نظرات قانونية حول مشروع قانون الهيئة المستقلة للانتخابات لسنة 2011
المحامي الدكتور ليث كمال نصراوين
تناقش اللجنة القانونية لمجلس النواب هذه الأيام مشروع قانون الهيئة المستقلة للانتخابات لسنة 2011 وذلك لاستكمال إجراءات إقراره الدستورية من مجلس الأمة والتصديق عليه من الملك ونشره في الجريدة الرسمية. إن النص على إنشاء الهيئة المستقلة للانتخابات قد تضمنتها التعديلات الدستورية الأخيرة على المادة (67) من الدستور التي تحكم عملية انتخاب أعضاء مجلس النواب لتكون إحدى الضمانات الأساسية لنزاهة الانتخابات البرلمانية وشفافيتها. فمن خلال قراءة قانونية متعمقة لأحكام مشروع القانون نبدي الملاحظات التالية التي نتمنى أن يأخذها أعضاء مجلس الأمة بعين الاعتبار عند مناقشتهم أحكام مشروع القانون:
أولا: من حيث التشكيل
لقد نصت المادة (3) من مشروع قانون الهيئة المستقلة للانتخابات لسنة 2011 على أن تتمتع الهيئة المستقلة بشخصية اعتبارية مستقلة, وأن يكون لها استقلال مالي وإداري, والحق في تملك الأموال المنقولة وغير المنقولة والقيام بجميع التصرفات القانونية اللازمة لتحقيق أهدافها ولها حق التقاضي وتوكيل المحامين. إن مثل هذا الاستقلال المالي والإداري للهيئة المستقلة للانتخابات سيمكنها من تحقيق أهدافها في ضمان حسن سير العملية الانتخابية بنزاهة وشفافية وحياد من خلال الإشراف على العملية الانتخابية وإدارتها في كافة مراحلها. كما يكون للهيئة المستقلة للانتخابات موازنة مستقلة خاصة بها يقرها مجلس مفوضي الهيئة, على أن ترفع الى رئيس الوزراء لاتخاذ ما يلزم من إجراءات للموافقة عليها وإدراجها ضمن مشروع قانون موازنات الوحدات الحكومية.
ويتولى إدارة الهيئة المستقلة للانتخابات مجلس مفوضين مؤلف من رئيس وأربعة أعضاء يعينون بإرادة ملكية لمدة ست سنوات قابلة للتجديد, حيث ترفع إلى الملك قائمة بالأسماء المقترحة للتعيين في المجلس التي يتم إعدادها من لجنة برئاسة رئيس الوزراء وعضوية كل من رئيس مجلس الأعيان ورئيس مجلس النواب ورئيس المجلس القضائي.
ان تحديد عدد المفوضين في الهيئة المستقلة بخمسة يثير تساؤلا حول ما إذا كان هذا العدد كافيا لقيام الهيئة بمهمة الإشراف على العملية الانتخابية وإدارتها, في الوقت الذي تتضمن التشريعات المقارنة عددا أكبر من الأشخاص في الهيئات المستقلة للانتخابات.
كما أن آلية تنسيب أسماء مجلس المفوضين إلى الملك تشكل سابقة في النظام القانوني الأردني. فبعد أن كان الحق في التنسيب بشغر المناصب الحكومية العليا حكرا على مجلس الوزراء, أصبح التنسيب بتعيين مفوضي الهيئة المستقلة يتم من قبل لجنة خاصة تضم رؤساء السلطات الثلاث في الأردن; رئيس مجلس الوزراء ورئيسي مجلسي الأعيان والنواب ورئيس المجلس القضائي, وهو ما يضمن عدم تعسف السلطة التنفيذية في اختيار أعضاء الهيئة المستقلة للانتخابات.
ان الزج برئيس السلطة القضائية في آلية اختيار مفوضي اللجنة يؤدي إلى إقحام القضاء في عمل اللجنة بشكل قد يثير شكوكا حول نزاهته وحياديته عند الفصل في القرارات التي تصدر عن الهيئة والطعون الانتخابية بصحة نيابة أعضاء مجلس النواب والتي انتقلت بموجب التعديلات الدستورية الأخيرة إلى محكمة الاستئناف.
إننا نقترح أن يعطى مجلس النواب الحق في التنسيب بتعيين مفوضي الهيئة المستقلة للانتخابات بعد أن يتبلور لدينا برلمان قوي متجانس يمثل كافة الأطياف السياسية والحزبية في المجتمع, ليتمكن من مشاركة السلطة التنفيذية في اختيار القائمين على إدارة المؤسسات الرسمية والحكومية وموظفي المناصب العليا في الدولة.
أما فيما يتعلق بتشكيل اللجنة التي تختار أسماء المفوضين للهيئة, فقد عالج مشروع القانون حالة شغور منصب رئيس مجلس النواب في المادة (6/2) من مشروع القانون, حيث نص على أن يحل محله في اللجنة آخر رئيس لمجلس النواب, وأنه إذا تعذر ذلك يحل محله آخر نائب لرئيس مجلس النواب.
ان مثل هذا الحكم غير ضروري في مشروع القانون, ذلك أن شغور منصب رئيس مجلس النواب لن يكون إلا بناء على حل البرلمان والذي لا يمكن تغييبه لأكثر من أربعة أشهر بموجب التعديلات الدستورية الأخيرة. كما أن هناك احتمالا أن يكون آخر رئيس مجلس النواب ونائبه غير موجودين بسبب الوفاة أو السفر أو العجز الصحي, وهو الأمر الذي سيثير مشاكل في الواقع العملي.
كما أن ما يقلل من أهمية هذه المادة أن مشروع القانون قد عالج حالة شغور منصب رئيس مجلس النواب دون الأعيان الذي يمكن أن يشغر في حالة حل مجلس الأعيان من قبل الملك.
أما فيما يتعلق بمدة العضوية في مجلس المفوضين فقد حددها مشروع القانون بست سنوات قابلة للتجديد, وهو ما يعني أن الهيئة ستكون دائمة وليست مؤقتة بحيث سيتقاضى رئيس الهيئة الراتب والعلاوات المقررة لرئيس محكمة التمييز, في حين سيتقاضى عضو الهيئة الراتب والعلاوات المقررة لنائب رئيس محكمة التمييز.
ان التساؤل الذي يثور في هذا الصدد هو مغزى جعل هذه الهيئة دائمة خاصة وأن دورها سيقتصر فقط على إدارة الانتخابات البرلمانية والإشراف عليها والانتخابات البلدية والتي تجرى كل أربع سنوات, مما يعني أن أعضاء الهيئة سيكون في معظم وقتهم من دون أي عمل أساسي غير مراجعة جداول الناخبين وتدقيقها على ضوء قرارات المحاكم الصادرة وسجلات الدوائر الرسمية والحكومية.
ويجب على المفوضين قبل مباشرة العمل أداء القسم أمام الملك حسب الصيغة الواردة في المادة (9/ج) من مشروع القانون. إننا نقترح في هذا السياق تعديل صيغة اليمين الواردة في مشروع القانون بما يتوافق مع الصيغة الواردة في المادة (80) من الدستور, بحيث يتم توحيد صيغ اليمين في القوانين الأردنية. كما يجب على مشروع القانون حسم الخلاف الذي يثور حول ضرورة إعادة أداء القسم من عدمه في حال تجديد مدة ولاية المفوضين لمدة ست سنوات جديدة, وذلك من خلال النص صراحة على وجوب أداء المفوضين القسم عند تعيينهم لأول مرة وعند تجديد تعيينهم مرة أخرى.
ثانيا: شروط العضوية
لقد حددت المادة (9) من مشروع قانون الهيئة المستقلة للانتخابات شروط العضوية في مجلس مفوضي الهيئة أو من يعين أمينا عاما للهيئة لتشمل:
– أن يكون أردني الجنسية متمتعاً بالأهلية المدنية الكاملة.
– أن لا يحمل جنسية دولة أخرى.
– أن يكون حاصلاً على الشهادة الجامعية الأولى على الأقل.
– أن لا يكون عضواً في مجلس الأمة.
– أن لا يقل عمره عن أربعين سنة.
– أن لا يكون محكوماً بأي عقوبة تأديبية أو جرم لفعل مخل بالأخلاق والآداب العامة أو الشرف أو الأمانة أو بأي جناية مهما كانت ولو ردّ إليه اعتباره أو شمله عفو.
– أن يكون محمود السيرة وحسن السمعة ومشهوداً له بالنزاهة.
– أن يكون من ذوي الكفاءة والدراية.
– أن لا يكون منتسباً لأي حزب سياسي.
ان من خلال استعراض شروط العضوية السابقة نجد أن مشروع القانون لم يميز بين الأردني الأصيل والأردني المتجنس لغايات العضوية في مجلس مفوضي الهيئة. فكل أردني الجنسية متمتع بالأهلية المدنية الكاملة له الحق في التعيين في مجلس مفوضي الهيئة بغض النظر عن عدد السنوات التي مرت على اكتسابه الجنسية الأردنية.
لقد كان الأجدر بمشروع القانون أن يميز بين الأردني الأصيل والأردني المتجنس لغايات العضوية في مجلس مفوضي الهيئة وذلك من خلال اشتراط مرور (10) سنوات على الأقل على اكتسابه الجنسية الأردنية لتعيينه في مجلس مفوضي الهيئة وذلك تطبيقا لأحكام المادة (14) من قانون الجنسية الأردني رقم (6) لسنة .1954
كما لم يشترط مشروع القانون فيمن يعينون مفوضين في الهيئة المستقلة للانتخابات أن يكونوا قانونيين أو على الأقل أن يضم مجلس المفوضين عددا من القانونيين, وهو ما قد يعيق عمل الهيئة وقدرتها على مباشرة مهامها والتي يمتاز جزء كبير منها أنه ذات طابع قانوني. فمن صلاحيات الهيئة المستقلة للانتخابات تدقيق قانونية طلبات الترشح لمجلس النواب والاعتراضات المقدمة على هذه الطلبات بعد قبولها, وتدقيق سجلات الناخبين وتحديثها والبت في الاعتراضات المقدم بشأنها, والموافقة على العقود والاتفاقيات التي تكون الهيئة طرفا فيها, واقتراح مشروعات التشريعات اللازمة لعمل الهيئة, وإبداء الرأي في أي مشروع قانون أو نظام ذي علاقة بأي عملية انتخابية.
ان مثل هذه المهام والصلاحيات تتطلب وجود حد أدنى من القانونيين كأعضاء في الهيئة المستقلة للانتخابات, وهو الأمر الذي لم يشترطه مشروع القانون الجديد.
كما أن شروط العضوية في مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخابات أو من يعين أمينا عاما للهيئة تعد أكثر شدة من شروط العضوية في مجلسي الأعيان والنواب. فقد حظر مشروع القانون على المفوض أو الأمين العام أن يكون محكوماً بأي عقوبة تأديبية أو جرم لفعل مخل بالأخلاق والآداب العامة أو الشرف أو الأمانة أو بأي جناية مهما كانت ولو ردّ إليه اعتباره أو شمله عفو, في حين أن الدستور الأردني قد أجاز في المادة (75) منه لكل من كان محكوما عليه بالسجن مدة تزيد عن سنة واحدة بجريمة غير سياسية الترشح لمجلس النواب أو التعيين في مجلس الأعيان إذا شمله عفو, وكذلك الحال لمن كان محكوما عليه بالإفلاس شريطة أن يسترد اعتباره قانونيا.
كما أن مشروع القانون قد اشترط فيمن يعين مفوضا في الهيئة أن يكون حاصلا على الشهادة الجامعية الأولى على الأقل وأن لا يقل عمره عن أربعين سنة, وهي الشروط التي لم يتضمنها الدستور الأردني في عضو مجلس النواب الذي يكفي أن يكون قد أتم الثلاثين سنة من عمره ودون اشتراط نصاب تعليمي معين.
ومن جهة أخرى فإن أحد شروط العضوية في مجلس مفوضي الهيئة المستقلة بأن يكون العضو من ذوي الكفاءة والدراية هو شرط واسع وفضفاض ويجب إلغاؤه من مشروع القانون, ذلك أنه بمجرد تحديد فئات الأشخاص المؤهلين للعضوية في الهيئة من قضاة سابقين ورجال قانون وأستاذة جامعات, فإن شرط الكفاءة والدارية يعد متحققا حكما. كما أن الحظر بأن لا يكون المفوض أو الأمين العام للهيئة المستقلة عضوا في مجلس الأمة يجب أن يمتد ليشمل الوزراء والقضاة وذلك لتحقق الغاية من استثنائهم من العضوية في الهيئة المستقلة أثناء عملهم الحكومي والقضائي.
ملاحظات نعرضها على اعضاء مجلس الامة وهو يناقش احكام مشروع قانون “الهيئة المستقلة للانتخابات لسنة 2011” .
ثالثا: حصانة مفوضي مجلس الهيئة المستقلة للانتخابات
لقد أعطى مشروع قانون الهيئة المستقلة للانتخابات لسنة 2011 مجلس المفوضين حصانة قانونية من الملاحقة عن أي شكوى جزائية خلال مدة عملهم في الهيئة أو عن أي شكوى جزائية متعلقة بالمهام والأعمال المناطة بهم وفق أحكام التشريعات النافذة أو بسببها أو ناجمة عنها إلا بإذن من المجلس القضائي. فإذا ما قرر المجلس القضائي منح الإذن بملاحقة العضو تسقط عضويته في مجلس المفوضين ما لم تكن الجريمة موضوع الملاحقة جنحة غير مقصودة أو مخالفة. ويستثنى من ذلك حالة التلبس بالجريمة, حيث يجوز القبض على المفوض وتوقيفه على أن يتم إعلام رئيس المجلس القضائي بذلك فوراً, ويصدر المجلس القضائي قراره بمنح الإذن خلال مدة لا تتجاوز أربع وعشرين ساعة من تاريخ القبض على المفوض أو توقيفه.
ان مشروع القانون لم يحدد مدة معينة للمجلس القضائي لإصدار قراره بحفظ الشكوى الجزائية أو الإذن بملاحقة المفوض واتخاذ الإجراءات الجزائية اللازمة بحقه, ذلك أن مدة الأربع والعشرين ساعة الواردة في الفقرة (ج) من المادة (11) هي في حال إلقاء القبض على المفوض أو توقيفه في حال التلبس بالجريمة ولا تنسحب المدة إلى حالة تقديم شكوى جزائية بحق المفوض متعلقة بالمهام والأعمال المناطة به وفق أحكام التشريعات النافذة أو بسببها أو ناجمة عنها. كما أن مدة (24) ساعة للمجلس القضائي لإصدار القرار في حال التلبس بالجريمة وإلقاء القبض على المفوض أو توقيفه هي مدة قصيرة لا تكفي لسماع مطالعة النائب العام وأقوال المشتكى عليه, حيث نقترح تمديها إلى ثمان وأربعين ساعة.
ان قرار المجلس القضائي بعدم الإذن بمحاكمة المفوض وحفظ الشكوى المقدم بحقه ينسحب آثاره إلى ما بعد انتهاء علاقة المفوض بالهيئة المستقلة بحيث لا يجوز ملاحقته عن أي من الشكاوى التي تقرر حفظها أثناء خدمته بالهيئة بعد انتهاء عمله في الهيئة استنادا لأحكام المادة (11/د) من مشروع القانون. إن تقرير مثل هذه الحصانة المطلقة لأعضاء مجلس مفوضي الهيئة يتعارض مع القواعد العامة التي تسمح بإعادة ملاحقة المشتكى عليه في حال ظهور أدلة جديدة من شأنها أن تغير من مجريات التحقيق.
رابعا: إنهاء خدمة المفوض
لقد نصت المادة (10) من مشروع قانون الهيئة المستقلة للانتخابات على انتهاء خدمة المفوض بالاستقالة على أن يسري مفعولها بعد صدور الإرادة الملكية بقبولها. كما نص مشروع القانون على أنه لا يجوز إنهاء خدمة المفوض إلا بإرادة ملكية بناء على توصية من ثلاثة مفوضين آخرين وذلك في أي من الحالات التالية:
– الغياب عن حضور جلسات المجلس ثلاث مرات متتالية من دون عذر يقبله المجلس.
– فقدان أي من شروط العضوية المنصوص عليها في الفقرة (أ) من المادة (9) من هذا القانون أو مخالفة أحكام الفقرة (ب) من تلك المادة التي تشترط في المفوض التفرغ لأعمال الهيئة وأنشطتها وأن لا يكون موظفا في القطاع العام أو الخاص أو تاجرا أو عضوا في مجلس إدارة أي شركة أو عضوا في مجلس أي مؤسسة عامة أو خاصة, وأن لا يقوم بأي عمل مقابل أجر لصالح أي جهة مهما كانت صفتها.
– الترشح لأية انتخابات مهما كانت طبيعتها.
– صدور إذن من المجلس القضائي بملاحقة المفوض وفق أحكام الفقرة (ب) من المادة (11) من هذا القانون ما لم تكن الجريمة موضوع الملاحقة جنحة غير مقصودة أو مخالفة.
– العجز الصحي.
لقد تشدد مشروع القانون في حالات فقدان العضوية في مجلس مفوضي الهيئة بحيث اعتبر أن غياب المفوض عن حضور جلسات المجلس ثلاث مرات متتالية من دون عذر, ومخالفته لشرط التفرغ التام للعمل في الهيئة بأنها مبررات قانونية لإنهاء خدماته في الهيئة. إلا أن مشروع القانون لم يجرم قيام المفوض أو الأمين العام بالتعاقد مع الحكومة بصفته الشخصية أو الاشتراك في الدعاية الانتخابية للمرشحين, واعتبارها مبررات لانتهاء خدمة المفوض وفق أحكام القانون. كما لم ينص مشروع القانون على حالة الوفاة كسبب لإنهاء خدمة المفوض وتعيين مفوض بديلا عنه لما تبقى من مدة سلفه.
أما فيما يتعلق بفقدان المفوض لشروط العضوية في مجلس المفوضين والمحددة في القانون, فقد اشترط مشروع القانون لإنهاء خدمات المفوض صدور إرادة ملكية بذلك بناء على توصية من ثلاثة مفوضين آخرين. إن الأصل أن يتم اعتبار المفوض الذي يفقد أيا من شروط العضوية المنصوص عليها في القانون فاقدا لعضويته في مجلس المفوضين حكما من تاريخ فقدانه أيا من شروط العضوية كاكتساب جنسية دولة أخرى, أو أن يحكم عليه بأية عقوبة تأديبية أو جرم مخل بالأخلاق والآداب العامة أو الشرف أو الأمانة أو بأي جناية مهما كانت, وذلك أسوة بالمادة (88) من الدستور التي تقضي بإسقاط العضوية عن أعضاء مجلسي الأعيان والنواب حكما بمجرد فقدان أي من شروط العضوية في مجلس الأمة, وهو الأمر الذي أكده المجلس العالي لتفسير الدستور في قراره الأخير رقم (4) لسنة 2011 الذي قضى بسقوط عضوية كل من النائب والعين والوزير مزدوج الجنسية حكما من تاريخ نفاذ التعديلات الدستورية دون الحاجة لتعليق إسقاط العضوية على أي قرار من جهة أخرى.
أما بخصوص انتهاء خدمة الأمين العام, فقد غفل مشروع القانون عن تنظيمها وبيان الأسباب التي تنتهي بها خدمة الأمين العام, حيث اقتصر على بيان حالة واحدة لانتهاء خدمة الأمين العام وهي أن تنتهي خدماته بالطريقة نفسها التي تم تعيينه فيها وذلك في المادة (7) من مشروع القانون. إن هناك حالات إضافية كان يجب على مشروع القانون أن يتضمنها والتي تنتهي بموجبها خدمات الأمين والعام وهي:
– الوفاة
– العجز الطبيعي
– الاستقالة
– حكما بسبب فقدانه أيا من شروط العضوية المنصوص عليها في القانون, خاصة تلك المتعلقة بمخالفة أحكام الفقرة (ب) من المادة (9) التي تحظر على المفوض والأمين العام أن يكون أي منهما موظفا في القطاع العام أو الخاص أو تاجرا أو عضوا في هيئة مديري أو مجلس إدارة أي شركة أو رئيسا أو عضوا في مجلس أي مؤسسة عامة أو خاصة, أو أن يقوم بأي عمل مقابل أجر لصالح أي جهة مهما كانت صفتها.
خامسا: إجراءات سير العمل داخل الهيئة المستقلة للانتخابات
لقد بين مشروع قانون الهيئة المستقلة للانتخابات المهام الرئيسية لكل من مجلس المفوضين ورئيسه والأمين العام للهيئة والتي تنصب على حسن إدارة العملية الانتخابية في جميع مراحلها ابتداءً بتحديد تاريخ الاقتراع بعد إصدار الملك أمره بإجراء الانتخابات لمجلس النواب, ومرورا باتخاذ الإجراءات اللازمة لتسجيل الناخبين والمرشحين وفق أحكام قانون الانتخاب, وتنظيم الحملات والدعاية الانتخابية ومراقبتها, وتعيين رؤساء وأعضاء أي لجان لازمة لتنفيذ العملية الانتخابية, وانتهاءً بإعلان النتائج النهائية للانتخابات.
أما عن مسؤولية مفوضي مجلس الهيئة, فقد قررها مشروع القانون مباشرة أمام الملك, حيث ألزم مشروع القانون الهيئة المستقلة بإصدار تقرير نهائي تفصيلي عن كل عملية انتخابية نيابية بجميع مراحلها ورفعه الى الملك على أن يتم نشره في الجريدة الرسمية.
لقد كان أجدر بمشروع القانون أن يقرر مسؤولية الهيئة عن إدارة الانتخابات التشريعية والإشراف عليها أمام مجلس النواب كجهة رقابية, خاصة وأن التقرير السنوي عن نشاط الهيئة وأعمالها يتم إرسال نسخة منه إلى كل من مجلس الوزراء ومجلس الأمة, وليس إلى الملك كما جاء في المادة (12) من مشروع القانون.
ويجتمع مجلس مفوضي الهيئة بدعوة من رئيسه مرة كل شهر وكلما دعت الحاجة, ويكون اجتماعه قانونياً بحضور أربعة مفوضين على الأقل, ويصدر المجلس قراراته بأغلبية ثلاثة أصوات على الأقل, بحيث لا يجوز لأي عضو الامتناع عن التصويت, ويجب على العضو المخالف تسجيل مخالفته خطياً في محضر الاجتماع والتوقيع عليها.
ان ما يسجل لمشروع القانون فيما يتعلق بإجراءات سير عمل الهيئة المستقلة للانتخابات أنه قد ألزم الوزارات والدوائر الحكومية والمؤسسات الرس¯¯مية والعامة بتقديم جميع أنواع الدعم والمساعدة التي تطلبها الهيئة لتمكينها من القيام بمهامها ومسؤولياتها المناطة بما في ذلك تزويدها بأي معلوم¯ات ووثائق تراها لازمة. فمثل هذا الإلزام القانوني على الدوائر والمؤسسات الرسمية والعامة بالتعاون مع الهيئة المستقلة للانتخابات من شأنه أن يمكن الهيئة من القيام بمهامها على أكمل وجه.
إلا أن مشروع القانون لم يعط الهيئة صلاحية تكليف الجهات الرسمية بتنفيذ القرارات المتعلقة بالإشراف على العملية الانتخابية وإدارتها الصادرة عنها والتي قد يمتنع الموظف الحكومي عن تنفيذها أو التقيد بها لغياب الصبغة الإلزامية لقرارات الهيئة. كما لم يعط مشروع القانون الهيئة المستقلة للانتخابات صلاحية الضابطة العدلية بخصوص تحريك دعوى الحق العام في الجرائم الانتخابية أمام المحاكم المختصة.
كما أن الإلزام القانوني بتقديم معلومات ووثائق إلى الهيئة المستقلة تتعلق بطبيعة عملها يقتصر فقط على الوزارات والمؤسسات الحكومية والرسمية ولا يمتد ليشمل الأفراد الطبيعيين الذين يجب أن يقع على عاتقهم واجب قانوني بمساندة الهيئة المستقلة في الإشراف على الانتخابات التشريعية وإدارتها في جميع مراحلها, وذلك من خلال تزويدها بأي معلومات ووثائق تراها الهيئة لازمة لإدارة العملية الانتخابية بكل نزاهة وحيادية.
ومن الإيجابيات التي تضمنها مشروع القانون الجديد أنه قد ألزم المفوض أو الأمين العام أو أي عامل في الهيئة بأن يفصح للمجلس خطياً عن أية علاقة بينه وبين أي مرشح للانتخابات التي تشرف عليها الهيئة أو تديرها, وذلك بهدف القضاء على أي مظهر من مظاهر التنازع في المصالح, وعلى أية محاولة لتسييس الهيئة المستقلة والتأثير على استقلاليتها وحياديتها, بحيث تكون الهيئة على مسافة واحدة من جميع المرشحين, وهو ما يؤدي لاقتناع المرشحين الذين لم يحالفهم الحظ باستقلالية الهيئة ونزاهة وشفافية الانتخابات التي أشرفت عليها وأدارتها.
كما اشترط مشروع القانون على المفوض والأمين العام التفرغ لأعمال الهيئة وأنشطتها وأن لا يكون أي منهما موظفا في القطاع العام أو الخاص أو تاجرا أو عضوا في هيئة مديري أو مجلس إدارة أي شركة أو رئيسا أو عضوا في مجلس أي مؤسسة عامة أو خاصة, وأن لا يقوم بأي عمل مقابل أجر لصالح أي جهة مهما كانت صفتها وذلك ضمانا لحيادية المفوض والأمين واستقلالهما. إلا أن ذلك الحظر لم يكن مطلقا حيث لم يحظر مشروع القانون على المفوض أو الأمين أن يكون مساهما في أية شركة مساهمة عامة, أو أن يتعاقد مع الحكومة بصفته الشخصية.
ان العقوبات التي قررها مشروع القانون على كل من يخالف أحكامه وبالأخص عدم تقديم المعلومات والوثائق التي تراها الهيئة ضرورية وعدم الإفصاح خطيا من قبل أعضاء الهيئة والعاملين فيها بأية علاقة تربطهم بأحد المرشحين للانتخابات هي الغرامة لا تقل عن مائة دينار ولا تزيد على خمسمائة دينار أو بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بكلتا العقوبتين, وهي عقوبات غير رادعة ولا تحقق الهدف من إنشاء الهيئة المستقلة المتمثل في توفير أقصى درجات النزاهة والحيادية في إدارة الانتخابات البرلمانية والإشراف عليها.
اترك تعليقاً