معلومات قانونية حول القرار الإداري في الأردن
– إذا كان ” الحكم ” بمعناه الواسع يشمل وظائف الدولة الثلاث ( التشريعية والقضائية والتنفيذية ) فإن أخطر وظائف الدولة هي وظيفتها التنفيذية لما لهذه الوظيفة من تماس مباشر مع حقوق وحريات الأفراد 0
– ذلك أن الوظيفة التشريعية للدولة يمارسها أو يفترض أن يمارسها ممثلو الشعب المنتخبين من الشعب ، والمفترض فيهم أن يمثلوا ارادة الشعب ، والوظيفة القضائية تمارس من قبل مؤسسة مستقلة متخصصة تحمل في استقلالها وتدرج أجهزتها ضماناً للأفراد 0
– أما الوظيفة التنفيذية للدولة فيتولاها ما اصطلح على تسميته بالسلطة التنفيذية، وليست السلطة التنفيذية إلا الحكومة بأجهزتها المختلفة وجيشها العرمرم من الموظفين العامين ، أو ما اصطلح على تسميته بالإدارة العامة ، التي تتعامل مع الأفراد ويتعاملون معها سحابة حياتهم ، فهي التي تصدر شهادة ميلاد الفرد وهي التي تنظم شهادة وفاته 0
– والإدارة العامة عندما تمارس وظيفتها في التعامل مع الأفراد تسلك طريقين رئيسيين، طريقاً تعاقدياً ، قائماً – من حيث المبدأ – على تقابل وتوافق ارادتين ، ارادة الإدارة العامة وإرادة الفرد المتعاقد معها ، وطريقاً غير تعاقدي يتمثل في اعلان الإدارة العامة عن ارادتها المنفردة في مواجهة الفرد ، ويسمى الأول العقد الإداري ويسمى الثاني القرار الإداري0
– واعلان الإدارة العامة هذا عن ارادتها المنفردة في تعاملها مع الأفراد ( القرارات الإدارية ) هو في الأصل ممارسة لسلطة عامة سنداً لها تتمكِّن الإدارة من فرض ارادتها ( القرارات الإدارية ) على الأفراد جبراً عند اللزوم ، أي باستعمال القوة الجبرية ، هذا في الدولة القانونية التي يخضع فيها كل من الأفراد والإدارة العامة للقانون0
– وعليه فإن الإدارة العامة يتوجب عليها وهي تمارس سلطتها العامة بموجب قرارات ادارية أن تكون خاضعة للقانون ملتزمة بحدود القانون ، ذلك أن عدم خضوعها للقانون وعدم التزامها بالقانون يجعل منها ادارة مطلقة غير مقيدة 0 الأمر الذي يعتبر خطراً محدقاً بحقوق وحريات الأفراد ، وبالتالي مدمراً للدولة والمجتمع 0
– وموضوع هذا البحث هو ” القرار الإداري ” ، ويهدف هذا البحث الى تبسيط تناول القرار الإداري وفهمه ، حيث من الملاحظ أنه حتى بعض كبار الإداريين في بعض الإدارات الحكومية يظنون قراراً ادارياً ما ليس بقرار اداري ، ويدخلون أحياناً في مفهوم القرار الإداري ما لا يمت للقرار الإداري بصلة ، ويجشمون الأفراد في بعض الأحيان عناء التقاضي بدون طائل ولا لزوم ، بل ويعتقد بعض كبار الإداريين في بعض الإدارات الحكومية أن المدير صاحب سلطة مطلقة في تسيير دائرته ، وأن لا مُعقِّب عليه ، ويرجع ذلك الى موروثات اجتماعية تتعلق بممارسة السلطة 0
– وسوف نتعرض في هذا البحث الى القرار الإداري من حيث :-
أولاً : تعريف القرار الإداري
ثانياً : عناصر القرار الإداري
ثالثاً : أنواع القرارات الإدارية
رابعاً : دعوى إلغاء القرار الإداري
أولاً : تعريف القرار الإداري :-
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
1 – في قرارها رقم 52 لسنة 1953 تعرضت محكمة العدل العليا ( محكمة التمييز بصفتها محكمة عدل عليا آنذاك ) الى تعريف القرار الإداري ، حيث جاء في القرار المذكور : ” أن القرار الإداري حسب التعريف الذي استقر عليه الفقه الإداري هو كل تصريح عن الإدارة من شأنه أن يحدث مركزاً قانونياً يصدر عن سلطة إدارية في صيغة تنفيذية ” 0
2 – وانتهت محكمة العدل العليا واستقر قضائها على تعريف القرار الإداري بأنه ” إفصاح الإدارة عن ارادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين والأنظمة وذلك بقصد انشاء أو تعديل أو الغاء مركز قانوني معيَّن متى كان ذلك ممكناً وجائزاً قانوناً وكان الباعث عليه إبتغاء مصلحة عامة ” ( مثال ذلك قرار عدل عليا رقم 485/2002) 0
3 – إن عناصر تعريف القرار الإداري كما استقرت عليه محكمة العدل العليا يمكن حصرها في ثمانية عناصر :-
أ – إعلان إرادة ، مجرد إعلان ، ودون الحاجة الى إرادة أخرى تتلاقى معها ، لأن إعلان الإرادة اذا التقى بإرادة أخرى أصبح عقداً لا قراراً 0
ب – أن يكون مُعلن هذه الإرادة هو الإدارة العامة دون غيرها ، والإدارة العامة تعلن عن ارادتها من خلال من يمثلها ، الوزير عن الوزارة ، ومدير عام الدائرة عن الدائرة ، أو أي موظف عام ذو صلاحية 0
جـ- أن يكون من شأن هذه الإرادة الإلزام بالإستناد الى قانون أو نظام 0
د – أن يأخذ الإعلان عن هذه الإرادة الشكل الذي يحدده القانون 0
هـ – أن تهدف هذه الإرادة الى إنشاء أو تعديل أو إلغاء مركز قانوني معين0
و – أن يكون هذا الإنشاء أو التعديل أو الإلغاء أمراً ممكناً لا مستحيلاً 0
ز – أن يكون هذا الإنشاء أو التعديل أو الإلغاء أمراً جائزاً بموجب القانون 0
ح – أن يكون الهدف من هذا الإنشاء أو التعديل أو الإلغاء تحقيق مصلحة عامة 0
4 – أما أركان القرار الإداري بمعنى الأعمدة التي يقوم عليها القرار الإداري ، فهي السبب ، والغاية ، والشكل ، والمحل ، والإختصاص ، أي سبب إصدار القرار والغاية من إصداره والشكل الذي يجب أن يصدر فيه والمحل الذي ينصب عليه وصدوره عن جهة مخولة بإصداره 0
– ويمكن تشبيه ” القرار الإداري ” بالقذيفة النارية ، حيث تتكون هذه من صاعق وجسم اسطواني ورأس مدبب أو غير مدبب وتتوجه في اطلاقها الى هدف محدد وتأخذ عند اطلاقها مساراً محدداً 0
– وسنرى من خلال هذا البحث أن سبب القرار الإداري يقابل صاعق القذيفة النارية ، وأن الهدف الذي تنطلق باتجاهه يقابل غاية القرار الإداري في حين أن شكل القرار الإداري يقابل شكل القذيفة وأن المسار الذي تسير فيه القذيفة عند انطلاقها يمكن التعبير عنه بالإختصاص ، وذلك كله كما في الشكل التالي :-
أ – إن سبب القرار الإداري هو حالة تظهر فتدفع الإدارة الى اتخاذ قرار ، وللتبسيط فإن سبب القرار الإداري هو الإجابة على سؤال : ما الذي حدث فجعل الإدارة تصدر القرار ؟ حدثت مخالفة من قبل موظف فكانت سبباً لإصدار قرار تأديبي بحقه ، حدثت اضطرابات في منطقة ما من الدولة ، فكانت سبباً لقرار منع التجول في تلك المنطقة ، ومن شروط وجود السبب أن يكون قائماً ( موجوداً) عند إصدار القرار ، وأن يكون قائماً على واقعة صحيحة وموجباً اتخاذ القرار ، ويجب أن لا يختلط في الذهن سبب القرار مع مفهوم تسبيب القرار ، فالتسبيب اجراء شكلي يتطلبه القانون أحياناً عند إصدار القرار ، أما السبب فهو ما يبرر فعلاً إصدار القرار ، وبالتالي فإن تسبيب القرار غير واجب إلاّ إذا نص القانون على لزوم تسبيب القرار ، أما السبب فيجب أن يكون قائماً وصحيحاً سواءً كان التسبيب لازماً أو غير لازم ، أو بمعنى آخر ، كل قرار اداري لا بد أن يكون لـه سبب يبرره ، سواءً طلب القانون تبيان هذا السبب أم لم يطلب ، فبيان الأسباب هو التسبيب ، والإدارة غير ملزمة بتسبيب القرار إلا إذا كان القانون يلزمها بذلك ، وإذا سببت الإدارة القرار سواءً بناءً على نص أو بمحض ارادتها خضع القرار للرقابة القضائية من حيث توفر شروط التسبيب ، إلا أن عدم إلزام القانون للإدارة بتسبيب قراراتها لا يعني ولا يبيح لها أن تمارس سلطتها دون قيود أو حدود ، وإذا تصورنا القرار الإداري قذيفة نارية أمكننا القول أن السبب هو الصاعق 0
ب – أما غاية القرار الإداري فهي الهدف من اصداره ، وهذا الهدف يحدده التشريع ، وهو دوماً في نطاق المصلحة العامة ، ولا يجوز أن يهدف القرار الإداري الى غير المصلحة العامة ، كأن يهدف الى تحقيق مصلحة خاصة ، أو أن يكون الهدف من اصداره الإنتقام ، أو لتحقيق فائدة شخصية لمصدر القرار أو لغيره أو لتحقيق غرض سياسي كما لا يجوز الخروج عن الهدف المخصص ، ويرتبط هدف القرار الإداري بممارسة الإدارة العامة للسلطة ، هذه السلطة التي إما أن يكون المشرِّع قد حدد للإدارة العامة كيفية ممارستها وعندها تسمى سلطة مقيدة ، أي أن القانون يقيد الإدارة العامة في ممارستها للسلطة ، وقد يكون المشرِّع قد ترك للإدارة العامة قدراً من حرية التقدير في ممارسة هذه السلطة وعندها يجب أن تمارس الإدارة العامة تقديرها لكن في حدود ونطاق المصلحة العامة ، وعليها أن لا تخرج على هذه الحدود وإلاّ أساءت استعمال السلطة ، وإذا تصورنا القرار الإداري قذيفة نارية يمثل فيها السبب ( الصاعق ) كما أسلفنا ، فإن الغاية من اصدار القرار الإداري هي الهدف المحدد الذي تطلق باتجاهه هذه القذيفة ، أي هو الهدف المراد إصابته ، فعلى القرار الإداري أن يصيب الهدف المحدد الذي هو بالنتيجة المصلحة العامة ، سواءً كان المشرِّع حدد هذا الهدف صراحة أو لم يحدده0
جـ- أما عن الشكل ، فالقاعدة الأصل أنه لا يشترط في القرار الإداري أن يصدر وفق شكل محدد أو وفق شروط تحدد الشكل الذي يصدر فيه فقد يكون القرار الإداري مكتوباً أو شفوياً ، مسبباً أو غير مسبب ، صريحاً أو ضمنياً ، إلا أنه استثناءً من هذا الأصل قد ينص القانون على اجراءات أو شكليات يجب اتباعها في اصدار القرار الإداري، فإذا نص القانون على ضرورة ذكر سبب أو أسباب القرار أو نص القانون على لزوم أن يُسبَقَ القرار الإداري بتسبيب أو توجيه أو تحقيق أصبح لازماً إتباع ذلك الإجراء ، وهذه الإجراءات أو الشكليات التي ينص عليها القانون قد تكون جوهرية واهمالها يؤثر في مضمون القرار ، وقد تكون ثانوية لا تأثير لها على مضمون القرار ، وإذا تصورنا القرار الإداري قذيفة نارية ( كما أسلفنا ) يُمثِّل فيها السبب الصاعق ، فإن شكل القرار الإداري هو شكل القذيفة برأسها المدبب وجسمها الإسطواني ، وتدبيب رأسها هو شكل ثانوي ( فالقذيفة تصيب الهدف ولو لم يكن رأسها مدبباً ) وشكلها الإسطواني المغلق هو الشكل الجوهري ( فإذا كان في الإسطوانة ثقب فقد لا تنطلق القذيفة أو تنفجر دون الهدف ) 0
د – أما محل القرار الإداري فهو الأثر القانوني الذي يترتب حالاً ومباشرة على القرار ، فقرار الإدارة العامة بمنع التجول لسبب وجود اضطرابات عامة يترتب عليه اعتبار التجول في الشوارع فعلاً ممنوعاً ، وقرار الإدارة العامة بتعيين موظف يترتب عليه اعتبار شخص عادي موظفاً عاماً يمارس سلطات عامة ، وإذا جاز كما أسلفنا اعتبار القرار الإداري قذيفة فإن محل القرار الإداري هو النتيجة التي تترتب على إصابة الهدف ، فإذا كان السبب في مثال الإضطرابات المشار إليه أعلاه هو حالة الإخلال بالأمن وكان الهدف هو إستعادة حالة الأمن والإستقرار فإن محل القرار هو الأثر الناتج عن تحقيق الهدف وهو اعتبار التجول ( وهو فعل مسموح أصلاً ) فعلاً ممنوعاً 0
هـ – أما عن ركن الإختصاص في القرار الإداري ، فهو يعني ببساطة أنه لا بد أن يكون القرار صادراً عن جهة أو شخص خوله القانون إصدار هذا القرار ، وهذه هي القاعدة العامة بشأن ركن الإختصاص ، إلاَّ أنه يجوز أن يفوض شخص شخصاً آخر أو جهةً أخرى بممارسة اختصاص اصدار القرار الإداري ، ولكن هذا التفويض لا يجوز إلا بنص في القانون ، ولا مجال هنا لإعمال قاعدة من يملك الأكثر من السلطة يملك الأقل ، والتفويض هنا يجب أن يكون جزئياً ومؤقتاً ولا يجوز للمفوَّض أن يفوِّض إلا بنص في القانون ، وإذا جاز لنا أن نتصور القرار الإداري قذيفة نارية منطلقة نحو الهدف كما أسلفنا ، فإن الإختصاص هو المسار المحدد الذي يجب أن لا تخرج عنه هذه القذيفة في سيرها 0
ثالثاً : أنواع القرارات الإدارية :-
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
يمكن تقسيم القرار الإداري الى أنواع عدة ، فإذا كان يشمل فئة معينة سمي تنظيمياً ، وإذا كان يخص فرداً واحداً فقط سمي فردياً ، وعندما تفصح الإدارة عن ارادتها تصدر قراراً ايجابياً ، وقد يرافق هذا الإفصاح ما يمكن وصفه تجاوزاً بالقرار الإداري السلبي ( فقرار تعيين موظف من بين عدة أشخاص تقدموا لشغل وظيفة هو قرار ايجابي ولكن عدم تعيين أي شخص من الأشخاص الآخرين هو قرار سلبي ) ، وعندما تفصح الإدارة عن إرادتها تكون قد أصدرت قراراً صريحاً وإذا امتنعت الإدارة عن الإعلان عن ارادتها والتزمت الصمت حيال موضوع يلزمها القانون بشأنه أن تعلن عن ارادتها قبولاً أو رفضاً تكون قد أصدرت قراراً ضمنياً بالرفض ، ويكون القرار الإداري قراراً مستمراً اذا نتج عن امتناع جهة الإدارة عن اتخاذ موقف معين أو اصدار قرار محدد اذا لم يحدد المشرع للإدارة مدة معينة يتعين عليها خلالها اتخاذه ( قرار عدل عليا رقم 34/1998) أما القرار المنعدم فهو ليس قراراً ادارياً ( ولعل ذلك ظاهر من تسميته ) 0
1 – القرار الإداري التنظيمي :-
وتسميته بهذا الإسم لم تأت من فراغ ، فهو ينظم ، بمعنى أنه يضع قواعد ، ويعتبر القرار الإداري قراراً تنظيمياً عندما يتضمن قواعد عامة مجردة ملزمة بهدف تطبيقها على فئة من الأفراد أو على عدد غير محدد على وجه الخصوص ، وينتج عن القرار التنظيمي بالتالي مراكز قانونية عامة ومجردة لا مراكز قانونية فردية ، ” فالتعليمات هي في حقيقة الأمر قرارات ادارية تنظيمية تصدرها الإدارة بوضع قواعد عامة موضوعية تسري على جميع الأفراد الذين تنطبق عليهم الشروط التي وردت في القواعد العامة بصفاتهم لا بأشخاصهم ” ( قرار عدل عليا رقم 47/2002) ، فإذا أصدرت جهة الإدارة قراراً بأن كل مواطن بلغ سن الستين يمكنه أن يستعمل وسائط النقل العام مجاناً ، كان ذلك قراراً إدارياً تنظيمياً شاملاً لفئة المواطنين ممن بلغوا سن الستين فما فوق دون غيرهم من المواطنين ، وذلك لتوفر شرط السن المحدد في كل من يشمله القرار ، أي أن القرار التنظيمي لا يشمل فرداً أو عدداً من الأفراد محددين بذواتهم ، بل يشمل عدداً غير محدد من الأفراد محددين بصفة متوفرة في كل منهم ، وقد يكون القرار الإداري تنظيمياً بالرغم من أنه يتعلق بفرد واحد لكونه يتعلق بصفته وليس بذاته ، فالقرار الإداري الذي يشترط أن يكون من يشغل وظيفة رئيس ديوان المحاسبة مثلاً حاصلاً على درجة علمية معينة هو قرار تنظيمي ، لأنه يخص كل من يشغل هذا المنصب بغض النظر عن شخصه ، فلا بد أن تتوفر فيه هذه الدرجة العلمية حتى يتمكن من شغل هذا المنصب0
2 – القرار الإداري الفردي :-
وتسميته بهذا الإسم لم تأتِ من فراغ ، فهو يتعلق أو يخص فرداً معيناً بذاته ، وليس من الضروري أن يكون هذا الفرد بمعنى الشخص الطبيعي ، بل يمكن أن يكون شركة أو مؤسسة أو أي شخص اعتباري أو طبيعي ، والقرار الإداري الفردي يكون نتيجة لتطبيق القواعد التشريعية العامة غير الشخصية على ما يعرض لها من الحالات الفردية المحددة ( قرار عدل عليا رقم 59/67 ) ، فقرار تعيين موظف ما هو قرار فردي وقرار ترخيص صيدلية هو قرار فردي ، وقرار ترقية موظف هو قرار فردي ، وقرار تسريح موظف هو قرار فردي ، وقرار الحاكم الإداري باعتقال مواطن سنداً لقانون منع الجرائم هو قرار اداري فردي 0
3 – القرار الإداري السلبي :-
من يدقق في قرارات محكمة العدل العليا يجد خلطاً بين القرار الإداري السلبي والقرار الإداري الضمني ( مثال قرار عدل عليا رقم 268/2000 وقرار رقم 384/2000) ، فالقرار الإداري السلبي في الواقع هو قرار غير موجود إلاَّ في ذهن الإدارة أو في ذهن الطاعن ، ولا يتصور وجوده إلا بوجود قرار اداري إيجابي ، فالقرار الإداري الصادر بترفيع موظف هو قرار إيجابي ، أما عدم ترفيع موظف آخر يرى أنه يستحق ترفيع فهو قرار سلبي ( ويلاحظ هنا أن عدم الترفيع ما كان ليثار لولا صدور قرار الترفيع ) ( قرار عدل عليا رقم 73/1986 وقرار عدل عليا رقم 76/1999) في حين أن القرار الإداري الضمني هو امتناع الإدارة عن إصدار قرار كان يتوجب عليها قانوناً أن تصدره كما سيأتي ، بالإضافة الى ما تقدم فإننا يمكن أن نتصور امتناع الإدارة عن اتخاذ قرار أوجب القانون عليها اتخاذه قراراً سلبياً اذا كان القرار لا يتعلق بفرد محدد كأن تمتنع الإدارة العامة ( أمانة عمان مثلاً ) عن اتخاذ قرار بهدم مبنى آيلاً للسقوط ، ولكن اذا تعلق القرار بفرد معين كأن امتنع عن اعطاء ترخيص بناءً على طلب فإن ذلك الإمتناع يعتبر قراراً ضمنياً برفض الطلب 0
4 – القرار الإداري الضمني :-
وكما هو واضح من وصفه فإنه يستفاد ضمناً من رفض الإدارة أو امتناعها عن اتخاذ قرار اذا كان يتوجب عليها اتخاذه بمقتضى التشريعات المعمول بها ( المادة (11) من قانون محكمة العدل العليا 12/1992) ويَدِقُّ التفريق بين رفض اتخاذ قرار والإمتناع عن اتخاذ قرار ، وقد يزيل اللبس أن رفض اتخاذ القرار قد يستلزم افصاح الإدارة عن هذا الرفض ، فهي تعلن عن رفضها لاتخاذ قرار في حين أن فعل الإمتناع يفهم ضمناً من ظروف الحال ، وغالباً ما تعطى مدة زمنية لجهة الإدارة لتتخذ قراراً نهائياً فيما يقدم اليها من طلبات ( ثلاثون يوماً من تاريخ تقديم الطلب كنص المادة 12/ب من قانون محكمة العدل العليا ) ، فإذا انقضت هذه المدة ولم تتخذ جهة الإدارة القرار اعتبرت ممتنعة عن إصدار القرار ، أو اذا أعلنت عن نيتها خلال هذه المدة أنها ترفض اصدار القرار ( لا ترفض الطلب المقدم لها مثلاً ) أمكن الحديث في الحالتين عن وجود قرار اداري ضمني 0
5 – القرار الإداري المستمر :-
على خلاف أوصاف القرار الإداري السابق فإن وصف القرار الإداري بالمستمر يحدث نوعاً من اللبس ، فإلحاق صفة الإستمرار بالقرار الإداري يعني للوهله الأولى أن هذا القرار يظل قائماً بدون نهاية ، في حين أن المقصود بالإستمرار هنا هو امكانية صدور قرار اداري مرة بعد مرة في نفس الموضوع المقدم للإدارة اذا تكرر الطلب مرة بعد مرة ، فالقرار المستمر هو ” القرار الذي ينتج عن امتناع جهة الإدارة عن اتخاذ موقف معين أو اصدار قرار محدد اذا لم يحدد المشرع للإدارة مدة معينة يتعين عليها خلالها اتخاذه ” ( قرار عدل عليا رقم 34/1999 ) ، وعليه فإن ” عدم اجابة طلب المستدعي باعطائه وثيقة سفر اضطرارية للعودة الى الأردن هو من القرارات المستمرة ” ( قرار عدل عليا رقم 39/2000) ” وبما أن المشرع لم يحدد للمستدعى ضده مدة معينة يتعين عليه اصدار قرار بالرد على طلب المستدعي الحصول على جواز سفر أردني دائم فإن امتناعه عن ذلك يعتبر قراراً ادارياً مستمراً 000″ ( وقضاء محكمة العدل العليا مستقر على أن الطعن في القرار المستمر لا يتقيد بميعاد ) 0
6 – القرار الإداري المنعدم :-
من الواضح أن هناك تناقضاً لفظياً في هذه التسمية الإصطلاحية ، فإذا كان القرار منعدماً ، فهذا يعني أنه لا يوجد قرار اداري ، فكيف يمكن وصفه بالقرار الإداري ، فهل يمكن وصف غير الموجود بأنه موجود ، ” والقرار المنعدم كما استقر عليه الفقه والقضاء الأداريِّان هو القرار المشوب بعيب جسيم بحيث يفقده خصائص القرار الإداري وينحدر به الى درجة الإنعدام ، كأن يكون صادراً عن فرد عادي أو هيئة غير مختصة أصلاً بإصداره أو أن يصدر عن سلطة في أمور هي من اختصاص سلطة أخرى أو عن موظف ليس من صلاحياته أو من واجباته الوظيفية اصداره ( قرار عدل عليا رقم 41/2006) وكذلك ” يعتبر القرار منعدماً اذا شابه عيب جسيم يفقده خصائصه كقرار اداري ينحدر به الى درجة الإنعدام ويتحقق ذلك إذا صدر القرار الإداري ممن لا يتصف بصفة الموظف العام أو من موظف لا صلة له بإصدار القرارات الإدارية أو دخول القرار في اختصاص السلطة التشريعية أو القضائية أو إذا صدر من مرؤوس في أمر يدخل في اختصاص رئيسه ( قرار عدل عليا رقم 383/2002)( وقضاء محكمة العدل العليا مستقر على أن الطعن بالقرار المنعدم لا يتقيد بميعاد ) 0
رابعاً : عيوب القرار الإداري :-
يكون القرار الإداري معرضاً للإلغاء بقرار قضائي يصدر عن المحكمة المختصة ( محكمة العدل العليا ) اذا شابه أحد العيوب التي اصطلح على أنها تلحق القرار الإداري فتتيح لصاحب المصلحة طلب الغائه ، وهذه العيوب تلحق أو تنصب على أركان القرار الإداري التي تعرضنا لها في ” ثانياً ” من هذا البحث ، ويمكن بالتالي الحديث عنها تحت أربعة عناوين0
1 – عيب السبب :-
سبق أن أوضحنا أن سبب القرار الإداري هو الحالة التي دفعت جهة الإدارة الى اتخاذ القرار ، فحالة مخالفة الموظف لواجبه الوظيفي سبب لإصدار قرار اداري بتوقيع عقوبة مسكلية عليه ، وقيام حالة اخلال بالأمن هي سبب اصدار قرار اداري بمنع التجول وهكذا 000فإذا صدر ضد الموظف عقوبة مسلكية دون أن يكون قد ارتكب مخالفة أو اذا صدر قرار منع التجول دون وجود حالة اخلال بالأمن ، أو توقع جدّي للإخلال بالأمن ( السبب غير موجود ) كان كل من القرار الإداري بتوجيه عقوبة للموظف والقرار الإداري بمنع التجول مشوباً بعيب السبب معرضاً للإلغاء ، نفهم من ذلك أنه اذا لم يوجد سبب لإصدار القرار الإداري (عند صدوره) أصبح القرار الإداري باطلاً قابلا للإلغاء ( قرار عدل عليا رقم 181/2005) وعودة الى تشبيه القرار الإداري بالقذيفة النارية والسبب بالصاعق ، فإن عدم وجود الصاعق يترتب عليه عدم انطلاق القذيفة ، وما الفائدة من قذيفة لا تُطْلَق ، ولا يكفي أن يكون السبب في إصدار القرار الإداري موجوداً بل يجب أن يكون محدداً ، فلا يكفي أن يكون سبباً لصدور قرار اداري بمعاقبة موظف تأديبياً القول بأنه قد أخل بواجبات الوظيفة ، بل لا بد أن يكون الفعل أو القول الذي شكل هذا الإخلال محدداً ، كان يكون مثلاً قد تغيب عن العمل بدون عذر مشروع ، أو أن يكون تلفظ بألفاظ نابية تجاه رئيسه المباشر 0000الخ ، ولا يكفي لصدور قرار اداري مثلاً بقبول استقالة موظف أنه أعرب عن رغبته بعدم الإستمرار في العمل لأسباب خاصة ، بل لا بد أن يتقدم بطلب استقالة غير معلق على شرط وهكذا ، ولا يكفي أن يكون سبب القرار الإداري موجوداً ومحدداً ولكن يجب أن يكون مبرراً لاتخاذ القرار الإداري ، فوجود تجمع عدد من الناس لا يبرر صدور قرار بمنع التجول ، وقد يبرر مع ظروف أخرى اصدار قرار بفض الاجتماع ، والقاعدة الأصل أن جهة الإدارة تترخص في اختيار أسباب قراراتها ولكنها إذا اختارت سبباً فلا بد أن يكون مبرراً لاتخاذ القرار ، ولكن اذا حدد المشرع لها سبباً معيناً لاتخاذ القرار فإن خروجها على هذا السبب يعرض قرارها للإلغاء ، وغني عن القول أن سبب القرار الإداري لا بد أن يكون مشروعاً ، فلا يجوز للإدارة العامة مثلاً أن تصدر قراراً بهدم بناءٍ خاص ما لم يكن ثابتاً أنه آيل للسقوط ويهدد حياة ساكنيه أو حياة المارة ، وقد تكون الإدارة ملزمة من قبل المشرع ببيان السبب الذي دعاها الى اتخاذ القرار الإداري فإذا لم تبين الإدارة السبب كان قرارها مشوباً بعيب في الشكل كما سيأتي، والقرارات الإدارية التي لا يلزم المشرع الإدارة ببيان اسبابها يفترض أنها قائمة على أسباب صحيحة وعلى من يدعي خلاف ذلك أن يقدم الدليل على ما يدعيه ( قرار عدل عليا رقم 239/2001) 0
2 – عيب الغاية :-
سبق أن أوضحنا أن الغاية من اصدار القرار الإداري هي المصلحة العامة ، سواءً حدد المشرع هذا الهدف مباشرة أو لم يحدده ، فإذا كان القرار يهدف الى غير المصلحة العامة أصبح مشوباً بعيب الغاية أو ما يعرف بعيب اساءة استعمال السلطة أو عيب الإنحراف بالسلطة ، باعتبار القرار الإداري هو وسيلة من وسائل الإدارة العامة لممارسة سلطاتها 0
وبالعودة الى تعريف القرار الإداري نجد أن من صلب التعريف أن يكون الباعث لاصدار القرار الإداري المصلحة العامة ، وهذا بديهي ، والسبب في ذلك أن الإدارة العامة ما وجدت الا لتحقيق الصالح العام أو المصلحة العامة ، فحيثما كان تصرفها ( والقرار الإداري عنوان تصرفات الإدارة العامة ) في غير اتجاه المصلحة العامة أصبح هذا التصرف مشوباً بعيب يترتب عليه عند ثبوته الغاء هذا التصرف ( القرار ) 0
ونعيد هنا التذكير بأننا مثلَّنا للغاية من القرار الإداري التي هي المصلحة العامة مثلنا لها بالهدف الذي تنطلق القذيفة باتجاهه لإصابته فإذا كانت القذيفة موجهة نحو الهدف هادفة الى اصابته -مع الإشتراطات الأخرى – كنا أمام قرار اداري سليم ، أما اذا حادت القذيفة عن الهدف أو انحرفت عنه كنا أمام عيب انحراف عن الهدف ، يصلح سبباً لإلغاء القرار الإداري ، كذلك فإن جهة الإدارة عندما تُمْنح لها السلطة لإدارة المجتمع انما تمنح لها لتحقيق المصلحة العامة ، فإذا استعملت هذه السلطة لغير تحقيق المصلحة العامة تكون قد أساءت هذا الإستعمال وكنا بصدد عيب اساءة استعمال السلطة ، والأصل في سلطة الإدارة أنها مقيدة بارادة المجتمع هذه الإرادة التي تعبر عنها القوانين ، أي أن هذه السلطة مقيد استعمالها بنصوص القانون ، ولكن طبيعة ادارة المجتمع الإنساني تقتضي أن يترك للإدارة هامشاً من التقدير ، اصطلح على تسميته بالسلطة التقديرية ، وإذا كان عيب الإنحراف يمكن تحديده بسهولة في حالة السلطة المقيدة إلا أنه يَدِقُّ تحديده عندما تكون الإدارة متمتعة بسلطة تقديرية ، وفي نفس الوقت يكون انحراف الإدارة أكثر وأعمق عند ممارستها لسلطتها التقديرية منه عند استعمالها لسلطتها المقيدة 0
وليس المهم هنا الهدف الذي توجه اليه القرار الإداري سواءً كان هدفاً خاصاً أو غير خاص وسواء كان مبعث هذا التوجه الإنتقام أو غير ذلك ، فالعبرة الأساس هي في مجانبة المصلحة العامة ، وقد يكون القرار الإداري قد تغيَّا المصلحة العامة ولكنه في نفس الوقت مشوب بعيب الإنحراف ، وذلك في حالة ما اذا كان القانون قد وضع هدفاً محدداً للقرار ولكن القرار قد حاد عن هذا الهدف الذي حدده القانون ، وسواءً كان القرار جانب المصلحة العامة أو خرج عن الهدف الذي حدده القانون الى هدف آخر في نطاق المصلحة العامة ، فإنه يكون قد خرج على ما تم الاصطلاح عليه بقاعدة ” تخصيص الأهداف ” ( قرار عدل عليا رقم ( 154/2005) ، ولا بد هنا من الإشارة الى أن المفترض في كل قرار اداري أنه سليم وغير مشوب بعيب اساءة استعمال السلطة أو انحرافها ، وعلى من يدعي العيب ( الطاعن في القرار ) أن يقدم الدليل على خلاف ذلك ( قرار عدل عليا رقم 150/2005 ) ، وقد يكون الإنحراف بهدف الإنتقام من الطاعن أو التنكيل به ، أو بسبب ممارسته لحق قانوني أو لتحقيق منفعة خاصة سواءً كانت لمصدر القرار أو للغير أو لتحقيق غرض سياسي أو مجرد الإخلال بمبدأ المساواة 0
3 – عيب الشكل :-
ذكرنا فيما سبق أن القاعدة الأصل أن القرار الإداري لا يشترط فيه أن يصدر وفق شكل محدد أو وفق شروط تحدد الشكل الذي يصدر فيه ، بل يجوز أن يكون القرار الإداري شفوياً ، وفي هذه الحالة يجوز للإدارة اثباته ، واستثناءً من هذه القاعدة قد ينص القانون على ضرورة اتباع شكليات أو اجراءات معينة في اصدار القرار الإداري ، قد يكون الهدف منها إما تحقيق ضمانة أو ضمانات للأفراد أو ضمان حسن سير المرافق العامة ، وإذا غاب الإجراء أو الشكل الذي تطلبه القانون لحق القرار الإداري عيب في الشكل ولعل من أهم عيوب الشكل في القرار الإداري عيب عدم تسبيب القرار أو عدم سبقه بإجراء تحقيق أو تنسيب أو عدم حصول اجراء بعد اصداره ( نشر القرار مثلاً ) وذلك كله اذا كان القانون ينص على ذلك لأن الأصل هو عدم الزام جهة الإدارة بأي شكل للقرار الإداري أو بأي اجراء سابق أو لاحق لـه إلا إذا نص القانون على ذلك 0
ويعتبر غياب تسبيب القرار الإداري اذا كان القانون ينص على ضرورة تسبيبه من أهم العيوب الشكلية التي تلحق القرار الإداري ، وإذا كانت جهة الإدارة غير ملزمة قانوناً بتسبيب القرار الإداري ولكنها سببته كانت هذه الأسباب محلاً لرقابة القضاء عند الطعن في القرار 0
ومن المستقر فقهاً وقضاءً أن عيوب القرار الإداري الشكلية تقسم الى عيوب جوهرية وأخرى ثانوية أو غير جوهرية ، وتحديد ما اذا كان العيب جوهرياً أم ثانوياً يعود تقديره للقضاء عند النظر في الطعن ، ومن المستقر أنه اذا اعتبر العيب ثانوياً فإنه لا يؤثر في مشروعية القرار ( قرار عدل عليا رقم 419/2001 وقرار عدل عليا رقم 166/2000) 0
4 – عيب الإختصاص :-
أوضحنا سابقاً أن القرار الإداري السليم يجب أن يصدر عن جهة أو شخص خولـه القانون إصداره ، والإختصاص في إصدار القرار الإداري متعلق بالنظام العام ،كون القرار الإداري أحد وسائل جهة الإدارة التي تمارس من خلالها ادارة المرافق العامة ، وكون وظيفة جهة الإدارة هي ممارسة سلطة عامة ، وتهدف من خلال هذه الممارسة تحقيق الصالح العام 0 والأصل أنه اذا مَنَح القانون سلطةً لشخص أو لجهة أن يمارس هذا الشخص أو هذه الجهة السلطة بنفسه ، ولكن يمكن ممارسة الإختصاص عن طريق التفويض ، فإذا كان ممارسة الإختصاص عن طريق التفويض وجب أن يكون التفويض بنص في القانون وأن يكون محدوداً من حيث الزمن ومن حيث النطاق وأن يكون جزئياً لا كلياً وأن يكون تفويضاً للسلطة لا للمسؤولية ولا يعفى المفوِّض ( الأصيل ) من المسؤولية ، ولا يجوز لمن فُوِّض سلطةً أن يفوضها لغيره الا بنص 0
ويعبر عادة عن عيب الإختصاص بعدم الإختصاص ، وعدم الإختصاص هذا إما أن يكون في صورة اغتصاب السلطة الفاحش ، كأن يُصدِر القرار شخصاً عادياً ليس بموظف عام أو أن تمارس جهة الإدارة اختصاصاً قضائياً أو تشريعياً ، أو في صورة عدم اختصاص زماني كأن يصدر موظف مختص قراراً ادارياً قبل اكتسابه صفة الموظف العام فعلاً أو بعد انتهاء صفته كموظف عام ، أو في صورة عدم اختصاص مكاني كأن يصدر محافظ إحدى المحافظات قراراً من اختصاص محافظ محافظة أخرى ، وقد يكون عيب اغتصاب السلطة في صورة قرار سلطة ادارية أعلى في شأن هو من اختصاص سلطة أدنى ، كأن يصدر الوزير قراراً هو من اختصاص أمين عام الوزارة أو يكون في صورة قرار سلطة ادارية أدنى في شأن هو من اختصاص سلطة ادارية أعلى كأن يصدر أمين عام الوزارة قراراً هو من اختصاص الوزير ، أو صدور قرار سلطة ادارية في شأن هو من اختصاص سلطة ادارية أخرى من نفس المستوى ( قرار عدل عليا رقم 8/2004 ، 280/2002 ، 213/2002) 0
خامساً : دعوى الإلغــــــاء :-
عندما يصدر القرار الإداري مشوباً بأحد العيوب المشار اليها سابقاً يكون معرضاً للطعن بدعوى الإلغاء ، ودعوى إلغاء القرار الإداري ليست كالدعاوى الحقوقية التي يقصد رافعها برفعها الزام آخر بالقيام بعمل أو إلزامه بالإمتناع عن القيام بعمل أو بتقرير حق أو واقع ، ولكن دعوى الإلغاء يهدف رافعها الى إلغاء القرار الإداري ، أي الى أن تعلن المحكمة أن القرار قد أخل بمبدأ المشروعية ، ومن هنا سميت دعوى الإلغاء بدعوى المشروعية( المادة (10) من قانون محكمة العد العليا تحدد أسباب الطعن وكلها قائمة على عدم المشروعية )، فهدف القضاء الإداري ( محكمة العدل العليا ) هو مراقبة الإدارة العامة في أدائها لأعمالها عندما تتبع وسيلة القرارات الإدارية في تنفيذ وظيفتها التنفيذية ، وإذا كانت المحاكم العادية توجه أوامر أو نواهٍ ، فإن محكمة القضاء الإداري لا تقوم بهذه المهمة ، فهي تعلن فقط عدم مشروعية القرار الإداري بإلغاءه أو ترد الطعن المقدم لإلغائه ” وتنحصر صلاحية محكمة العدل العليا في قضاء الإلغاء في الحكم إما بقبول الطعن وإلغاء القرار المشكو منه ، أو برد الدعوى ، وليس لها اصدار التوجيهات لمصدر القرار ” ( قرار عدل عليا رقم 80/2003) ، وسوف نقتصر بحثنا هنا على نقاط ثلاثة : الأولى : المصلحة والخصومة في دعوى الإلغاء ، والثانية : الإختصاص بالطعن بالإلغاء ، والثانية : ميعاد الطعن في القرار الإداري 0
1 – المصلحة والخصومة : –
لا تُقبل دعوى إلغاء القرار الإداري من حيث الشكل إلاَّ إذا كانت مرفوعة من ذي مصلحة وكان المستدعى ضده المُخْتصم فيها هو مُصْدر القرار المطعون فيه ، أي الجهة التي أصدرت القرار المطعون فيه ، فالمصلحة كما هو معروف مناط الدعوى ، فلا دعوى بدون مصلحة ، ولا بد أن تكون المصلحة مشروعة وشخصية ومباشرة وأكيدة مادية أو معنوية ، فدعوى الطعن بالقرار الإداري ليست دعوى حسبة ( يمكن أن يرفعها شخص نيابة عن المجتمع ) ويجب أن تظل المصلحة قائمة حتى الحكم في الطعن ، وتنص المادة 9/جـ/2 من قانون محكمة العدل العليا على أن لا تقبل الدعوى المقدمة من أشخاص ليس لهم مصلحة شخصية ، وهذا ما استقرت عليه محكمة العدل العليا ( القرارات 713/2002 ، 19/2003 ، 471/2005 ، 502/2005 ) ، وتنص المادة (10) من قانون محكمة العدل العليا في مطلعها على أن ” تقام الدعاوى على من أصدر القرار المطعون فيه ” فهو الخصم الحقيقي في دعوى الإلغاء ” وتعتبر الخصومة من النظام العام تتصدى لها المحكمة من تلقاء نفسها وفي أي مرحلة من مراحل الدعوى ” ( قرار عدل عليا 102/2002) ، وبديهي أن دعوى الطعن في القرار الإداري إذا لم تكن مرفوعة ضد مُصْدر القرار فإن المحكمة تقضي بردها شكلاً لعدم الخصومة ( قرارات عدل عليا رقم 466 /2005 ، 22/2005 ، 179/2002) 0
2 – الإختصاص بالطعن بالإلغاء : –
نصت المادة (9) من قانون محكمة العدل العليا رقم 12 لسنة 1992 على اختصاص محكمة العدل العليا دون غيرها في المسائل التي بينتها المادة المذكورة ، وفيما يتعلق بالطعن في القرارات الإدارية فقد شملت المادة : القرارات الإدارية النهائية الصادرة بإحالة الموظفين العامين على التقاعد أو الإستيداع أو بفصلهم من وظائفهم أو فقدانهم لها أو ايقافهم عن العمل بغير الطريق القانوني ، والقرارات الإدارية النهائية الصادرة بحق الموظفين العامين من قبل السلطات التأديبية ( دون القرارات الأخرى التي تتعلق بالموظفين العامين كالقرارات المتعلقة بترقيتهم )0
وتختص محكمة العدل العليا في النظر في :-
– الطعون التي يقدمها أي متضرر بطلب إلغاء أي قرار أو إجراء بموجب أي قانون يخالف الدستور أو أي نظام يخالف الدستور أو القانون 0
– الطعون التي يقدمها أي متضرر بطلب وقف العمل بأحكام أي قانون مؤقت مخالف للدستور أو نظام مخالف للقانون أو الدستور 0
– الطعون والمنازعات والمسائل التي تعتبر من اختصاص المحكمة بموجب أي قانون آخر 0
– الدعاوى التي يقدمها الأفراد والهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية 0
– الطعن في أي قرار إداري نهائي حتى لو كان محصناً بالقانون الصادر بمقتضاه 0
– الطعن في أي قرارات نهائية صادرة عن جهات ادارية ذات اختصاص قضائي فيما عدا القرارات الصادرة عن هيئات التوفيق والتحكيم في منازعات العمل 0
وتنص الفقرة (ج/1) من نفس المادة (9) من قانون محكمة العدل العليا على أنه ” لا تختص محكمة العدل العليا بالنظر في الطلبات أو الطعون المتعلقة بأعمال السيادة ” ، وأعمال السيادة هي القرارات التي ” تصدر عن الحكومة باعتبارها سلطة حكم وتباشرها بمقتضى سلطتها العليا 0 أما الأعمال التي تباشرها استنادا للقوانين فترسم الطريق لها وتعين اجراءاتها فتعتبر بحكم القرارات الإدارية ” ( قرار عدل عليا رقم 33/1996) أو ” هي التي تصدر عن الحكومة بصفتها سلطة حكم لا سلطة ادارة ، فتباشر هذه السلطة لتنظيم علاقاتها بالسلطات العامة الأخرى والتي تتمتع بحصانة ضد رقابة القضاء بجميع صورها ومظاهرها ” ( قرار عدل عليا رقم 340/1997) أو ” هي الأعمال التي تقوم بها السلطة التنفيذية بصفتها سلطة حكم لا سلطة ادارة وتمارسها في التطبيق للقوانين والإشراف على علاقات الأفراد بالإدارة المركزية أو الإدارات المحلية وعلاقات الهيئات الإدارية بعضها ببعض فتخرج عن مفهوم أعمال السيادة ( قرار عدل عليا رقم 11/1991) 0
3 – ميعاد الطعن : –
تنص المادة (12) من قانون محكمة العدل العليا رقم 12 لسنة 1992 على :-
أ – مع مراعاة أحكام الفقرتين (ب) و (ج) من هذه المادة تقام الدعوى لدى المحكمة باستدعاء خطي يقدم اليها خلال (60) ستين يوماً من تاريخ تبليغ القرار الإداري المشكو منه للمستدعي أو من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية أو بأية طريقة أخرى اذا كان التشريع ينص على العمل بالقرار من ذلك التاريخ أو يقضي بتبليغه لذوي الشأن بتلك الطريقة 0
ب – في حالة رفض الجهة المختصة اتخاذ القرار أو امتناعها عن ذلك وفقا لما هو مبين في المادة (11) من هذا القانون تبدأ مدة الطعن المنصوص عليها في الفقرة (أ) من هذه المادة بعد انقضاء (30) ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم المستدعي طلباً خطياً لتلك الجهة لتتخذ ذلك القرار 0
جـ- تقبل دعوى الطعن بالقرارات الإدارية المنعدمة في أي وقت دون التقيد بمعياد 0
ويكون ميعاد الطعن في القرار الإداري (60) يوما إلا اذا ورد نص في قانون خاص أن مدة الطعن غير ذلك بالنسبة لقرارات معينة ، فقد جاء في قضاء محكمة العدل العليا :-
” إن قانون نقابة المحامين قانون خاص أنيط به تنظيم مهنة المحاماة ، وقد أفرد هذا القانون نصاً خاصاً للطعن بقرارات قبول تسجيل اسم المحامي في السجل الخاص أو رفضه أو استبعاده خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تبليغ صاحب الشأن ، وفقاً لأحكام المادة (99) من القانون ، وهو القانون الواجب التطبيق ، أما ميعاد الطعن المنصوص عليه في المادة (12/أ) من قانون محكمة العدل العليا والمحدد بستين يوماً ، فلا يرد القول بأنه لاحق لقانون نقابة المحامين وأنه واجب التطبيق ، بداعي أن المادة (31) من قانون محكمة العدل العليا نصت على إلغاء أي حكم أو نص يتعارض مع نصوص قانون محكمة العدل العليا ، إذ أن هذا النص يطبق على القرارات الإدارية التي لم يرد فيها ميعاد الطعن بقوانين خاصة ، وأن قانون محكمة العدل العليا وأن كان قانوناً خاص فإن قانون نقابة المحامين قانون أخص فيما يتعلق بالمواضيع التي أراد الشارع تنظيمها بهذا القانون ( قرار عدل عليا رقم 526/2003) ، كما يطبق حساب الميعاد المنصوص عليه في الفقرة (ب) من المادة (12) من قانون محكمة العدل العليا على القرارات الضمنية المشمولة بالميعاد المنصوص عليه في قانون خاص ، حيث أستقر قضاء محكمة العدل العليا على :-
” أن مدة الطعن في هذا القرار البالغة خمسة عشر يوماً المنصوص عليها في المادة (99/أ) المشار إليها ، تبدأ بعد انقضاء ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم الطلب لمجلس النقابة ، وذلك وفقاً للمادة (12/ب) من قانون محكمة العدل العليا ( نفس قرار عدل عليا رقم 526/2003)
” ومن المستقر عليه في الفقه والقضاء الإداريين أن يبدأ ميعاد الطعن بالإلغاء طبقاً للقانون من تاريخ نشر القرار المطعون فيه أو إعلان صاحب الشأن به وقد أضاف القضاء الإداري الى ذلك أن المدة تبدأ أيضاً من تاريخ العلم اليقيني بالقرار” ( قرار عدل عليا 226/2005) 0
وتنص المادة (23) من قانون محكمة العدل العليا رقم 12 لسنة 1992 على :-
أ – إذا لم يحضر المستدعي أمام المحكمة في الموعد المحدد للمباشرة في النظر في دعواه أو تخلف عن حضور أي جلسة من جلسات المحاكمة فيها دون عذر مشروع تقبله المحكمة فتقرر المحكمة ردها ، على أنه يحق لذلك الشخص تقديم دعوى جديدة0
ب – إذا لم يحضر المستدعى ضده في أي جلسة من جلسات المحاكمة في الدعوى دون عذر مشروع ، فتجري محاكمته فيها بصورة غيابية على أنه يحق لـه أن يحضر جلسات المحاكمة التالية وإبداء الدفوع القانونية لا الواقعية 0
– وقد جرى اجتهاد محكمة العدل العليا على أن المدة القانونية التي يتوجب على المستدعي الذي ردت دعواه للغياب أن يتقدم بها هي مدة جديدة تبدأ من تاريخ تبليغه قرار رد الدعوى للغياب ( قرار عدل عليا رقم 12/2004 ) 0
اترك تعليقاً