المبدأ العام السائد فى فقه القانون الدولى الخاص أن الأصل فى ولاية القضاء الوطنى فى الدول هو الاقليمية، أي أن سلطانها يمتد داخل أقليمها، وينبسط على كافة المتمتعين بجنسيتها، وهو مظهر من مظاهر سيادة الدولة، ولذا فليس من المفيد من الناحية العملية أن يخضع مواطنو دولة ما الى محاكم دوله أخرى، بحيث لا تستطيع هذه الدوله الاخيره أن تكفل تنفيذ ما يصدر من محاكمها من أحكام .
إن هناك مبدأين أساسيين يشكلان الجزء الأساسي فى العلاقات الدوليه، وهما مبدأ السياده،ومبدأ عدم التدخل فى الشئون الداخليه للدول.والعلاقه بين الدوله وشعبها هى من الاختصاص الداخلى للدوله طبقا لقرار الجمعيه العامه للأمم المتحده رقم 103 المؤرخ ديسمبر 1981، ومفاده أن حق الدوله السيادى هو حقها فى فى تقرير نظامها السياسى بحريه وممارسة سيادتها على شعبها دون تدخل أو تهديد من الخارج، ومن ثم فان لجوء البعض الى محاكم بعض الدول الأجنبيه ذات الأختصاص الدولى لتحريك الدعوى ضد مصر وقادتها ، فسوف يكون مصير هذه الدعوى وغيرها عدم القبول، وذلك لعدم توافر الشروط القانونيه اللآزمه لانعقاد الاختصاص لتلك المحاكم الاجنبيه بنظر هذه الدعوى،
اذ أنه يشترط لاعمال مبدأ الاختصاص القضائى العالمى، أن يتوافر عدد من الشروط اللازمه لقبول الدعوى، ومن بينها أن تكون هذه الجرائم التى ينظرها هذا القضاء تتسم بالطابع الدولى، مثل الانتهاكات الجسيمه المحدده فى اتفاقيات جنيف الأربعه لعام 1949، والبروتوكول الأضافى الأول الذى ألحق بها فى عام 1977،وجرائم الحرب الأخرى التى أعترف بها النظام الأساسى للمحكمه الجنائيه الدوليه، ويشترط أن تكون الجرائم مصنفه فى اطار الجرائم الماسه بالأمن والاستقرار الدولى، مثل ارتكاب جرم دولى خطير كخطف الطائرات ،او جرائم الاباده الجماعيه ،كالمجازر الجماعيه التى تعرض لها الشعب الأرمينى على يد الاتراك، أو الانتهاكات الاسرائيليه بحق المدنيين الفلسطنين ،وهو ما لا يتوافر فى الدعوى المتعلقه بفض الشرطة المصرية لاعتصام بأحد ميادين العاصمة، وهذا الفض لا يمكن أن يوصف بأى حال من الأحوال بأنه من الجرائم الدولية التى تهدد الأمن والسلم الدوليين، والذى تكرر كثيرا فى عدد من دول العالم المختلفه، مثل فض الشرطه التركيه لاعتصام ميدان تقسيم، وما قامت به الشرطه الامريكيه لمقاومة أعمال الشغب فى ولاية ميزورى الأمريكيه،
يضاف الى ذلك أن القضاء هو أحد مظاهر سيادة الدوله ولا ولاية له ولا نفاذ لأحكامه الا داخل حدود هذه الدوله، فضلا عن أن هناك قاعدة تقضى بأن أى حكم صادر من محكمه أجنبيه مهما بلغت قوته لا قيمة له داخل حدود الدوله المصريه، وأن كافة الدعاوى القضائيه التى تنظر أمام القضاء الأجنبى لا حجية لها فى مصر، وليس لها قيمه الزاميه الا أذا سمحت الدوله المصريه بتطبيقها عملا بمبدأ المعامله بالمثل، وأنه اذا كانت هناك بعض الدول الأوربيه تسمح قوانينها بأن يكون لها اختصاص عالمى، وبالذات فى الدعاوى الخاصه بجرائم ضد الانسانيه، الا انه يشترط لذلك أن يكون مقيم الدعوى أن يكون قد استنفذ جميع السبل والطرق القانونيه داخل مصر، وأخيرا فان ما يلوح به البعض من اقامة دعاوى ضد مصر أمام المحاكم الاوربيه، ما هو الا عبث، وضجيج بلا طحن مقصود به الترويج الاعلامى والدعايه السياسيه، وهم يتخذون من مسألة حقوق الانسان، منفذا للعبث لاوطن وانتهاك سيادته ،وفى الحقيقه أنه لا قيمة لهذه الدعاوى من الناحيه القانونيه.
بقلم: المستشار يوسـف رضـوان
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً