المفاضلة بين قانون الجنسية والموطن والقانون الواجب التطبيق على الحالة والاهلية
مفاضلة بين قانون الجنسية والموطن :
الأحوال الشخصية تعنى بالمسائل المتعلقة بالأشخاص و يطبق عليها القانون الشخصي وقد اختلف الفقهاء والتشريعات في ضابط الإسناد الخاص بالقانون الشخصي فانقسموا إلى فريقين:
احدهما يدعو لإسناد الأحوال الشخصية إلى قانون الجنسية والآخر يدعو لإسنادها إلى قانون الموطن.
ولكل منهما حجج اعتمد عليها.
حجج مناصري القانونين :
حجج مناصري قانون الجنسية :
1- ق. الجنسية يضمن الاستقرار للق.المطبق ولا يشكل صعوبة في تحديده.
إذا كان الق. الشخصي هو الق. الذي يتبع الشخص بصفة مستمرة لا يشك احد بان الجنسية تعتبر أحسن عامل للإسناد من الموطن لان هذا الأخير يمكن تغييره بسهولة على خلاف الجنسية. وإضافة إلى ذلك فان التغيير المستمر للموطن من شانه خلق صعوبات في تحديده وذلك نادر الوقوع بالنسبة للجنسية.
إذن فضرورة استقرار الأحوال الشخصية وثباتها يقتضي إسنادها لق. الجنسية باعتبارها عنصر دائم ومتميز للفرد وليس من السهل تغييرها بينما علاقة الموطن مؤقتة وخاضعة لإرادة الشخص وتغييرها محتمل.
2- يقول الفقيه ماثنيني زعيم مدرسة شخصية القوانين:”القوانين يجب أن تكون مرآة عاكسة لأخلاق الرعايا وتقاليدهم ومشاعرهم أينما كانوا وأنها تمثل الثياب التي فصلت عليهم بالتمام”.
إذن فرعايا الدولة هم كيانها واحد أركانها الأساسية لذا فالدولة تضع قوانين الأحوال الشخصية لهم وحدهم دون الأجانب وهذه القوانين يجب أن تتبعهم لأي مكان كان.
3- الجنسية عبارة عن رابطة روحية بين الأفراد والدولة وهي أهم من رابطة الموطن المادية المؤقتة لذا فالأخذ بها كضابط إسناد ينمي الشعور القومي في نفوس رعايا الدولة ويجعلهم مرتبطين بوطنهم رغم بعدهم عنه.
4- إن سفارات الدولة وقنصلياتها توفر الحماية الق. لرعاياها في الخارج فيجرون تصرفاتهم وفقا لق. جنسيتهم أما إن اندمجوا مع سكان موطنهم الجديد وطبقت عليهم قوانينه فتنقطع صلتهم بوطنهم بدليل أن الدول التي تأخذ بق. الموطن تسمح أيضا لمواطنيها في الخارج بإجراء تصرفاتهم طبقا لقانونهم الوطني عن طريق الحماية الدبلوماسية والسياسية حفاظا على الرابطة الروحية بينهم وبين وطنهم.
حجج مناصري قانون الموطن :
1- إن مصلحة الأسرة تقتضي توحيد الق. الذي يحكم أحوالها الشخصية وموطن الأسرة أسهل توحيدا من جنسيتها.
2- موطن الشخص هو مركز مصالحه ومقره الق. وهو المكان الذي يباشر فيه حقوقه ومصالحه لذا فق. الموطن يضمن مصلحة الفرد ويجنبه الخضوع لق. يختلف عن نظامه الق. خاصة أن المهاجرين يندمجون في وطنهم الجديد لذا فهو أحسن وسيلة حتى لا يبقوا مهمشين فتطبق عليهم قوانين دولة الإقامة في أحوالهم ش
3- يعتبر ق. الموطن في الغالب ق. القاضي فتطبيقه أسهل مقارنة مع ق. الجنسية الذي يعد أجنبيا وقد يخطئ القاضي في تفسيره وتحديده كما أن الرأي الراجح مستقر فقها وقضاء على اعتماد ق. الموطن فيما يخص عديمي الجنسية إضافة لصعوبة تحديد ق. الجنسية الواجب التطبيق في حالة تعددها.
4- اعتماد ق. الجنسية في البلد التي يكثر فيها الأجانب يؤدي لتكوين جاليات أجنبية تضر بسيادة الدولة وتقلل من مجال تطبيق قوانينها على إقليمها في حين أن ق. الموطن يحافظ على المصالح العليا لدول الهجرة كفرنسا حيث تتجه سياستها لإدماج المهاجرين.
تقييم الحجج :
إن القول بالاستناد إلى احد القانونين بصفة مطلقة غير ممكن فهو نسبي يرجع إلى عوامل وظروف تاريخية واج واق تؤثر فيه وفقا لكل دولة.
فمثلا انجلترا تأخذ بق. الموطن نتيجة تأثرها باعتبارات تاريخية تتمثل فيما ورثته من تقاليد منذ العهد الإقطاعي وهي تميز بين موطن الأجنبي الذي يأخذ حكم الموطن في القوانين الأخرى وموطن المواطن الذي يسمى الموطن الأصلي(الموطن الأم) وبالتالي تقترب من مفهوم الجنسية الذي يصعب إسقاطه عن الموطن الإنجليزي ولو غير محل إقامته إلى الخارج.
وفي القوانين العربية ومنها الجزائر فقد أسندت الأحوال الش. إلى ق. الجنسية وهو الأسلم خاصة أن الأحوال ش. مستمدة من الشريعة الإسلامية لذا فاعتماد ضابط الجنسية يسمح بتطبيق القوانين الإسلامية على المسلمين المقيمين في الخارج على عكس ق. الموطن الذي يؤدي لتطبيق قوانين غير إسلامية على المسلمين.
وقد عبر على ق. الجنسية بتعبيرات مختلفة باختلاف ضوابط الإسناد:الق. الوطني-الق. الذي ينتمي إليه الزوج- ق. المدين بالنفقة –ق. الشخص الذي تجب حمايته –ق. الهالك أو الموصي أو من صدر منه التصرف.
صعوبات تطبيق قآنون الجنسية :
حالات تعدد وتغيير الجنسيات :
(1) التنازع الايجابي والسلبي في الجنسيات :
الأول: عندما تكون كل الجنسيات التي تثبت للشخص أجنبية اوجب تطبيق ق. الجنسية الفعلية للشخص وهي الجنسية التي يرتبط بها أكثر من غيرها بالإقامة في إقليم دولتها أو اتخاذ إقليمها موطنا لممارسة جميع نشاطاته. وقد أيد معظم الفقه هذا الحل على أساس أن مسالة تعدد الجنسيات هي مسالة واقع وليس قانون.
-الثاني: عندما توجد الجنسية الجزائرية بين الجنسيات التي تثبت للشخص فعلى القاضي تطبيق ق.الجزائري. وقد أخذت بهذا الحل القوانين العربية واتفاقية لاهاي1930 الخاصة ببعض مسائل تنازع القوانين في الجنسية(م.3)
*اختلف الفقه حول تعيين ق. الواجب التطبيق على الشخص عديم الجنسية(حالة التنازع السلبي) فأسنده البعض لق. الموطن غير أن م.ج مثله مثل القوانين العربية الأخرى ترك هذا التحديد للسلطة التقديرية للقاضي في م.22/3 قبل تعديلها لكن بعد التعديل عاد واخذ بالرأي الراجح فقالت م. انه في حالة انعدام الجنسية يطبق القاضي ق. الموطن أو ق. محل الإقامة.
(2) حالة تغيير الجنسية :
قد يقوم الشخص بتغيير جنسيته بين وقت نشوء العلاقة القانونية ووقت رفع النزاع بشأنها أمام القضاء فهل يؤخذ بق. الجنسية القديمة أم الجديدة؟
اثارم.ج المسالة وحدد بعض الحالات فاخذ بق. جنسية الزوج وقت انعقاد الزواج بالنسبة للآثار الشخصية والمالية التي يرتبها عقد الزواج(م.12/1) واسند انحلال الزواج والانفصال الجسماني لق. جنسية الزوج وقت رفع الدعوى(م.12/2) لكن اسند الشروط الموضوعية للزواج وأثاره وانحلاله إلى ق. الجزائري وحده إذا كان احد الزوجين جزائريا وقت انعقاد الزواج باستثناء شرط الأهلية يبقى خاضعا للقاعدة العامة أي ق. الجنسية(م.13) واسند النسب لق.جنسية الأب وقت ميلاد الطفل أو وقت وفاة الأب (م.13مكرر) وقد أشار م.ج أيضا لق. الجنسية الواجب التطبيق في الميراث والوصية والهبة…(م.16).
حالة الإسناد لقانون بلد تتعدد فيه الشرائع :
سواء كان هذا التعدد إقليميا أو طائفيا. نص م.ج على هذا الحكم في م.23:” متى ظهر من الأحكام الواردة في المواد المتقدمة أن الق. الواجب التطبيق هو ق. دولة معينة تتعدد فيها التشريعات فان الق. الداخلي لتلك الدولة هو الذي يقرر أي تشريع منها يجب تطبيقه”.
هذه الفقرة تعالج ما يسمى بالإحالة الداخلية أو التفويض حيث يتكفل الق. الأجنبي المختص بتوزيع الاختصاص التشريعي داخليا وتعيين شريعة الإقليم الواجبة التطبيق أو الشريعة الطائفية التي ينتمي إليها الشخص وهذا النوع من الإحالة يقبل فيه الق. الأجنبي المختص هذا الاختصاص ولا يتخلى فيه عن ولايته غير انه يوزعه بين عدة شرائع ، هذا في حالة وجود حل للمسالة في الق. الأجنبي المختص أما إن لم يوجد فتنص م.23/2 على الحل:” إذا لم يوجد في الق. المختص نص في هذا الشأن طبق التشريع الغالب في البلد في حالة التعدد الطائفي أو التشريع المطبق في عاصمة ذلك البلد في حالة التعدد الإقليمي”
-ويطبق الق. الجزائري إذا تعذر إثبات الق. الأجنبي الواجب التطبيق(م.23مكرر).
-والقانون الأجنبي الواجب التطبيق لانطبق إلا أحكامه الداخلية دون تلك الخاصة بتنازع القوانين من حيث المكان(م.23مكرر1) إلا أن هذه القواعد إذا أحالت إلى الق. الجزائري فيطبق.
-وتطبق المبادئ العامة للق. الدولي الخاص فيما لم يرد بشأنه نص في المواد الخاصة بتنازع القوانين(م.23مكرر2).
اترك تعليقاً