مفهوم القانون الجنائي وعلاقته بفروع القوانين الأخرى بالعراق .
مفهوم القانون الجنائي
القانون الجنائي أو ما يعرف بقانون العقوبات، هو فرع من فروع علم القانون التي لها صلة بالجريمة، يضم العديد من القوانين والقواعد التي تفرضها الدولة على كل من يخالف السلوكيات المنهي عنها، وفرض العقوبة القانونية عليهم، وتحديد الأفعال المباحة والمحرمة، ويوجب لكل جريمة جزاء.
قانون العقوبات البغدادي
تم تشريع قانون للعقوبات في العراق في عهد القائد العام لقوات الاحتلال البريطاني للعراق في 21 تشرين الثاني سنة 1918م، وعُرف بقانون العقوبات البغدادي، وسمي بذلك بسبب أن هذا القانون صدر لينفذ فقط في ولاية بغداد، ثم امتد تطبيقه في باقي ولايات العراق، وبدأ العمل بهذا القانون في شهر كانون الثاني من سنة 1919؛ حيث كان الهدف منه عقاب كل من يرتكب جرائم وسلوكيات خاطئة بحق أفراد وتابعي الجيوش البريطانية، أو ضد أي هيئة تابعة للسلطات البريطانية، ويطبق العقاب حسب نصوص هذا القانون مع مراعاة مقتضيات الاحتلال التي يطبّق عليها ومراعاة قوانين وعادات الحرب، كما نشر قانون العقوبات البغدادي في أول عامين من صدوره باللغة الانجليزية، ولم تكن له ترجمة عربية؛ حيث صدرت أول ترجمة عربية له في سنة 1921م، إلا أن الترجمة لم تكن كافية وصحيحة لبعض النصوص، لذلك كان الاعتماد على أخذ نصوص القوانين بلغتها الأصلية، والتي تعطي المعنى الصحيح وهي اللغة الإنجليزية في فترة زمنية معينة، ثم قامت وزارة العدل بتوفير لجنة من بعض أساتذة كلية الحقوق، ورجال القضاء، والمحاماة ليقوموا بترجمة القانون ترجمة دقيقة وجديدة، لاعتمادها في الأخذ بنصوص القانون باللغة العربية وتطبيقها، واستمر تطبيق هذا القانون لأكثر من نصف قرن من سنة 1918م، إلا أن هذا القانون كان يتضمن في أحكامه علاقات مدنية ليس موضعها قانون العقوبات، ونص بالعقوبات على أُمور تخرج عن مفهوم الجريمة، وكان ناقصًا في احكامه سواء في قسمه العام وقسمه الخاص، بالإضافة إلى وجود احكام خاصة في نصوصه، تمثلت في تنفيذ العقوبات مع أن محلها الصحيح قانون أصول المحاكمات الجزائية، لذلك طالب الشعب العراقي بتشريع قانون جديد للعقوبات يساير روح العصر وحاجات المجتمع العراقي.
تطور القانون الجنائي في العراق
تم تشريع قانون جديد في العراق تلبيةً لنداء الشعب العراقي، حيث روعي في وضع مبادئ وأحكام هذا القانون أن تكون أحكام القانون بقدر الحاجة إليها، ومتلائمة في الوقت ذاته وأوضاع المجتمع وعلاقاته الاجتماعية والاقتصادية، مسايرة طموحه إلى التقدّم والتطور والسير دومًا نحو حياة أفضل، وهو قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969م الذي كتب ببغداد يوم التاسع عشر من شهر تموز 1969م؛ حيث تضمن هذا القانون 506 مادة من مواد قانون العقوبات، ونشر في الجريدة الرسمية في ذلك الوقت، وعرفت بجريدة الوقائع العراقية رقم (1778) في الخامس عشر من شهر أيلول 1969م؛ حيث تم العمل بموجبه وتطبيقه بالإضافة إلى أنه يتميز بالعديد من المميزات أهمها:
1-لم يتضمن أي نقص في أحكامه وسليمًا من التناقض مقارنةً بقانون العقوبات البغدادي.
2-يسوده الانسجام في المبادئ والأحكام.
3-يسهل فهم نصوصه وإدراكها من المواطن العادي من غير حاجة إلى وجود رجال القانون المتخصصين بهذا المجال.
4-متجاوب مع التشريعات الأخرى كالقانون المدني وقانون أصول المرافعات المدنية والتجارية، وقانون التجارة، وقانون الشركات التجارية، وأصول المحاكمات الجزائية
5-علمي في تبويبه وترتيبه.
علاقة القانون الجنائي بفروع القانون الأخرى
للقانون الجنائي علاقة وطيدة مع فروع القانون الأخرى، وتظهر كلما دعت الحاجة إلى تدعيم قواعدها بالجزاء لحمايتها، فعلاقته بالقانون المدني، تظهر في حماية حق الملكية بعقابه على السرقة، والنصب، وخيانة الأمانة، والحرق، والإتلاف، وعلاقته بقوانين الأحوال الشخصية، التي تظهر في حماية حقوق الزوجية، بعقابه على الزنا وهجر العائلة، بالإضافة إلى حماية حق حضانة الطفل، بعقابه على من يمتنع عن تسليم الطفل إلى من لهُ حق حضانته، كما يرتبط بالقانون التجاري، حيث يحمي التعامل بالصكوك بعقابه على من يسحب صكًا على مصرف دون رصيد، أما علاقته بالقانون الدستوري والقانون الإداري، تظهر في حماية حقوق الدولة وتتمثل في حماية حق الدولة في أن تحتفظ بشكل الحكم الذي يحدده الدستور، بالإضافة إلى علاقته بالقانون الدولي العام، التي تظهر في تنظيم التضامن بين الدولة لمكافحة الإجرام، وتعقيب المجرمين عن تحديد سلطان قانون العقوبات بالنسبة للجرائم والمجرمين في أراضي الدولة وخارجها.
اترك تعليقاً