معلومات قانونية حول جريمة اختطاف الطائرات المدنية
اختطاف الطائرات المدنية جريمة إرهابية دولية لا يمكن تبرير التخطيط لها أو ارتكابها بسبب القبض على مطلوب للمحكمة الجنائية الدولية
بقلم د. أسامة مصطفى إبراهيم
اعتراف المتحدثة باسم المحكمة الجنائية الدولية فلورنس أولارا بأن المحكمة خططت لإعتقال الوزير أحمد هاورن وإن الخطة كانت تقضي بتحويل مسار الطائرة التي كان يفترض أن يستقلها هارون لدى توجهه إلى السعودية لأداء مناسك الحج العام الماضي ، مشيرة إلى أن دولة لم تسمّها وافقت على استقبال الطائرة.
بداية أوضح أنني لا أدافع عن الوزير أو حكومة السودان ، وإنما أدافع عن حماية الطائرات المدنية بصفتي متخصص في هذا المجال ، فاعتراف المحكمة يشكل جريمة إرهابية ودولية ، فالاختطاف كان سوف يقع على طائرة مدنية ، إذ لا يمكن أن يتصور حضور مسئول حكومي لأداء فريضة الحج بطائرة عسكرية ، وإذا كان ذلك كذلك يكون ما خططت له المحكمة الجنائية الدولية ، جريمة دولية منصوص عليها في الاتفاقيات الدولية وهي جريمة اختطاف طائرة مدنية ، ولا يمكن تبريرها بسبب القبض على شخص مطلوب للعدالة من ضمن ركابها .
فجريمة إختطاف الطائرات المدنية ، تعرف بأن يقوم شخص بمفرده أو بالاشتراك ، وهو على متن الطائرة بالسيطرة عليها أو تغيير مسارها بوجه غير شرعي أو قانوني باستخدام القــوة أو التهديـد بـها، عـلى أن تكون الطــائـرة المـختطفـة أثناء الطيران ، ويمكن تصور أن يتم الاختطاف عن طريق الدول باستخدام الطائرات الحربية لاعتراض الطائرات المدنية . ومن أمثلة مشاركة الدول في الاختطاف إرغام الطائرة التي كانت تقل المناضل الجزائري احمد بن بللا في أكتوبر 1956م على الهبوط في الجزائر من قبل سلاح الجو الفرنسي ،وكذلك إرغام الطائرة البريطانية التي كان من ضمن ركابها بعض زعماء الانقلاب السوداني المتجهين إلى الخرطوم في 22/7/1971م على الهبوط في مطار بنغازي من قبل سلاح الجو الليبي ، وفي عام 1985م اعترضت طائرة حربية أمريكية طائرة مدنية مصرية كان على متنها المتهمون باختطاف الباخرة الإيطالية ( اكيلا لاورو ) حيث قررت السلطات المصرية تسليم المتهمين إلى منظمة التحرير الفلسطينية من اجل محاكمتهم وقد أرغمت على الهبوط في إيطاليا.
وتكمن أهمية الطائـرات المدنية في ازدياد الاعتماد عليها في مجال النقل وتميزها بالسرعة والأمان مقارنة بوسـائل المواصلات الأخرى ، إلا أن هذه الجريمة غدت تشكل خطرا على سـلامة النقل الجـوى وتفقده مميزاته .
ويمكن حصر أهم الأسباب ودوافع ارتكاب جريمة اختطاف الطائرات فيما يلي :
أولاً: الدوافع السياسية :
ظهرت جريمة اختطاف الطائرات لدوافع سياسية بصورة واضحة بعد انتهاء الحرب العالميـة الثانية وبداية الحرب الباردة بين النظامين الشرقي والغربي .
ثانياً : الدوافع الشخصية وتشمل كلاً من :
(1) الحصول على المال عن طريق الابتزاز :
قد يكون الهدف الأساسي من خطف الطائرة الحصول على أموال المسافرين أو المطالبة بفدية من الدولة التي لها علاقة مباشرة بالطائرة المختطفة ، مقابل الإفراج عن ركابها وملاحيها ، وقد ظهر هذا الهدف من الاختطاف منذ عهد قريب مقارنة بأهداف الاختطاف الأخرى ، وأول حادثة قد وقعت في 17/11/1968م عندما قامت عصابة باختطاف طائرة مدنية تابعة للخطوط الفليبينية قبل هبوطها في مطار مانيلا الدولي حيث أرغموا الركاب على دفع ما لديهم من أموال ومجوهرات ، وقد حاول رجال الأمن الموجودون على الطائرة القبض عليهم ولكن محاولتهم باءت بالفشل حيث أصيب أحد أفراد رجال الأمن وقتل راكب أثناء تبادل إطلاق النار ، وقد استطاع الخاطفون إرغام قائدة الطائرة على الهبوط في مكان بعيد عن ارض المطار ، ومن ثم لاذوا بالفرار.
ومن الأمثلة على ذلك أيضا قضية المختطف الأمريكي الذي عرف باسم (كوبر) D.B. Cooper ، وكان قد اختطف طائرة تابعة لشركة (Northwest Orient Airlines ) من طراز بوينج 727 في 25/11/1971م حيث هبط من الطائرة التي اختطفها بمظلة واقيه ومعه فدية مقدارها (200000 ) دولار أمريكي بعد أن احتجز ملاحي الطائرة ومضيفتها بمثابة رهائن ، ولم تستطع السلطات الأمريكية القبض عليه.
(2) الفرار من العدالة بعد ارتكاب الجريمة :
قد تتم عملية الاختطاف من اجل الهروب من المحاكمة عن جريمة اقترفها الخاطف او من تنفيذ حكم صدر ضده في دولته أو الدولة التي يقيم فيها ، ومثال ذلك خطف شخص في 3/1/1969م طائرة يونانية ( Olimpic) واجبرها على تغيير مسارها إلى مطار أو القاهرة وذلك بقصد الفرار من أحكام القضاء اليوناني الذي حكم عليه بالسجن قبل خطف الطائرة وأيضا قام ثلاثة أشخاص يحملون جنسية أمريكية في 17/11/1971م باختطاف طائرة أمريكية واجبروها على التوجه إلى كوبا بقصد الهروب من الشرطة الأمريكية ، حيث كانوا متهمين بقتل أحد رجال الأمن.
(3) الاختلال العقلي :
وقعت حالات لاختطاف طائرات ناتجة عن إصابة الخاطف بخلل عقلي أو أحد الأمراض العصبية ومن الأمثلة على ذلك قام شخص فرنسي يدعى بليون باختطاف طائرة أمريكية في نوفمبر 1970م واجبرها على الهبوط في مطار بيروت ، بحجة الانتصار للقضية الفلسطينية ، وقد ادخل مستشفي الأمراض العقلية بعد أن اتضح انه كان يعانى من خلل عقلي .
وفي 11/7/1972م قامت امرأة باختطاف طائرة إيطالية كانت في طريقها من روما إلى ميلانو وقد غيرت مسارها إلى ميونيخ ثم استسلمت بعد هبوط الطائرة واتضح إنها مصابة بمرض عقلي ، وفي ديسمبر 1973م قام شاب سويسري مصاب بخلل عقلي بالسيطرة على طائرة سويسرية قبل هبوطها في مطار جنيف.
(4) الأسباب الاقتصادية والقيود على الهجرة في بعض الدول :
قد يلجأ بعض الأشخاص للهروب من بلده عن طريق اختطاف الطائرات بسبب الظروف الاقتصادية أو الهروب من الخدمة العسكرية أو لتجاوز القيود التي تفرضها بعض القوانين، و من تلك القوانين المرسوم الذي صدر عن مجلس الوزراء السوفيتي في 3 مارس 1972م والذي فرض غرامات مالية على هجرة من تلقى تدريبا تقنيا أو مهنيا عاليا في المؤسسات السوفيتية ، ولتجاوز قيود هذا القانون كانت هناك محاولة فاشلة قام بها بعض اليهود في الاتحاد السوفيتي في سنة1970 م بقصد الهروب إلى السويد.
ثالثا: القبض على مشتبه به لمثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية
قد أضافت المحكمة الجنائية الدولية سبباً آخراً لأسباب المعروفة في السابق هو الاختطاف من أجل القبض على مشتبه به للمثول أمامها. وهو يعتبر إجراءاً خطيراً ،و يساعد على العدوان الدولي وعدم تحقيق السلم والأمن الدوليين ، فإذا افترضنا جدلاً نجحت عملية الاختطاف ، سوف تهبط الطائرة المختطفة في أحدى الدول ، والطائرات الحربية التي سوف تساعدهم في هذه العملية أيضا سوف تكون تابعة لدولة ما، وهذه يؤدي على عداء بين الدول ودولة السودان.
تم تجريم جريمة اختطاف الطائرات المدنية لأنها تنطوي على مخاطر و أضرار عديدة وقد أخذت في التصاعد بسبب اتساع مجال النقل الجوى وتتمثل هذه المخاطر بصفة عامة في تهديد سلامة المواصلات الجوية بما تسببه من تأخير لحركة انتقال الأشخاص وتبادل السلع والخدمات ، كما أنها تؤدى إلى تعريض سلامة المسافرين وطاقم الطائرة لأخطار جسيمة ، وقد تبلغ درجة تحقق كوارث في بعض الحالات ويمكن حصر أهم الأخطار والأضرار فيما يلي:
أولاً: الأضرار الإنسانية :
قد تعرض جريمة الاختطاف الطائرات أرواحا بشرية برئيه للموت ، وبذلك نجدها تمس أهم حقوق الإنسان ألا وهو حق الحياة ، والذي تنص عليه الديانات السماؤية والدساتير والقوانين الوطنية والمواثيق الدولية والتي تلزم الدول بحماية تلك الحقوق وهذا الالتزام يتكامل مع الاتفاقيات الدولية المتعلقة باختطاف الطائرات المدنية التي تلزم الدول الأطراف بتسليم الخاطف أو محاكمته ، وبتطور القانون الدولي أخيرا بتأسيس المحكمة الجنائية الدولية اصبح بالامكان ملاحقة الأفراد الذين يقومون بأفعال إرهابية بصفتهم أفرادا ، قد أدت بعض حوادث اختطاف الطائرات إلى وقوع كوارث نتج عنها عدد من الضحايا ، من الأمثلة على ذلك انه في 17 يناير 1973م قام ثلاثة أشخاص باختطاف طائرة أمريكية تابعة لشركة ( بان أمريكان) من طراز بوينج (707) وكنتيجة لفعل الاختطاف تم تفجيرها مما أدى إلى مقتل ثلاثين شخصا وجرح أربعين من الركاب وفي 27/11/1996م أدى اختطاف الطائرة الأثيوبية الى التسبب في تحطمها شمال جزر القمر و أسفر هذا الحادث عن وفاة 217 راكبا.
وفي أبريل 1970م قام أحد الأشخاص باختطاف طائرة بولندية ، و أثناء عملية الاختطاف سقطت القنبلة التي كان يستخدمها في التهديد بصورة غير مقصودة وأدت إلى إصابة عشرة ركاب.
وفي 11/ سبتمبر 2001 أدى اختطاف أربع طائرات أمريكية بواسطة تنظيم القاعدة إلى وفاة حوالي ثلاثة الاف شخص. وكما تنتهك هذه الجريمة حرية الشخص بسبب الاحتجاز غير المشروع والذي يتمثل في احتجاز الركاب كرهائن والمساومة بهم في قضية أو مطلب معين .
ثانياً: الأضرار المادية :
تتمثل الأضرار المادية فيما يصيب الطائرة من تلف وفى تكاليف الوقود ونفقات نقل الركاب بعد انتهاء عملية الاختطاف ، أن ثمن الطائرة باهظ يتجاوز ملايين الدولارات وتحطيم طائرة أو تعرضيها لأضرار جسيمة بسبب اختطافها يعنى ضياع تلك الأموال وقد أسفرت عدد من جرائم اختطاف الطائرات عن التسبب في تحطيم عدد غير قليل من تلك الطائرات .
ثالثاً: تهديد السلم والأمن :
أن الجرائم الإرهابية بصفة عامة قد اتخذت في السنوات الأخيرة أشكالا ذات أثار ضارة على العلاقات الدولية و أصبحت تهدد السلامة والأمن ويتصور حدوث هذا إذا ما قامت شبهات تجاه دولة ما بأنها قامت بإيواء الخاطفين أو تدريبهم أو تحريضهم ، فان العلاقة بينها وبين الدولة صاحبة الطائرة تتأثر سلبا ، وربما امتدت إلى المقاطعة ويمكن القول أن جريمة اختطاف الطائرات المدنية لها الأثر الوخيم على العلاقات الثنائية ، وقد تزيد من التوترات وفقدان الثقة إذا اتضح إن لدولة ما دور في عملية الاختطاف أو إنها لم تقم بمسؤولياتها في حماية الطائرة الجاثمة على ارض مطارها أو انها لم تقم بالإجراءات المعقولة بشأن الركاب والخاطفين. وعلى سبيل المثال من الحوادث التي أدت إلى توتر في العلاقات الثنائية بل أدت إلى انتهاك لسيادة دولة الهبوط ، حادث اختطاف طائرة ايرفرانس رقم (139) في 24/6/1976م ، أثناء رحلتها من تل أبيب إلى باريس من قبل ثلاثة أشخاص تابعيين للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، وتم توجيه الطائرة إلى مطار عنتبى وقد طالب الخاطفون بإطلاق سراح ثلاثة وخمسين من زملائهم المعتقلين في كل من إسرائيل وفرنسا وألمانيا ونتيجة لذلك قامت ثلاث طائرات حربية إسرائيلية بهبوط مفاجئ في مطار عنتبى دون إذن مسبق من الحكومة الأوغندية التى اعتبرت هذا السلوك انتهاكاً لسيادتها الإقليمية ، و أسفر هذا التدخل عن قتل عشرين جنديا أوغنديا مع جميع الخاطفين وجرح عدد غير محدد من الأشخاص ، وتحطم عشر طائرات أوغندية.
كما نتج عن اختطاف الطائرات الأمريكية بواسطة تنظيم القاعدة فى الولايات المتحدة فى 11/ سبتمبر 2001 إلى تدخل عسكري في أفغانستان لرفض تسليمها زعيم تنظيم القاعدة وجماعته.
ومن أجل حماية الطائرات المدنية قد كانت هنالك جهود الإقليمية والدولية تتمثل في :
1/ الاتفاقية الأوروبية الخاصة بقمع الإرهاب :
أبرمت هذه الاتفاقية في 27 يناير 1977م ونصت على اعتبار الإهاب الدولي انه جريمة جنائية ويتضمن الأفعال الآتية:
أ. خطف الطائرات وتدميرها
ب. الأعمال الموجهة ضد الأشخاص ذوى الحماية الخاصة والدبلوماسية.
ج. الجرائم التي تتضمن اختطاف واخذ الرهائن.
د. الجرائم التي تتضمن استخدام القنابل والخطابات والطرود التي تحتوى على المتفجرات.
ه. الشروع أو الاشتراك في أي من الجرائم السابقة.
ونجد أن هذه الاتفاقية قد جعلت جريمة اختطاف الطائرات المدنية جريمة جنائية ومن أفعال الإرهاب الدولي التي يتوجب على الدول الأطراف مكافحتها ومعاقبة مرتكبيها أو تسليمهم.
2/ الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب :
تعبر هذه الاتفاقية أخر الجهود العربية لمكافحة الجريمة ، وتم التوقيع عليها في 22/أبريل 1998م بالقاهرة ، وقد عرفت هذه الاتفاقية الإرهاب بأنه ( كل فعل من أفعال العنف أو التهديد به أيا كانت بواعثه أو أغراضه يهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم إلى الخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو تعريض أحد الموارد الوطنية للخطر ).
ونصت المادة(1/3) من هذه الاتفاقية على تعريف الجريمة الإرهابية بأنها أية جريمة أو الشروع فيها ترتكب تنفيذا لغرض إرهابي في أي من الدول المتعاقدة أو على رعاياها أو ممتلكاتها أو مصالحها ، يعاقب عليها قانونها الداخلي، ونلاحظ هنا اتساع نطاق الجريمة الإرهابية لشموله الأفعال التي تقررها الدول الأطراف في قوانينها الداخلية ، فالتقدير هنا متروك للدول،مع إلى ذلك فقد حددت بعض الجرائم الإرهابية التي هي محل اتفاق وتشمل :
(1) اتفاقية طوكيو الخاصة بالجرائم والأفعال التي ترتكب على متن الطائرات والموقعة بتاريخ 14/9/1963م.
(2) اتفاقية لاهاي بشأن مكافحة الاستيلاء غير المشروع على الطائرات والموقعة بتاريخ 16/12/1970م.
(3) اتفاقية مونتريال الخاصة بقمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة الطيران المدني لسنة 1971م، والبرتوكول الملحق بها والموقع في مونتريال 10/5/1984م.
(4) اتفاقية نيويورك الخاصة بقمع ومعاقبة الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص المشمولين بالحماية الدولية بمن فيهم الممثلون الدبلوماسيون والموقعة في 14/12/1973م.
(5) اتفاقية اختطاف واحتجاز الرهائن والموقعة في 27/12/1979م.
(6) اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة 1982م ، وما يتعلق منها بالقرصنة البحرية .
ونلاحظ أن هذه الجرائم تعتبر في رأي غالبية فقهاء القانون من جرائم الإرهاب ولذا كانت محل اتفاق بين الدول الأطراف .
كما أصدرت الجمعية العامة قرارات خاصة جريمة اختطاف الطائرات محل الدراسة ، وتمت مناقشة هذه الجريمة تحت عنوان ( تغيير مسار الطائرات المدنية بالقوة أثناء طيرانها) حيث صدر القرار رقم (2551 ) في 12 ديسمبر 1969م ، وتضمن مناشدة الدول لتتخذ كل الإجراءات المناسبة للتأكد من إن تشريعاتها الوطنية توفر نظاما ملائما لإجراءات قانونية فعالة ، كما حث هذا القرار الدول على أن تكفل محاكمة جميع الذين يرتكبون أفعال من شانها أن تعرض سلامة الطائرات و الأشخاص للخطر وكذلك اختطاف الطائرات ، كما طالب أيضا بضرورة التعاون التام بدعم جهود المنظمة الدولية للطيران المدني ، مناشدة الدول بالانضمام إلى اتفاقية طوكيو لسنة 1963م .
بالإضافة إلى هذه القرارات التي تتناول ظاهرة الإرهاب بصفة عامة أصدرت الجمعية العامة قرارات خاصة جريمة اختطاف الطائرات محل الدراسة ، وتمت مناقشة هذه الجريمة تحت عنوان ( تغيير مسار الطائرات المدنية بالقوة أثناء طيرانها) حيث صدر القرار رقم (2551 ) في 12 ديسمبر 1969م ، وتضمن مناشدة الدول لتتخذ كل الإجراءات المناسبة للتأكد من إن تشريعاتها الوطنية توفر نظاما ملائما لإجراءات قانونية فعالة ، كما حث هذا القرار الدول على أن تكفل محاكمة جميع الذين يرتكبون أفعال من شانها أن تعرض سلامة الطائرات و الأشخاص للخطر وكذلك اختطاف الطائرات ، كما طالب أيضا بضرورة التعاون التام بدعم جهود المنظمة الدولية للطيران المدني ، مناشدة الدول بالانضمام إلى اتفاقية طوكيو لسنة 1963م .
كما صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن اختطاف الطائرات أو التدخل في النقل الجوى المدني القرار رقم 2645 في 30 نوفمبر 1970 م وتضمن إدانة الجمعية العامة دون أي استثناء كائنا ما كان جميع أعمال اختطاف الطائرات وتطلب من الدول أن تتخذ جميع التدابير المناسبة لردع تلك الأعمال أو منعها أو قمعها ضمن اختصاصها وتأمين ملاحقة مرتكبيها ومعاقبتهم على نحو يتناسب وخطورة تلك الجرائم ، دون الإخلال بما للدول من حقوق وما عليها من التزامات بمقتضي الوثائق الدولية النافذة المتعلقة بالموضوع.
وكما شجب القرار الاستيلاء غير المشروع على الطائرات لغرض احتجاز الرهائن. وحث القرار الدول التي يتم تحويل الطائرة المختطفة إلى إقليمها أن تؤمن رعاية وأمن ركابها وملاحيها ، وأن تمكنهم من مواصلة رحلتهم بأسرع ما يمكن عمليا ، وان تعيد الطائرات وحمولتها إلى الأشخاص الذين لهم حق الملكية الشرعية فيها . ويدعو القرار الدول إلى التصديق على اتفاقية طوكيو لسنة 1963م أو الانضمام إليها ، كما حث على وجوب التعاون التام للجهود الدولية التي تبذلها المنظمة الدولية للطيران المدني في سبيل وضع التدابير الفعالة لمقاومة التدخل غير المشروع في النقل الجوى المدني ، ثم توالت القرارات الصادرة من الجمعية العامة تحت مصطلح الإرهاب الدولي ، إلا أن هذه القرارات تخلو من أي صفة ملزمة أو قيمة قانونية ، لان الجمعية العامة لا تتمتع بصلاحية إصدار تشريعات ، وإنما تصدر توصيات في شأن المبادئ العامة في حفظ السلم والأمن الدوليين ، ونري انه برغم من عدم قيمتها القانونية إلا إن تكرارها في موضوع معين مثل مسألة الإرهاب الدولي الذي يضمن جريمة اختطاف الطائرات المدنية من شأنها أن تخلق قاعدة عرفية دولية ، بالإضافة إلى ذلك فان كل دولة عضو في المنظمة الدولية مطالبة بأنه تفحص بحسن نية التوصيات الصادرة عن أجهزتها باعتبارها تمثل رأى الأغلبية ، ونرى إن إعطاء تكييف قانوني واحد للتوصيات الصادرة من الجمعية العامة للأمم المتحدة لا يمكن إقراره بصفة مطلقة ، فهي ما زالت موضوع جدل بين فقهاء القانون الدولي .
نتيجة لتزايد ظاهرة اختطاف الطائرات المدنية اتخذ مجلس الأمن الدولي في 9 سبتمبر 1970م قرارات
بشأن اختطاف الطائرات و أي تدخل آخر في النقل الدولي وقد تضمن القرار قلق مجلس الأمن البالغ من تهديد حياة المدنيين نتيجة لاختطاف الطائرات ، كما ناشد جميع الدول الأطراف المعنية إن تطلق على الفور سراح الركاب وملاحي الطائرة المختطفة دون استثناء ، وطلب إلى الدول أيضا أن تتخذ جميع التدابير قانونية الممكنة لمنع وقوع حوادث اختطاف أخرى للطائرات.
ثم اتخذ مجلس الأمن بالإجماع في 20 يونيو 1972م قراراً جاء فيه ( يساور أعضاء المجلس عميق القلق إزاء تهديد حياة الركاب والملاحين نتيجة لاختطاف الطائرات المدنية أو غير ذلك من أعمال التدخل غير المشروع في الملاحة الجوية المدنية ، وان أعضاء مجلس الأمن يشجبون ويرون ضرورة إنهاء الأعمال الموجهة ضد سلامة الطيران المدني والتي ترتكب في مختلف أنحاء العالم ) كما ناشد القرار الدول أن تتخذ التدابير المناسبة ضمن اختصاصها لردع الأعمال الموجهة ضد الطائرات المدنية ومنعها وان تتخذ إجراءات فعالة إزاء الذين يرتكبون مثل هذه الأفعال .
ودعا المجلس في ختام القرار جميع الدول إلى أن توسيع وتقوية الجهود والتدابير الدولية القانونية في هذا المجال وفقا لالتزامات ميثاق الأمم المتحدة وذلك لضمان الحد الأعلى الممكن لسلامة الطيران المدني الدولي والثقة به.
كما أصدر مجلس الأمن بتاريخ 21 يناير 1992م القرار رقم 731 بمناسبة تدمير طائرة بان أمريكان رحلة رقم (103) وطائرة النقل الجوي الفرنسى رحلة رقم (772) واللذان تسببا فى إزهاق أرواح المئات ، الذي عبر فيه عن القلق العميق من تصاعد أفعال الإرهاب الدولي فى العالم كما عبر عن قلقه الشديد من جراء الأعمال الغير قانونية التي ترتكب ضد الطيران المدني.
ونجد أن قرارات مجلس الأمن التي تصدر في شكل توصيات في مسألة معينة ينطبق عليها ما ذكرناه بشأن القرارات الصادرة من الجمعية العامة للأمم المتحدة من حيث قوة الزاميتها و أثرها القانوني . وأما قرارات المجلس التي تصدر في شكل عقوبات دولية وفقا المادتين (41 ,42 ) من ميثاق الأمم المتحدة فهي ملزمة ومثال ذلك فقد اصدر مجلس الأمن القرار رقم (748) والقاضي جزاءات دبلوماسية واقتصادية وجوية ضد
دولة ليبيا في مارس 1992م ، لعدم تسليمها المتهمين بتفجير الطائرة المدنية التابعة لشركة بان أمريكان والمعروفة بقضية لوكيربى ، وتعتبر جريمة تدمير الطائرات المدنية من الجرائم الموجهة ضد سلامة الطيران المدني والمنصوص عليها في الاتفاقيات ذات الصلة بجريمة الاختطاف ، الأمر الذي قد يؤدى إلى أن يتخذ مجلس الأمن مستقبلا قرارات مشابهة بشأن مختطفي الطائرات المدنية.
نخلص مما تقدم أن جريمة اختطاف الطائرات المدنية جريمة إرهابية دولية لا يجوز تبريرها مطلقا وهنالك واجب على الدول والمنظمات الدولية ، لمنع هذه الجريمة.
والمشكلة تكمن في أن نظام المحكمة الجنائية الدولية ، يقوم على مبدأ التعاون الدولي في التسليم ولا يمكننا تصور إلزام دولة بالقوة الجبرية ،حيث لا تمتلك المحكمة الجنائية الدولية شرطة لتنفيذ أوامر القبض ولا سجون . وهنا يجب على المحكمة لكي تنفيذ قراراتها تعديل نظامها الأساسي بالنص على آلية لذلك بدلاً من ارتكاب جرائم يفترض أن تحاكم أمامها .
اترك تعليقاً