الدعوى الشرعية المستعجلة
الدعوى الشرعية المستعجلة لا تختلف عن الدعوى المستعجلة المدنية في الأساس من حيث الشروط كوقتية التدبير المطلوب اشتراط توافر ركن الاستعجال و عدم المساس بأصل الحق لكن النقاش يقع في التفاصيل خصوصا إذا أخذنا في الاعتبار حساسية و خصوصية الدعوى الشرعية و عليه سنتناول ذلك أو بعضه في النقاط التالية:
1- الدعوى المستعجلة يشترط فيها الشرط العام لجميع الدعاوى و هو وجود المصلحة الشخصية القانونية الحالة المباشرة و كذلك الشروط الاستبعادية الثلاثة و هي – عدم سبق الفصل في الدعوى بحكم بات- عدم حدوث الصلح بشأنها- عدم الاتفاق على التحكيم بصددها .
2- يضاف لما سبق الشروط التي ذكرناها في بداية المقال
3- استلهاما من واقع العمل في المحكمة المدنية المستعجلة فننا نفهم ان مفهوم الاستعجال يفسر تفسيرا موسعا من حيث النطاق و هذا يعني وجود قدر ما من التسامح بصدده و ليس تفسيرا مضيقا
4- الأرجح عدم صحة الاتفاق على جلب الاختصاص للمحكمة المستعجلة حيث ان إجراءات التقاضي هي من النظام العام فالاتفاق على ما يخالفها باطل .
5- المحكمة الشرعية المستعجلة تبت في كل شان يفترض انه متعلق باختصاص المحاكم الشرعية ولكن له صفة الاستعجال سواء تعلق ذلك بنفقة ا واثبات حالة او التحفظ علبى دليل يتعلق بواقعة هبة أو وقفية مثلا أو الاستماع إلى شهود أجانب يوشك أن يسافروا و قد شهدوا على واقعة زواج أو ولادة أو واقعة يحتمل ان تكون محل نزاع أمام القضاء الشرعي.
6- و بالنسبة لنفقة الزوجة فلا تعد الدعوى مستعجلة إذا كان للزوجة مصدر إعاشة كأب ينفق عليها أو عمل تحصل على راتب من وراءه
7- و عمليا يتم التعامل مع نفقة الأولاد كنفقة إلام بمعنى انه إذا كان هناك من ينفق عليهم كالأم أو الجد فلا تحتسب الدعوى مستعجلة و لكن لنا رأي مغاير لذلك فنحن نرى أن وضع نفقة الأولاد يختلف عن وضع نفقة الزوجة لان نفقة الزوجة تستقر في ذمة الزوج فصح أن نعتبرها غير مستعجلة متى كان للزوجة مصدر إنفاق و لكن الأولاد وحيث أن النفقة لا تضمن بالتفويت فنرى أن خوف التفويت يكفي لوحده لاعتبارها شأنا مستعجلا خصوصا مع ما ذهبنا إليه من تفسيرا مفهوم الدعوى المستعجلة مفهوما موسعا .
8- و لكن الحكم بالنفقة للأولاد أو للزوجة متوقف على مسالة أولية و هي خلو الدعوى من نزاع على الزوجية او على البنوة لأنه لو كان هناك منازعة حولها لوجب وقف الدعوى لحين البت في ثبوت الزوجية و البنوة من عدمه .
9- وحين نقول بالخلو من المنازعة لا نعني به الخلو المطلق و إنما أن يكون ظاهر الحال و البادي من أوراق الدعوى أن المدعية زوجة المدعى عليه و الأولاد هم أولاده لكن رفعت الدعوى بدون إرفاق وثيقة الزوجية و بدون شهادات الميلاد و أنكر المدعى عليه الزوجية أو الأبوة و لم يتم التقدم بالواثق او نسخة منها على الأقل امتنع البت في هذه الدعوى حتى يفصل في مسألتي الزوجية و البنوة .
10- و في هذه الحال تطلب المحكمة من المدعية إقامة دعوى إثبات زوجية و دعوى إثبات نسب و تنتظر المحكمة حتى يبت في تلك الدعوى قبل ان تبيت هي في دعوى نفقة الزوجية أو الأولاد . و نقصد بما سبق انه يجب أن يكون منشأ المطالبة بالنفقة ثابتا كالزوجية و البنوة أو هو البادي من ظاهر الأوراق
و متى رفعت الدعوى المستعجلة و كان موضوعها النفقة أو كان موضوعها طلب إجراء تحفظي ووقتي كالحجز على مال هو ميراث أو يدعى انه ميراث وجب ان تحدد المحكمة أجلا للمدعي لكي يقوم برفع دعوى الحق خلاله و إلا يعتبر الحكم المستعجل كأن لم يكن – هذا إذا لم يكن قد رفع دعوى الحق من قبل وذلك لكي لا يتحول الحكم المستعجل و الذي هو وقتي إلى حكم دائم
نموذجا -شاهد الحكم المستعجل الذي لم يتصدى لبحث الاستعجال كما انه لم يحدد موعدا لرفع الدعوى الموضوعية و لم يشترط ,وهو الامر الذي حول الحكم الى دائم على خلاف ما يقتضيه القانون
النقاش حول ركن الاستعجال و إشكالية المساس بحقوق الدفاع
اختلف القضاة حول ركن الاستعجال في الدعوى الشرعية فمنهم من يرى إن ركن الاستعجال معتبر بقوة القانون و بالتالي فأي دعوى نفقة تعتبر قانونا مستعجلة و ليس على القاضي أن يبحث في توافر ركن الاستعجال و نحن نرى أن ذلك غير صحيح حتى و إن أوهمت عبارة النص ذلك حيث اننا اذا اعتبرنا الدعوى مستعجلة و في ذات الوقت تقرر ان يحكم القاضي في الدعوى دون التعمق في الموضوع فان في ذلك اخلال بحقوق و ضمانات الدفاع سيما و ان الاصل عدم الاستعجال و الاصل كذلك ان الدعوى تنظر بصورة طبيعة مع اعطاء الخصوم الوقت و الفرصة الكافية للادلاء بارائهم و تقديم حججهم و مناقشتها امام المحكمة و كذلك فان الواقع العملي يكشف بجلاء ان ان الكثير من الزوجات لسن بحاجة الى النفقة فهن يعملن و يستلمن رواتب بل ان الأصح بل الصحيح ان دعوى النفقة حالها كحال الدعوى العمالية تنظر بصورة الاستعجال بمعنى الموالاة بين الجلسات وحث القاضي على سرعة البت فيها و استثني مما ذكرت نفقة الاولاد في الحاكم الجعفرية فنحن نرى انها مستعجلة على كل حال و ذلك بسبب فوات الحق لانها لا تقضى بينما نفقة الزوجة تستقر في ذمة الزوج .
مقدار النفقة المقضي به مؤقت وهو بمقدار رفع الاستعجال فقط
يحدث الخلل في هذه الجزئية دوما اذ انه اذا فرضنا ان ركن الاستعجال قد توافر في الدعوى فان ذلكط لا يطلق يد القاضي ليقرر النفقة كما يشاء بناء على دخل الزوج بل ان فكرة الاستعجال تلازم الدعوى من بدايتها الى نهايتها و تطارد القاضي في كل قراراته و من ثم فليس له ان يقضي في النفقة الا بالمقدار الذي يرفع حالة الاستعجال و ليس بالمقدار المفترض القضاء به بناء على دخل الزوج و مكانة الزوجة لو كانت الدعوى موضوعية , و هذا ما لا تتم مراعاته للاسف الكبير.
الشيخ عبد الهادي خمدن
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً