مدى جواز تأجير المحل التجاري من الباطن أو التنازل عنه للغير وفقاً للقانون المصري – الجدك
عدم جواز تأجير المحل التجاري “الجدك” من الباطن أو التنازل عنه للغير إلا بموافقة المالك المؤجر للعين:
“الجدك” كلمة فارسية تعني الأرفف، وتطلق عرفاً على “المحل التجاري”، وقد استخدم القانون المدني القديم (الملغي، في المادة 367) هذه اللفظة لدلالة على المحل التجاري (المتجر أو المصنع).
والمحل التجاري – كما عرفته محكمة النقض:
“يعتبر منقولاً معنوياً منفصلاً عن الأموال المستخدمة في التجارة، ويشمل المحل التجاري مجموعة العناصر المادية والمعنوية المخصصة لمزاولة المهنة التجارية (من اتصال بالعملاء “الحق في التزبن”، وسمعة تجارية، واسم وعنوان تجاري، وحق في الإجارة “عقد إيجار العين الكائن فيها المحل التجاري”، وحقوق الملكية الأدبية والفنية مستقلة عن المفردات المكونة لها)؛ فهو فالمحل التجاري فكرة معنوية كالذمة المالية تضم أموالاً عدة ولكنها هي ذاتها ليست هذه الأموال، وترتيباً على ذلك لا يكون التصرف في مفردات المحل التجاري تصرفاً في “المحل التجاري” ذاته، ولا يعتبر العقار بطبيعته “أي البناء الذي يستغل فيه المتجر” عنصراً فيه، ولو كان مملوكاً للمالك المحل التجاري نفسه، وهو بهذا الوصف يصح أن يكون محلا لملكية مستقلة عن العقار القائم به”.
(نقض مدني في الطعن رقم 495 لسنة 46 قضائية – جلسة 19/11/1975 مجموعة المكتب الفني – السنة 26 – صـ 1422).
جواز بيع المحل التجاري بالجدك، دون موافقة المالك المؤجر للعين:
تنص المادة 594 من القانون المدني الحالي على أن: ”
1- منع المستأجر من أن يؤجر من الباطن يقتضى منعه من التنازل عن الإيجار وكذلك العكس.
2- ومع ذلك إذا كان الأمر خاصاً بإيجار عقار أنشئ به مصنع أو متجر واقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر جاز المحكمة بالرغم من وجود الشرط المانع أن تقضى بإبقاء الإيجار إذا قدم المشترى ضماناً كافياً ولم يلحق المؤجر من ذلك ضرر محقق”.
* ومن ثم، فشروط صحة بيع المحل التجاري (المتجر أو المصنع) بالجدك، سبعة شروط هي:
[ 1 ] وقوع البيع على متجر أو مصنع (المادة 594/2 مدني).
[ 2 ] توافر حالة الضرورة الملجئة للتصرف (المادة 594/2 مدني).
[ 3 ] تقديم التأمينات الكافية لحماية حقوق مالك العقار (المادة 594/2 مدني).
[ 4 ] انتفاء الضرر في حق المؤجر (المادة 594/2 مدني).
[ 5 ] ضرورة أخطار المالك بثمن المبيع (المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981).
[ 6 ] مزاولة نفس النشاط السابق (وعدم تغيير النشاط، شرط تطلبته محكمة النقض).
[ 7 ] ملكية المستأجر للجدك (وهذا شرط قضائي اشترطته محكمة النقض كذلك، وهو يتكون من شقين.. الأول: أن يكون المتصرف مستأجراً للعين وليس مالكاً لها؛ والثاني: أن يكون مستأجر العين مالكاً للجدك).
ففي حالة توافر جميع شروط البيع بالجدك، معاً – بحيث لا يصح تخلف شرط واحد منها – فإن البيع بالجدك ينفذ في حق مالك العين المؤجرة التي بها المحل التجاري، ويلتزم بتحرير عقد إيجار جديد لمشتري الجدك، بذات شروط عقد إيجار المستأجر الأصلي مالك الجدك.
أما في حالة تخلف ولو شرط واحد من شروط صحة بيع الجدك، فلا يصح البيع، ويعتبر التصرف تنازلاً عن العين المؤجرة يبيح لمالك العين المؤجرة طلب إخلاء المستأجر الأصلي منها، طبقاً لنص المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981.
عدم جواز تأجير المحل التجاري بالجدك من الباطن أو التنازل عنه للغير، بدون موافقة المالك المؤجر للعين:
ما سبق ينطبق على حالة “بيع” المحل التجاري بالجدك (وفقاً لنص المادة 594 من القانون المدني)، أما “تأجير” المحل التجاري بالجدك، فيسري عليه القواعد العامة المنصوص عليها في القانون المدني وقوانين إيجار الأماكن الاستثنائية، بحيث لا يصح تأجير المحل التجاري بالجدك من الباطن أو التنازل عنه للغير بدون موافقة المالك المؤجر للعين.
والمقصود بالمالك المؤجر للعين، هو مالك العين الذي أجرها للمستأجر الأصلي خالية، كمبنى أو مكان خالي فقط، فأقام المستأجر الأصلي في ذلك المبنى أو المكان محلاً تجارياً له اسم تجاري وسمعة تجارية وحق الاتصال بالعملاء …الخ. فهذا العقد (عقد الإيجار بين مالك العين المؤجر وبين المستأجر الأصلي) هو عقد إيجار أماكن يخضع لقوانين إيجار الأماكن الاستثنائية وأخرها القانونين رقمي 49 لسنة 1977 و 136 لسنة 1981.
أما عقد الإيجار بالجدك، الذي ينصب على تأجير المحل التجاري (الذي توافرت له جميع مقومات المحل التجاري) والذي يبرمه المستأجر الأصلي للمكان (بصفته مالكاً للجدك الذي إنشائه في ذلك المكان) إلى مستأجر الجدك، فهذا العقد – عند توافر تلك المقومات – لا يخضع لقوانين إيجار الأماكن الاستثنائية وتسري عليه أحكام القانون المدني (الشريعة العامة)(1) وأحكام القانون التجاري، وأي قوانين خاصة تنظم تأجير المحل التجاري (كالقانون رقم 11 لسنة 1940)، مع مراعاة القواعد الخاصة بنفاذ القوانين (مثل إن القانون العام يقيد الخاص، والقانون اللاحق يجب السابق).
وما يهمنا في هذا المقام، هو عقد الإيجار الأصلي المبرم بين مالك العين خالية كمؤجر، وبين المستأجر الأصلي (الذي استأجر تلك العين لينشئ فيها محله التجاري)، فهذا العقد تنطبق عليه أحكام قوانين إيجار الأماكن (وهي قوانين استثنائية متعلقة بالنظام العام)، وتلك الأحكام تقضي بعدم جواز قيام المستأجر بتأجير العين “بالجدك” من الباطن أو التنازل عنها للغير إلا بموافقة مالك العين (سواء أجرها خالية أو مفروشة أو بالجدك، كلها أو بعضها – وهذه الحالة الأخير تختلف عن قيام المستأجر الأصلي “مالك الجدك” بإدخال شريك معه في تجارته، فهنا يظل عقد الإيجار سارياً ونافذاً بين طرفيه فقط من دون الشريك المدخل).
حيث تنص المادة 18 (فقرة “ج”) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المُؤجر والمُستأجر على أنه:
“لا يجوز للمُؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المُدة المُتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية:
أ- …
ب- …
ج- إذا ثبت أن المُستأجر قد تنازل عن المكان المُؤجر، أو أجره من الباطن بغير إذن كتابي صريح من المالك للمُستأجر الأصلي، أو تركه للغير بقصد الاستغناء عنه نهائياً، وذلك دون إخلال بالحالات التي يُجيز فيها القانون للمُستأجر تأجير المكان مفروشاً أو التنازل عنه أو تأجيره من الباطن أو تركه لذوي القربى وفقاً لأحكام المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977”.
ومن المقرر في قضاء محكمة النقض:
“إن تأجير المحل التجاري يختلف عن بيعه الذي تجيزه المادة 594/2 من القانون المدني في حالة حصوله وفقاً للشروط المبينة بها والذي يترتب عليه إبقاء الإيجار لصالح مشتري الجدك، ذلك أن حكم هذا النص – وفقاً للمقرر في قضاء هذه المحكمة – إنما هو استثناء من الأصل العام، وأن مجال إعماله مقصور على الحالة التي تقوم فيها لدى المستأجر ضرورة تفرض عليه بيع المتجر الذي أنشأه في العقار المؤجر إليه مع قيام الشرط المانع من التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار، وذلك بهدف تسهيل البيع الاضطراري للمحل، الأمر المنتفي في حالة احتفاظ المستأجر بالمحل واستغلاله عن طريق التأجير إلى الغير. وإن كان هذا الاستثناء لا يجوز التوسع فيه، فإنه لا يكون هناك وجه لإعمال حكم المادة 594/2 سالفة الذكر على حالة تأجير المحل التجاري من الباطن”.
(نقض مدني في الطعن رقم 1518 لسنة 52 قضائية – جلسة 20/1/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – صـ 262.
وفي الطعن رقم 1042 لسنة 51 قضائية – جلسة 15/11/1987
وفي الطعن رقم 2043 لسنة 52 قضائية – جلسة 23/4/1989 مجموعة المكتب الفني – السنة 40 – صـ 152 – فقرة 5.
وفي الطعن رقم 2044 لسنة 55 قضائية – جلسة 8/4/1990
مشار إليها في: “إيجار وبيع المحل التجاري والتنازل عن المحال التجارية والصناعية والمهنية” – للمستشار/ السيد خلف محمد – الطبعة الثالثة 1996 القاهرة – صـ 307 وما بعدها).
ومن المقرر في قضاء النقض أنه:
“من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن التشريع الاستثنائي بعد أن سلب المؤجر حقه في طلب إخلاء المكان المؤجر بعد انتهاء مدة الإيجار الاتفاقية مقرراً مبدأ امتداد عقود الإيجار تلقائياً أجاز له طلب الإخلاء لأسباب حددها من بينها تأجير المستأجر للمكان من باطنه أو تنازله عنه أو تركه للغير بأي وجه من الوجوه بغير إذن كتابي صريح من المالك مما يضحى معه الأصل في ظل هذا القانون الآمر هو إنفراد المستأجر ومن يتبعه بحكم العقد بالحق في الانتفاع بالمكان المؤجر وعدم جواز تخليه عنه للغير كلياً كان أو جزئياً مستمراً أو مؤقتاً بمقابل أو بدونه واعتبار هذا التخلي بجميع صوره خروجاً من المستأجر على نص عقد الإيجار مكملاً بحكم القانون يجيز للمؤجر طلب إخلاء المكان ومن ثم فإن التأجير من الباطن غير جائز ويبرر الإخلاء ولا محل للقياس على المادة 594/2 من القانون المدني الخاصة ببيع المحل التجاري لأنها وردت على سبيل الاستثناء من الأصل العام للحظر. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر ، وكان لا محل لما يقول به الطاعن من أن “تحديد الغرض من استعمال العين عند تأجيرها بإقامة مشروع عليها يجيز لمستأجرها التنازل عن الحق في إيجارها كعنصر من عناصر المشروع التجاري الذي أقامه فيها” طالما إن المالك لم تصدر منه موافقة كتابية صريحة على التنازل، فإن النعي برمته يكون على غير أساس”.
(نقض مدني في الطعن رقم 87 لسنة 52 قضائية – جلسة 19/1/1989).
كما تواتر قضاء محكمة النقض على إنه:
“ولئن كان المبنى المنشأ به المتجر لا يعدو أن يكون عنصراً من عناصره المادية، وكان تأجيره بما أشتمل عليه من مقومات مادية ومعنوية دون أن يكون الغرض الأساسي من الإجارة المبنى ذاته، لا يخضع – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – لأحكام قوانين إيجار الأماكن وإنما للقواعد العامة المقررة في القانون المدني، إلا إنه حين يكون المتجر منشأ في عقار ويكون مالك المتجر مستأجراً لهذا العقار فإن تأجير العقار ضمن عقد تأجير المتجر يعتبر في العلاقة بين مالك العقار ومستأجره الأصلي تأجيراً من الباطن يخضع لقوانين إيجار الأماكن، دون القواعد العامة في القانون المدني، وكان تأجير المحل التجاري يختلف عن بيعه الذي تجيزه المادة 594/2 من القانون المدني في حالة حصوله وفقاً للشروط المبينة بها ويترتب عليه إبقاء الإيجار لصالح مشتري المتجر. ذلك أن حكم هذا النص وفقاً للمقرر في قضاء هذه المحكمة إنما هو استثناء من الأصل العام وأن مجال إعماله مقصور على الحالة التي تقوم فيها لدى المستأجر ضرورة تفرض عليه بيع المتجر الذي أنشأه في العقار المؤجر إليه مع قيام الشرط المانع من التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار وذلك بهدف تسهيل البيع الاضطراري للمحل الأمر المنتفي في حالة احتفاظ المستأجر بالمحل واستغلاله له عن بطريقة تأجيره للغير. وإذ كان الاستثناء لا يجوز التوسع فيه فإنه لا يكون هناك وجه لإعمال حكم المادة 594/2 سالفة الذكر على حالة تأجير المحل من الباطن وإذ كان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن الطاعنة الأولى قد أجرت الدكان من باطنها بدون إذن من المالك، وكان لا يغير من ذلك إن الإجارة شملت عناصر أخرى بخلاف المبنى ذاته، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس”.
(نقض مدني في الطعن رقم 62 لسنة 54 قضائية – جلسة 15/4/1990.
مشار إلى الحكمين الأخيرين في: “إيجار وبيع المحل التجاري والتنازل عن المحال التجارية والصناعية والمهنية” – للمستشار/ السيد خلف محمد – الطبعة الثالثة 1996 القاهرة – صـ 490 وما بعدها).
قيام الحظر ولو خلا العقد من النص عليه:
ومن المُقرر في قضاء النقض أن:
“حظر التأجير من الباطن بغير إذن كتابي صريح من المالك حكم تشريعي قائم منذ صدور القانون رقم 121 لسنة 1947 بالنص عليه في المادة 4 فقرة “ب”، بمُقتضاه أصبح الأصل هو تحريم التأجير من الباطن، وكان الأثر الفوري لقوانين إيجار الأماكن يوجب سريان هذا التحريم على كل تأجير من الباطن يحدث بعد صدور القانون 121 لسنة 1947 ولو خلا عقد الإيجار من شرط بالحظر”.
(نقض مدني جلسة 2/5/1979 مجموعة المكتب الفني – السنة 30 – صـ 253. ونقض مدني في الطعن رقم 4310 لسنة 61 قضائية – جلسة 29/5/1995.
مشار إليه في: “مجموعة القواعد التي قررتها محكمة النقض في تطبيق قوانين الإيجار خلال خمسة وستين عاماً” – للمُستشار/ محمد خيري أبو الليل – الجزء الأول – طبعة 1997 القاهرة – القاعدة رقم 556 – صـ 843).
الالتزام بالحظر غير قابل للتجزئة مما يرتب حق المُؤجر في الإخلاء ولو كانت المُخالفة قد وقعت من أحد المُستأجرين لعين واحدة دون الآخرين:
ومن المُقرر في قضاء النقض أن:
“النص في المادتين 301/1 و 302/1 من القانون المدني يدل وعلى ما جاء بمُذكرة المشروع التمهيدي أن الالتزام الذي لا يقبل التجزئة بطبيعته كما هو الشأن في تسليم شيء مُعين بذاته أو الالتزام بالامتناع عن عمل أو نقل حق غير قابل للانقسام يُعتبر كُلاً لا يحتمل التبعيض إذ الأصل أن يُعتبر غير قابل للانقسام، فيتحتم قضاءه إلى الدائن ويُؤديه المدين كاملاً غير مُجزأ، فهذا الالتزام يتميز بأن تنفيذه يتم بأداء كل موضوعه من غير أن يعتري هذا الموضوع تجزئة أو انقسام، لما كان ذلك، وكان عقد الإيجار سند الدعوى قد حظر على المُستأجرين للعين محل النزاع التنازل عن الإيجار، وكان هذا مُقرراً بقوانين إيجار الأماكن، إلا إذا أذن به المالك كتابة، فإن الحظر الوارد في العقد والقانون هو التزام بالامتناع عن عمل، وأي عمل يأتيه أحد المُستأجرين مُخالفاً لهذا الحظر يُعتبر خرقاً للالتزام إذ أنه بطبيعته لا يقبل التجزئة، ويترتب على مُخالفته فسخ عقد الإيجار ورد العين المُؤجرة، لما كان ذلك، فلا يُجدي الطاعن التمسك بقاعدة الأثر النسبي للعقود، باعتبار أن البيع بالجدك قد صدر من المُستأجر الآخر أو أن استئجاره للعين محل النزاع مع المُستأجر الآخر كان بدون تضمان، وعليه يحق للمُؤجر مُطالبتهما معاً بالآثار المُترتبة على تنازل أحدهما عن الإيجار بغير إذنه وهي فسخ عقد الإيجار والإخلاء، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون”.
(نقض مدني في الطعنين رقمي 913 و 1114 لسنة 52 قضائية – جلسة 5/5/1988.
وفي الطعن رقم 2116 لسنة 54 قضائية – جلسة 21/11/1991.
وفي الطعن رقم 1213 لسنة 58 قضائية – جلسة 10/1/1993.
مشار إليهم في: “مجموعة القواعد التي قررتها محكمة النقض في تطبيق قوانين الإيجار خلال خمسة وستين عاماً” – للمُستشار/ محمد خيري أبو الليل – الجزء الأول – طبعة 1997 القاهرة – القاعدة رقم 557 و 558 – صـ 843 و 844).
نشوء حق المؤجر في الإخلاء بمُجرد وقوع المُخالفة ولو أزيلت بعد ذلك، ولا تملك المحكمة سلطة تقديرية في إيقاع الفسخ:
ومن المُقرر في قضاء النقض أن:
“التشريع الاستثنائي، بعد أن سلب المُؤجر حقه في طلب إخلاء المكان المُؤجر بعد انتهاء مُدة الإيجار الاتفاقية مُقرراً مبدأ امتداد عقود الإيجار تلقائياً، أجاز له طلب الإخلاء لأسباب حددها من بينها تأجير المُستأجر للمكان من باطنه أو تنازله عنه أو تركه للغير بأي وجه من الوجوه دون إذن كتابي صريح من المالك، مما يضحى معه الأصل في ظل هذا القانون الآمر هو انفراد المُستأجر ومن يتبعه بحكم العقد بالحق في الانتفاع بالمكان المُؤجر وعدم جواز تخليه عنه للغير كلياً كان ذلك أو جزئياً، مُستمراً أو مُؤقتاً، بمُقابل أو بدونه، واعتبار هذا التخلي بجميع صوره خروجاً من المُستأجر على نص عقد الإيجار مُكملاً بحكم القانون يُجيز للمُؤجر طلب إخلاء المكان. وينشأ حق المُؤجر في الإخلاء بمُجرد وقوع المُخالفة ولا ينقضي بإزالتها فيبقى له هذا الحق ولو أسترد المُستأجر الأصلي العين المُؤجرة بعد ذلك، ومتى ثبت قيام المُستأجر بتأجير العين المُؤجرة له من الباطن – دون إذن كتابي صريح من المالك – تعين على المحكمة أن تقضي بفسخ الإيجار وإخلاء المكان دون أن يكون لها سلطة تقديرية في ذلك لأن حق المُؤجر في الإخلاء ينشأ بمُجرد وقوع المُخالفة، فالحكم بالفسخ هنا مُقرر تقع نتيجته بمُجرد قيام سببه، وذلك سواء نص عليه في عقد الإيجار أو لم ينص وسواء طلب المُؤجر إعمال نص القانون أو العقد إذ يستند الإخلاء في هذه الحالة إلى إرادة المُشرع وليس إلى اتفاق الطرفين وذلك لتعلق التشريع بالنظام العام”.
(نقض مدني في الطعن رقم 272 لسنة 48 قضائية – جلسة 28/11/1984 مجموعة المكتب الفني – السنة 35 – صـ 1943.
ونقض جلسة 11/1/1978 مجموعة المكتب الفني – السنة 29 – صـ 159.
مشار إليهم في: “مجموعة القواعد التي قررتها محكمة النقض في تطبيق قوانين الإيجار خلال خمسة وستين عاماً” – للمُستشار/ محمد خيري أبو الليل – الجزء الأول – طبعة 1997 القاهرة – القاعدة رقم 563 – صـ 846 و 847).
حق المستأجر في إدخال شريك معه في استغلال المحل التجاري:
ومن المقرر أن للمستأجر أن يدخل معه شريكاً في النشاط التجاري أو الصناعي الذي يباشره في العين المؤجرة، أو أن يعهد إلى غيره بإدارة المحل المؤجر دون أن ينطوي هذا بذاته على معنى تخلي المستأجر لتلك العين عن حقه في الانتفاع بها إلى شريكه في المشروع بأي طريق من طرق التخلي لانتفاء مقتضى ذلك قانوناً، بل يظل عقد إيجار العين على حاله قائماً لصالح المستأجر وحده، ما لم يثبت بدليل آخر تخليه عن حقوقه المتولدة عن ذلك العقد إلى الغير.
هذا، ومن المقرر في قضاء النقض أنه:
“لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الشركة عقد يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهم في مشروع مالي بتقديم حصة من مال أو من عمل لاقتسام ما قد ينشأ من هذا المشروع من ربح أو من خسارة، مما مؤداه أن محل هذا العقد هو تكوين رأس مال مشترك فيه مجموع حصص الشركاء وذلك بقصد استغلاله للحصول على ربح يوزع بينهم، وكان لا رابطة بين هذا المؤدى وبين ما قد يكون من مباشرة الشركاء وبعد قيام الشركة لنشاطهم المشترك في عين يستأجرها أحدهم، لانتفاء التلازم بين قيام الشركة وبين وجود مثل تلك العين. لما كان ذلك، فإن قيام مستأجر العين بإشراك آخر معه في النشاط المالي الذي يباشره فيها، عن طريق تكوين شركة بينهما، لا يعدو أن يكون متابعة من جانب المستأجر للانتفاع بالعين فيما أجرت من أجله بعد أن ضم إلى رأس ماله المستثمر فيها حصة لآخر على سبيل المشاركة في استغلال هذا المال المشترك، دون أن ينطوي هذا بذاته على معنى تخلي المستأجر لتلك العين عن حقه في الانتفاع بها سواء كلها أو بعضها إلى شريكه في المشروع المالي بأي طريق من طرق التخلي – إيجاراً كان من الباطن أو تنازلاً عن عقد الإيجار – لانتفاء مقتضى ذلك قانوناً، بل يظل عقد إيجار العين على حاله قائماً لصالح المستأجر وحده، ما لم يثبت بدليل آخر تخليه عن حقوقه المتولدة عن ذلك العقد إلى الغير”.
(نقض مدني في الطعن رقم 153 لسنة 55 قضائية – جلسة 25/3/1990.
وفي الطعن رقم 3172 لسنة 59 قضائية – جلسة 28/3/1990.
وفي الطعن رقم 203 لسنة 47 قضائية – جلسة 23/5/1984).
مع مراعاة إن يتعين لإعمال هذا الحق، حق الشريك في إدخال شريك معه في مباشرة النشاط الذي يباشره في العين المؤجرة، ما يلي:
1- ألا يكون عقد الشركة “صورياً” يخفي ورائه تنازل أو تأجير العين من الباطن، والمالك المؤجر يعد من الغير بالنسبة لذلك العقد، فيجوز له إثبات الصورية بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة وقرائن الأحوال.
2- ألا يتخارج المستأجر الأصلي من تلك العين (بعد الحكم بعدم دستورية امتداد عقد الإيجار إلى الشريك)(2).
3- ألا يدخل المستأجر الأصلي بحصة عينية في تلك الشركة (حيث تكون العين المؤجرة هي حصته ونصيبه في تلك الشركة).
4- ألا ينص في عقد الشركة أنه عند انتهاء الشركة أو تصفيتها لأي سبب تؤول العين المؤجرة إلى الشريك الآخر (وليس إلى المستأجر الأصلي).
فمن المقرر في قضاء محكمة النقض أن:
“الشركة – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – عقد يلتزم بمُقتضاه شخصان أو أكثر بأن يُساهم كل منهم في مشروع مالي أو عمل لاقتسام ما قد ينشأ عن هذا المشروع من ربح أو خُسارة، مما مؤداه أن محل هذا العقد هو تكوين رأس مال يشترك فيه مجموع حصص الشركاء وذلك بقصد استغلاله للحصول على ربح يوزع بينهم، وإنه ولئن كان لا رابطة بين قيام الشركة وبين ما قد يكون من مُباشرة الشركاء بعد قيام الشركة لنشاطهم المُشترك في عين يستأجرها أحدهم لانتفاء التلازم بين نشأة الشركة وبين وجود مثل تلك العين أو تحقق ذلك النشاط فيها إلا أن حق الإجارة يدخل ضمن مقومات الشركة إذا ما قدمه الشريك المُستأجر كحصة له فيها، وتخلى عن حقوقه المتولدة عن عقد الإيجار فتُصبح الشركة مُتنازلاً لها عن الإيجار من جانب المُستأجر..
والمُقرر أن للشركة وجود مُستقل عن الشركاء فتخرج حصة الشريك في الشركة عن ملكه وتصبح مملوكة للشركة، ولا يكون له بعد ذلك إلا مُجرد حصة في نسبة مُعينة من الأرباح أو نصيب في رأس مال الشركة عند التصفية، لما كان ذلك وكان الثابت من عقد الشركة المُقدم ضمن مُستندات الطاعن أنه نص في تمهيد العقد الذي يُعتبر طبقاً للبند الأول جزءاً منه، على أن مورث المطعون ضدهم من الثانية حتى الأخيرة يمتلك مكتباً للتجارة بالشقة محل النزاع وعقد الإيجار الصادر من الشركة المطعون ضدها الأولى ونص في البند الثاني منه على أن رأس مال الشركة مُناصفة بين الشريكين ويدخل ضمن رأس مال المُورث قيمة المكتب سالف الذكر، وإذ كان مفاد هذه النصوص أن مورث المطعون ضدهم من الثانية حتى الأخيرة قد تنازل عن إجارة الشقة محل النزاع إلى الشركة وأنه قدمها ضمن حصته فيها وأصبحت ضمن مقوماتها وأن ذلك يسري في حق ورثته”.
(نقض مدني في الطعن رقم 1194 لسنة 53 قضائية، جلسة 3/3/1993.
مُشار إليه في: “مجموعة القواعد التي قررتها محكمة النقض في تطبيق قوانين الإيجار خلال خمسة وستين عاماً” – للمُستشار/ محمد خيري أبو الليل – الجزء الأول – طبعة 1997 القاهرة – القاعدة رقم 1118 – صـ 1231).
كما تواتر قضاء محكمة النقض على أن:
“مؤدى نص المادة 52 من القانون المدني على أن تعتبر “الشركة” شخصاً اعتبارياً، أنها تكتسب هذه الشخصية بمجرد تكوينها مستقلة عن أشخاص الشركاء فيها، مما مقتضاه أن تكون لها ذمة مالية مستقلة عن ذممهم، وتعتبر أموالها ضماناً عاماً لدائنيها وحدهم، كما تخرج حصة الشريك في الشركة عن ملكه لتصبح مملوكة للشركة ولا يكون للشريك بعد ذلك إلا مجرد حق في نسبة معينة من الأرباح أو نصيب في رأس المال عند تصفية الشركة”.
(نقض مدني في الطعن رقم 1706 لسنة 52 قضائية – جلسة 15/5/1986).
هذا، والله أعلى وأعلم،،،
(1) فالأماكن والمباني المقامة عليها منشآت تجارية أو صناعية، متى توافرت لها مقوماتها المعنوية التي تتمثل في: عنصر الاتصال بالعملاء والسمعة التجارية والموقع التجاري، وطالما ثبت أن المكان أو المبنى المقام عليه المنشأة التجارية أو الصناعية لم يكن هو الغرض الأساسي من الإجارة وإنما ما أشتمل عليه من عناصر مادية تتمثل في الآلات والمعدات التي أعدت للاستغلال التجاري أو الصناعي وعناصر معنوية من سمعة تجارية واتصال بالعملاء، أي طالما كان ذلك المكان المقام عليه المنشأة ليس إلا عنصراً ثانوياً، فإن عقد الإيجار يخرج عن نطاق تطبيق قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية ويخضع لأحكام القواعد العامة في القانون المدني. (قرب ذلك: نقض مدني في الطعن رقم 226 لسنة 37 قضائية – جلسة 6/4/1972 مجموعة المكتب الفني – السنة 23 – صـ 657. والمرجع: “إيجار وبيع المحل التجاري” – للمستشار/ السيد خلف محمد – الطبعة الثالثة 1996 القاهرة – صـ 289 وما بعدها).
(2) حيث قضت المحكمة الدستورية العليا “بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وذلك فيما نصت عليه من استمرار شركاء المستأجر الأصلي للعين التي كان يزاول فيها نشاطاً تجارياً أو صناعياً أو مهنياً أو حرفياً، في مباشرة ذات النشاط بها بعد تخلى هذا المستأجر عنها”، بالحكم في الطعن رقم 4 لسنة 15 قضائية “دستورية” – بجلسة 6/7/1996، والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد 28 في 18/7/1996.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً