ما هي سلطات الملك في ظل النظام البرلماني ؟
سلطات الملك في النظام البرلماني .. د.نوفان العجارمه
طرح هذا السؤال على أكثر من صعيد على الساحة السياسية الأردنية ، أما صراحة أو دلالة ، مطالبين بتطبيق النظام البرلماني، عن طريق ما يسمى ( بالملكية دستورية) أو الحكومة برلمانية ، ويهدف هذا الطرح إلى تقليص سلطات الملك الدستورية بحيث يصبح دور الملك سلبيا ، كما هو الحال في النظام الملكي الانجليزي بحيث يصبح كما يقال: ( الملك يسود ولا يحكم ).
ونحن نقول – ومن زاوية قانونية خالصة- إن الملك في النظام البرلماني، و في الديمقراطيات المعاصر يحكم، ولكنه غير مسئول سياسيا عن تدخله في شؤون الحكم، والذي يسأل عن أعماله هي الوزارة، فالملك يحكم بواسطة وزرائه ، موضحين ما يلي :
1. إن مقولة ( الملك يسود ولا يحكم ) مقولة غير صحيحة ، وليس لها أي أساس دستوري أو قانوني، وهذه المقولة قالها السيد (تيير ) في عام 1829 وهو سياسي الفرنسي ، وكان يعبر عن وجهة نظرة في النظام الملكي الفرنسي آنذاك .
2. إن القول بان الملك ( يسود ) قول غير صحيح أيضا من الناحية الدستورية، لان السيادة للأمة و ليس للملك، والأمة مصدر السلطات. و لا تجسد السلطة بيد الملك، فهو لا يملكها، ولكن يمارس اختصاصه باعتباره رئيسا للدولة، فالبرلمان مثلا يتولى اختصاص التشريع، ولكنه لا يملك تلك السلطة، فالسلطة ملك للأمة.
3. ليس صحيحا بان الملك في النظام البرلماني(( لا يحكم)) الملك يحكم، ولكن ليس منفردا بل يحكم (بواسطة وزرائه ) .
4. اذا كان الملك مسؤولا باعتباره رئيسا للدولة، : فان المبدأ المطبق في علم الإدارة العامة هو اقتران السلطة بالمسؤولية ،فلا يجوز – قانونا- أن نلزمه بالمسؤولية ونجرده من السلطة ؟ فلابد من منحه السلطة حتى يتحمل المسؤولية .
5. إن الوضع في بريطانيا: و غيره من الملكيات في أوروبا، لا يمكن أن يقاس عليه، ويجب أن لا يأخذ حجة أو نعتبره كتابا مقدسا لا يأتيه الباطل من بين يديه أو من خلفه، أن سلبية الملك في النظام الانجليزي ، لم يكن وليد مبدأ أو رأي مقرر سلفا، بل جاء ثمرة تطورات تاريخيه ومصادفات خاصة بالمجتمع الانجليزي وحده،( و الذي يتكون من عدة عرقيات ( من اسكتلنديين وانجليز و ايرلنديين) وهذه أدت إلى إضعاف سلطة الملك في انجلترا، و هذه الظروف و تطورات لم يمر بها الأردن ،فعندما يضطر المشرع إلى اقتباس أنظمة قانونية (أو تجارب) ثبت نجاحها في بيئية أجنبية نظرا لاستنادها على أسس علمية واضحة لابد له من مراعاة طبيعة البيئة الوطنية في صياغة الدستور، أن هذه السياسة المتمثلة بالنقل الحرفي للتجارب الأجنبية، محفوفة بالمخاطر إذا تم تجاهل عناصر البيئة الوطنية، المادية والروحية، لذلك فإن المشرع مقيد بمراعاة هذه البيئة عند صياغة قواعد قانونية ذات مصدر مستمد من القانون الأجنبي.
6. مما يؤد ضرورة وجود دور أساسي و ايجابي للملك أو رئيس الدولة : التعديل الجوهري الذي اجري على الدستور الفرنسي في عام 1958 ، دستور الجمهورية الخامسة (شارل ديغول) حيث تخلص الدستور الجديد من النصوص التي كانت تعطي دورا سلبيا لرئيس الدولة ، وعمل الدستور على تقوية وتدعيم سلطات رئيس الدولة ، من اجل كفالة التوازن ما بين رئيس الدولة و الوزارة والبرلمان .
7. إذا كان رئيس الدولة (الملك ) غير مسؤول سياسيا: فهو مسؤول أدبيا وأخلاقيا أمام ضميره ، وأمام الله ، لأنه اقسم عند توليه العرش أن يحافظ على الدستور ويخلص للأمة ؟ وليس من المعقول أو المقبول أن نطالبه بالتوقيع بشكل آلي تلقائي على قرارات تخالف الدستور أو الضمير ؟ فالملك يحتاج إلى البحث و تمحيص قبل توقيع قراراته، وهذا يستلزم بالضرورة وجود سلطة له.
8. إن الملك يحكم في النظام البرلماني بواسطته وزرائه، فهو يشترك معهم اشتراكا فعليا في الحكم وفي إدارة شؤون البلاد ، وله الحق أن يعبر عن آراءه السياسية، وهذا يتطلب بالضرورة، وجود حكومة قادرة على تحمل مسؤولية تدخله في شؤون العامة . فكل ما يصدر عن الملك من قول أو فعل يجيب أن ينسب إلى الحكومة(فالملك لا يخطأ أو كما يقال بالانجليزية (( The King Can Do No Wrong)) وكل ما يصدر عن الملك يجب أن تعتبر أعمال من صنع الوزارة ، وهي مسؤولة عنها وحدها. وفي كل الأحوال، يجب أن تحتفظ هذه الحكومة بثقة البرلمان.
اترك تعليقاً