معلومات قانونية عن تعويض المشتري عن فقدان الأصل التجاري في التشريع المغربي
م يعرف المشرع التاجر ولكنه حدد مجموعة من الاعمال في المواد 6 إلى 11 من مدونة التجارة، ونص على ان ممارسة تلك الاعمال بصفة اعتيادية أو احترافية بالنسبة للبعض منها، أو بصفة عرضية بالنسبة للبعض الاخر، يضفي على الشخص صفة التاجر.
وهذه الاعمال التجارية منها ما يمارس في بناية ومنها ما لا يحتاج إلى محل، ونذكر على سبيل المثال توقيع كمبيالة أو ممارسة العمل التجاري بطريقة التجول Marhands Ambulants.
وممارسة التجارة في بناية لا تخلو من امرين، إما ان يكون التاجر هو المالك، وهنا لا يطرح أي اشكال واما ان يكون غير مالك، حيث يعمد في اغلب الاحيان إلى كراء محل يمارس فيه تجارته،
ولما كانت الضرورة تقتضي ممارسة التجارة في بناية، فانه وجب ان يضمن للتاجر والاستقرار الكامل حتى يتمكن من خلق الرواج الذي يمكنه من استرجاع ما استثمره في تجارته ثم تحقيق الربح، وهكذا نجد المشرع الفرنسي ينص على ان عقود كراء المحلات التجارية يجب ان تبرم على الاقل لمدة لا تقل عن 9 سنوات، بحيث لا يمكن مطالبة التاجر بالافراغ قبل مرور هذه المدة كحد ادنى.
والتشريع المغربي وان لم يتضمن مثل هذه المقتضيات، فانه وفر للتاجر حماية الاستقرار في المحل الذي يكتريه، هذه الحماية التي تضمنها ظهير 24 ماي 1955 والتي تظل من وجهة نظرنا حماية ناقصة
غير انه حماية التاجر في البقاء في المحل لا تتوفر الا على بعد استقراره في المحل لمدة معينة، وهذه المدة حددها الفصل 5 من ظهير 24/5/1955 في سنتين إذا كانت العقدة كتابية وفي 4 سنوات كانت العقدة شفوية.
ونتساءل عن أساس هذه المدة.
يعتبر جل المهتمين بالكراء التجاري، ان هذه المدة تكون ضرورية لاكتساب الحق التجاري، ومنهم من ذهب إلى القول ان خلال هذه المدة يكون الأصل التجاري في طور التكوين، وان الحماية لا تكون الا لمن يتوفر على اصل تجاري.
وهكذا كتب الدكتور محمد الكشبور في كتابه الكراء المدني والكراء التجاري (مطبعة النجاح الجديدة 1997 ص161) ان المكتري الذي تحققت فيه الشروط التي يضعها الفصل الخامس من ظهير24/5/1995 يمكن ان يصبح صاحب اصل تجاري”
وقد كتب كذلك في الصفحة75 وهو بصدد الحديث عن المحلات التجارية، ان الشخص قد يمارس الاعمال التجارية ويتخذها حرفة معتادة له، دون ان يكون له أصلا تجاريا ولكنه في مرحلة التكوين، أي لم تكتمل بعد كل عناصره.
حقا يمكن ان يمارس الشخص اعمالا تجارية دون ان يكون له اصلا تجاريا، كالموقع باستمرار على كل الكمبيالة.
لكن حديث الأستاذ محمد الكشبور جاء في سياق الحديث عن التاجر الذي يعتمر محلا تجاريا، حيث يفهم من كلامه ان الأصل التجاري لا يتكون الا خلال مدة من الزمن، لقد قال ” اصل في مرحلة التكوين ” وقال “اصل لم تكتمل بعد كل عناصره” وفي هذا اشارة ضمنية إلى المدة المنصوص عليها في الفصل 5 من ظهير 24/5/1995.
وبالنسبة للاستاذ احمد عاصم فقد كتب ” ان المدة تعتبر شرطا بالنسبة للمكتري الذي ينشئ لأول مرة اصله التجاري في المحل المكري لان انشاء الأصل التجاري يقتضي وجود زبناء والتاجر لا يستطيع ان يجمع حوله الزبناء الا إذا مارس نشاطه التجاري بصورة منتظمة وخلال مدة محددة ( اشارة ضمنية إلى مدة سنتين أو أربع سنوات).
وهذا الاتجاه يعتبر ان الحق في الكراء يعتبر من العناصر المهمة التي يتكون منها الأصل التجاري، وهو نفس اتجاه المجلس الأعلى حيث جاء في القرار عدد 1166 الصادر بتاريخ 15/6/1983، منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 41 ص88 ما يلي ” حق الايجار من أهم العناصر المكونة للاصل التجاري”.
ولا نتفق مع هذا الاتجاه، ذلك ان وجود الأصل التجاري لا علاقة له بحق الكراء والذي لا يعتبر عنصرا من عناصره، فالعناصر الضرورة لانشاء اصل تجاري هي ممارسة احد الاعمال التجارية وتوفر الزبناء، وهكذا فالاصل التجاري ينشا بالاعتياد في ممارسة العمل التجاري طبقا للمواد 6 إلى 11 من مدونة التجارة، وهذا الاعتياد يتوفر بالتكرار لا بمرور الوقت، كما ان الزبناء قد يتوفرون منذ اليوم الأول.
وفي هذا الصدد كتب الاستاذان ريبرو وروبلو : ” يعتبر البعض ان الزبناء يشكلون عنصرا من عناصر الأصل التجاري، والخطأ يبدو لنا أكيدا “
” الأصل التجاري ليس شيئا اخر سوى الحق في الزبناء، واذا لم يكن هناك زبناء فلا وجود لاصل تجاري” Traité de Droit Commercial – LGDJ 1986 P 404.
ويكفي ان نعطي مثالا واحد لنبين ان الحق في الكراء ليس عنصرا اساسيا يتوقف عليه انشاء الأصل التجاري فالتاجر الذي مارس20 سنة اعمالا تجاريا وله زبناء وبعد ممارسة طويلة في محل معين، انتقل منه بعد ان اكترى محلا اخرا، فمن الاكيد ان هذا التاجر ليست له حماية ظهير 24/5/1955 خلال سنتين أو 4 سنوات حسبما إذا كانت عقدة الكراء كتابية أو شفوية، ولا يمكن ان نقول مع ذلك ان ليس له اصلا تجاريا، بل له اصلا تجاريا متوفرا على كل الحقوق حيث يمكنه رهنه وبيعه، باستثناء الحق في تجديد العقدة، وبالطبع فان الدائن المرتهن أو المشتري لا يمكن ان تكون له حقوقا اكثر من تلك التي يتوفر عليها البائع، ويمكن للمشتري إذا لم يحصل على رضا مالك، العقار ان ينتقل باصله إلى مكان اخر.
إذا لماذا اشترط ظهير24/5/1955 مدة سنتين أو 4 سنوات لاكتساب الحق في الكراء ( وليس الحق التجاري)؟ الواقع انه فترة تأمل بالنسبة للمكري حيث ان عقاره سينتقل من وضعية لا يتحمل فيها اي التزام إلى وضعية خطيرة يصبح فيها فاقدا لملكه، وملزما باداء تعويضات باهضة ان هو أراد استرجاعه.
وهذه المدة جعلها المشرع من النظام العام ربما لدرجة الوعي عند المالكين سنة 1955، ذلك ان قانون كراء المحلات التجارية الفرنسي لم يجعلها من النظام العام ونص على ان القانون يطبق منذ ابرام عقدة الكراء لكن للاطراف ان يتفقوا على عدم تطبيق تلك المقتضيات خلال السنتين الأوليتين من ابرام العقدة وذلك حتى لا يؤخذ المالك على بغتة، ويطبق عليه نظام قد يضر به.
وهكذا فمرور سنتين أو اربع سنوات لا يقصد منها اكتساب الشخص التجاري أي الأصل التجاري وانما هي مدة تسمح بقبول الطرفين الخضوع إلى نظام خاص في علاقتهما الكرائية.
ويقول الأستاذ الكشبور عن التفرقة بين مدة سنتين و4 سنوات انها جائزة ولا مبرر لها في مجال القانون التجاري، ونرى ان المشرع اعتبر انه التوقيع عن العقدة الكتابية لا يصدر الا عن شخص اكثر وعيا من ذلك الذي يكري محله شفويا، حيث يستحق هذا الشخص مدة اطول حتى يمكن ان تطبق في حقه مقتضيات ظهير 24/5/1955.
وعندما يكتسب المكتري الحق في الكراء فلا يمكن للمكري افراغه الا بمنحه تعويضا يختلف باختلاف الحالات التي نص عليها ظهير 24/5/1955.
فما هي الحالات التي يمكن فيها للمكري رفض تجديد العقد وما هو اثار هذا الرفض ؟
هذه الحالات تضمنتها الفصول من 10 الى21 من ظهير24/5/1955.
أولا : الافراغ مع منح التعويض الكامل
ينص الفصل10 من ظهير 24/5/1955 على ما يلي :
” يحق للمكري رفض تجديد العقدة الا انه إذا استعمل هذا الحق فيكون عليه ان يؤدي للمكتري المطلوب منه الافراغ تعويضا عن هذا الافراغ يعاد ما لحقه من الضرر الناجم عن عدم تجديد العقدة وذلك باستثناء ما قرره الفصل 11 وما يليه من الفصول.
ويلزم المحكمة وقت تحديد قدر التعويض ان تعتبر ما سيحصل للمكتري من الخسائر وما سيفقده من الارباح بسب اضاعة حقوقه.
ويكون قدر التعويض مساويا على الاقل لقيمة الاسم التجاري اللهم إذا اثبت المكري ان الضرر اخف من القيمة المذكورة”
الواقع ان الفصل 10 يهدف قبل كل شيء إلى ضمان استقرار المكتري، ذلك ان المكري قد يخشى اداء مبالغ مهمة ان هوأراد استرجاع محله، وبالتالي يعادل عن رفض تجديد العقدة ويبقى التاجر بالمحل.
ان طبيعة المبالغ التي تقابل الافراغ، ان كانت تشكل تعويضا للمكتري فهي بمثابة غرامة تهديدية” بالنسبة للمكري.
والتعويض يجب ان يشمل عنصر الزبناء الذي يكون الأصل التجاري وباقي العناصر الاخرى، لا اقول التي يتكون منها الأصل، بل التي تثمنه وترفع من قيمته، وهي عناصر مادية كالتجهيزات التي لا يمكن نقلها، وعناصر معنوية كالحق في الكراء.
انه من الصعب جدا تحديد تعويض عادل في اطار الفصل10، فقد لا يحصل للمكتري الا ضررا يسيرا يخص مصاريف التنقل والاستقرار في المحل الجديد، ومثال ذلك التاجر الذي يستقر جوار المحل الذي افرغه سيما إذا كان المحل يتوفر على نفس المواصفات، ( المساحة مثلا) والبنك الذي يغادر شارع محمد للخامس ليستقر بشارع علال بن عبد الله بالرباط لا يفقد زبناءه ولا يستحق أي تعويض عن ذلك،
وفي المقابل فان التاجر الذي يغادر حي اليوسفية بالرباط ليستقر بحي العكاري فانه يصاب بضرر كبير الخ …
وهكذا فان الضرر الحاصل للمكتري لا يمكن معرفته في بعض الاحيان الا بعد استقرار التاجر،
الذي تم افراغه في محله الجديد، إذا كان الفصل 10 ياخذ بعين الاعتبار حتى التعويض عن الضرر المستقبلي فانه يصعب على القضاء تقدير هذا الضرر بصفة عادلة، كما يصعب على المكري اثبات ان الضرر اقل من قيمة الأصل التجاري، ولهذا نطرح التساؤل التالي : هل يسمح للمكري بمراجعة التعويض على ضوء وضعية المكتري بعد الافراغ ؟ ان ظهير
24/5/1955 لا يتضمن أي مقتضيات تسمح بمراجعة التعويض غير انه يمكن ذلك اعتمادا على نظرية الاثراء بدون سبب.
ثانيا : الإفراغ دون منح أي تعويض
ينص الفصل11 من ظهير24/5/1955 على ما يلي:
” للمكري ان يرفض تجديد العقدة دون الزامه باداء أي تعويض وذلك في
أولا : ان أتى بحجة تشهد ضد المكتري المطلوب بالافراغ بان هناك سببا خطيرا ومشروعا
ثانيا : ان اثبت وجوب هدم الملك كلا أو بعضا لان السلطة الادارية اعلنت انه وخم ومخالف للمبادئ الصحية أو اثبت ان في شغل الملك خطرا بسب انعدام الامن فيه.
واذا قام رب الملك أو وارثه باعادة بناء جميع الملك أو بعضه أو قام بترميمه فللمكتري حق الاسبقية في كرائه طبقا للشروط المنصوص عليها في الفصلين 13 و14 الاتيين بعده”
ينص هذا الفصل على 3 حالات للافراغ :
الحالة الأولى : وجود سبب خطير ومشروع : وهذا السبب يمكن ان يكمن مثلا في عدم اداء الوجيبة الكرائية أو عدم الاعتناء بالمحل بشكل يضر به أو استعمال المحل في غير ما اعد له،
أولا : عدم أداء الوجيبة الكرائية
فبخصوص هذا السبب فاننا نرى انه يتعين ارسال انذارين للمكري الأول في اطار القواعد العامة من اجل جعله في حالة مطل والثاني في اطار ظهير24/5/1955 يرمي إلى رفض تجديد العقد،
ان القول بارسال انذار واحد يجعل هذا الانذار بالافراغ غير مقبول لكونه سابق لاوانه ثم ان الانذار الموجه في اطار ظهير 24/5/1955 لا يكون الغرض منه المطالبة بالاداء وانما هو انذار يفترض ان المطل اصبح ثابتا ويرمي إلى عدم تجديد العقدة، غير ان المجلس الأعلى قرر في احد قراراته انه لا داعي لتوجيه انذارين ( قرار 3052 صادر تاريخ 31/12/1986، منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 48 ص74).
ونحن بصدد الحديث عن عدم اداء الوجيبة الكرائية نشير إلى حماية خاصة منحها المشرع في الفصل26 منظهير24/5/1955 ويتعلق الامر باجل الميسرة الذي قد يصل إلى سنة، فالتاجر قد تعترضه بعض الصعوبات ولا يمكن ان يفرغ لانه تعذر عليه اداء كراء بضعة أشهر غير ان مقتضيات الفصل 26 تستوجب التنصيص في العقدة على الشرط الفاسخ بسب عدم اداء الوجيبة الكرائية.
واذا كانت وضعية المكتري الذي نص في العقدة على اعمال الشرط الفاسخ اخطر من وضعية المكتري الذي لم يوقع على عقدة تتضمن هذا الشرط، فانه يجب بالاحرى حماية هذا الأخير بمقتضيات قانونية تسمح للقاضي منحه اجلا لاداء الوجيبة الكرائية وتفادي الافراغ.
ثانيا : استعمال المحل في غير ما اتفق عليه.
اعتقد انه لا يجب اعطاء اهمية كبيرة لهذا الشرط وبالتالي لا يجب ان يشكل سببا خطيرا ومشروعا الا في بعض الحالات الخاصة، فلو ان المالك اشترط مثلا ان يستعمل محله لبيع المواد الغذائية وعمد المكتري بعد ان عرفت تجارته كسادا، إلى بيع الملابس، أو انه اكترى المحل للحلاقة ثم حوله إلى بيع مواد التجميل أو غيرها فان المكري لا يلحقه أي ضرر من ذلك ان مقتضيات الفصل111 تسمح باستبعاد الشرط المضمن بالعقد، فقد نص الفصل المذكور على ما يلي : ” يبطل ويعتبر كأن لم يكن الشرط الذي تنعدم فيه كل فائدة ذات بال، سواء بالنسبة لمن وضعه أو إلى شخص اخر غيره أو بالنسبة إلى مادة الالتزام”.
الحالة الثانية والثالثة :
وجوب هدم البناء أو اعلانه وخم ومخالف للمبادئ الصحية.
ففي هاتين الحالتين يفرغ المكتري ولا يستحق أي تعويض ، اما إذا أثبتت الخبرة عدم صحة السبب، واقتنعت المحكمة من عدم صحته فانه لا يمكن افراغ المكتري.
ويرى ذ. احمد عاصم العكس، حيث يقول بالافراغ وبمنح المكتري التعويض الكامل، ( الحماية القانونية للكراء التجاري ص113).
ان حماية المكتري تكمن في ضمان استقراره لا في منحه التعويض وانه لمن قبيل الاضرار به ان يكون سبب الإنذار الافراغ لكون البناء يشكل خطرا بسبب انعدام الامن فيه أو كونه وخم ومخالف للمبادئ الصحية، ويثبت عدم صحة هذا الادعاء، ونحكم بالافراغ.
ان ظهير 24/5/1955 جاء اساسا لضمان استقرار التاجر وهذا ما يتأكد من قراءة بيان الأسباب التي تضمنها الظهير ولهذا فان بقاء التاجر بمحله أولى من إفراغه مع منحه التعويض ولو كان كاملا.
ويمنح الفصل 11، المكتري حق الاسبقية في كرائه في حالة قيام رب الملك أو ورثته بإعادة بناء جميع الملك أو بعضه، غير ان رب الملك غير ملزم باعادة البناء أو بالقيام ببناء يتضمن محلات تجارية.
وبخصوص الافراغ مع منح التعويض الكامل فانه من الانسب وضع مقتضيات قانونية تسمح للمالك، على غرار ما هو منصوص عليه الفصل 19 المطبق على الجماعات العمومية في حالة نزع الملكية، بتجنب التعويض الكامل ان هو عرضعلى المكتري الضائع حقه مكانا يكون مماثلا للمكان موضوع الافراغ ويكون قريبا منه.
ثالثا : الهدم من اجل اعادة البناء.
ينص الفصل 12 من ظهير24/5/1955 على ما يلي : ” لصاحب الملك الحق في رفض تجديد العقدة لكونه يريد هدم الملك واعادة بنائه لكنه يتحمل تعويضا عن الافراغ يدفعه للمكتري قبل خروجه من الملك ويكون قدره معادلا لما يلحق هذا المكتري من الضرر دون ان يتعدى مع ذلك ثمن كراء ثلاث سنوات تحسب على أساس المقدار المعمول به وقت الافراغ.
واذا عمد رب الملك إلى الامتناع من تجديد العقدة فيحق للمكتري البقاء في مكتراه طبق بنود وشروط العقدة الأولية وذلك إلى ان يشرع فعليا في أشغال البناء.
وزيادة على ما ذكر فان احتوى الملك المعاد بناؤه على أماكن صالحة لشؤون تجارية أو صناعية أو حرفية فللمكتري حق الاسبقية في كرائها تحت قيد الشروط المنصوص عليها في الفصلين الثالث عشر والرابع عشر الآتيين بعده”
وبمقتضى هذا الفصل فان رفض تجديد العقدة بسبب الهدم واعادة البناء، يجعل المكتري يستحق في حالة ثبوت السبب تعويضا لا يمكن ان يتعدى كراء ثلاث سنوات يحسب على أساس المقدار المعمول به وقت الافراغ.
اما إذا لم يثبت السبب فان الإنذار لا يمكن ان يؤدي إلى افراغ المكتري، وذلك خلافا للراي القائل بمنح التعويض الكامل والافراغ، ان هذا الراي لا يستند على المقدار المعمول به وقت الافراغ.
اما إذا لم يثبت السبب فان الانذار لا يمكن ان يؤدي إلى افراغ المكتري، وذلك خلافا للراي القائل بمنح التعويض الكامل والافراغ، ان هذا الراي لا يستند على أي أساس لا من حيث القانون ولا من حيث الواقع.
ـ فمن حيث القانون نجد الفقرة الاخيرة من الفصل السادس تلزم المكري بتوضيح الأسباب الداعية إلى الافراغ، وهذا يعني ان عدم ذكر الأسباب يؤدي إلى البطلان.
ومن جهة اخرى فان الالتزام والتحلل من الالتزام لا يمكن ان يبقى معلقا على محض إرادة الأطراف عملا بالفصل 112 من قانون الالتزامات والعقود، فالمكري لا يمكنه ان يفرغ المكتري حسب هواه.
ـ ومن ناحية الواقع فانه لا يعقل ان نفرغ المكتري والاضرار بحقوقه وحقوق جيش من العمال، وخلق ازمة اقتصادية واجتماعية، ليبقى المحل مغلوقا ودون ان يزاول فيه المكري نشاطا من شانه ان يعود بالخير على البلاد ويوفر فرص الشغل.
وزيادة على التعويض المنصوص عليه في هذا الفصل فان المكتري له حق الاولوية في الكراء وهذا الحق ليس مطلقا ولكن مشروط بوجود احتواء الملك المعاد بناؤه على أماكن صالحة لشؤون تجارية أو صناعية أو حرفية.
واذا تبين اثناء دعوى الافراغ أو بعدها ان المحل موضوع الافراغ لا يمسح برجوع المكتري إليه بعد اعادة البناء، فان المكتري لا يستحق أي تعويض اخر، وذلك لان الفصل 12 صريح ولا يسمح باي تأويل، ولو أراد المشرع منح تعويض كامل لأشار إلى ذلك.
ثم ان عبارات الفصل 12 تتحدث عن تعويض المكتري عما أصابه من ضرر ولا تتحدث عن تعويض مؤقت، غير ان هذا التعويض لا يمكن أن يتعدى كراء 3 سنوات.
ويأتي الفصل 20 ليبين ان المشرع لم يغفل الحديث عن التعويض الكامل وانما ربطه بسوء نية المكري كما إذا استعمل حقه لا لشيء الا لحرمان المكتري من حقوقه.
واذا رجعنا إلى بيان الأسباب التي جاء بها الظهير يمكن ان نفهم جيدا ان المكتري لا حق له في التعويض الكامل لقد جاء في ديباجة الظهير ما يلي :
” وعلاوة على ما ذكر فقد نص هذا الظهير على شيء جديد مهم وهو وسطي بين الاعفاء تماما من اداء التعويض وبين دفع تعويض وجوبا عن الافراغ يعادل قدره ما لحق المكتري من ضرر بسبب رفض تجديد العقدة “
ونجد الأستاذ احمد عاصم ياخذ بنفس وجهة النظر هاته، فقد كتب تعليقا على هامش احد قرارات المجلس الأعلى ( مقال منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى العدد 40 ص36) قال فيه ان القانون لا يلزم المالك بان يعيد بناية عقاره ليكون صالحا لنفس الاستعمال التجاري أو للاستعمالات التجاري بصفة عامة والمكتري الذي لم يمنح الا تعويضا جزئيا مقابل الاسبقية في الكراء يكون قد ضاع عليه كل شيء ولا يبقى له حق ازاء المكري.
اما المجلس الأعلى فان قراراته متضاربة.
ففي قرار صادر بتاريخ12 يناير1987 قرر ان التعويض الذي يساوي ثلاث سنوات مرتبط بحق الاسبقية للرجوع إلى المحل بعد انتهاء أشغال البناء ( قرار منشور بمجلة المحامي عدد 11 ص59) ولا ندري ما هي العبارة المستعملة في ظهير24/5/1955 والتي استند عليها المجلس للقول بهذا الربط ؟
ثم عاد بتاريخ 18 يبراير1987 في قرار عدد 373 الصادر بتاريخ 18/2/1987 ملف مدني عدد595- 85 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد40 ص32 وقال :
” لما كان سبب رفض تجديد العقد هو الهدم واعادة البناء فان التعويض الوحيد المستحق للمكتري هو المنصوص عليه في الفصل 12 من الظهير وانه إذا كان هذا الفصل يقرر حق المكتري في الاسبقية في الكراء فانه لا يلزم المكري بان يعيد بناية عقاره على نحو معين فظل حقا معلقا على وجود محلات صالحة للاستعمال التجاري، فلا مجال لاقامة اية دعوى ضد المكري ان هو اعاد بناء عقاره ليكون صالحا للسكنى بدل الاستعمال التجاري كما انه لا مجال لمطالبته بالتعويض المنصوص عليه في الفصل 13 لان ذلك رهين بان تكون هناك محلات صالحة للاستعمال التجاري ويمارس المكتري حقه في الاسبقية، ولا بالتعويض المنصوص عليه في الفصل 20 لان مجاله ثبوت عدم صحة السبب بعد فوات الاوان بان قرر المكري بيع العقار أو كرائه بدل هدمه واعادة بنائه كما علل ذلك طلب الافراغ”.
وفي قرار اخر صادر عن المجلس الأعلى ( قرار1566 صادر بتاريخ25/6/1986 ملف عدد97980 منشور بمجلة رابطة القضاة عدد 24-21 ـ ص62) قال فيه : ” إذا بنى المالك الإنذار بالافراغ في نطاق الفصل 6 من ظهير24/5/1955 على سببين اثنين هما : إرادة الهدم واعادة البناء والاستعمال الشخصي ولم يثبت للمحكمة السبب الأول فانها تكون على صواب لما صادقت على الإنذار بالافراغ ومنحت المكتري التعويض الكامل عن الافراغ”.
وهذا القرار يعني بمفهوم المخالفة انه في حالة ثبوت الهدم واعادة البناء فان المكتري لا يستحق التعويض الكامل.
ومن جهة اخرى فالفصل 12 لا ينص على ضرورة الشروع في العمل داخل اجل معين كما ينص على ذلك الفصل16 المتعلق بالافراغ من اجل السكن حيث نص على ضرورة اعتمار المحل في ظرف اجل سنة واحدة تحت طائلة اداء التعويض الكامل، غير ان بعض المحاكم حددت مدة الشروع في الهدم واعادة البناء في 3 سنوات، وهكذا جاء في قرار لمحكمة الاستئناف بمراكش بتاريخ18/3/1991 ملف مدني عدد 2946 ـ 90 منشور بمجلة المحامي العدد 19- 20 ص219 ما يلي ” ان المكري الذي لم يشرع في البناء رغم مرور مدة تفوق ثلاث سنوات يكون هدفه هو حرمان المكتري من التعويض الكامل”.
واذا شرع المالك في البناء ولم يكمله فهل يمكن للمكتري المطالبة بالتعويض الكامل؟
ان القضاء له السلطة التقديرية الكاملة، فقد يتعلق الامر بمالك له نية سيئة وأراد التعسف على المكتري وبالتالي يبدا عملية البناء من اجل التمويه فقد ثم يوقف الاشغال دون أي سبب رغم الامكانيات التي يتوفر عليها، وقد يتعلق الامر بمالك لا تسمح له إمكانياته بالاسراع في البناء، فسوء أو حسن النية هو المعيار الوحيد لمنح التعويض الكامل أو الجزئي.
ويبقى التعويض الجزئي غير عادل ويلحق بالمكتري أضرارا جسيمة بحيث يتعين على المشرع التدخل لحماية المكتري وذلك بمنحه تعويضا كاملا يغطي كل ما لحقه من ضرر.
رابعا : تاجيل العقدة لتعلية البناء.
في هذه الحالة التي ينص عليها الفصل 15 يستحق المكتري تعويضا لا تتعدى قيمته كراء سنتين، وقد حدد الظهير مدة التأجيل في سنتين، بحيث إذا تعذر على المكتري استرجاع محله سواء بسبب سوء نية المالك أو بسبب ظروف خاصة فان المكتري محق في المطالبة بالتعويض الكامل.
خامسا : الإفراغ للاحتياج
هذه الحالة ينص عليها الفصل 16 والذي جاء واضحا سواءا فيما يخص الاحتياج أو استقرار الشخص المحتاج بالمحل ومدة هذا الاستقرار، كما انه استثنى صراحة أحقية المكتري في التعويض الكامل ومنحه تعويضا لا يتعدى قدره قيمة كراء خمس سنوات.
اترك تعليقاً