مكافحة غسل الأموال
د . عبد المحسن بن محمد المحرج
محامي ومستشار قانوني
mohsen_mh@
تتمايز كثير من الدول في مدى قوة نظامها المالي ودقة إجراءات الضبط فيه ، ويَعْمد كثير من المجرمين إلى تقييم الأنظمة المالية للدول وانتقاء الأفضل لهم من جهة سهولة تحويل الأموال ونقلها .
غسل الأموال أو (تبييض الأموال) هو إجراء مجرم يأتي تبعاً لجريمة حدثت ونتج عنها مال غير شرعي ، وقد عرف نظام مكافحةغسل الأموال السعودي هذه الجريمة بـ :
ارتكاب أي فعل أو الشروع فيه يقصد من ورائه إخفاء أو تمويه أصل حقيقة أموال مكتسبة خلافا للشرع أو النظام ، وجعلها تبدو كأنها مشروعة المصدر .
فهذه العملية (غسل الأموال) تابعة لجريمة أخرى ولها غاية وهي إضفاء شكل الشرعية على الأموال المتحصلة من هذه الجريمة ، ولقد شددت بعض القوانين (كالقانون الإيطالي ) عند حدوث هذه الجريمة أثناء القيام بنشاط مهني ، فشرف المهنة يتطلب وضوح العمل والمساهمة في تحقيق المكتسبات الاقتصادية الحقيقية ، في حين أن جريمة غسل الأموال تصنف بأنها جريمة اقتصادية لا يمكن احتساب متحصلاتها ضمن الناتج القومي، إذ تندرج تحت ما يسمى بالاقتصاد الأسود.
ومن المهم في المقالات اللاحقة أن نبين عدة مسائل :
1- التفريق بين الجرائم الأصلية المحظورة وتصنيفها وفق المنظمات العالمية والاتفاقيات الدولية ، بالإضافة إلى التصنيف المحلي .
2- توضيح صور الجريمة التابعة للجريمة الأصلية وهي جريمة الغسل لهذه الأموال ، فالصور متعددة ، وهناك قصور في التحوط منها .
3- إيضاح الأدوار المتكاملة للجهات المعنية في التعامل مع هذه الجريمة .
4- إرشاد القارئ (ممن له تعاملات مالية مع الغير) إلى بعض المآخذ والملاحظات التي شدد فيها المنظم السعودي .
5- محاولة التوازن في قراءة الموقف من المتهم في هذه الجرائم ، بين الإعذار بالجهل وأصل البراءة .
هذه المسائل ستأتي تباعاً من خلال المقالات القادمة – بإذن الله – ؛ لأهمية الموضوع وتعلقه باقتصاد هذا الوطن الغالي .
والله الموفق
مكافحة غسل الأموال “الجرائم الأصلية”
قدمتُ بين يدكم المقال السابق كتوطئة لهذا الموضوع المهم ، وفي هذا المقال سأسلط الضوء على الجرائم الأصلية ، فقد اتضح لنا جميعاً أن جريمة غسل الأموال هي جريمة متولدة عن جريمة أصلية وقعت ونتجت عنها أموال قذرة Dirty Money ، وأذكّر بالمادة الرابعة من نظام مكافحة غسل الأموال ونصها:” تعد جريمة غسل الأموال جريمة مستقلة عن الجريمة الأصلية …”فلكل جريمة اعتبار مستقل .
تصنيف الجرائم الأصلية مرّ بمراحل متدرجة ومختلفة ، بدءاً بجهود محدودة من بعض الدول كان تركيزها منصباً على جرائم المتاجرة بالمخدرات والمؤثرات العقلية ، فعلى سبيل المثال لوحظ من رجال إنفاذ القانون في أمريكا وأوروبا تزايد المتحصلات المالية من التجارة في المخدرات خلال الثمانينيات ، وعند صدور تقرير الأمم المتحدة عام (1994م) وجد أن الرقم المقدر لعمليات الغسل هذه هو ( 500 مليار دولار ) !! .
هذه الأرقام المخيفة أربكت الناصحين لاقتصادات دولهم ، فتصدر الموضوع اهتمام المنظمات الدولية ، وعُقدت من أجله المؤتمرات رفيعة التمثيل ، وأُسست لمكافحته الهيئات ، والتي من أشهرها (مجموعة العمل المالي FATF ) والتي قررت بالإجماع في شهر يونيو من عام 2015م منح المملكة العربية السعودية (مقعد مراقب) تمهيداً لحصولها على العضوية الكاملة ، تبع ذلك قرار مجلس الوزراء السعودي بالموافقة على البدء بإجراءات الانضمام إلى FATF التي قدمت الدعوة الرسمية لحكومة المملكة بذلك .
لقد انتهجت كثير من الدول (حسب اطلاعي) منهجين عند تحديد الجرائم الأصلية وتعدادها ، فمنهج : لم يحصرها ويعددّها ، بل أعطاها الوصف العام وهو (الجريمة المدرّة للمال ) ، والمنهج الثاني : حصر الجرائم الأصلية وعددها بشكل دقيق .
وهنا أعرض لكم الجرائم التي وردت في اللائحة القديمة لنظام مكافحة غسل الأموال ( تثقيفاً بها ) ، إلا أن النظام الجديد استقر على منهج عدم الحصر :
1 ـ الجرائم المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية لعام 1988 م .
2 ـ الجرائم الواردة في(اتفاقية باليرمو)المتعلقة بالجرائم المنظمة عبر الوطنية2000م .
3ـ الجرائم المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية لقمع تمويل الإرهاب 1999 م .
4 ـ تهريب المسكرات أو تصنيعها أو المتاجرة بها أو ترويجها .
5ـ جرائم تزييف النقود .
6 ـ جرائم التزوير .
7 ـ جرائم الرشوة .
8ـ تهريب الأسلحة والذخائر وتصنيعها والمتاجرة بها .
9 ـ القوادة أو إعداد أماكن الدعارة والاستغلال الجنسي (بما في ذلك الاستغلال الجنسي للأطفال) .
10 ـ الجرائم المنصوص عليها في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار بالبشر .
11 ـ القرصنة .
12 ـ الابتزاز .
13 ـ الاختطاف وأخذ الرهائن .
14 ـ القتل وإحداث الجروح البدنية.
15 ـ جرائم البيئة .
16 ـ السلب أو السطو المسلح .
17 ـ السرقات و المتاجرة بالسلع المسروقة .
18 ـ النصب والاحتيال.
19ـ الاختلاس من الأموال العامة والخاصة .
20 ـ مزاولة الأعمال المصرفية بطريقة غير نظامية .
21 ـ ممارسة الوساطة في أعمال الأوراق المالية دون ترخيص .
22 ـ ممارسة أعمال التأمين بدون ترخيص .
23ـ جرائم متعلقة بالأنشطة التجارية (كالغش بالأصناف والأوزان والأسعار وتقليد السلع ، والتستر التجاري ،…) .
24 ـ التهريب الجمركي .
25 ـ جرائم التهرب الضريبي .
* وأختم المقال بالإشارة إلى أن المنظم السعودي عند تعامله مع الجرائم لم ينغلق على نفسه ، بل راعى الاتفاقيات الدولية ، وتنبه لجهود الدول ذات الأنظمة المالية المتينة ، صحب هذا تطورٌ تشريعي خاص توجه على الإجراءات (المصرفية – الرقابية –القضائية) مما حدا بالمنظمات والهيئات الدولية المتخصصة لاحترام أنظمة المملكة ، مصداق ذلك العرض المقدم من FATFلحكومة المملكة للانضمام لها بعضوية كاملة ..
غسل الأموال
ألمحت في المقالين السابقين إلى موضوع مكافحة غسل الأموال بشكل عام وإلى أشهر الجرائم الأصلية التي تتولد منها المتحصلات المستخدمة في (غسل الأموال) ، جريمة غسل الأموال جريمة لها قراءة تاريخية مختلف فيها ، فمن الباحثين من ينسب بداياتها إلى التجار الصينيين المخفين لأموالهم عن سطوة الإمبراطورية ، ومنهم من ينسب البدايات إلى تجّار الذهب الهنود ، ولا شك أن البدايات كانت متواضعة، وكان التركيز الأبرز فيها على سلامة المال، دون الجزم بوجود أبعاد إجرامية.
لقد مر معنا في المقال السابق وجود منهجين( بارزين )عند التعامل مع الجرائم ، الحصر وعدم الحصر ، ولا شك أن هذا ينسحب على نظرة المراقب عند التعامل مع هذه الأموال ، ومما يحسن ذكره الإشارة إلى اختلاف الدول عند سنها للقوانين الخاصة بمكافحة غسل الأموال ، فمنها من وضع حدّاً (تعريفاً) لهذه الجريمة ، ومنها من سار على الرأي الذي يُسند التعريفات للفقه دون إقحامها في التشريعات(نظام مكافحة غسل الأموال السعودي الجديد لم يعرف غسل الأموال بخلاف النظام السابق) ، كما أشير إلى أمر مهم وملاحظ ، أن مجموعة من التعريفات خلطت بين التعريف والسلوك ، وأخرى خلطت بين المفهوم الاقتصادي للجريمة والمفهوم القانوني لها .
وقد قلتُ في غير مقال أن الفائدة المنشودة من قراءة المقالات حيازة مفاتيح لهذه الموضوعات لا أن يتضلع القارئ منها ويشعر بالاكتفاء عن البحث العلمي الدقيق ، وسأذكر من باب العلم والفائدة تعريفاً لغسل الأموال ثم أُتبعه بسرد مراحل هذه الجريمة مع توصيف مختصر .
عرفت المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول) غسل الأموال بأنه :” أي عمل أو الشروع في عمل يهدف إلى التحكم أو التستر على طبيعة الأرصدة المكتسبة بصورة غير مشروعة ، بحيث يبدو أنها قد جاءت من مصدر مشروع “، وهذا التعريف معتمد (بالإجماع) في الدورة الرابعة والستين للجمعية العامة للإنتربول المنعقدة في الصين .
أما المراحل الثلاث التي تمر فيها عملية غسل الأموال فهي :
المرحلة الأولى : التوظيف أو الايداع placement:
وهي أخطر مرحلة ؛ لأنها في نظري تشكّل المواجهة الأولى ( إرادياً ) تحت غطاء القانون ، فالمجرم عندما يرتكب الجريمة الأصلية أو يقبض الأموال غير المشروعة قد يفلت من قبضة الأمن ، وإذا أراد أن يودع هذه الأموال سيواجه الرقابة الأمنية والقانونية ، وستكون احتمالية الانكشاف واردة جداً .
هذه المرحلة تأتي في صور متعددة من أشهرها الايداع الصريح للنقد في الحسابات الجارية ، وتغيير العملات ، وقد تظهر في عمليات شراء لمجوهرات أو لوحات فنية غالية الثمن !! .
المرحلة الثانية : التغطية layering
وهذه المرحلة تأتي بعد أن ينجح غاسلو الأموال في فصل هذه الأموال عن مصدرها الحقيقي ، وتسمى هذه المرحلة عند بعض الشراح والمختصين بمرحلة (التعتيم والتمويه) وتجري في هذه المرحلة مجموعة من العمليات المصرفية المعقدة ، ومن أشهر الأساليب فيها ما يعرف (بالدفع من خلال الحساب) عندما يقوم بنك أجنبي بفتح حساب في بنك محلي يستخدمه عملاء البنك الأجنبي لإدارة أنشطتهم المشبوهة بإيداع أموال أو سحب شيكات ، ومن الأمثلة على التمويه : القيام بإنشاء شركات وهمية في دول تُقدّم تسهيلات عند تنقل الأموال .
المرحلة الثالثة : الدمج Integration:
عندما تصل الأموال إلى هذه المرحلة تتصف بالأموال الشرعية ( ظاهرياً بالطبع )، فيصعب حينئذ كشف حقيقتها ؛ لابتعادها عن مصادرها غير المشروعة ، فتندمج في القنوات الاقتصادية لهذا البلد بشكل نظامي ، لهذا اتصفت بالمرحلة الأكثر أمانا من سابقتيها .
وختاماً:
فإن جريمة غسل الأموال تحتاج إلى مزيد قراءة وتنبه ، فقد يقع الإنسان فيها بجهل أو تغافل ؛ يُغرى بالمال أو بالمكاسب والمزايا ، وهذا لا يحميه من المحاسبة .
مكافحة غسل الأموال
يدرك المختصون أن جريمة غسل الأموال جريمة مترامية الأطراف ومتداخلة الحبال ، هذه الجريمة ذات الطابع الدولي حظيت باهتمام بالغ في المملكة العربية السعودية ، والمنصف حين يطّلع على جهود الجهات الرسمية من مؤسسات وهيئات ولجان لها ارتباط بهذا الملف ، ليفخر بما يراه ،ويدرك أسباب تقديم مجموعة العمل المالي (FATF) الدعوة رسمياً لحكومة المملكة للانضمام لها بعضوية كاملة .
وفي هذا المقال الأخير من هذه السلسلة ، سأخرج عن النسق المعتاد للمقالات (السردي) ، فأشير إلى نقاط مهمة ألمحت إليها سابقاً ، من خلال تسلسل مقصود:
1- ورد في نظام مكافحة غسل الأموال السعودي ذِكْرٌ لبعض الجهات الرسمية المعنية بالتعامل مع هذه الجريمة ( جهات رقابية وسلطات مختصة) ، تتحقق من التزام المخاطبين في النظام بتطبيقه .
2- عددت الفقرة الرابعة من اللائحة على المادة الأولى من النظام الجهات الرقابية وهي :
أ- مؤسسة النقد . ب- هيئة السوق المالية . ج- وزارة التجارة والاستثمار . د- وزارة العدل . هـ – وزارة العمل والتنمية الاجتماعية .
* وقد يضاف إليها غيرها حسب تقدير المنظم .
3- جاء ذكر السلطات المختصة في الفقرة السادسة من اللائحة على المادة الأولى وهي :
أ- النيابة العامة . ب- وزارة الداخلية . ج- رئاسة أمن الدولة . د- الجهات الرقابية . هـ- مصلحة الجمارك العامة . و- الإدارة العامة للتحريات المالية .
* وأي جهة أخرى مكلفة بتنفيذ أحكام هذا النظام .
4- الإدارة العامة للتحريات المالية (وحدة التحريات المالية سابقاً) ترتبط برئيس أمن الدولة ، ولها الاستقلال الكافي في إجراء أعمالها ، بتلقي البلاغات والمعلومات والتقارير المرتبطة بغسل الأموال ، وتحليل البلاغات وإحالة النتائج إلى السلطات المختصة.
5- جدير بالباحث في هذا المجال أن يطلع على الجهود المحلية والإقليمية والدولية ، ومن أشمل الجهود التي يُتنبّه لها ما قررته واهتمت به جهتان (دوليتان) هما :
أ- مجموعة العمل المالي (FATF) التي تأسست في عام 1989م ، خلال اجتماع القمة الاقتصادية الخامسة عشرة للدول السبع الصناعية ، وهي تضم مجموعة من الحكومات ، وتستهدف تطوير وترويج السياسيات على المستويين الوطني والدولي الموجهة لمكافحة غسل الأموال من خلال تكوين إرادة سياسية لذلك (إصلاحات تشريعية – رقابية ) ، وقد أصدرت (أربعين توصية) ترسم بها إطاراً عاماً لمكافحة هذه الجريمة .
ب- المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الانتربول) :
أسست (منظمة الانتربول الحالية) عام 1946م ، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ( وانضمت المملكة لها في عام 1956م ) ، وهي منظمة دولية تعمل على مكافحة الجريمة ، واستناداً إلى المادة الثانية من قانونها الأساسي فإنها تهدف إلى تأمين وتنمية التعاون المتبادل على أوسع نطاق بين كافة سلطات الشرطة الجنائية في إطار القوانين القائمة في مختلف البلدان وبروح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .
6-يتساهل البعض في التعامل مع الأموال ، وقد جاء في النظام تعداد لصور كثيرة صُنّفت على أنها من جرائم غسل الأموال ، منها :
أ- تحويل مالٍ أو نقله مع العلم أنه متحصل من جريمة ؛ لإخفاء مصدره غير المشروع أو لمساعدة متورطٍ في ارتكاب جريمة أصلية .
ب- إخفاء أو تمويه طبيعة المال أو مصدره أو ملكيته أو الحقوق المتعلقة به ، مع العلم بأنه متحصل من جريمة أصلية .
ج- الشروع في ارتكاب الأعمال المنصوص عليها في الفقرات (1-2-3) من المادة الثانية في النظام ، أو الاشتراك في ارتكابها أو المساعدة أو التحريض أو تقديم المشورة أو النصح أو التستر أو التآمر . ( تراجع المادة الثانية لأهميتها ) .
7- يجب على المؤسسات المالية والأعمال والمهن غير المالية المحددة ، والمنظمات غير الهادفة للربح (بما في ذلك الأشخاص الذين يقدمون خدمات قانونية أو محاسبية ، عند اشتباههم بأن الأموال من متحصلات جريمة ، أو ترتبط بعملية غسل أموال أن يبلغوا الإدارة العامة للتحريات المالية ويستجيبوا لكل ما يُطلب منهم ، وقد أكد المنظم على خطورة هتك السرية في تداول المعلومات ، وعلى خطورة تنبيه هذه الجهات لعملائها أو غيرهم بأي إجراء تم أو سيتم تقديمه للسلطات المختصة .
8- يجب على كل شخص (يدخل أو يخرج ) من المملكة وبحوزته أموال أو مجوهرات أو سبائك ذهبية أو معادن ثمينة أو أحجار كريمة أو عملات أجنبية تبلغ قيمتها أو تزيد عن (60.000) ريال ، الإقرار بذلك كتابياً أمام مصلحة الجمارك العامة ، ويشمل ذلك ما يُنقل عن طريق خدمات الشحن والخدمات البريدية وأي وسيلة نقل أخرى ، ومن المهم أن يحتفظ الشخص بفواتير الشراء لمقتنياته التي تساوي أو تزيد عن الحد المذكور في اللائحة ؛ لاحتمالية الحاجة لإبرازها حال سفره بها .
9- جاءت العقوبات في الفصل السابع من النظام : بأن كل من ارتكب جريمة غسل أموال يعاقب بالسجن لمدة لا تقل عن سنتين أو بغرامة لا تزيد عن خمسة ملايين ريال ، وعند اقتران الجريمة ببعض الحالات والظروف فلن تقل العقوبة عن السجن لمدة ثلاث سنوات أو بالغرامة التي لا تزيد على سبعة ملايين ريال ، وقد تجتمع العقوبتان ، كما أن المدان معرض للحكم بالمنع من السفر وبمصادرة متعلقات الجريمة ، ويحسن بالقارئ الاطلاع على مجموعتي الأحكام الصادرة من وزارة العدل لعامي (1434هـ المجلد 24 ، 1435هـ المجلد 12) وإن كانت تقريرات الأحكام على النظام السابق ، إلا أنها ستثري الباحث من جهة تسبيب الأحكام وتمييز الوقائع المنتجة .
10- اعتنى المنظم السعودي بـ (حسن النية) في كثير من الأنظمة ، وظهر ذلك جليّاً في نظام مكافحة غسل الأموال ، فعند مصادرة متعلقات جريمة غسل الأموال روعي حقه إن أثبت أنه حصل عليها بقيمة مناسبة ولقاء خدمة حقيقية مع جهله بمصدرها غير المشروع ، وحقه في الإثبات مكفول شرعاً ونظاماً حتى ولو آلت الأموال إلى الخزينة العامة وفقاً للمادتين (33- 36) ، وثبوت حسن النية عائد لنظر القضاء من خلال الوقائع والملابسات في القضية .
* وختاماً ، فإني أؤكد على ما ذكرته من خلال هذه السلسلة من أن هذا الموضوع يحتاج إلى الكثير من الطرح والتثقيف ، وزادت الحاجة لذلك مع كثرة تعاملات الناس وحداثة بعض الوسائل في التعاملات المالية التي يسّرت تداول الأموال ، فعلينا جميعاً التنبه لضوابط النظام ، والحذر من التساهل في تمكين أعداء الوطن من اتخاذ حساباتنا المصرفية جسراً لمرور الأموال غير المشروعة .
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً