نظام المنافسة السعودي و مخالفة تثبيت الأسعار
د. ملحم بن حمد الملحم
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
تسعى قوانين المنافسة لتحقيق أهداف معينة تصب في النهاية في حماية السوق والمتعاملين فيها من الممارسات غير المشروعة.
وفي ضوء تلك الأهداف يقوم المشرع/ المنظم بصياغة النصوص التشريعية/ النظامية بحيث يكون النظام مصاغا بشكل يتسق مع تلك الأهداف ويضمن تطبيقها في أرض الواقع. دون الخوض في شرح أهداف قوانين المنافسة الإجمالية والخلاف في كيفية تطبيقها ـــ رغم أهميتها ـــ سنفتتح هذه المقالة بذكر هدف من أهداف نظام المنافسة السعودي (1425هـ) وإحدى الغايات التي يرغب في تحقيقها واستمرارها هي هدف حرية الأسعار وشفافيتها كما هو منصوص على هذا الهدف في لائحة نظام المنافسة في الفقرة الأولى من المادة الأولى.
نصت المادة الأولى من لائحة نظام المنافسة السعودي على أن نظام المنافسة ولائحته يهدفان إلى تحقيق عدد من الأهداف ثم وضحت الفقرة الأولى أول هذه الأهداف وهو “حماية المنافسة العادلة وتشجيعها وترسيخ قواعد السوق، وحرية الأسعار وشفافيتها “.
ثم ذكرت الفقرة الثالثة من المادة الأولى من اللائحة نفسها أن من أهداف المنافسة “توافر أو تنوع السلع والخدمات ذات الجودة العالية والأسعار التنافسية”. ولتحقيق هذه الأهداف وخاصة ما يتعلق بحرية أسعار السلع والخدمات وفقا لما تحدده السوق، قام نظام المنافسة السعودي باعتبار تحديد الأسعار وتثبيتها فعلا من الأفعال المنافية للمنافسة العادلة، وبالتالي يعتبر سلوكا مخالفا يجب أن يعاقب النظام من صدرت منه هذه السلوكيات.
لذلك جاءت المادة الرابعة من نظام المنافسة السعودي لتحظر الممارسات أم الاتفاقيات أو العقود ـــ سواء كانت مكتوبة أو شفهية وسواء كانت صريحة أم ضمنية ـــ بين المنشآت المتنافسة أو التي من المحتمل أن تكون متنافسة التي من شأنها ـــ أي تلك الممارسات أو الاتفاقات أو العقود ـــ أن تقيد التجارة أو تقوم بالإخلال بالمنافسة بين المنشآت.
ثم أضافت المادة السادسة من نظام المنافسة أن المنشأة/ المنشآت التي تتمتع بوضع مهيمن يحظر عليها ممارسة أي سلوك مخل بالمنافسة بين المنشآت، وذكرت منها في فقرتها الأولى أن إحدى تلك الممارسات المحظورة هي “التحكم في أسعار السلع والخدمات المعدة للبيع بالزيادة أو الخفض، أو التثبيت، أو بأي صورة تضر بالمنافسة المشروعة”.
بعد ذلك قامت الفقرة الأولى من المادة الرابعة من اللائحة التنفيذية لنظام المنافسة السعودي بالنص على كون تثبيت الأسعار يعتبر من الممارسات المحظورة بين المنشآت، وجاءت المادة السابعة بشكل منفصل لتحظر على المنشأة ذات الوضع المهيمن إساءة استغلال هيمنتها عن طريق تحديد أو تثبيت أسعار السلع والخدمات. وتأخذ مخالفة تثبيت الأسعار أو تحديدها صورا وأشكالا متنوعة؛ ومنها أن تقوم شركة منتجة لسلعة ما بالتواصل مع شركة منافسة ويتم الاتفاق بينهما على أن يتم رفع سعر تلك السلعة بمقدار 5 في المائة فورا أو ابتداء من تاريخ معين.
على الرغم من أن إثبات مخالفات تثبيت الأسعار يعتبر عادة ليس بالأمر السهل، ولا سيما في ظل وجود قوانين منافسة ذات صياغة دقيقة مدعومة بسوابق قضائية غزيرة تفسر تلك القوانين، إلا أنه في حالة الاشتباه في وقوع حالة من حالات تثبيت الأسعار تقوم الجهات الرقابية باتخاذ جميع الوسائل الممكنة لأجل البحث والتحري والتحقيق في المخالفة حتى يتم البت فيها من قبل لجنة الفصل في مخالفات نظام المنافسة.
بناء على ما سبق فإن مسألة تثبيت الأسعار التي تستوجب حذرا من قبل الشركات، تعتمد على أربع مراحل:
1 – مرحلة الوقاية من الوقوع في مخالفة تثبيت الأسعار 2 – مرحلة التحقيق فيها من قبل الجهات الرقابية في حالة الاشتباه بوقوع المخالفة 3 – مرحلة فرصة الدفاع عن المتهم/ المتهمين بارتكاب هذه المخالفة أثناء التحقيق وبعد البت فيه 4 – وأخيرا مرحلة التظلم من قرار الجهة الرقابية أمام القضاء.
وأخيرا فإن من المهم الإشارة إلى أن لكل شخص يلحقه ضرر ناتج عن ممارسات محظورة بموجب أحكام المنافسة؛ الحق في التقدم بطلب التعويض أمام القضاء المختص.
اترك تعليقاً