مدى جواز تأجير ملك الغير في الفقه والقانون المصري .
لما كان من المُسلم به فقهاً وقضاءاً أنه: “إيجار ملك الغير، ترك المُشرع أمره إلى القواعد العامة، وهي تقضي باعتبار الإيجار صحيحاً، وتجعله منطوياً في غالب الأحوال على تعهد عن الغير، فيجوز للغير أن يُقر هذا التعهد (صراحة أو ضمناً) فيُخلي بذلك طرف المُتعهد ويُصبح هو طرفاً في العقد”.
(المرجع: “الوافي في شرح القانون المدني” – الجزء الثالث: “في العقود المُسماة” – المُجلد الثاني: “عقد الإيجار” – للدكتور/ سليمان مرقس – الطبعة الرابعة 1993 القاهرة – بند 65/ب – صـ 110).
“ويجوز أن يكون إقرار المالك للإيجار صراحة أو ضمناً. ويتوقف أثر الإقرار من حيث الزمن على ما قصد منه. والغالب أن يقصد المالك إقرار الإجارة منذ عقدها، فيُعتبر كأنه أعتمد المُؤجر وكيلاً عنه في التأجير، ومعنى ذلك أنه يحل محله طرفاً في العقد ويُحاسبه على ما قبضه من أجرة ويكون له مُطالبة المُستأجر بالأجرة المُستقبلة ويلتزم هو بجميع التزامات المُؤجر”.
(المرجع السابق – نفس الموضع – صـ 111).
هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: “إيجار ملك الغير صحيح بين طرفيه، ونافذ قِبل المالك متى أجازه، وإذ أقر المطعون ضده الأول – المالك – هذا العقد الصادر لصالح مورث المطعون ضدها الثانية فإنه يكون نافذاً في حقه”.
(الطعن رقم 1100 لسنة 48 قضائية – جلسة 11/5/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – الجزء الثاني [من مايو حتى ديسمبر 1983] – القاعدة رقم 231 – صـ 1150 وما بعدها – فقرة 3).
لما كان ذلك، وكان المُدعي يُعد بمثابة المالك الظاهر لأطيان التداعي (في وقت تأجيرها للمُدعى عليه) وتلك الأطيان في حقيقتها مملوكة للأوقاف، وكان المُدعي قد أبرم عقد إيجار أطيان التداعي مع المُدعى عليه قبل استلام هيئة الأوقاف المصرية لتلك الأطيان، فتكون حقيقة هذا التصرف من جانب المُدعي ووفق التكييف القانوني الصحيح لها هو: “تأجير لملك الغير”، وإذ قامت هيئة الأوقاف المصرية باستلام أطيان التداعي المملوكة لها وإقرارها بقاء المُستأجر فيها (المُدعى عليه) مع دفع أجرتها إلى الهيئة، هذا التصرف من جانب هيئة الأوقاف (الخصم المُدخل) هو بمثابة إقرار (ولو حتى ضمنياً) لعقد الإيجار الذي أبرمه المُدعي مع المُدعى عليه بخصوص أطيان التداعي، ووفقا للقواعد القانونية سالفة الذكر: تحل هيئة الأوقاف المصرية محل المُدعي (المُؤجر) وتصبح هي طرفاً في عقد الإيجار أطيان التداعي بدلاً من المُدعي، وتلتزم هي بجميع التزامات المُؤجر على النحو السالف بيانه। ومفاد ذلك أن رفع الدعوى الماثلة من قِبل المُدعي بعد استلام هيئة الأوقاف المصرية لأطيان التداعي وإقرار تأجيرها للمُدعى عليه فإن دعواه الماثلة تكون – والحال كذلك – مُقامة من غير ذي صفة، مما يحق معه لهيئة الأوقاف المصرية (الخصم المُدخل) الدفع بعدم قبول الدعوى الماثلة لرفعها من غير ذي صفة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن وضع يد المُدعى عليه على أطيان التداعي يكون لها بحق – والحال كذلك – سند من حقيقة الواقع وصحيح القانون أي أنه مُستأجر لها من مالكها الحقيقي وليس غاصباً لها مما تكون معه الدعوى الماثلة بطردها وإخلائه من تلك الأطيان قد جاءت على غير سند من القانون خليقة بالرفض وهو تطالب به هيئة الأوقاف المصرية على سبيل الجزم واليقين.
هذا، والله أعلى وأعلم،،،
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً