مطالب بتعديل قانون الطفل
في صباح الخميس 10 أكتوبر الجارى، استيقظ المصريون على جريمة مقتل الطفل محمود البنا المشهور إعلاميا بـ”شهيد الشهامة”، والتي أعقبها موجة كبير من الغضب والمطالبات بإجراء تعديلات على قانون الطفل وخفض سنه لأقل من 18 سنة.
المطالبات تلك جاءت بعد متابعة القضية وإحساس البعض أن الجانى”محمد راجح”، 17 سنة، الطالب بمدرسة السادات الثانوية بمدينة تلا، لا تبدو عليه ملامح الطفولة، وأنه أصبح شابا يستطيع أن يقيم أفعاله، وأن طعنه لزميله الضحية في شوارع مدينة تلا جريمة يستحق عليها الإعدام، خاصة أن الضحية سقط مقتولا بدافع الشهامة ومحاولا منع الجانى من معاكسة إحدى الفتيات والاعتداء عليها، ما جعل كثيرون يناشدون بالإعدام كقصاص عادل من وجهة نظرهم.
ما هو الموقف القانون للجانى والسيناريوهات المتوقعة؟
في 12 أكتوبر، وعقب وقوع الجريمة بيومين، أمر النائب العام المستشار حمادة الصاوى بإحالة محمد أشرف راجح و3 آخرين “محبوسين”، إلى محاكمة جنائية عاجلة لاتهامهم بقتل محمود محمد سعيد البنا عمدا مع سبق الإصرار والترصد.
وفى أول جلسة بتاريخ 20 أكتوبر قررت محكمة جنايات الطفل بشبين الكوم، تأجيل أولى جلسات المحاكمة لجلسة 27 أكتوبر الجارى، بعد طلب محامى أسرة الضحية استخراج شهادات من مصلحة الأحوال المدنية، للتأكّد من سن المتهم محمد راجح، وباقى المتهمين.
ووفقا لقانون الطفل، لن يكون الحكم بالإعدام على الجانى “راجح” أحد السيناريوهات المطروحة في القضية، وقد تكون أقصى عقوبة هي الحكم عليه بالسجن المؤبد أو المشدد.
ما تعريف الطفل في القانون المصرى؟
أصدرت مصر قانون الطفل الخاص بها في عام 1996، بعد توقيع الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل عام 1990، وتنص المادة 2 من القانون على الأتى: “يقصد بالطفل في مجال الرعاية المنصوص عليها في هذا القانون كل من لم يتجاوز سنه الثامنة عشرة سنة ميلادية كاملة”.
وفيما يخص محاكمة الطفل نصت المادة 122 فقرة 2 على الأتى: “تختص محكمة الطفل دون غيرها بالنظر في أمر الطفل عند اتهامه في إحدى الجرائم أو تعرضه للانحراف، كما تختص بالفصل في الجرائم المنصوص عليها في المواد من 113 إلى 116 والمادة 119 من هذا القانون”.
عقوبات الطفل في القانون
تنص المادة 111 من قانون الطفل على:
لا يحكم بالإعدام و لا بالسجن المؤبد و لا بالسجن المشدد على المتهم الذى لم يجاوز سنه الثامنة عشرة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة.
إذا ارتكب الطفل الذي تجاوزت سنه خمس عشرة سنة جريمة عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد أو السجن المشدد يحكم عليه بالسجن، وإذا كانت الجريمة عقوبتها السجن يحكم عليه بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر.
قانون الطفل لسنة 96
لماذا وضع القانون سن الـ18 كحد للطفولة؟
في عام 1990 وقعت مصر الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، وهى اتفاقية تابعة للأمم المتحدة أصدرتها عام 1989، ووقعت عليها الدول الأعضاء، وتضع الاتفاقية قائمة طويلة ومفصلة بالحقوق الواجب أن تحترم وتؤمن للطفل في جميع الأوقات، وبموجب الاتفاقية فإن الطفل هو: “كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه”.
تعريف الطفل في الدستور المصرى
وفقا لاتفاقية الأمم المتحدة، جاء الدستور المصرى بنسخه التي تلت الإتفاقية وآخرها دستور 2014، متوافقا مع نصوص وبنود الإتفاقية.
ونصت المادة 80 في باب الحقوق والحريات، في أول فقراتها على الأتى: ” يعد طفلا كل من لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره”، ونصت أخر فقرة بالمادة على الأتى: “تلتزم الدولة بإنشاء نظام قضائى خاص بالأطفال المجنى عليهم، والشهود، ولا يجوز مساءلة الطفل جنائيا أو احتجازه إلا وفقا للقانون وللمدة المحددة فيه، وتوفر له المساعدة القانونية، ويكون احتجازه فى أماكن مناسبة ومنفصلة عن أماكن احتجاز البالغين، وتعمل الدولة على تحقيق المصلحة الفضلى للطفل فى كافة الإجراءات التى تتخذ حياله”.
مطالبات بمراجعة قانون الطفل
عقب حدوث جريمة المنوفية، تكاثرت الأصوات الداعية لضرورة مراجعة قانون الطفل، وتقليل السن عن 18، بخلاف رواد مواقع التواصل الإجتماعى، كان فريق الدفاع عن أسرة الضحية هم أول المطالبين بتعديل قانون الطفل.
وطالب الدفاع فى تصريحات خاصة لـ”اليوم السابع” بالتدخل السريع لإنقاذ المجتمع المصرى من انتشار جرائم القتل والاغتصاب والسرقة بأيدى من هم أقل الـ18 عاما، مطالبا بتعديل قانون الطفل وخفض سنه إلى 15 سنة، وذلك تماشيا مع الشريعة الإسلامية وقانون الأحوال الشخصية.
موقف المؤسسات الرسمية من تعديل القانون
عقب الجريمة بادر النائب حاتم عبد الحميد، عضو مجلس النواب بتصريحات صحفية، يعلن فيها نيته التقدم بمشروع قانون للنزول بسن الطفل إلى 15 عاما بدلا من 18 عاما، نظرا لأن التكوين البدنى والنفسى – من وجهة نظره- جعل الطفل أكبر من السن نفسه.
لكن على جانب آخر، تنتظر بالفعل لجنة التضامن بمجلس النواب مناقشة مجموعة من التعديلات على القانون تعدها وزارة التضامن، لكن تلك التعديلات التي تم تشكيل لجنة خاصة لها، لا تتعرض لسن الطفولة، بل إنها تصب جميعا في صالح تقديم مزيد من أوجه الرعاية والحماية للأطفال، وذلك وفق تصريحات صبرى عثمان رئيس نخط نجدة الطفل بالمجلس القومي للأمومة والطفولة لـ”اليوم السابع”، والتي أكد فيها أيضا موقفه من دعوات التعديل، موضحا أنه لاتوجد إمكانية لذلك، نظرا لالتزام مصر بالمعاهدات الدولية في ذلك الشأن، ولأن الأزمة ليست في السن قدر ما هي مرتبطة بطريقة ومنهج تربية النشىء التي تحتاج مزيد من المتابعة من الأسرة.
محامى المتهم يكشف موقفه من تعديل القانون
كان انسحاب المحامى محمد الحسينى من الدفاع عن المتهم محمد راجح مفاجئة للجميع، وتوقع البعض أن ذلك إيمانا منه بموقف أسرة الضحية، لكنه أكد في تصريحات لليوم السابع، أن الأمر كله جاء لاعتبارات مرتبطة بعمله بمدينة تلا بالمنوفية، وتقديرا لمشاعر أهالى أسرة الضحية وأهالى المدينة والمصريين جميعا، خاصة أن القضية أصبحت قضية رأى عام، ما دفعه للانسحاب منها لأول مرة في حياته، كما أكد.
لكنه نفى أكد أيضا أن فكرة تعديل قانون الطفل ليكون أقل من 18 سنة ليست عملية، خاصة أن القوانين لا يتم تعديلها وفقا لمواقف وأزمات عابرة، وخاصة أن القانون يوضع بشكل مجرد، دون النظر إلى ضحايا أو جناة معينين.
كم يبلغ عدد الأطفال في مصر؟
ووفقا لتعريف الطفل بالدستور والقانون، وإحصاءات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فإن عدد الأطفال في مصر الأقل من سن 18 عام
عدد الأطفال فى مصر حتى 18 سنة حوالى 38 مليون طفل ويمثل هذا العدد 40% من إجمالى السكان، وذلك فى تعداد 2017 .
ويبلغ عدد الأطفال فى الفئة العمرية (15 – 17 سنة) 14.5% من إجمالى الأطفال، ويبلغ عدد الأطفال الذكور 19.6 مليون طفل بنسبة 51.7% وعدد الإناث 18.3مليون طفلة بنسبة 48.3% من إجمالى الأطفال.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً