مـتى يُعـتـبر القرار الإداري نهائيًا
في البداية نوضّح أن القرار الإداري الذي يكون عرضة للطعن أمام الدائرة الإدارية، يجب أن يكون نهائيًا، ومن ثمّ فإنه يجب- قبل أن نعرض لنهائية القرار الإداري- أن نحدّد معنى القرار الإداري الذي يكون عرضة للطعن أمام القضاء الإداري، حيث إن تعريف القرار الإداري: هو عمل قانوني نهائي صادر من سلطة مختصّة بإرادتها المنفردة، وتترتّب عليه آثار قانونية معينة.
ومن خلال هذا التعريف يتّضح لنا: بأن القرار الإداري هو «عمل قانوني» ومن ثمّ فإنه يخرج عن نطاقه الأعمال المادّية، كما أنه «عمل قانوني نهائي» وبالتالي لا يعدّ من قبيل الأعمال التحضيرية أو الإجراءات التنفيذية، ويصدر من «سلطة إدارية بإرادتها المنفردة» أي دون اشتراك جهة أخرى معها في ذلك، كما يحدث في العقود الإدارية ، كما أن القرار الإداري يحدث «آثارًا قانونية» قد تكون بإنشاء مراكز قانونية أو تعديلها أو إلغائها.
وعليه، فإن «النهائية» المقصودة بالقرارات الإدارية هي: أن تكون تلك القرارات صادرة من السلطة التي تملك إصدارها، ولا يكون هناك ثمة سلطة إدارية أخرى للتعقيب عليها، لأنه في هذه الحالة يكون موضوع القرار مجرّد اقتراح أو إبداء رأي لا يترتّب عليه الأثر القانوني للقرار الإداري النهائي.
وممّا يجب التنويه إليه هنا، أن توقيت القرار الإداري لا يتعارض مع نهايته، لأن التوقيت ينصبّ على آثار القرار الإداري، وكذلك ممّا يجب ذكره أيضًا: أن قابلية القرار الإداري للسحب من قِبل الجهة الإدارية التي أصدرته لا يمنع- كأصل عام- من النهائية، وبالتالي لا يمنع ذلك من الطعن فيه أمام الدائرة الإدارية.
وكذلك القرار الموقوف يقبل الطعن فيه بالإلغاء، طالما كان نهائيًا وممكنًا تنفيذه في أي لحظة دون الحاجة إلى التصديق عليه من سلطة أعلى، وذلك لأن القرار الموقوف لا يزول نهائيًا من الوجود، وإنما توقف آثاره مؤقتًا حتى يتمّ صدور قرار آخر بشأنه من الجهة التي أصدرته.
ومن باب التيسير على المتخاصمين: فلقد جرى القضاء الإداري على قبول دعوى الإلغاء، حتى ولو كان القرار المطعون فيه بالإلغاء غير نهائي، عند رفع الدعوى، طالما أنه قد اكتسب صفة النهائية أثناء سير إجراءات الدعوى.
وترتيبًا على هذا، فإن قرارات مجالس إدارات النقابات المتعلّقة بإحالة أعضائها إلى التحقيق، هي قرارات إدارية نهائية، طالما أنها قد صدرت وفقًا لأحكام اللوائح الخاصّة بالنظام الأساسي لها، لكون هذه القرارات لا تحتاج إلى سلطة أعلى منها للتصديق عليها.
فالنهائية هنا، هو القرار الأخير الصادر من الإدارة في الموضوع، والذي ينفذ بغير حاجة إلى صدور قرار آخر يصدر من جهة أعلى، وذلك كله بمعنى استنفاذ جميع مراحل التوجيه والاقتراح وإعداد المشروعات والمقترحات والاعتماد أو التصديق ممّن يملك ذلك قانونًا.
وتأسيسًا على ما تقدّم: فإن كافة الأعمال التحضيرية أو التمهيدية أو التحقيقات التي تتمّ لدى الجهات الحكومية، وتتمّ خلالها التوصية بتوقيع جزاءات أو عقوبات إدارية، فإن هذه التوصيات لا تعتبر قرارات إدارية يجوز الطعن عليها بالإلغاء، لأنها لا تعتبر نافذة بحدّ ذاتها إلا بعد التصديق عليها أو اعتماد أو صدور قرارات بشأنها من السلطة الإدارية التي تملك إصدار القرار، لأنه عندئذ يكون الطعن على القرار النهائي الصادر بتنفيذ هذه التوصيات وفق الإجراءات القانونية الواجبة في مثل هذه الأوضاع، لأن القرار النهائي في هذا الشأن يعدّ صادرًا من الجهة التنفيذية المختصّة، وقابلاً للتنفيذ بعد استنفاذ جميع مراحل الإصدار، ولم يعد في حاجة إلى أي إجراء آخر، كما أن النشرات أو التعاميم التي تصدر في المصالح والجهات الحكومية، بهدف إيضاح أو تفسير بعض الإجراءات للقوانين التي يجوز الطعن عليها بالإلغاء، طالما أنها لم تتضمّن أحكامًا جديدة من شأنها أن تحدث أثرًا قانونيًا جديدًا يؤثّر على المراكز القانونية القائمة، سواء بالإلغاء أو التعديل، ولم يكن لها ثمة سند في اللوائح والقوانين الأصلية.
بقلم / خالد حسين المطيري
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً