مسؤولية الطبيب :
تنص الفقرة الأولى من المادة (13) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1981 بشأن مزاولة مهنة الطب البشري وطب الأسنان والمهن المعاونة لهما، على أنه:
“لا يكون الطبيب مسئولاً عن الحالة التي يصل إليها المريض إذا تبين أنه بذل العناية اللازمة، ولجأ إلى جميع الوسائل التي يستطيعها من كان في مثل ظروفه لتشخيص المرض والعلاج”.
ومفاد هذا النص أن:
التزام الطبيب في علاج مرضاه ليس التزاماً بتحقيق غاية، وإنما هو التزام ببذل عناية، وأن المناط في مسئولية الطبيب عن خطئه المهني أو تقصيره أن يثبت بصورة أكيدة أنه خالف في سلوكه – عن جهل أو تهاون – أصول الفن الطبي الثابتة وقواعده العلمية الأساسية التي لا مجال فيها للجدل أو الخلاف.
وهذا ما أكدته محكمة التمييز، وذلك بتواتر قضائها على أنه:
“من المقرر أن التزام الطبيب في علاج مرضاه ليس التزاما بتحقيق غاية، وإنما هو التزام ببذل العناية الصادقة في سبيل شفائهم، وأنه مع ذلك يسأل عن خطئه الفني مهما كان يسيرا، إذا لحق المريض بسببه ضرر، ذلك أنه يتعين إقامة التوازن بين حاجة الأطباء إلى الطمأنينة والثقة والحرية في مزاولة أعمالهم، وبين حاجة المريض إلى الحماية من أخطائهم وحقه في التعويض عن الأضرار التي تسببها، إلا أن مناط مسئولية الطبيب عن خطئه المهني أن يثبت بصفة أكيدة واضحة أنه خالف في سلوكه – عن جهل أو تهاون – أصول الفن الطبي الثابتة وقواعده العملية الأساسية التي لا مجال فيها للجدال أو الخلاف، فالعبرة ليست بوصف الخطأ بأنه يسير أو جسيم ولكن بثبوته من وقائع واضحة تتنافى في ذاتها مع الأصول الطبية المستقرة”.
( الطعن بالتمييز رقم 441 لسنة 2001 مدني – جلسة 30/9/2002م )
ووفقاً لقواعد المسئولية:
فيُشترط أن تكون ثمة رابطة سببية بين الخطأ (المنسوب للطبيب) وبين الضرر الذي يحدث للمريض. وتقدير توافر أو نفي الخطأ الموجب للمسئولية وقيام علاقة السببية بينه وبين الضرر، هو من الأمور الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع، ما دام استخلاصها سائغاً ومستنداً إلى ما هو ثابت في الأوراق.
حيث جرى قضاء محكمة التمييز على أنه:
“من المقرر أن المناط في مسئولية الطبيب عن خطئه المهني أن يثبت بصورة أكيدة أنه خالف في سلوكه – عن جهل أو تهاون – أصول الفن الطبي الثابتة وقواعده العلمية الاساسية التي لا مجال للجدل فيها او الخلاف، وأن تكون ثمة رابطة سببية بين هذا الخطأ والأضرار التي تحدث للمريض، وأن تقدير توافر أو نفي الخطأ الموجب للمسئولية ورابطة السببية بينه وبين الضرر هو من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع بغير معقب مادام استخلاصه سائغا ومستندا إلى ما هو ثابت بالأوراق. ومن المقرر أن ركن السببية في المسئولية التقصيرية لا يقوم إلا على السبب المنتج الفعال المحدث للضرر دون السبب العارض الذي ليس له شأن بطبيعته في إحداث مثل هذا الضرر مهما كان قد أسهم مصادفة في إحداثه بأن كان مقترناً بالسبب المنتج”.
( الطعن بالتمييز رقم 86 لسنة 1999 مدني – جلسة 18/10/1999م )
كما أن لمحكمة الموضوع – وهي بصدد تقدير توافر أو نفي الخطأ الموجب للمسئولية ورابطة السببية بينه وبين الضرر، باعتباره من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع بغير معقب عليه – أن تأخذ في ذلك بتقرير الخبير متى اطمأنت إليه واقتنعت بالأسباب التي بني عليها دون التزام بالرد استقلالاً على المطاعن التي توجه إليه، لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك المطاعن ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير.
حيث إنه من المقرر في قضاء محكمة التمييز، أن:
“المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتعرف حقيقتها من الوقائع والأدلة المعروضة عليها وبحث كل ما يقدم فيها من الدلائل والمستندات وموازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداها واستخلاص ما تراه متفقاً مع واقع الدعوى ولا تثريب عليها في الأخذ بأي دليل تكون قد اقتنعت به وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها ولها أصلها الثابت بالأوراق. كما أن لها الأخذ بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى متى أطمأنت إليه واقتنعت بأسبابه وهي غير ملزمة بالرد استقلالاً على الطعون التي وجهت إلى هذا التقرير لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في هذه المطاعن ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير ولا سلطان لمحكمة التمييز عليها في هذا التقدير متى أقامته على اعتبارات معقولة”.
( الطعن بالتمييز رقم 4 لسنة 1997 تجاري/2 – جلسة 10/5/1988م )
هذا، ومن والمقرر أيضاَ أن مسئولية المتبوع عن فعل تابعه – طبقاً لنص المادة 240 من القانون المدني – قوامها وقوع خطأ (فعل غير مشروع) من التابع مستوجب لمسئوليته هو، بحيث إذا انتفت مسئولية التابع، فإن مسئولية المتبوع لا يكون لها من أساس تقوم عليه.
حيث إنه من المقرر في قضاء محكمة التمييز أن:
“النص في المادة 240 من القانون المدني على أن “يكون المتبوع مسؤولاً في مواجهة المضرور عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه في أداء وظيفته أو بسببها”، يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – على أن مناط مسئولية المتبوع عن الضرر الناجم عن فعل التابع هو علاقة التبعية وأن يكون العمل غير المشروع قد وقع من التابع في أداء وظيفته أو بسببها”.
( الطعن بالتمييز رقم 494 لسنة 2001 مدني/2 – جلسة 21/10/2002م )
وبمفهوم المخالفة: إذا كان العمل الذي وقع من التابع مشروعاً، وينتفي عنه وصف “الخطأ”، فإنه لا مسئولية لا على التابع، ولا على المتبوع.
لما كان ذلك، وكان الثابت من تقرير لجنة أطباء الطب الشرعي التي أوقعت الكشف الطبي على المستأنفة الأولى، وأحاطت بملفها وتقاريرها الطبية، أنه:
لم يتبين لها (للجنة الطب الشرعي) في الإجراءات الطبية التي اتخذت حيالها (المريضة/المستأنفة الأولى) في عملية توليدها ما يخالف الأصول الطبية … وولدت ولادة مهبلية عادية، ولم يكن بها من العلامات ما تصنفه توصيات الزمالة الملكية البريطانية علامات لحالات حملية ذات خطورة عاليه لنقل هذا الميكروب للطفل، وعليه لم تعط المضاد الحيوي الوريدي الوقائي أثناء الولادة.
كما لم يتبين في الإجراءات الطبية التي اتخذت حيالها في متابعة حالتها الحملية ما يمكن نسب إليه “خطأ طبي” … وهي إجراءات طبية صحيحة، والمذكورة (المستأنفة الأولى) لم يكن بها حالة مرضية مشتبهة ظاهرة أثناء الحمل. وعدم أخذ الطبيبة مسحة مهبلية من المذكورة في حينه لا يمكن اعتباره خطأ طبي نظراً لاختلاف البروتوكولات الطبية في هذا المجال (كما أوضحنا بالحقائق العلمية).
وعليه، فاستناداً لما تبيناه من الأوراق الطبية الخاصة بالمذكورة (المستأنفة الأولى)، وطفلتها، والحقائق الطبية المختصة بهذا المجال، فلم يتبين ما يمكن معه نسب خطأ طبي في إجراءات متابعة حمل المذكورة وتوليدها، لاختلاف البروتوكولات الطبية في هذا المجال.
وكان مؤدى هذا الذي أوضحه وانتهى إليه التقرير الذي اطمأنت إليه محكمة أول درجة – بما لها من سلطة تقديرية – عدم ثبوت خطأ من قِبل المستشفى المستأنف ضدها الأولى أو تابعها (طبيبة التوليد)، يدل على مخالفة شيئاً من أصول الفن الطبي الثابتة حتى تنعقد مسئوليتهما عن التعويض، فإن الحكم إذ رفض إلزامها بالتعويض لعدم ثبوت خطأ قبلها استناداً لهذا التقرير الذي تضمن اسقاطاً لكل حجة مخالفة، ورتب على ذلك رفضه لدعوى الضمان الفرعية، لا يكون قد جانب الصواب، ويكون النعي عليه على غير أساس خليقاً بالرفض.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً