تلزم المادة (12) من قانون التجارة رقم 30 لسنة 1984، التاجر الذي لا يقل رأس ماله عن ثلاثين ألف دينار أن يمسك الدفاتر التي تستلزمها طبيعة تجارته وأهميتها بطريقة تكفل بيان مركزه المالي، وعليه في جميع الاحوال ان يمسك الدفترين الآتيين : 1. دفتر اليومية. 2. دفتر الاستاذ (1). وقد ساوى قانون الاثبات بين الدفاتر التجارية والدفاتر غير التجارية والدفاتر والأوراق الخاصة في الاثبات (المواد 28 – 22 من قانون الاثبات). وتختلف حجية الدفاتر التجارية الالزامية بالنسبة للتجار وحجيتها على التاجر، لذلك ندرسها تباعاً.
أولا – حجية الدفاتر التجارية الالزامية بالنسبة للتاجر :
ليست للقيود الواردة في الدفتر التجاري، اية قوة في الاثبات لصالح صاحب الدفتر ضد خصمه، تاجرا كان ام لا، وسواء كانت القيود منتظمة او غير منتظمة، وبهذا قضت المادة 28 من قانون الاثبات (أولاً – لا تكون القيود الواردة في الدفاتر التي يوجب القانون مسكها سواء كانت منتظمة ام غير منتظمة حجة لصاحبها). في حين كانت المادة 105 من قانون التجارة رقم 149 لسنة 1970 (الملغى) تسبغ على الدفاتر التجارية حجة بقدر محدود لصالح صاحبها على خصمه وذلك متى كانت تلك الدفاتر منتظمة ومستوفية للشروط القانونية وكانت مصدقة من الكاتب العدل .. كما ان المادة (458) الملغاة من القانون المدني كانت تنص (1. دفاتر التجارة لا تكون حجة على غير التجار، غير ان البيانات الواردة فيها عما ورده التجار تصلح اساساً يجيز للمحكمة ان توجه اليمين المتممة لأي من الطرفين وذلك فيما يجوز اثباته بالبينة)(2). ويهدف المشرع العراقي من توحيد أحكام الاثبات في المسائل المدنية والتجارية في قانون خاص، ان تقوم قواعد هذا القانون على تبسيط الشكليات واقرار مبدأ المساواة بين المتقاضين (3). دعونا الى ضرورة افراد احكام خاصة لاثبات المسائل التجارية التي تختلف بطبيعتها عن المسائل المدنية (4).
ثانياً – حجية الدفاتر التجارية الالزامية على التاجر :
اجازت المادة (28 / ثانياً) من قانون الاثبات ان تكون القيود الواردة في الدفاتر التجارية الالزامية كانت منتظمة او غير منتظمة حجة على صاحبها بشرط عدم تجزئة الإقرار، لذلك للخصم ان يتمسك بهذه القيود ضد مصلحة صاحبها، ولا يهم ان تكون هذه القيود منتظمة او غير منتظمة او اذا كان التصرف تجاريا او مدنيا، وبذلك تعتبر القيود هذه بمثابة اقرار كتابي صادر من التجار ضد صاحب الدفتر، وليس من المعقول ان يقيد التاجر في دفاتره انه ملتزم لآخر بتصرف قانوني دون ان يكون قد حصل ذلك فعلاً (5). ويرى اتجاه ان الإقرار هو اخبار صادر من المقر وموجه الى القاضي أو الى شخص آخر، في حين ان ما يدون في الدفتر لا يمكن اعتباره اخباراً، اذ ليس موجها لا الى القاضي ولا الى اي شخص وانما يكتبه التاجر لنفسه. ونتيجة لهذا يمكن للتجار اثبات عكس ما جاء في دفتره بكافة طرق الاثبات وهو ما لا يستطيعه بالنسبة لأي اقرار صادر منه (6). وللخصم ان يتمسك باقرار التاجر الوارد في دفتره الالزامي سواء أكانت القيود مدونة بخطه ام بخط احد العاملين معه، ما دام التدوين قد تم باشرافه، فيعد بمثابة اقرار صادر منه، فقد نصت المادة 32 من قانون الاثبات على ان :-
أولا – القيود المدونة في الدفاتر الالزامية المنتظمة وغير المنتظمة من قبل العاملين مع صاحب الدفاتر المأذونين في ذلك تعتبر في حكم القيود المدونة من قبله.
ثانياً : يفترض في القيود الوارد ذكرها في الفقرة (أولاً) انها دونت بعلم صاحبها ورضاه الى ان يقيم الدليل على عكس ذلك.
ويلاحظ انه ليس للخصم الذي يتمسك بهذه القيود، تجزئة الإقرار الذي تتضمنه هذه القيود، اي من يريد الاستناد الى هذه الدفاتر التجارية الالزامية والاحتجاج بها ضد صاحبها ان يأخذ بكل ما هو مدون فيها، لا ان يأخذ ما ينفعه ويترك ما يضره، لان ذلك مخالف للعدل والانصاف، فهي اما ان تؤخذ ككل او تترك ككل (7). ويفهم من نص المادة (28 / ثانياً) من قانون الاثبات التي أجازت الإقرار المثبت فيها، ومن نص المادة (31) من القانون التي أجازت للمحكمة ان توجه اليمين المتممة لمن يتمسك بالقيود الوارد ذكرها في المادتين (28 و 29) لاستكمال قناعتها بشأنها. ان الاخذ بالدفاتر التجارية الالزامية حجة على صاحبها، ليس دليلا ملزما للمحكمة، وإنما هو أمر جوازي متروك تقديره للمحكمة. ويلاحظ ان المشرع قرر قرينة قانونية بسيطة يجوز لصاحب الدفتر التجاري ان يثبت عكس ما ورد في الدفتر من قيود يتمسك بها خصمه عليه بكافة طرق الاثبات، فقد أجازت المادة (30) من قانون الاثبات، لمن كانت القيود المذكورة في المادتين (28 و 29) حجة عليه، اثبات عكس ما ورد فيها بطرق الاثبات كافة، واذا ادعى صاحب الدفتر امرا يخالف ما جاء بدفتره فعليه يقع عبء اثبات ذلك بالشهادة والقرائن فان عجز فله توجيه اليمين لخصمه (8). وكذلك اذا ادعى خصمه امرا يخالف ما ورد في دفتر خصمه فيكون له اثبات بطرق الاثبات كافة بشرط ان لا يجزئ ما ورد في ذلك الدفتر (9). اما في قانون البينات الاردني فان دفتر التجار لا تكون حجة على غير التجار الا ان البينات الواردة فيها عما اورده التجار تصلح اساساً يجيز للمحكمة ان توجه اليمين المتممة لأي من الطرفين. (م 15). وتكون دفاتر التجار الاجبارية (الالزامية) حجة على صاحبها سواء أكانت منظمة تنظيما قانونيا ام لم تكن ولكن لا يجوز لمن يريد ان يستخلص منها دليلاً لنفسه ان يجزئ ما ورد فيها ويستبعد ما كان مناقضاً لدعواه وتصلح لان تكون حجة لصاحبها في المعاملات المختصة بتجارته اذا كانت منظمة وكان الخلاف بينه وبين تاجر (م 16) واذا تباينت القيود بين دفاتر منظمة لتاجرين تهاترت البينتان المتعارضتان (م 17).
__________________
1-في تعريف دفتر الاستاذ. انظر المواد 13، 15، 17، 18 من قانون التجارة.
2-انظر المادة (17) اثبات مصري و م 14 و 15 بيانات سوري و م 15 و16 بيانات اردني.
3-الاسباب الموجبة لقانون الاثبات العراقي.
4-انظر سريان قواعد الاثبات من حيث الموضوع.
5-السنهوري فقرة 141 ص277 عبد الودود يحيى ص62. مرقس اصول الاثبات ص138.
6-فتحي والي، قانون القضاء المدني اللبناني، بيروت، دار النهضة العربية للطباعة والنشر 1970، فقرة 348 ص 730.
7-السنهوري فقرة 141 ص277. مرقس، الأدلة الخطية ص391. النداوي، شرح ص 104.
8-السنهوري ص79. مرقس. الأدلة الخطية ص392.
9-الصوري ج1 ص303.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً