جرية الزنا حسب القانون المصري
بحث صغير عن جريمة الزنا بالقانون المصري والشريعة الاسلامية
محاماة نت – فيس بوك – ناصر الفقيه للمحاماة
لكى نعرض لجريمة الزنا فى القوانين المصرية ، يجب ان نفرق بين جريمة الزنا والجرائم الأخرى المشابهة فى القانون المصرى ، حتى لا يختلط الامر على القارى .
-1جريمة الزنا : هو ممارسة الرذيلة من قبل احد الازواج بالتراضى فاذا لم يكن احد الاطراف متزوج فلا يعتبر زنا من منظور القانون
-2جريمة الأغتصاب : هو مواقعة انثى بغير رضاها
-3جريمة الدعارة : هى اعتياد ممارسة الرذيلة بمقابل فاذا لم يكن هناك مقابل لا تكون جريمة الدعارة
-4هتك العرض : هى الجريمة التى تقع على الاشخاص سواء كان ذكر او انثى عن طريق ملامسة اعضاء المجنى عليه ” ذكرا او انثى ” التى تعتبر من قبيل العورات وسواء كان الجانى ذكرا او انثى .
الزنا فى قانون العقوبات :
كما اشرنا أنفا فالزنا فى القانون لا يكون الأ من قبل أحد الأزواج ام غير ذلك فلا يعتبر زنا من منظور القانون فاذا قام رجل وامراة بممارسة الرذيلة برضاءهم و بدون مقابل فلا يقعون تحت طائلة القانون ، وفى راينا فان ذلك يطرح العديد من علامات الاستفهام ، فهل من العدل أن يعاقب شخص على ارتكابه فعل ولايعاقب شخص اخر على ارتكابه الفعل نفسه ؟ وهل هناك فرق بين الاول والثانى طالما أن الفعل المعاقب عليه واحد …. وهل ضرر الثانى بجريمته اقل من ضرر الاول ؟ وهل ذلك حافز لغير المتزوجين على ارتكاب هذه الجريمة ؟
ومن الغريب أن الزوج اذا قام بهذا الفعل خارج منزل الزوجية ، فلا يعتبر مرتكب لجريمة الزنا فى نظر القانون وكانه عندما يكون خارج المنزل يكون شخص اخر أو قد يكون يكون ارتكابه للزنا خارج منزل الزوجية اقل ضررا ، ومع ذلك فالزوجة تعتبر مرتكبة لجريمة الزنا سوى كانت داخل المنزل أو خارجه .
أما بالنسبة لعقوبة الزنا فى القانون المصرى فانها تدعو الى الدهشة ، حيث انه اذا ارتكبت الزوجة لجريمة الزنا فانها تعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين فى حين ان الزوج اذا ارتكب ذات الجريمة فانه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة شهور وفى هذه النقطة يفتقد القانون الى العمومية و التجريد وطبعا لا تعليق .
الزنا فى قانون الاجراءت الجنائية :
من العجيب أن تقيد دعوى الزنا فى قانون الاجراء الجنائية بقيد الشكوى ، فلا تستطيع اى جهة سوى كانت النيابة العامة اوسلطة الضبط التحرك او تحريك الدعوى الا بناء على شكوى ، لانها من المواد التى قيدها القانون بقيد الشكوى ، وهى الجرائم التى نص عليها القانون فى المواد 174 ( زنا الزوجة ) ، والمادة 277 (زنا الزوج ) من قانون العقوبات ، ففى حالة زنا الزوجة لا يحق للنيابة العامة او الشرطة و سلطات الضبط القبض او التحرك الا بناء على شكوى من الزوج و العكس ، ومن الغريب أن يتم تعليل ذلك من
قبل فقهاء القانون بقولهم :
“المجنى عليه قد يرى أن الاضرار التى تقع عليه من جراء محاكمة الجانى اشد ضررا من الضرر الناشى عن ارتكاب الجريمة ذاتها لذلك فالمجنى عليه قد يؤثر اأن يتحمل بالضرر الناشى عن الجريمة على ان تتم محاكمة الجانى لما فى اجراءات المحاكمة من العلانية و الزيوع مما يؤدى الى اثارة فضيحة لا تصيب الجانى وحده وانما قد يمتد اثرها الى اسرته كلها”.[1]
فلو فرضنا أن هذا الكلام صحيح فأين حق المجتمع من تطبيق العقوبة على الجانى ، ومن حقه فى مجازاة المذنب حتى لا تنتشر الجريمة داخل المجتمع ، فابسط قواعد العدالة تطالبنا بمعاقبة الجانى دون رحمة أو رافة ، طالما ثبتت ادانته دون عذر او مبرر ، حتى لا يظلم من تضرر بسبب هذه الجريمة ، وحتى يتحقق مقصد المشرع من وضع العقوبات .
والذى لا يعلمه الا القليل ، أن جريمة الزنا اذا تم التلبس فيها فانه لا يتم اتخاذ اى اجراء فيها الا اذا شكى من يحق له الشكوى ، سوى كان الزوج أو الزوجة .
سقوط الحق فى الشكوى :
انا اعلم أن الكثير سوف يصدم عندما يعلم أن الحق فى الشكوى الذى علقنا عليه انفا رغم ذلك قد يسقط فى حالتين ، ابسط ما يقال عن هاتين الحاتين انهما مخالفتين لثقافتنا و تاريخنا و لكافة الاديان السماوية ، وهاتين الحالتين هما :
أ- سبق ارتكاب الزوج لجريمة الزنا :
” فاذا كان قد سبق للزوج المجنى عليه أن ارتكب جريمة الزنا فى المسكن المقيم فيه مع زوجته فلا تسمع دعواه عليها ( طبقا لنص المادة 273 من قانون العقوبات ) ولكن العكس غير صحيح فسبق ارتكاب الزوجة لجريمة الزنا لا يترتب عليه سقوط حقها فى تقديم الشكوى فى حالة ارتكاب الزوج لجريمة الزنا”. [2]
هل هذا يعقل اذا ارتكب شخص لجريمة وارتكب اخر بعده ذات الجريمة فلا يطبق العقاب على الثانى لأن الاول سبق وان ارتكب هذه الجريمة ، وهل من العدل أن يتم تقييد طرف فى الشكوى فى جريمة ولا تقيد الاخر فى نفس الجريمة .
ب- رضا الزوج مقدما بارتكاب زوجته جريمة الزنا :
من الغريب أن يتجه القضاء المصرى الى أن رضا الزوج مبرر لافلات الزوجة من العقاب ، ولو قلنا
بصحة هذه الفرضية فلماذا لايتم تعميمها على بقية الجرائم ، فلماذا لا يكون رضاء الزوج بان تمارس زوجته السرقة مبررا لافلاتها من العقاب ، ومن الغريب أن القضاء الفرنسى لا يسقط حق الزوج فى الشكوى فى هذه الحالة .
التنازل عن الشكوى
من المفارقات فى القانون و التى تعتبر من الحالات النادرة ، أن القانون اجاز لزوج المراة الزانية التنازل عن الشكوى ، حتى لو صدر فيها حكم واجب النفاذ ، فمن الممكن بعد صدور الحكم وتنفيذه ، أن يذهب الزوج الى النيابة العامة و يتنازل و يتم الامر باخراجها من السجن من ساعتها ، وكأن الجريمة ارتكبت فى حق الزوج فقط ولا يترتب عليها عواقب تضر بالمجتمع ، وبالتالى فيصبح تطبيق القانون خاضع لرغبات واهواء الافراد، ولو تم تعميم هذه القاعدة فيحق للمسروق أن يخرج السارق والمظلوم ان يخرج الظالم سوء برضاه او اجبر على ذلك من ذوى النفوذ والقوة ، وبالتالى لن يكون هناك قانون أو عدالة .
الزنا فى الشريعة الاسلامية :
تعريف الزنا :
الزِّنا : وَطءُ الذكر للأُنثى حراماً من دون عقد ، و عند فقهائنا هو إيلاج البالغ العاقل ذَكَرَهُ قدر الحشفة في فرج الأُنثى المُحَرَّمة من غير عقد و لا ملك و لا شُبهة عالما مختارا .
و الزاني : فاعل الزنا ، و الجمعُ زناة كقُضاة .
حكم الزنا :
و الزنا حرام في الشريعة الإسلامية بنص القرآن الكريم ، فقد قال الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً ﴾ .
و قال عَزَّ مِنْ قائل : ﴿ الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ .
و قال جَلَّ جَلالُه : ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ﴾ .[3]
حكمة تحريمه
من الحكمة فى تحريم الزنا المحافظة على طهارة المجتمع الاسلامى ، و صيانة اعراض لمسلمين ، وطهارة نفوسهم ، والأبقا على كرامتهم ، والحفاظ على شرف أنسابهم و صفاء أرواحهم .
حد الزنا
يختلف باختلاف صاحبه ، فإن كان الزانى غير محصن وهو الذى لم سبق له أن تزوج زواجاً
شرعيا خلا فيه بالزوجة ووطئها فيه ، فإنه يجلد مائة جلدة ويغرب عاماً عن بلده ، والزانية غير المحصنة مثله إلا أن تغريبها إن كان يسبب مفسدة فلا تغرب ؛ لقوله تعالى : ” الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ [النور : 2 ] ، ولقول ابن عمررضى اله عنه أن النى صلى الله عليه وسلم : ” ضرب و غرب ، و أن أبا بكر ضرب و غرب و أن عمر ضرب وغرب ” . و إن كان عبداً جلد خمسين جلدة ، ولم يغرب ؛ لما يضيع من حقوق سيده من خدمته له .
وإذا كان الزانى محصناً أو محصنةً رُجٍمَ بالحجارة حتى يموت ؛ لما كان يتلى ونسخ : (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم )ولامر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرجم و فعله فقد رجم الغامدية و ماعزاً رضى الله عنهما ، ورجم اليهوديين لعنة الله عليهما
شروط اقامة حد الزنا
يشترط فى اقامة الحد على الزناة ما يلى :
1- أن يكون الزانى مسلماً عاقلاً ، مختاراً غير مكره ؛ لقول النبى صلى الله عليه وسلم ” رفع
القلم عن ثلاثة : عن الصبى حتى يحتلم ، والنائم حتى يستيقظ ، و الجنون حتى يفيق ” . وقوله صلى الله عليه وسلم “رفع عن أمتى الخطأ والنسيان و ما استكرهوا عليه “
2- أن يثبت الزنى ثبوتاً قطعياً ، وذلك باقراره على نفسه ، وهو فى حالته الطبيعية بأنه زنى ، أوبشهادة أربعة شهود عدول بأنهم رأوه يزنى و شاهدوا ففرجه فى فرج الزنى بها كالمرودِ فى المكحلة والرشا فى البئر لقوله تعالى ” وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ ” [النساء : 15] .
ولقوله صلى الله عليه وسلم لماعز: “انكحتها ؟” قال : نعم ، قال : ” كما يغيب المرود فى المكحلة و الرشا فى البئر ؟ …” .
أو بظهور الحمل إن سئلت عنه و لم تات ببينة تدرؤُعنها الحد ككونها اغتصبت ، او وطئت بشبهة ، او بجهل لتحريم الزنى . فإن أتت بشبهة لم يقم عليها الحد ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم ” ادرؤوا الحدود بالشبهات ” وقوله صلى الله عليه وسلم ” لوكنت راجماً احداً بغير بينة لرجمتها ” قاله فى امراة العجلانى .
3- أ، لا يرجع الزان عن إقراره ، فإن رجع قبل إقامة الحد عليه بان كذب نفسه وقال لم ازن لم
يقم عليه الحد ؛ لما صح أ، ماعزاً لما ضرب بالحجارة فر ، ولكن الصحابة أدركوه وضربوه حتى مات ، فاخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك فقال : ” فهلا تركتموه ! ” فكانه صلى الله عليه وسلم قد اعتبر فراره رجوعا عن اعترافه . وقد ورد أنه لما كان هارباً كان يقول : ردونى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن قومى قتلونى و غرونى من نفسى ، واخبرونى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير قاتلى .
4- كيفية إقامة الحد على الزناة : أن يحفر للزانى فى الارض حفرة تبلغ إلى صدره فيوضع فيها ويرمى بالحجارة حتى يموت بمحضر الامام أو نائبه ، و جماعة من المسلمين لا يقل عددهم عن أربعة أنفار ؛ لقوله تعالى : ” وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ المُؤْمِنِين ” [سورة النور : 2 ]
والمراة كالرجل غير أنها تشد عليها ثيابها لئلا تنكشف .
هذا بالنسبة إلى الرجم . وأما الجلد لغير المحصن ، فعلى كيفية حد القذف ، وشرب الخمر.[4
5- فى حالة عدم اكتمل نصاب الشهود الى اربعة ، لا يتم تطبيق حد الزنا ، ويتم جلد الذى قام بالاتهام طبقا لحد القذف فيجلد ثمانين جلدة وتسقط عدالته ولا تقبل شهادته بعد ذلك ، لقوله تعالى :
“والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون ” سورة النور الاية4.
6فى حالة اتهام الرجل زوجته بارتكاب جريمة الزنا ولم يكن معه شهود فلا يطبق عليه حد القذف وانما يتم تطبيق حد اللعان عليه وعلى زوجه فيشهد اربعة شهادات بالله انه لمن الصادقين وفى الخامسة ان لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين وهى تدفع عن نفسها العذاب بان تشهد اربعة شهادات بالله انه لمن الكاذبين وأن غضب الله عليها أ، كان من الصادقين ويتم التفريق بينهم ولا يتم الجمع بينهم ابدا لقوله صلى الله عليه وسلم ” المتلاعنان إذا تفرقا لا يجتمعان أبداً ” صدق رسول الله ، وان حدث حمل وولادة ينسب الولد لامه
لقد تم العرض لجريمة الزنا فى الشريعة الاسلامية ومن الملاحظ ان الشريعة الاسلامية احسنت فى تشديد العقوبة حتى يكون العقاب رادعا كما راعت الاختلافات بين المتزوجين وغيرهم كما اخذت الاحتياطات اللازمة لاثباتها كما ان العقوبة تطبق سواء قبل الزوج ام لم يقبل كما ان عقوباتها عامة فلا يستطيع احد ارتكب هذه الجريمة ان يفلت من العقاب .
ومن هنا تبين لنا الفارق الشاسع بينا الشريعة الاسلامية والقانون الذى به بعض الثغرات التى نرجو سدها مع تعديل المواد بما يوافق مجتمعنا المحافظ وثقافتنا
صورة: بحث صغير عن جريمة الزنا
بالقانون المصرى والشريعة الاسلامية
لكى نعرض لجريمة الزنا فى القوانين المصرية ، يجب ان نفرق بين جريمة الزنا والجرائم الأخرى المشابهة فى القانون المصرى ، حتى لا يختلط الامر على القارى .
-1جريمة الزنا : هو ممارسة الرذيلة من قبل احد الازواج بالتراضى فاذا لم يكن احد الاطراف متزوج فلا يعتبر زنا من منظور القانون
-2جريمة الأغتصاب : هو مواقعة انثى بغير رضاها
-3جريمة الدعارة : هى اعتياد ممارسة الرذيلة بمقابل فاذا لم يكن هناك مقابل لا تكون جريمة الدعارة
-4هتك العرض : هى الجريمة التى تقع على الاشخاص سواء كان ذكر او انثى عن طريق ملامسة اعضاء المجنى عليه ” ذكرا او انثى ” التى تعتبر من قبيل العورات وسواء كان الجانى ذكرا او انثى .
الزنا فى قانون العقوبات :
كما اشرنا أنفا فالزنا فى القانون لا يكون الأ من قبل أحد الأزواج ام غير ذلك فلا يعتبر زنا من منظور القانون فاذا قام رجل وامراة بممارسة الرذيلة برضاءهم و بدون مقابل فلا يقعون تحت طائلة القانون ، وفى راينا فان ذلك يطرح العديد من علامات الاستفهام ، فهل من العدل أن يعاقب شخص على ارتكابه فعل ولايعاقب شخص اخر على ارتكابه الفعل نفسه ؟ وهل هناك فرق بين الاول والثانى طالما أن الفعل المعاقب عليه واحد …. وهل ضرر الثانى بجريمته اقل من ضرر الاول ؟ وهل ذلك حافز لغير المتزوجين على ارتكاب هذه الجريمة ؟
ومن الغريب أن الزوج اذا قام بهذا الفعل خارج منزل الزوجية ، فلا يعتبر مرتكب لجريمة الزنا فى نظر القانون وكانه عندما يكون خارج المنزل يكون شخص اخر أو قد يكون يكون ارتكابه للزنا خارج منزل الزوجية اقل ضررا ، ومع ذلك فالزوجة تعتبر مرتكبة لجريمة الزنا سوى كانت داخل المنزل أو خارجه .
أما بالنسبة لعقوبة الزنا فى القانون المصرى فانها تدعو الى الدهشة ، حيث انه اذا ارتكبت الزوجة لجريمة الزنا فانها تعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين فى حين ان الزوج اذا ارتكب ذات الجريمة فانه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة شهور وفى هذه النقطة يفتقد القانون الى العمومية و التجريد وطبعا لا تعليق .
الزنا فى قانون الاجراءت الجنائية :
من العجيب أن تقيد دعوى الزنا فى قانون الاجراء الجنائية بقيد الشكوى ، فلا تستطيع اى جهة سوى كانت النيابة العامة اوسلطة الضبط التحرك او تحريك الدعوى الا بناء على شكوى ، لانها من المواد التى قيدها القانون بقيد الشكوى ، وهى الجرائم التى نص عليها القانون فى المواد 174 ( زنا الزوجة ) ، والمادة 277 (زنا الزوج ) من قانون العقوبات ، ففى حالة زنا الزوجة لا يحق للنيابة العامة او الشرطة و سلطات الضبط القبض او التحرك الا بناء على شكوى من الزوج و العكس ، ومن الغريب أن يتم تعليل ذلك من قبل فقهاء القانون بقولهم :
“المجنى عليه قد يرى أن الاضرار التى تقع عليه من جراء محاكمة الجانى اشد ضررا من الضرر الناشى عن ارتكاب الجريمة ذاتها لذلك فالمجنى عليه قد يؤثر اأن يتحمل بالضرر الناشى عن الجريمة على ان تتم محاكمة الجانى لما فى اجراءات المحاكمة من العلانية و الزيوع مما يؤدى الى اثارة فضيحة لا تصيب الجانى وحده وانما قد يمتد اثرها الى اسرته كلها”.[1]
فلو فرضنا أن هذا الكلام صحيح فأين حق المجتمع من تطبيق العقوبة على الجانى ، ومن حقه فى مجازاة المذنب حتى لا تنتشر الجريمة داخل المجتمع ، فابسط قواعد العدالة تطالبنا بمعاقبة الجانى دون رحمة أو رافة ، طالما ثبتت ادانته دون عذر او مبرر ، حتى لا يظلم من تضرر بسبب هذه الجريمة ، وحتى يتحقق مقصد المشرع من وضع العقوبات .
والذى لا يعلمه الا القليل ، أن جريمة الزنا اذا تم التلبس فيها فانه لا يتم اتخاذ اى اجراء فيها الا اذا شكى من يحق له الشكوى ، سوى كان الزوج أو الزوجة .
سقوط الحق فى الشكوى :
انا اعلم أن الكثير سوف يصدم عندما يعلم أن الحق فى الشكوى الذى علقنا عليه انفا رغم ذلك قد يسقط فى حالتين ، ابسط ما يقال عن هاتين الحاتين انهما مخالفتين لثقافتنا و تاريخنا و لكافة الاديان السماوية ، وهاتين الحالتين هما :
أ- سبق ارتكاب الزوج لجريمة الزنا :
” فاذا كان قد سبق للزوج المجنى عليه أن ارتكب جريمة الزنا فى المسكن المقيم فيه مع زوجته فلا تسمع دعواه عليها ( طبقا لنص المادة 273 من قانون العقوبات ) ولكن العكس غير صحيح فسبق ارتكاب الزوجة لجريمة الزنا لا يترتب عليه سقوط حقها فى تقديم الشكوى فى حالة ارتكاب الزوج لجريمة الزنا”. [2]
هل هذا يعقل اذا ارتكب شخص لجريمة وارتكب اخر بعده ذات الجريمة فلا يطبق العقاب على الثانى لأن الاول سبق وان ارتكب هذه الجريمة ، وهل من العدل أن يتم تقييد طرف فى الشكوى فى جريمة ولا تقيد الاخر فى نفس الجريمة .
ب- رضا الزوج مقدما بارتكاب زوجته جريمة الزنا :
من الغريب أن يتجه القضاء المصرى الى أن رضا الزوج مبرر لافلات الزوجة من العقاب ، ولو قلنا
بصحة هذه الفرضية فلماذا لايتم تعميمها على بقية الجرائم ، فلماذا لا يكون رضاء الزوج بان تمارس زوجته السرقة مبررا لافلاتها من العقاب ، ومن الغريب أن القضاء الفرنسى لا يسقط حق الزوج فى الشكوى فى هذه الحالة .
التنازل عن الشكوى
من المفارقات فى القانون و التى تعتبر من الحالات النادرة ، أن القانون اجاز لزوج المراة الزانية التنازل عن الشكوى ، حتى لو صدر فيها حكم واجب النفاذ ، فمن الممكن بعد صدور الحكم وتنفيذه ، أن يذهب الزوج الى النيابة العامة و يتنازل و يتم الامر باخراجها من السجن من ساعتها ، وكأن الجريمة ارتكبت فى حق الزوج فقط ولا يترتب عليها عواقب تضر بالمجتمع ، وبالتالى فيصبح تطبيق القانون خاضع لرغبات واهواء الافراد، ولو تم تعميم هذه القاعدة فيحق للمسروق أن يخرج السارق والمظلوم ان يخرج الظالم سوء برضاه او اجبر على ذلك من ذوى النفوذ والقوة ، وبالتالى لن يكون هناك قانون أو عدالة .
الزنا فى الشريعة الاسلامية :
تعريف الزنا :
الزِّنا : وَطءُ الذكر للأُنثى حراماً من دون عقد ، و عند فقهائنا هو إيلاج البالغ العاقل ذَكَرَهُ قدر الحشفة في فرج الأُنثى المُحَرَّمة من غير عقد و لا ملك و لا شُبهة عالما مختارا .
و الزاني : فاعل الزنا ، و الجمعُ زناة كقُضاة .
حكم الزنا :
و الزنا حرام في الشريعة الإسلامية بنص القرآن الكريم ، فقد قال الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً ﴾ .
و قال عَزَّ مِنْ قائل : ﴿ الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ .
و قال جَلَّ جَلالُه : ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ﴾ .[3]
حكمة تحريمه
من الحكمة فى تحريم الزنا المحافظة على طهارة المجتمع الاسلامى ، و صيانة اعراض لمسلمين ، وطهارة نفوسهم ، والأبقا على كرامتهم ، والحفاظ على شرف أنسابهم و صفاء أرواحهم .
حد الزنا
يختلف باختلاف صاحبه ، فإن كان الزانى غير محصن وهو الذى لم سبق له أن تزوج زواجاً
شرعيا خلا فيه بالزوجة ووطئها فيه ، فإنه يجلد مائة جلدة ويغرب عاماً عن بلده ، والزانية غير المحصنة مثله إلا أن تغريبها إن كان يسبب مفسدة فلا تغرب ؛ لقوله تعالى : ” الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ [النور : 2 ] ، ولقول ابن عمررضى اله عنه أن النى صلى الله عليه وسلم : ” ضرب و غرب ، و أن أبا بكر ضرب و غرب و أن عمر ضرب وغرب ” . و إن كان عبداً جلد خمسين جلدة ، ولم يغرب ؛ لما يضيع من حقوق سيده من خدمته له .
وإذا كان الزانى محصناً أو محصنةً رُجٍمَ بالحجارة حتى يموت ؛ لما كان يتلى ونسخ : (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم )ولامر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرجم و فعله فقد رجم الغامدية و ماعزاً رضى الله عنهما ، ورجم اليهوديين لعنة الله عليهما
شروط اقامة حد الزنا
يشترط فى اقامة الحد على الزناة ما يلى :
1- أن يكون الزانى مسلماً عاقلاً ، مختاراً غير مكره ؛ لقول النبى صلى الله عليه وسلم ” رفع
القلم عن ثلاثة : عن الصبى حتى يحتلم ، والنائم حتى يستيقظ ، و الجنون حتى يفيق ” . وقوله صلى الله عليه وسلم “رفع عن أمتى الخطأ والنسيان و ما استكرهوا عليه “
2- أن يثبت الزنى ثبوتاً قطعياً ، وذلك باقراره على نفسه ، وهو فى حالته الطبيعية بأنه زنى ، أوبشهادة أربعة شهود عدول بأنهم رأوه يزنى و شاهدوا ففرجه فى فرج الزنى بها كالمرودِ فى المكحلة والرشا فى البئر لقوله تعالى ” وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ ” [النساء : 15] .
ولقوله صلى الله عليه وسلم لماعز: “انكحتها ؟” قال : نعم ، قال : ” كما يغيب المرود فى المكحلة و الرشا فى البئر ؟ …” .
أو بظهور الحمل إن سئلت عنه و لم تات ببينة تدرؤُعنها الحد ككونها اغتصبت ، او وطئت بشبهة ، او بجهل لتحريم الزنى . فإن أتت بشبهة لم يقم عليها الحد ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم ” ادرؤوا الحدود بالشبهات ” وقوله صلى الله عليه وسلم ” لوكنت راجماً احداً بغير بينة لرجمتها ” قاله فى امراة العجلانى .
3- أ، لا يرجع الزان عن إقراره ، فإن رجع قبل إقامة الحد عليه بان كذب نفسه وقال لم ازن لم
يقم عليه الحد ؛ لما صح أ، ماعزاً لما ضرب بالحجارة فر ، ولكن الصحابة أدركوه وضربوه حتى مات ، فاخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك فقال : ” فهلا تركتموه ! ” فكانه صلى الله عليه وسلم قد اعتبر فراره رجوعا عن اعترافه . وقد ورد أنه لما كان هارباً كان يقول : ردونى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن قومى قتلونى و غرونى من نفسى ، واخبرونى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير قاتلى .
4- كيفية إقامة الحد على الزناة : أن يحفر للزانى فى الارض حفرة تبلغ إلى صدره فيوضع فيها ويرمى بالحجارة حتى يموت بمحضر الامام أو نائبه ، و جماعة من المسلمين لا يقل عددهم عن أربعة أنفار ؛ لقوله تعالى : ” وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ المُؤْمِنِين ” [سورة النور : 2 ]
والمراة كالرجل غير أنها تشد عليها ثيابها لئلا تنكشف .
هذا بالنسبة إلى الرجم . وأما الجلد لغير المحصن ، فعلى كيفية حد القذف ، وشرب الخمر.[4
5- فى حالة عدم اكتمل نصاب الشهود الى اربعة ، لا يتم تطبيق حد الزنا ، ويتم جلد الذى قام بالاتهام طبقا لحد القذف فيجلد ثمانين جلدة وتسقط عدالته ولا تقبل شهادته بعد ذلك ، لقوله تعالى :
“والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون ” سورة النور الاية4.
6فى حالة اتهام الرجل زوجته بارتكاب جريمة الزنا ولم يكن معه شهود فلا يطبق عليه حد القذف وانما يتم تطبيق حد اللعان عليه وعلى زوجه فيشهد اربعة شهادات بالله انه لمن الصادقين وفى الخامسة ان لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين وهى تدفع عن نفسها العذاب بان تشهد اربعة شهادات بالله انه لمن الكاذبين وأن غضب الله عليها أ، كان من الصادقين ويتم التفريق بينهم ولا يتم الجمع بينهم ابدا لقوله صلى الله عليه وسلم ” المتلاعنان إذا تفرقا لا يجتمعان أبداً ” صدق رسول الله ، وان حدث حمل وولادة ينسب الولد لامه
لقد تم العرض لجريمة الزنا فى الشريعة الاسلامية ومن الملاحظ ان الشريعة الاسلامية احسنت فى تشديد العقوبة حتى يكون العقاب رادعا كما راعت الاختلافات بين المتزوجين وغيرهم كما اخذت الاحتياطات اللازمة لاثباتها كما ان العقوبة تطبق سواء قبل الزوج ام لم يقبل كما ان عقوباتها عامة فلا يستطيع احد ارتكب هذه الجريمة ان يفلت من العقاب .
ومن هنا تبين لنا الفارق الشاسع بينا الشريعة الاسلامية والقانون الذى به بعض الثغرات التى نرجو سدها مع تعديل المواد بما يوافق مجتمعنا المحافظ وثقافتنا
10 نوفمبر، 2017 at 10:10 ص
مجهود ممتاز