الشركة المعفاة “شركات الأوف شور” – Offshore Company
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
الشركة المعفاة او كما هو اللفظ الدارج لها (شركة أوف شور)، تعني لغوياً: عبر البحار أو خارج الشاطئ. وهو لفظ قانوني يستخدم للدلالة على الشركات التي تؤسس في دولة معينة، في حين أنها تمارس أعمالها في دولة أخرى.
وقد عرف قانون الشركات الأردني رقم: (22) لسنة 1997 الشركة المعفاة (الاوف شور)، في المادة (211) منه، على انها: الشركة التي تسجل في المملكة وتزاول أعمالها خارجها.
نظرة في تأسيس الشركة المعفاة:
يعود السبب في نشوء مثل هذا النوع من الشركات ولجوء بعض المستثمرين إليه، وبحيث تسجل الشركة في دولة معينة وضمن قوانيين تلك الدولة في حين تمارس أعمالها خارجها، الى عدة ظروف قانونية أو اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية متعلقة بطبيعة عمل الشركة او اشخاص الشركاء فيها؛ حيث تكتسب الشركة المعفاة في هذه الحالة جنسية الدولة التي سجلت بها في حين يكون لها الاستفادة من مزايا وتشريعات الدولة التي تعمل بها –وفق واقع الحال في دولة الاستثمار-. ولهذا النوع من الشركات الاستفادة من مزايا مزدوجة متعلقة بسهولة تحريك رؤوس الأموال والخروج من اشكاليات الازدواج الضريبي وما الى ذلك من امور.
طبيعة نشاط الشركة المعفاة:
يضع قانون الشركات الأردني قيداً امام هذا النوع من الشركات؛ ماثلاً ذلك بالزامها بممارسة نشاطها خارج المملكة، اضافة الى حظر هذا النوع من الشركات من طرح اسهمه للاكتتاب داخل المملكة. على أن لها أن تجري المفاوضات وأن تقوم بتوقيع العقود والاتفاقيات التجارية داخل المملكة، كما وان لها الحق بأن تتخذ لها مكتباً تمثيلياً داخل المملكة لتلك الغايات فقط، ودون أن يحق لها ممارسة أي من نشاطاتها داخل المملكة.
وفي مقابل الالتزامات المتقدمة الملقاة على الشركة المعفاة، فإن القانون الأردني يمنح هذه الشركة امتيازاً ضريبياً؛ حيث لا تخضع أي من أعمال تلك الشركة في الخارج الى الضريبة المقرة وفقاً للتشريعات الأردنية. وهو ما أكدته محكمة التمييز الأردنية الموقرة بقرارها رقم: (1720/2005) الصادر بتاريخ: 20/11/2005، والذي جاء فيه: “… يستفاد من المادة (7/أ/6) من قانون ضريبة الدخل رقم (57) لسنة 1985 والمعدل بالقانون رقم (25) لسنة 2001 والمادة: (211) من قانون الشركات رقم: (22) لسنة 1997 وتعديلاته، أنه يشترط لاعفاء دخل الشركة المعفاة أن يكون الدخل الذي حققته قد نجم عن مزاولة أعمالها خارج المملكة”.
وبمفهوم المخالفة لما تقدم، فإن اقدام الشركة المعفاة على ممارسة أي من أعمالها داخل المملكة يجعلها خاضعة لأي رسم او ضريبة قد أعفيت منه.
ويجدر الاشارة في هذا الصدد، الى أن هذه الشركة (الشركة المعفاة) لا تشكل فئة مستقلة عن الشركات المحددة بقانون الشركات الأردني؛ حيث تخضع لأحكامه وتتشكل بإحدى أشكال الشركات المنصوص عليه فيها، مع مراعاة ما تقتضيه طبيعتها من احكام خاصة.
الخلط ما بين الشركة المعفاة والشركات الأجنبية:
كما ويجدر الاشارة أيضا، الى أن خلطاً يحصل ما بين هذا النوع من الشركات (الشركة المعفاة) وغيرها من الشركات، كالشركة الأجنبية العاملة والشركة الأجنبية غير العاملة، ولعل ذلك الخلط مرده قلة العمل -بصورة نسبية- بهذه الأوصاف من أشكال الشركات. وإن أهم فارق ما بين الشركة المعفاة والشركة الأجنبية بشقيها (العاملة وغير العاملة) هو أن الشركة المعفاة شركة مكتسبة للجنسية الأردنية ابتداءً وتمارس أعمالها خارج المملكة. في حين أن الشركات الأجنبية هي شركات ذات تسجيل مسبق في دول أخرى وتأتي لتسجل في الأردن.
من جهة أخرى، فإن الشركة الأجنبية غير العاملة تمثل مجرد مكتبٍ اقليمياً لشركةٍ أُم متواجة بالخارج ولا يحق لها ممارسة أي اعمال أو نشاطات داخل المملكة، أما الشركة الأجنبية العاملة فهي شركة ذات طابع مؤقت؛ حيث يتم تسجيلها في المملكة لغايات القيام بمشروع او عطاء مؤقت، وبحيث تنقضي الشخصية المعنوية لهذا النوع من الشركات بانتهاء الهدف الذي اتت من أجله. وعلى النقيض من ذلك فالشركة المعفاة هي شركة مسجلة أساساً في الأردن ويمنع عليها ممارسة أي من نشاطاتها داخل المملكة.
تأسيس الشركة المعفاة في الأردن:
تسجل الشركة المعفاة لدى وزارة الصناعة والتجارة/دائرة مراقبة الشركات في سجل خاص، تدرج فيه كافة البيانات والمعلومات التي يوجب القانون ادراجها. وينظم عملة التسجيل تلك أحكام قانون الشركات و نظام الشركات المعفاة رقم (105) لسنة 2007.
ولغايات المضي في اجراءات التأسيس، فتلزم الشركة بتقديم كفالة مصرفية صادرة عن أحد البنوك الأردنية تجدد تلقائياً؛ وذلك ضماناً لتنفيذ الشركة لالتزاماتها القانونية اتجاه الدولة. كما وتلتزم الشركة بتقديم البيانات المالية السنوية حسب الأصول في نهاية كل سنة مالية مقرة من قبل الهيئة العامة والمصادق عليها من قبل مدقق حسابات قانوني أردني.
ولعل جدلاً قانونياً قد ثار مؤخراً حول هذا النوع من الشركات، وللحقيقة فإن هذا النوع من الشركات يمثل تطبيقاً من تطبيقات قانون الشركات المقرة تشريعياً. وأرى في هذا الشأن بأن هذا النوع من الشركات لا يؤثر على سلامة الاستثمار داخل الأردن أو على مكونات الاقتصاد الوطنية، لا سيما أن الشركة وفق ما أسلفنا تخضع للرقابة الوقائية والرقابة اللاحقة من قبل دائرة مراقبة الشركات. وبذلك فهي كما باقي انواع الشركات الأخرى التي يمكنها ان تقترف المخالفات في أعمالها داخل أو خارج المملكة.
مسائل مرتبطة بالواقع حول الشركات المعفاة:
إن الشركات المعفاة كتطبيق من تطبيقات قانون الشركات ليس بالأمر الجديد أو المستحدث؛ حيث أن هذا النوع من الشركات قد نظم وشرع لأول مرة منذ العام (1989)، وهو تطبيق متعارف ومستقر عليه عالمياً وعربياً.
أما عن سبب اتجاه بعض رجال الأعمال لتأسيس مثل هذا النوع من الشركات، فإن النظريات الباحثة في هذا الشأن عديدة؛ حيث ينظر رجال الاعمال عادة الى مثل هذا النوع من الشركات من عدة نواحٍ ومزايا أهمها:
1- المزايا الضريبية: حيث عادة ما تعرف شركات الاوف شور بشركات الملاذ الآمن من الضرائب؛ فهي من جهة معفاة من الضريبة في بلد تأسيسها، ومن جهة اخرى فإن رجال الأعمال يسعون لمباشرة أعمالهم أو اتمامها في دول ذات نظام ضريبية معتدل. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن هذا النوع من الشركات يقي المستثمر عادة من مسائل الازدواج الضريبي ما بين دولة التسجيل ودولة العمل.
2- السرية: يسعى بعض رجال الاعمال وفق ما اسلفنا ولاعتبارات عديدة لا ترتبط بمرجعية واحدة عادة الى اخفاء استثماراتهم أو اخفاء اسمائهم، وهو الأمر الذي تمنحه لهم هذه الشركات بكل سهولة، تبعاً لبعض التشريعات في دول الاستثمار التي يقصدها مستثمروا هذا النوع من الشركات.
3- الحماية: العديد من التشريعات الاقتصادية في الدول التي يقصدها المستثمرون في مثل هذا النوع من الشركات تضمن للمستثمر تطبيق قانون جنسيه الشركة، وهو ما يعزز حماية الأصول الخاصة به حتى وإن وجدت في بلد الاستثمار.
4- الرقابة: بيّنا فيما تقدم بأن لدائرة مراقبة الشركات دوراً رقابياً ووقائياً على هذا النوع من الشركات؛ ماثلاً ذلك بالزامها بتقديم كفالة بنكية اضافة الى مراقبة أعمالها وميزانياتها وتقاريرها السنوية. وهو الأمر الذي يتطلع له بعض المستثمرون بعين أخرى؛ حيث يلجأ المستثمر الى تسجيل الشركة في دولة تتمتع بمستوى رقابي منخفض نسبياً لينئ بنفسه عن رقابة دولة الاستثمار التي قد تكون شديدة.
5- مصاريف التأسيس والتشغيل: حيث يعمد المستثمر الى تأسيس شركته وتشغيلها في دولة الجنسية (دولة التسجيل)، لانخفاض تلك المصاريف وانخفاض الأجور فيها. في حين تتجه الاعمال برمتها نحو بلد الاستثمار الذي عادة ما يكون فعل تلك الامور به باهض الثمن. وقد بات هذا التطبيق ذائع الصيت بصورة كبيرة في أوساط الأعمال المرتبطة بالاستثمارات التكنولوجية والبرمجية.
وخلاصة ما تقدم، فإن شركات الاوف شور/المعفاة، تمثل احدى تطبيقات قانون الشركات الأردني منذ العام 1989. وهي شركة تؤسس في بلد ما لتمارس أعمالها في بلد آخر لعدة أسباب وعلل. وهي تخضع –وفق التشريع الأردني- لرقابة دائرة مراقبة الشركات بصورة تضمن من الناحية التشريعية امتثال الشركة لالتزاماتها.
وينبغي في هذا الصدد أن نميز ما بين طبيعة قانونية تساهم في استقطاب الاستثمار، وما بين حالة أو حالات متفرقة قد تسيء التعامل مع هذا التطبيق من تطبيقات قانون الشركات.
اترك تعليقاً