الاندماج و الاستحواذ
د. ملحم بن حمد الملحم
إعادة نشر بزاسطة محاماة نت
تعد كلمتا الاندماج والاستحواذ من الكلمات الدقيقة والمتعددة المعاني في الوقت نفسه؛ فيختلف معناهما الاصطلاحي باختلاف السياق الذي يردان فيه، وباختلاف التخصصات والعلوم كعلم الاقتصاد أو المالية أو القانون أو المحاسبة أو غيرها. كما لا يفوت الكاتب أن يشير إلى أن إحدى المميزات (وربما المساوئ) أن عمليات الاندماج والاستحواذ تشتمل على العلوم السابقة المذكورة وزيادة، ولذلك فإن على المهتم بهذا الموضوع خصوصا المستشار القانوني – أن يكون ملما بالحد الأدنى من كل هذه العلوم لكي يضمن أن يقدم أفضل الحلول والطرق لطالبيها من الشركات والمستثمرين.
وبسبب كثرة استعمالات هاتين الكلمتين حيث ربما يتم التعبير عن صفقة ما بكلمة استحواذ – مثلا – بينما جوهر وحقيقة الصفقة أو العملية إنما هي اندماج، جاءت هذه المقالة المختصرة لتسهم في توضيح معنييهما.
في هذه المقالة يتم تسليط إضاءة على الجانب القانوني فيما يتعلق بمعنى هذين المصطلحين الحديثين.
تتميز وجهة نظر القانون للاندماج والاستحواذ من حيث إنه يصب غالب تركيزه على الشكل أو الهيكل النهائي للعملية أي بعد الصفقة، وبالتالي فإن القانون يعرِّف الاندماج بأنه ضم شركة أو أكثر إلى شركة أخرى عن طريق مزج شركتين بحيث ينتج عن هذا الامتزاج كيان جديد وتغيب ماهية الشركتين أو الشركات الممتزجة أو عن طريق الضم من خلال غياب شركة أو أكثر في شركة بحيث تغيب شركة في الأخرى وتبقى الشركة المضموم لها دون أن تغيب. فالاندماج ينتج عنه إما غياب ماهية طرف من الأطراف (الضم) وإما غياب ماهية جميع الأطراف المشاركة في الاندماج (المزج). ولكل واحدة من الحالات نتائج قانونية مالية.. إلخ .
وهذا ما سار عليه نظام الشركات الجديد في المواد 190 – 193، الذي عالج من خلاله مسائل إجمالية في الاندماج.
أما الاستحواذ فهو قيام شركة بشراء حصة سيطرة في شركة أخرى أو شراء شركة بأكملها مع بقاء الشركتين دون غياب أو انتهاء لإحداهما. ولم ينظم بنظام الشركات الجديد هذا النوع من الصفقات رغم أهميته. وبحسب هدف أو أهداف المستثمرين أو الشركات الراغبة في الاندماج والاستحواذ يتم تقديم المقترحات المناسبة لاختيار نوع الصفقة الأنسب لتحقيق ذلك الهدف أو تلك الأهداف.
إن من المهم بيانه أن بعض التشريعات أو الأنظمة قد تستخدم كلمة الاندماج وتعني الاندماج والاستحواذ معا كأنظمة المنافسة. ومع ذلك فغالبا ما تقوم تشريعات المنافسة – مثلا – بالتفريق بين الاندماج والاستحواذ في قواعدها التفصيلية. ولذلك فإن صفقات الاندماج والاستحواذ تخضع لعدد من الأنظمة أو القوانين المحلية – التي تعتبر إحدى الموافقات النظامية – في دولة ما، إضافة إلى خضوعها إلى قوانين دول أخرى إذا كان أحد أطرافها طرفا أجنبيا – وستتم الإشارة إليها في مقالة أخرى إن شاء الله.
يعتقد الكاتب أن مستوى الوعي بنوعي الاندماج والاستحواذ مبني ولو بشكل جزئي على كيفية معالجة نظام الشركات للاندماج والاستحواذ. فعلى الرغم من التحديثات الجديدة التي أدخلت على نظام الشركات الجديد إلا أن مفهوم الاندماج تمت معالجته بشكل مختصر وجزئي كما أن الاستحواذ لم تتم معالجته بتاتا ما ترك فراغات نظامية بحاجة إلى ملئه بالقواعد النظامية اللازمة لتسهيل عمليات الاندماج والاستحواذ وضمان إتمامها بكل فعالية ما يسهم في تطوير أداء هذا الحقل على جميع الأصعدة، الصعيد المالي والاقتصادي والقانوني وغيرها.
وعلى الرغم من أن نظام الشركات الجديد قد أسند إلى هيئة السوق المالية إصدار قواعد نظامية تنظم من خلال عمليات الاندماج في حالة كون طرف من الأطراف شركة مدرجة (ما يمكنها من تلافي ما تم إغفاله في نظام الشركات)، كما أن نظام الشركات قد أعطى صلاحية إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذه إلى هيئة السوق المالية ووزارة التجارة والاستثمار إلا أنه لم يعط أيا منهما صلاحية لتنظيم الاستحواذ بين الشركات غير المدرجة. ورغم وجود حلول نظامية مؤقتة إلا أن الحاجة إلى وجود مواد أو قواعد نظامية لذلك بحيث تواكب حجم الاقتصاد السعودي وحجم الأهداف المنشودة باتت أمرا ملحا.
اترك تعليقاً