الشكوى من القضاة عند الامتناع عن احقاق الحق واجراءاتها / المحامي مكي عبدالواحد
فلسفة التقاضي والغاية التي يصبوا الها تقوم على (احقاق الحق) وفق القانون واعطاء كل ذي حق حقه عند نظر الطلبات واصدار الاوامر عليها او البت في المنازعات والخصومات عند اصدار الاحكام والقرارات فيها بناءاً على اجتهاد القاضي بفهم النص القانوني وتطبيقه ولكن هذا الاجتهاد ليس شخصياً محضاً لاينظمه قانون او يحده ضابط او معيار بل يخضع لقواعد سيرها ضمان لحقوق الفرد والجماعة ، فالقاضي في الوقت الذي يطبق فيه القانون فهو يخضع له ، وامتناعه عن احقاق الحق يعتبر خرقاً لتلك الحدود والضوابط مما يضعه على محك المسؤولية بالشكوى منه من قبل ذوي العلاقة واطراف الدعوى وقد بين قانون المرافعات النافذ رقم (83) لسنة 1969 في المادة (3/468 مرافعات) حالات الامتناع عن احقاق الحق وهي رفض الاجابة بغير عذر مشروع على عريضة قدمت له او تأخير مايقتضيه بشأنها بدون مبرر او يمتنع عن رؤية دعوى مهيأة للمرافعة واصدار القرار فيها بعد ان حان دورها دون عذر مقبول ويشفع للقاضي الحجة بغموض القانون او فقدان النص او نقصه (م30 مرافعات) لان الاشكالية المذكورة وان حصلت فان الفقرة (2) من المادة (1) من القانون المدني تكفلت بالحلول المنطقية المناسبة لها عند عدم وجود نص تشريعي يمكن تطبيقه على الواقعة المعروضة حيث تحكم المحكمة بموجب العرف فاذا لم يوجد فبمقتضى الشريعة الاسلامية الاكثر ملائمة لنص هذا القانون دون الامتناع عن التقيد بمذهب معين فاذا لم يوجد فبمقتضى العدالة .
فاذا كان الامتناع عن احقاق الحق هو احد موجبات الشكوى من القضاة فان من مستلزمات الشكوى هو (الاعذار) بواسطة الكاتب العدل يتضمن دعوى القاضي الى احقاق الحق في مدة اربع وعشرين ساعة في العرائض وسبعة ايام بالدعوى . والشكوى من القاضي تقدم بعريضة الى محكمة الاستئناف التابع لها المشكو منه اذا تعلقت الشكوى برئيس محكمة الاستئناف او احد قضاتها فتقدم الشكوى الى محكمة التمييز (م1/287 مرافعات) ويجب ان تتضمن تلك العريضة بيانات وافية وواضحة عن الشكوى مع الامور والاوراق الثبوتية وايداع صندوق المحكمة تأمينات قدرها ثلاثة الاف دينار والا رفضت الشكوى (م288 مرافعات) ويجب ان لايتضمن الاعتذار والدعوة الى احقاق الحق او عريضة التشكي عبارات غير لائقة بحق المشكو منه والاحكام عليه بغرامة لاتقل عن ثلاثة الاف دينار (م288 مرافعات) وعلى القاضي المشكو منه عند تبليغه بعريضة الشكوى ان يمتنع عن رؤية الدعوى الى حين البت فيها فاذا رفضت وعجز المشتكي عن اثباتها يستأنف المشكو منه السير بالدعوى وفي حالة تكرارها (اي الشكوى) لايحاول دون استمرار القاضي هذه المرة بالنظر فيها الا اذا اصدرت المحكمة قرارها بصحة الشكوى (م 289 مرافعات) وعلى القاضي المشكو منه عن تبليغ الاجابة عليها خلال ثمانية ايام من اليوم التالي للتبليغ بها وعند قبول الشكوى يحدد لها لنظرها ويبلغ الخصوم بذلك (م 290 مرافعات) واذا رفضت الشكوى وعجز المشتكي عن اثباتها يحكم عليه بغرامة لاتتجاوز الفي دينار وتعويض المشكو منه عما لحقه من ضرر (م2/290 مرافعات)
واذا اثبت المشتكي صحة شكواه قضت المحكمة بإلزام المشكو منه بتعويض الضرر الذي حل بالمشتكي ويتم ابلاغ الامر الى مجلس القضاء الاعلى لاتخاذ الاجراءات القانونية المقتضات (م291/3 مرافعات) والقرار الصادر بالشكوى من محكمة الاستئناف يطعن به تمييزاً امام الهيئة العامة بموجب قانون التنظيم القضائي 160 لسنة 1979 وقد تناول الاستاذ مدحت المحمود في كتابه شرح قانون المرافعات المدنية (ص387) هذا الموضوع بالعبارة التالية التي وجدناها مناسبة لختم المقال : (ورغم ان القانون منح الخصوم طريق الشكوى من القضاة الا ان الذين يسلكونه اقل من القليل ورغم ذلك فان وجوده يشكل ضمانة جيدة تحول بين القاضي وبين الانزلاق في طريق لا يأتلف مع كرامة القضاة ويبعث الريبة في نفوس المتقاضين خلافاً لرسالة القضاء التي تتصف بالحياد والنزاهة والموضوعية) .
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً