مفهوم و شروط الحكم القضائي القابل للتنفيذ وفقاً لقانون التنفيذ رقم 45 لسنة 1980
المحامية: منال داود العكيدي
يعدّ تنفيذ الاحكام والقرارات القضائية من اولى مهمات مديريات التنفيذ وهذا التخصص هو الذي منح مديريات التنفيذ اهميتها ودورها في تحقيق العدل باعادة الحق الى اهله عن طريق انفاذ الحكم او القرار الذي صدر عن القضاء معلنا حقيقة الامر الذي رفع النزاع بشأنه وبدون وجود مديريات التنفيذ يبقى الحكم او القرار القضائي مجرد وثيقة لا طائل منها.
والحكم القضائي الذي تختص مديرية التنفيذ بانفاذه هو : القرار الصادر من محكمة مشكلة تشكيلا صحيحا في خصومة رفعت اليه على وفق قواعد المرافعات او هو : القرار القطعي الذي به تحسم المحكمة منازعة الطرفين وتنتهي به الدعوى وهذا هو الاصل في الاحكام القضائية التي تختص مديريات التنفيذ بتنفيذها كقاعدة اساسية ، الا ان هناك قرارات واوامر تصدر عن القضاء نص القانون على تنفيذها برغم انها ليست من الاحكام الحاسمة للدعوى او النزاع وان الهدف منها هو الحفاظ على الحقوق التي يخشى عليها من فوات الوقت كما هو الحال في القرار الصادر بفرض نفقة مؤقتة .
و تختص مديريات التنفيذ بتنفيذ الاحكام التي تصدرها المحاكم في المواد المدنية والتجارية ومواد الاحوال الشخصية ، اما الاحكام التي تصدر من المحاكم الجزائية فالاصل ان مديريات التنفيذ غير متخصصة بتنفيذها عدا الفقرة الحكمية المتعلقة بالتعويض الا اذا نص القانون على خلاف ذلك ، فالمادة 83 من قانون رعاية الاحداث رقم 67 لسنة 1983 التي تنص على استيفاء الغرامة المحكوم بها على الحدث وهي طبعا عقوبة جزائية على وفق الاجراءات المنصوص عليها في قانون التنفيذ.
و لابد للحكم القضائي القابل للتنفيذ ان يكون مستوفيا لبعض الشروط وهي :
ان يكون الحكم المراد تنفيذه صادرا من المحاكم العراقية اما الاحكام الصادرة من محاكم اجنبية فالاصل انها لاتقبل التنفيذ في العراق لان قبول تنفيذها يخل بمبدأ سيادة الدولة على اراضيها استنادا الى المادة 16 من القانون المدني رقم 40 لسنة 1951 والتي تنص على انه ( لاتكون الاحكام الصادرة من محاكم اجنبية قابلة للتنفيذ في العراق الا اذا اعتبرت كذلك وفقا للقواعد التي قررها القانون الصادر بهذا الشأن ) لكن المصالح المتبادلة بين جمهورية العراق والدول الاخرى جوز تنفيذ الاحكام الصادرة من الدول العربية والاحكام الصادرة من الدول الاجنبية بالشروط التي ينص عليها القانون او بحسب الاتفاقيات الموقعة بين العراق وبقية الدول كما في اتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي المصادق عليها بالقانون رقم 110 لسنة 1983 .
فالاحكام الصادرة من محاكم تلك الدول في المواد التجارية والمدنية والادارية والاحوال الشخصية تقبل التنفيذ في مديريات التنفيذ كما لو كانت صادرة من محكمة عراقية اذا استوفت الشروط المنصوص عليها في الاتفاقية .
اما الاحكام الصادرة من محاكم الدول العربية غير الموقعة على تلك الاتفاقية فيلزم الرجوع بشأنها الى الاتفاقيات القضائية الثنائية الموقعة بين العراق وتلك الدول لكي يستدل عن طريقها على مدى قابلية الحكم للتنفيذ من عدمه.
و بالنسبة للاحكام الاجنبية التي نص القانون او الاتفاقيات الدولية على قبول تنفيذها في العراق فانها لاتنفذ الا بعد صدور قرار من محكمة عراقية يجوز تنفيذها ويسمة قرار التنفيذ وتختص محكمة البداءة التي يقيم المحكوم عليه ضمن دائرة اختصاصها باصدار مثل هذا القرار ولا يتم ذلك الا بعد التاكد من توفر الشروط القانونية في الحكم المطلوب تنفيذه في العراق ومنها صدوره على وفق الاجراءات المرسومة بقانون الدولة التي اصدرته وعدم مخالفته للنظام العام في العراق .
ولابد للحكم المطلوب تنفيذه ان يكون صادرا من محكمة متخصصة وظيفيا ونوعيا باصداره اذ يعد الاختصاص الوظيفي والنوعي من النظام العام ولايجوز مخالفته وبخلافه فانه لن يكون للحكم قابلية التنفيذ .
وعلاوة على ذلك ، فانه لابد ان يكون الحكم المطلوب تنفيذه قد صدر وفقا للاجراءات التي رسمها القانون اي ان يكون قد صدر وفقا لقانون المرافعات المدنية او وفقا لقانون اصول المحاكمات الجزائية وبحسب الاحوال وبخلافه فان الحكم لايكون قابلا للتنفيذ ويستطيع المنفذ العدل في هذه الحالة ان يتخذ القرار بعدم تنفيذه كما لو كان مفتقدا للشكل الذي نص عليه قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 في المادة 162 حيث خلا من توقيع القاضي الذي اصدره او كان خاليا من ختم المحكمة اذ ان الاجراءات التي رسمها قانون المرافعات المدنية هي من النظام العام ومخالفتها تفقد الحكم المطلوب حجية الاحكام .
بيد ان مديرية التنفيذ لاتستطيع مناقشة الحكم من الناحية الموضوعية ولا تستطيع ان تمتنع عن تنفيذه بحجة مخالفته للقانون ذلك لان الحكم القضائي يبقى مرعيا ومعتبرا ما لم يبطل او يعدل من المحكمة التي اصدرته او ينقض من محكمة اعلى منها على وفق الطرق التي رسمها القانون .
ويجب ان يكون الحكم المطلوب تنفيذه متضمنا الزام المحكوم عليه بعمل شيء معين او اعطاء شيء معين او ترك شيء معين فاذا خلا الحكم من احد هذه الامور فانه لايقبل التنفيذ وبرغم ان قانون التنفيذ لم ينص صراحة على ماتقدم فان القواعد العامة التي تصرح بان الالتزامات تكون اما باعطاء شيء معين او القيام بعمل او الامتناع عنه تقضي بعدم قبول الحكم الذي لايتضمن احد هذه الامور المذكورة انفا .
ومن شروط الحكم القضائي القابل للتنفيذ هي ان يكون الحكم المطلوب تنفيذه خاليا من الغموض اذ يجب ان تكون الفقرة الحكمية واضحة لالبس فيها اما اذا كانت غامضة ففي هذه الحالة لايمكن تنفيذ الحكم ويلزم حينئذ مفاتحة المحكمة التي اصدرته لتوضيح هذا الغموض ، كما يجب ان يكون الحكم المطلوب تنفيذه خاليا من شائبة التزوير ، فاذا ورد طعن من المحكوم عليه بان الحكم مزور بالكامل او بجزء منه باية طريقة من طرق التزوير التي نص القانون عليها ووجد المنفذ العدل في ذلك الحكم مايدل على التزوير فانه يجب ان يصدر قرارا بايقاف التنفيذ ويفاتح المحكمة التي اصدرته للتثبت من وجود التزوير من عدمه فاذا ايدت المحكمة وجود التزوير تمتنع مديرية التنفيذ عن تنفيذه وبخلافه تستمر باجراءات التنفيذ استنادا الى المادة 22 / اولا من قانون الاثبات رقم 107 لسنة 1979 .
واخيرا ، يجب ان لا يكون الحكم المطلوب تنفيذه معلقا على شرط كان يتضمن الحكم الزام المدعى عليه بتادية مبلغ معين من المال الى المدعي عند يساره فهذا الحكم لايمكن تنفيذه لان تحقق الشرط وهو يسر المدعي امر يخرج التحقيق فيه واثبات توفره عن اختصاص مديرية التنفيذ . وقد نصت المادة 114 من قانون التنفيذ على انه لايكون الحكم القضائي قابلا للتنفيذ في حالة مضي مدة التقادم المسقط عليه – وهي سبع سنوات – على اكتسابه درجة البتات.
اترك تعليقاً