضت مدة ذلك الحبس التي لا يجوز فيها التمديد أصلا، أو التي لم يقم قاضي التحقيق بتجديده في الآجال المحددة في المواد 124، 125-1 ،125 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية, كما تم بيانه في المبحث الأول، فعلى سبيل المثال: في حالة انتهاء مدة عشرين يوما للحبس المؤقت فإنه لا يجوز تمديد هذه المدة طبقا لنص المادة 124 من قانون الإجراءات الجزائية وبالتالي يجب الإفراج عن المتهم بقوة القانون، وعمليا يتم ذلك بإصدار قاضي التحقيق أمر برفع مذكرة الإيداع.
7-حالة إصدار أمر بألا وجه للمتابعة:
إذا ما توصل قاضي التحقيق إلى كون الوقائع لا تشكل جناية أو جنحة أو مخالفة يعاقب عليها أو في حالة عدم وجود دلائل كافية ومتماسكة أو أن مرتكب الجريمة مجهول أو في حالة عدم توافر ركن من أركان الجريمة أو وجود سبب من أسباب الإباحة أو مانع من موانع العقاب، فإن قاضي التحقيق يصدر أمرا بألا وجه للمتابعة.
وطبقا لنص المادة 163 من قانون الإجراءات الجزائية فإذا صدر أمر بألا وجه للمتابعة من قبل قاضي التحقيق، فإنه يفرج عن المتهم في الحال كأصل عام، غير أن القانون نص على وجوب بقائه محبوسا إذا طعنت النيابة العامة بالاستئناف فيه, فالمتهم يبقى محبوسا طوال المدة المقررة لها للطعن وهي ثلاثة أيام، بالإضافة إلى ذلك فإنه لا يفرج عنه حتى بعد صدور أمر بألا وجه للمتابعة متى كان هذا الأخير محبوسا لسبب آخر إذ ينوه فيأمر بألا وجه للمتابعة بعبارة: “….مع الإفراج عن المتهم ما لم يكن محبوسا لسبب آخر….”.
وطبقا لأحكام المادة 195 من قانون الإجراءات الجزائية فإنه يفرج عن المتهم في الحال إذا ما أصدرت غرفة الاتهام أمر بألا وجه للمتابعة.
8-حالة عدم بت قاضي التحقيق في طلب وكيل الجمهورية:
طبقا لنص المادة 126 الفقرة الثانية من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص على أنه:” كما يجوز لوكيل الجمهورية طلب الإفراج في كل وقت وعلى قاضي التحقيق أن يبت في ذلك خلال ثمان وأربعين (48) ساعة من تاريخ طلب الإفراج وعند انتهاء هذه المهلة, وفي حالة ما إذا لم يبت قاضي التحقيق يفرج على المتهم في الحين…”، فإنه يفرج عن المتهم المحبوس مؤقتا في الحال إذا أغفل قاضي التحقيق البت في طلب الإفراج المقدم من قبل وكيل الجمهورية في الآجال القانونية المحددة بتمان وأربعين ساعة من تاريخ تقديم طلب الإفراج.
9-حالة عدم بت غرفة الاتهام في طلب المتهم:
طبقا لنص المادة 127 الفقرة الثانية من قانون الإجراءات الجزائية فإنه في حالة عدم بت غرفة الاتهام في أجل ثلاثين يوما في طلب الإفراج المقدم من قبل المتهم المحبوس مؤقتا، بعد عدم بت قاضي التحقيق في طلبه في الآجال المحددة قانونا, فإنه يفرج عن المتهم في الحال ما لم تقرر غرفة الاتهام إجراء تحقيقات متعلقة بطلبه.
10-حالة عدم بت غرفة الاتهام في الطعن بالاستئناف :
طبقا لنص المادة 179 من قانون الإجراءات الجزائية التي جاء فيها:”… ويتعين على غرفة الاتهام أن تصدر حكمها في موضوع الحبس المؤقت في أقرب أجل، بحيث لا يتأخر ذلك عن عشرين(20) يوما من تاريخ استئناف الأوامر المنصوص عليها في المادة 172 و إلا أفرج عن المتهم تلقائيا ما لم يتقرر إجراء تحقيق إضافي” ففي حالة عدم بت غرفة الاتهام في الآجال المحددة لها قانونا في الطعن بالاستئناف المرفوع أمامها في موضوع الحبس المؤقت، فإنه يفرج عن المتهم بقوة القانون ما لم يتقرر إجراء تحقيق إضافي.
11-حالة عدم بت المحكمة العليا في طلب الإفراج :
طبقا لأحكام المادة 128 الفقرة ما قبل الأخيرة من قانون الإجراءات الجزائية أنه في حالة طعن المتهم بالنقض في حكم محكمة الجنايات، فإن الغرفة الجنائية لدى محكمة العليا هي المختصة في النظر في طلب الإفراج المقدم إليها وذلك في أجل خمسة وأربعين يوما،وفي حالة عدم البت فيه في الأجل المحدد قانونا فإنه يفرج عن المتهم في الحال ما لم يؤمر بتحقيقات متعلقة بطلبه.
12-حالة عدم استجواب المتهم في الآجال القانونية :
طبقا لنص المادة 121 من قانون الإجراءات الجزائية فإن المتهم يستجوب خلال ثمان وأربعين ساعة من اعتقاله، وفي حالة عدم استجوابه خلال هذه المهلة تطبق أحكام المادتين 112 و 113 من نفس القانون ومفادها أن المتهم المودع في مؤسسة إعادة التربية بموجب أمر إحضار أوامر بالقبض إذا لم يستجوب خلال المهلة السالفة الذكر فإنه يتوجب إخلاء سبيله.
13-حالة كون الوقائع تشكل مخالفة أو تخضع لعقوبة الغرامة فقط:
يفرج عن المتهم المحبوس مؤقتا في الحال إذا كانت الوقائع المحبوس بشأنها المتهم تشكل مخالفة أو تخضع لعقوبة الغرامة فقط طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة 196 من قانون الإجراءات الجزائية التي جاء فيها:”….فإذا كانت الوقائع القائمة في الدعوى لا تخضع لعقوبة الحبس أو لا تكون سوى مخالفة، فإن المتهم يخلى سبيله في الحال”.
14-حالة معارضة الحكم :
نصت المادة 358 الفقرة الأخيرة من قانون الإجراءات الجزائية على أنه:”….يتعين في حالة المعارضة للحكم طبقا للشروط المنصوص عليها في المادتين 411 و412 أن تنظر القضية أمام المحكمة في أول جلسة أو في خلال ثمانية أيام على الأكثر من يوم المعارضة و إلا أفرج عن المتهم تلقائيا…”، و عليه فإنه إذا لم يتم الفصل في معارضة الحكم في الأجل القانوني، يتعين الإفراج عن المتهم المحبوس مؤقتا بقوة القانون.
وما نلاحظه أن ورود مصطلح ” تلقائيا” في نصوص المواد 127، 179، 358 من قانون الإجراءات الجزائية كان في غير محله كون ذلك قد يؤدي إلى نوع من اللبس، حيث اعتبر البعض أن هذه المواد جاءت في إطار الإفراج التلقائي وليس الإفراج بقوة القانون بحجة أن المشرع الجزائري استعمل مصطلح ” تلقائيا”، إلا أن استعماله لهذا المصطلح بدل ” قوة القانون ” كان نتيجة سوء صياغة، وهذا غير كاف لجعل المواد السالفة الذكر تدخل في إطار الإفراج التلقائي، فمن المستحسن أن يتدارك المشرع الجزائري هذا اللبس في المستقبل.
بقلم الأستاذ حرير عبد الغاني
محامي معتمد لدي مجلس قضاء بومرداس الجزائر
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً