عضوية الجهات المعنوية في الشركات
د. ملحم بن حمد الملحم
تتحرك الشركات، ولا سيما المساهمة وذات المسؤولية المحدودة، من خلال القيادة العليا فيها، المتمثلة في مجالس الإدارات بالنسبة للشركات المساهمة، ومجالس المديرين بالنسبة للشركات ذات المسؤولية المحدودة.
فمثلا ينتخب المساهمون في الشركة المساهمة أعضاء مجلس إدارتهم، الذين سيتم تفويضهم، وإيكال مهمة قيادة الشركة إليهم فيما هو في مصلحتها. والذي يحدث عادة أنه عندما يكون أحد المساهمين هو أحد المستثمرين المؤسسين “أعني بالمؤسسين كيانات اعتبارية لا طبيعية” كشركة أو صندوق أو هيئة، تقوم هذه الكيانات المؤسسية بانتخاب نفسها عضوة في مجالس الإدارات. ولأن هذه الكيانات المؤسسية أصبحت عضوة في مجالس الإدارات، وفي الوقت نفسه هي ليست شخصا طبيعيا، تقوم هذه الكيانات بتعيين ممثل لها في مجالس الإدارات، ولنسمه “الممثل لعضو مجلس الإدارة الاعتباري”. ويمكن ملاحظة هذا النوع من العضويات، وينبغي إدراكه من خلال صيغة الترشيح، وأهمها من خلال صيغة قرار الجمعية العامة في انتخاب أعضاء مجلس الإدارة.
فمثلا، عندما تقوم شركة أو أي كيان مؤسسي بانتخاب عضو مجلس إدارة من قائمة المرشحين، ويتم انتخابه بشخصه، فإنه – وإن كان هذا الشخص قد تم انتخابه من الكيان المؤسسي – يكون عضوا بنفسه، وهو مسؤول وحده – مع بقية الأعضاء – عن إدارة الشركة، وليس للكيان المؤسسي أي دور إداري مباشر على الشركة نظريا على الأقل. بينما عندما تقوم شركة أو أي كيان مؤسسي بانتخاب نفسه عضوا في مجالس الإدارات، فإنه يجب أن يكون في قرار الجمعية العامة للمساهمين النص على أن أحد هؤلاء الأعضاء هو هذه الشركة أو الكيان المؤسسي، وتكون هذه الشركة أو الكيان المؤسسي مسؤولا عن إدارة الشركة مع بقية الأعضاء ومسؤولا عن التقصير في حالة أقيمت دعوى المسؤولية على أعضاء مجلس الإدارة وثبت التقصير من الأعضاء.
الإشكال يكمن في أن كلا من نظام الشركات ونظام السوق المالية ولوائحهما، بما في ذلك لائحة حوكمة الشركات، لم تتطرق إلى هذه المسألة الجوهرية، بل تكلمت عن عضوية مجلس الإدارة عموما، وهذا يعني أن عضو مجلس الإدارة، سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا، فإنه سيعد مسؤولا عن إدارة الشركة، ومسؤولا كذلك عما يحدث لها حين ثبوت التقصير من مجلس الإدارة، لكن في الوقت نفسه لم يوضح نظام الشركات أو لائحة حوكمة الشركات آلية التعامل مع عضوية الكيان المؤسسي، وشروط تمثيله، وآلية تغييره من قبل ذلك الكيان المؤسسي، الذي عادة تنظمه لوائح مجالس الإدارات، أو ربما الأنظمة الأساسية.
أشرت إلى بعض المسائل في هذا الباب في مقالة بعنوان “الممثل للشركة في مجالس إدارات الشركات الأخرى”، لكن المهم هنا في هذه المقالة هو التأكيد على أن الكيان المؤسسي مسؤول ككيان مع بقية أعضاء مجلس إدارة الشركة في حالة ثبوت التقصير من المجلس. والجزئية الأخرى هي أنه وإن كانت هناك شركات تضع لائحة تنص عادة على آليات التعامل مع عضوية الشخص المعنوي في مجلس الإدارة، إلا أني أعتقد أن تنظيمها بمواد قد يساعد على رسم التوجه لهذه المسائل من حيث الحوكمة ومن ناحية الوضوح للمستثمرين من جهة، ومن جهة أخرى سيسهم هذا التنظيم في الاستقرار والوضوح القضائي في تعامله مع المسائل المتعلقة بعضوية الشخص المعنوي والأحكام المتفرعة عنها.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً