معالم إصلاح وتشخيص النظام الضريبي بالمغرب
تعتزم وزارة الاقتصاد والمالية تنظيم مناظرة وطنية حول الإصلاح الرامي إلى الوصول إلى نظام جبائي يشجع المنافسة الحرة للمقاولات من خلال تخليق الادارة الجبائية لتكون في مستوى الخدمة التشاركية والثقة بين المواطنين، التي تصبو إليها جهود الحكومة، في الوقت الذي يطمح فيه الجميع إلى ضرورة مراجعة نظام المنازعات والمراقبة الضريبية في قصد إرساء علاقة جديدة تضع إدارة الضرائب في خدمة دافعي الضرائب، الخروج من أزمة غياب الحس المدني الضريبي الذي لا يزال حاضرا بقوة في البلاد، من خلال الأنشطة التي تجري في النطاق غير المهيكل، أو من خلال التهرب الضريبي الذي تمارسه مقاولات أو خواص لا يصرحون بكل أنشطتهم أو كل مداخيلهم.
بالإضافة إلى غياب التوازن في أداء الضرائب من قبل المقاولات، إذ أن عبء الضريبة تحمله فئة قليلة من المقاولات لا تتجاوز 1 بالمائة وتؤدي ما قدره 91 بالمائة من مجموع الضريبة على الشركات.
ويرى الفاعلون الاقتصاديون أن فرض الضريبة على القطاعات التي لا تساهم حاليا في المداخيل الضريبية، بما فيها القطاع الفلاحي، وخاصة الفلاحون الكبار، سيساهم في إصلاح النظام الضريبي الذي يعاني من عدة ثغرات، أهمها أن نسبة الشركات التي تؤدي الضريبة العامة على الدخل لا تتجاوز 2 في المائة في الوقت الذي تتجاوز هذه النسبة لدى المأجورين 80 في المائة. مما يستدعي وضع حد للامتيازات الضريبية بغية الرفع من المداخيل الضريبية والدفع بعجلة تطوير الاقتصاد الوطني.
الاجتماعية يبلغ 22 بالمائة بالنسبة إلى الأجور البالغة5000 درهم، و 18 بالمائة بالنسبة إلى فئة 10 آلاف درهم شهريا. ويبلغ مجموع الضغط الضريبي والاجتماعي ما قدره 22 بالمائة بالنسبة إلى الأجور القريبة من الحد الأدنى للأجر، ليرتفع إلى 44 بالمائة بالنسبة إلى مستويات الدخل المرتفعة. وبذلك فإن النظام الضريبي المتعلق بمداخيل الأجور لا يمكن الإحاطة به بطريقة سليمة إذا لم تؤخذ فيه الاقتطاعات الاجتماعية بعين الاعتبار .
ويبين التحليل الدقيق أن الضغط الضريبي الناتج عن الضريبة على الدخل يبقى معتدلا بالنسبة إلى الأجور التي تقل عن 10آلاف درهم شهريا. وعلى سبيل المثال، فإن أجرا قدره 5000 درهم لا تتجاوز الضريبة الموقعة عليه نسبة 4 بالمائة تقريبا، وهي نسبة قد تنخفض إلى ما دون ذلك، حتى حدود 1 بالمائة، إذا أخذنا في الاعتبار ما يتم إسقاطه من تلك الضريبة، في ارتباط على الخصوص بأداء القروض العقارية. أما الأجور التي تبلغ 10آلاف درهم، فتطبق عليها نسبة 10 بالمائة تقريبا . والحق أن الشعور بارتفاع الضريبة لدى أصحاب هذا المستوى من الأجور يعود إلى المساهمات الاجتماعية أكثر منه إلى الضريبة في حد ذاتها. فضغط الاقتطاعات
وأفاد تقرير المجلس أن العبء الضريبي لا يتوزع بصفة عادلة بين الفاعلين الاقتصاديين؛ فعبء الضريبة على الشركات تتحمله فئة قليلة من المقاولات (حيث تؤدي 1 بالمائة من المقاولات ما قدره 91 بالمائة من مجموع الضريبة على الشركات).
وفي ظل هذه الاختلالات التي يعرفها النظام الضريبي رسم المجلس خارطة طريقة تتضمن مجموعة من الإجراءات من أجل إصلاح النظام الضريبي.
وحسب التقرير الذي أصدره المجلس مؤخرا، فإن العبء الضريبي لا يتوزع بصفة عادلة بين الفاعلين الاقتصاديين، فعبء الضريبة على الشركات تتحمله فئة قليلة من المقاولات حيث تؤدي 2 بالمائة من المقاولات ما قدره 80 في المائة من مجموع الضريبة على الشركات، كما أن الضريبة على الدخل تعتمد بالأساس على المداخيل على شكل أجور في القطاعات المنظمة (73 في المائة من مجموع الضرائب على الدخل مصدره الأجراء).
أكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن غياب الحس المدني الضريبي يبقى حاضرا بقوة في البلاد، إما عن طريق الأنشطة التي تجري جزئيا أو كليا في النطاق غير المهيكل، وإما بسبب التهرب الضريبي الذي تمارسه مقاولات أو خواص لا يصرحون بكل أنشطتهم أو كل مداخيلهم.
رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي
وشدد على ضرورة إيلاء مكانة استراتيجية للجهة في إطار ورش الجهوية المتقدمة، لتتحمل جزءا من التكاليف العمومية، ووضع الإمكانيات الضرورية رهن إشارتها.
كما أشار المسكي إلى أن السياسة الاقتصادية يتعين أن ترتبط بالسياسة الضريبية من أجل فعالية وتجانس أكبر. ودعا عضو الجمعية عمر العسري من جانبه، إلى اعتماد إصلاح مسطري للنظام الضريبي المغربي، من خلال إحداث الآليات والموارد البشرية الضرورية.
من جهته، أبرز رئيس جمعية الدكاترة العاملين بوزارة الاقتصاد والمالية محمد المسكي في مداخلة حول «السياسة الضريبية والسياسة الاقتصادية.. أية علاقة»، أهمية فرض الضريبة على الثروة والقطاع الفلاحي لوضع حد للامتيازات الضريبية قصد الرفع من المداخيل الضريبية وتطوير الاقتصاد الوطني.
وفي السياق ذاته، تطرق الأزمي لمسألة الثقة بين إدارة الضرائب والمواطنين والتي تطرح خلال النزاعات الضريبية، متسائلا عن مستوى الضغط الضريبي المطلوب للحفاظ على تنافسية الاقتصاد الوطني ومساواة النظام الضريبي وعن المستوى الأمثل لمساهمة الضرائب غير المباشرة والمداخيل الضريبية. وأبرز الوزير في هذا الصدد ضرورة مراجعة نظام المنازعات والمراقبة الضريبية في قصد إرساء علاقة جديدة تضع إدارة الضرائب في خدمة دافعي الضرائب.
وأبرز الأزمي إشكالية تمركز المردودية المالية للنظام الضريبي على جزء من المساهمين، موضحا أن 87 بالمائة من الضريبة على الدخل يدفعها المأجورون، وأن 80 بالمائة من الضريبة على الشركات تدفع فقط من قبل 2 بالمائة من الشركات، وهو ما يتطلب تحقيق مساواة ضريبية واستدامة الموارد الضريبية.
من جانبه، أكد الوزير المنتدب المكلف بالميزانية إدريس الأزمي الإدريسي أن «الإصلاح الضريبي يكتسي أهمية خاصة ويتعين أن يرتكز على مقاربة تشاركية واسعة».
ولم يفت الجامعي أن يؤكد على ضرورة إرساء ضريبة على الثروة والإرث بطريقة تكفل مساهمة دافعي هاتين الضريبتين في المداخيل الضريبية وكذا مراجعة مقياس الضرائب المعمول بها حاليا، وخاصة الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل.
وأشار أقصبي إلى أن «الاستثناءات الضريبية التي يستفيد منها القطاع الخاص تشكل خسارة مزدوجة بالنسبة للدولة على مستويي المداخيل الضريبية والمشاركة في النمو الاقتصادي الوطني»، مبرزا أهمية مراجعة حكامة النظام الضريبي الحالي لمواجهة التهرب الضريبي.
وأكد أهمية معيرة نظام التضريب على مداخيل المأجورين ومداخيل رؤوس الأموال، ومن بينها المداخيل العقارية وتلك المتعلقة بالمعاملات بالبورصة، قصد المساهمة بشكل متساو في المداخيل الضريبية.
وأوضح أن الأمر يتعلق بفرض الضريبة على القطاعات التي لا تساهم حاليا في المداخيل الضريبية، بما فيها القطاع الفلاحي، وخاصة الفلاحون الكبار.
وأبرز الاقتصادي نجيب اقصبي في مداخلة له خلال يوم دراسي بمجلس المستشارين الأسبوع الماضي بالرباط ، ضرورة إصلاح النظام الضريبي الذي يوجد في «وضعية حرجة» من خلال توسيع الوعاء الضريبي.
أكد خبراء اقتصاديون مغاربة، أن إصلاح النظام الضريبي الذي يعاني من ثغرات مهمة بات ملحا، وخاصة مع وجود العديد من نسب تضريب وإعفاءات ضريبية متعددة محط تساؤلات حول فعاليتها المالية والاقتصادية والاجتماعية.
خبراء مغاربة: إصلاح النظام الضريبي بات ملحا
وبالنسبة للضريبة على الإرث يرى أقصبي أن إقرارها يعتبر ضروريا حيث ستساهم في بناء ثقافة التضامن والتكافل. كما أن الجانب الاقتصادي في هذه الضريبة لذلك يصل حاضرا في هذه الضريبة : فالمستفيد من الإرث في غياب ضريبة كهاته، لا أحد يرغمه على أن يعمل في حين أن هذه الضريبة تجعله يعمل لتفادي فقدان ثروته. وأضاف أن الضريبة عمل في المؤسسات وتعبر عن مدى مواطنة كل مواطن، فالبرهان على المواطنة الحقة هو تأدية الضريبة وأي إصلاح يجب أن يكون نتاجا لقناعة المواطن بجدوى تأديته للضريبة ليس عبر قوانين وإجراءات فوقية. ومن هنا يعتبر طرح المسألة الضريبية للنقاش العام مسألة ضرورية لتحقيق هذه الغاية.
قال الأستاذ نجيب أقصبي، في لقاء بالمعهد للإحصاء والاقتصاد التطبيقي في موضوع حول «السياسة الضريبية في المغرب وسبل الإصلاح لإقرار نظام ضريبي عادل»، إن إقرار ضرائب أخرى كالضريبة على الثروات الكبرى والضريبة على الإرث يعتبر ضروريا للرفع من موارد الدولة، و يجب أن نعترف أن بلدنا يتميز بفوارق طبقية صارخة لذا يعتبر إقرار ضريبة على الثروة ضرورة ليس على المستوى الاجتماعي وحسب، بل وحتى على المستوى الاقتصادي حيث أن هذه الضريبة ستساهم في تحريك الرأسمال العقيم الذي يمثل نسبة هامة بالمغرب.
الضريبة على الثروة
وقال بركة بأن اقتراحات الإصلاح تأخذ بعين الاعتبار المحيط السوسيواقتصاي من أجل الدفاع عن نظام جبائي أكثر عدالة ويخدم التنمية.
واعتبر الوزير أن هناك إحساس بعدم الثقة من قبل الملزمين تجاه الإدارة الجبائية خصوصا فيما يرتبط بمساطر المراقبة والتصحيح.
واعتبر وزير المالية أن هناك تركيز للموارد الجبائية المتأتية من شريحة محدودة من الملزمين، إذ إن 80 في المائة من مداخيل الضريبة على الشركات تأتي فقط من 2 في المائة من المواطنين، وحوالي ثلاثة أرباع مداخيل الضريبة على الدخل يؤديها الأجراء.
وتأتي هذه المقترحات التي طرحها بركة للنقاش أمام أعضاء لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، بعد مجموعة من الاختلالات التي يعرفها النظام الضريبي، خصوصا أن شريحة واسعة من الاقتصاد خارج نطاق تطبيق النظام الجبائي (القطاع غير المهيكل)، وتعدد الإعفاءات الضريبية مصدر اختلالات في ميدان المنافسة، مضيفا أن الأسعار المتعددة للضريبة على القيمة المضافة وآجال طويلة للاسترداد تسيء إلى مبدأ حياد هذه الضريبة.
أكد نزار بركة وزير الاقتصاد والمالية، الأسبوع الماضي بالرباط، أن الإصلاح المزمع تقديمه خلال المناظرة حول الضرائب قريبا، يتضمن ثلاثة مبادئ رئيسية، ويتعلق الأمر بجباية تشجع تنافسية المقاولات، وجباية عادلة تضمن المنافسة الحرة للمقاولات ومساهمة الكل حسب قدرته، وإدارة جبائية في خدمة علاقة شراكة وثقة بين المواطنين.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً