مدى جواز الاتفاق على تعديل قواعد المسؤولية العقدية – مقال قانوني
لما كانت المسئولية العقدية منشأها العقد، وكان العقد وليد إرادة المتعاقدين، فالإرادة الحرة هي إذا أساس المسئولية العقدية، وإذا كانت الإرادة الحرة هي التي أنشأت قواعد هذه المسئولية، فإن لها أن تعدلها، فالأصل إذن هو حرية المتعاقدين في تعديل قواعد المسئولية العقدية، وذلك في حدود القانون والنظام العام والآداب.
وقد قررت المادة 217 من القانون المدني أحكام الاتفاق على تعديل قواعد المسئولية العقدية بنصها على أنه:
“1- يجوز الاتفاق على أن يتحمل المدين تبعة الحادث المُفاجئ والقوة القاهرة.
2- وكذلك يجوز الاتفاق على إعفاء المدين من أية مسئولية تترتب على عدم تنفيذ التزامه التعاقدي إلا ما ينشأ عن غشه أو عن خطئه الجسيم، ومع ذلك يجوز للمدين أن يشترط عدم مسئوليته عن الغش أو الخطأ الجسيم الذي يقع من أشخاص يستخدمهم في تنفيذ التزامه.
3- ويقع باطلاً كل شرط يقضي بالإعفاء من المسئولية المترتبة على العمل غير المشروع”.
وترد أحكام الاتفاق على تعديل قواعد المسئولية العقدية إلى مبدأين رئيسيين هما:
المبدأ الأول: يقضي بحرية المتعاقدين في التعديل من قواعد المسئولية العقدية، فلهما أن يتفقا على التشديد من هذه المسئولية، بأن يجعل المدين مسئولاً حتى عن السبب الأجنبي ويكون هذا بمثابة تأمين للدائن، ولهما أن يتفقا على التخفيف منها بألا يجعل المدين مسئولاً حتى عن تقصيره.
والمبدأ الثاني: يقضي بأن النظام العام يقيد من حرية المتعاقدين فلا يجوز التخفيف من المسئولية العقدية إلى حد الإعفاء من الفعل العمد أو الخطأ الجسيم، ولكن يجوز للمدين أن يعفي نفسه من المسئولية عن عمل الغير، حتى لو كان هذا العمل عمداً أو خطأ جسيماً.
فإذا كان شرط الإعفاء من المسئولية العقدية صحيحاً فإنه يعفي المدين من المسئولية بالقدر الذي يتسع له الشرط، ولا محل للقول بوجود المسئولية التقصيرية بعد ذلك، إذ أن هذه لا تجتمع مع تلك. (لطفاً، المرجع: “الوسيط في شرح القانون المدني” – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الأول: “مصادر الالتزام” – طبعة لجنة الشريعة الإسلامية بنقابة المحامين 2006 القاهرة – بند 436 : 441 – صـ 558 : 566. وأنظر في شأن: عدم جواز الجمع ما بين المسئولية العقدية والمسئولية التقصيرية، وعدم جواز الخيرة ما بينهما.. وسيط السنهوري – المرجع السابق – بند 514 و 515 – صـ 636 : 642).
هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أنه:
“لما كان النص فى المادة 217 من القانون المدني على أنه 1- … 2- وكذلك يجوز الاتفاق على إعفاء المدين من أية مسئولية تترتب على عدم تنفيذ التزامه التعاقدي إلا ما ينشأ عن غشه أو عن خطئه الجسيم مؤداه أنه – فى غير حالتي الغش والخطأ الجسيم – يجوز الاتفاق بين طرفي عقد الوكالة على حق الموكل فى عزل الوكيل فى أي وقت دون أن يكون مسئولا قبله عن أي تعويض ويعد هذا الاتفاق واردا على الإعفاء من مسئولية عقدية مما يجيزه القانون. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه برفض الدعوى ما قرره من انتفاء حق مورث الطاعنين فى التعويض عن عزله من الوكالة طبقا للاتفاق المبرم بينه وبين الشركة المطعون عليها والذي تضمنه البند الثالث عشر من العقد وأجاز لها هذا الحق مع إعفائها من أية مسئولية تترتب على ذلك فإنه يكون قد وافق صحيح القانون دون حاجة للرد على ما أثاره الطاعنون من أن ما تضمنه العقد من اتفاق على الإعفاء من المسئولية التقصيرية أو بحث مدى الضرر الذى ترتب على عزل الوكيل”. (نقض مدني في الطعن رقم 731 لسنة 60 قضائية – جلسة 25/12/1994 مجموعة المكتب الفني – السنة 45 – جزء رقم 2 – صـ 1661 – الفقرتان 4 و 5).
وكذلك من المُقرر في قضاء النقض أن:
“المقرر ـ فى قضاء محكمة النقض ـ أنه لا يجوز الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية فى دعوى التعويض التى يرتبط فيها المضرور مع المسئول عنه بعلاقة عقدية سابقة كما يترتب على الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية فى مقام العلاقة العقدية من إهدار لنصوص العقد المتعلقة بالمسئولية عند عدم تنفيذه بما يخل بالقوة الملزمة إلا لأن ذلك رهين بعدم ثبوت أن الضرر الذى لحق بأحد المتعاقدين كان نتيجة فعل من العاقد الآخر يكون جريمة أو يعد غشا أو خطأ جسيما مما تتحقق به فى حقه أركان المسئولية التقصيرية تأسيسا على أنه أخل بالتزام قانوني إذ يمتنع عليه أن يرتكب هذا الفعل فى جميع الحالات سواء كان متعاقدا أو غير متعاقد وأن استخلاص عناصر الغش وتقدير مما يثبت به من عدمه فى حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بغير رقابة من محكمة النقض متى كانت الوقائع تسمح بذلك”. (نقض مدني في الطعن رقم 530 لسنة 58 قضائية – جلسة 29/2/1996 مجموعة المكتب الفني – السنة 47 – جزء رقم 1 – صـ 405 – فقرة 2).
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً