سبل الردع القانونية لإطلاق النار العشوائي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
باتت ظاهرة إطلاق النار العشوائي في المناسبات والأعياد واقعاً مزعجاً تخلف كوارث وأضرار مادية وبشرية لا يمكن السكوت عنها والتعامل معها على أنها لحظة ظرفية عابرة، أو مجرد إقلاق للراحة العامة، وإنما نمط سلوكي يتحدى المجتمع والقانون، يستلزم التحرك الفعال من قبل مكونات المجتمع كافة لمواجهته ووضع حدٍّ جذري ورادع لهذه الظاهرة المنافية للقيم والأخلاق، ولا تعبر في حقيقتها إلا عن الاستهتار بالمنظومة القانونية والأخلاقية في المجتمع.. لذلك لم يعد مقبولاً التعامل معها على أنها واقعة عابرة أو شكل من أشكال التعبير عن المشاعر، والاكتفاء بفرض عقوبة بسيطة لا تتعدى الغرامة أو التوقيف البسيط ـ في حال توقيف المخالف ـ على اعتبار أنها مخالفة تعليمات إدارية، بينما هي في الحقيقة تحمل في مكوناتها جريمة كبرى، وهذا القول ليس مبالغة أو تهويلاً. ولتوضيح هذا الأمر، ثمة أسئلة لابد من طرحها على مطلق النار وعلى أنفسنا للوقوف على هذه الحقيقة ومنها:
هل تلك الأسلحة والذخائر متوافرة في محلات العامة والمتاجر يقتنيها ويستخدمها من يشاء وكيفما شاء دون حسيب أو رقيب أو ترخيص؟!
من أين تأتي تلك الذخائر، وهل السلاح الموجود مع مطلق النار مرخّص له استخدامه في هذه المواضع؟
كيف وصلت هذه الذخائر لحيازة مطلق النار العشوائي؟
هل هي مسروقة أو مختلسة من عتاد الجيش أم مهربة؟
إن المرسوم التشريعي رقم 51 لعام 2001 الخاص بالأسلحة والذخائر “يحظر” حمل أو حيازة أو صناعة الأسلحة أو الذخائر أو استيرادها أو تصديرها والاتجار بها ونقلها أو اصلاحها إلا بموجب ترخيص مسبق.. فلا يجوز مثلاً بموجب المادة 11 من المرسوم المذكور استعمال الأسلحة المرخصة في المناطق السكنية أو في مناطق التجمعات مثل الحفلات والمخيمات. وعند ارتكاب هكذا مخالفة يعاقب الفاعل بالحبس حتى ثلاث أشهر وبالغرامة. وهذا الحظر يشمل الألعاب النارية بموجب المادة 13 من المرسوم المذكور. وبالتالي فإن استخدامها من قبل غير عناصر الجيش والقوات المسلحة يشكل واقعة قانونية تحتاج إلى التوصيف والتحليل لبيان الموقف القانوني الذي يحظر استخدام السلاح المرخص أو غير المرخص في غير مواضعه، ويرتب الآثار القانونية جراء مخالفة قواعده. وإذا كانت الذخائر والأسلحة المستخدمة في هذه المناسبات عائدة للجيش، فالنصوص الواجبة التطبيق في هذه الحالة هي المواد 133 من قانون العقوبات العسكري فقرة 2 والتي تنص على أنه:
“يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات كل عسكري يبيع أو يرهن أو يتصرف لقاء منفعة أو يختلس أو يبدل بسوء نية أو يسيء الأمانة بالسلاح العائد للجيش المسلم إليه ويعاقب بذات العقوبة كل عسكري يشتري وهو عالم بالأمر سلاحاً عائد للجيش”.
وأحكام الفقرة 4 من ذات المادة التي تنص على أنه: “يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات كل عسكري يسرق الأموال أو الأعتدة أو الأجهزة أو الألبسة أو الذخائر أو الحيوانات أو أي شيء آخر من أشياء الجيش أو يختلسها أو يبيعها أو يرهنها أو يسيء الأمانة بها أو يقدم بسوء نية على شرائها أو على تبديلها أو على عدم إعادة ما سلم إليه منها”.
وأحكام المادة 135 من ذات القانون والتي تنص على أنه:
“يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من مائة إلى ألفي ليرة سورية أو بإحدى هاتين العقوبتين كل شخص مدني يقدم وهو عالم بالأمر على سرقة أو شراء أو تصريف أو إخفاء أو حيازة أو استرهان أو استيراد أو صنع أو نقل أسلحة وذخائر حربية وأجهزة وألبسة وأسلحة وأي شيء آخر من أشياء الجيش السوري وذلك فيما خلا الحالات التي تجيز فيها الأنظمة إجراء مثل هذه الأمور.
وإذا كان الأمر يتعلق بسرقة سلاح عائد للجيش فلا تقل عقوبة الحبس عن سنة”.
أما إذا كان السلاح غير عائد للجيش وحصل الفاعل عليها عن طريق التهريب فالعقوبة في هذه الحالة تكون بحسب المادة 40 من المرسوم التشريعي رقم 51 لعام 2001، هي:
“يعاقب بالاعتقال من خمس سنوات إلى خمسة عشرة سنة وبغرامة لا تقل عن ثلاثة أمثال قيمة الأسلحة أو الذخائر ولا تزيد على عشرة أمثالها؛
ـ كل من هرب أو شرع في تهريب أسلحة أو ذخائر بقصد الاتجار بها؛
ـ كل من حاز أسلحة أو ذخائر وهو عالم بأنها مهربة بقصد الاتجار بها ويحكم على الشريك والمتدخل بعقوبة الفاعل الأصلي ولا تطبق في هذه الحالات الأسباب المخففة التقديرية على هذه الجرائم”.
وأحكام المادة 41 من المرسوم التي تنص على أنه: “يعاقب بالحبس من ثلاث سنوات إلى ستة سنوات وغرامة من 10- 50 ألف ليرة سورية كل من حمل أو حاز سلاحاً حربياً غير قابل للترخيص بموجب أحكام المرسوم التشريعي أو ذخيرة له”.
وإذا اقتصر الجرم على حمل السلاح غير المرخص فتكون العقوبة بحسب المادة 51 هي:
“يعاقب على حمل الأسلحة الممنوعة المنصوص عليها في المادة 317 من قانون العقوبات العام من غير سبب مشروع بالعقوبة المنصوص عليها في الفقرة 1 من المادة 314 من قانون العقوبات” (وهي الحبس مدة لا تتجاوز الستة أشهر والغرامة).
ولذلك نحن نناشد الأجهزة المعنية وفي مقدمتها وزارة العدل ووزارة الداخلية التشدد في تفعيل هذه الضوابط القانونية بالشكل الأمثل والدقيق ومنع التساهل في تطبيقها بما يكفل احترام القانون وحقوق المواطنين في العيش والفرح بأمان وسلام ومنع تكرار هذه الظاهرة.
وفي هذه المناسبة لابد من العمل على نشر ثقافة رفض حمل السلاح غير الشرعي عبر وسائل الإعلام والمدارس والجامعات وهذه الحملة لابد أن تكون بوسائل علمية مدروسة قادرة على الإقناع وخلق رأي عام يرفض ثقافة استخدام السلاح غير المشروع بكافة أشكاله وصوره، والتأكيد أن السلاح الشرعي والوحيد هو سلاح الجيش والقوات المسلحة التي تدرك جيداً مواضع استخدامه ومواقيته.
اترك تعليقاً