تصفية الشركات التجارية
بقلم / عبد الحليم عمار
من المعروف أن الغرض الأساسي من تأسيس الشركات التجارية هو تحقيق أهدافٍ اقتصادية واستثمارية ولتحقيق تلك الاهداف فلابد وان تناقش الجدوى الاقتصادية وطبيعة النشاط التجاري بين الشركاء . وغالبا ما تتناول هذه المفاوضات الجوانب المالية والقانونية المتعلقة بتأسيس الشركة وإدارتها. وبعد ذلك يقوم الشركاء باتخاذ الإجراءات النظامية لتأسيس الشركة ومن بينها توقيع عقد تأسيس الشركة، والذي هو بمثابة الدستور المنظم لأعمال الشركة.
وفي هذه المرحلة تكون رغبة الشركاء وحماسهم هو الشئ المسيطر عليهم رغبة فى بناء سمعة الشركة وتحقيق الأرباح؛ لذا نادرا ما يفكر الشركاء في هذه المرحلة في احتمالية قيام نزاع بينهم في المستقبل، الامر الذى قد يعرقل عمل الشركة وفشلها بل وقد يهدد استمرارها.
وقد يتناسي الشركاء عن اتخاذ إجراءات وقائية عند تأسيس الشركة،والتي من الممكن أن تساهم في حفظ الحقوق وضمان استمرارية عمل الشركة، فقد يقوم خلاف بين الشركاء يتسبب في إنهاء علاقة الشركاء أو حل الشركة وتصفيتها دون وجود التزامات مالية وقانونية تثقل كاهلهم لمدد طويلة.
قد يصل الخلاف بين الشركاء إلى مرحلة يصعب فيها حله أو إدارته، فيصبح خيار فض علاقة الشراكة هو الخيار الأنسب والأحكم. وقد ينهي الشركاء علاقتهم بتنازل الشركاء أو أحدهم عن حصته، أو حل الشركة وتصفيتها اختيارياً أو قضائياً. أشارت المادة السادسة عشر من نظام الشركات الجديد الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/3) وتاريخ 28/1/1437هـ إلى أسباب انقضاء الشركة ومن بينها: «انقضاء الشركة باتفاق الشركاء على حل الشركة وانقضائها قبل انتهاء مدتها»، وكذلك «صدور حكم قضائي نهائي بحلها أو بطلانها بناء على طلب أحد الشركاء أو أي ذي مصلحة وكل شرط يقضي بالحرمان من استعمال هذا الحق يعد باطلاً . في حالاتٍ كثيرة يستحكم الخلاف بين الشركاء إلى مرحلةٍ يصعب فيها الوصول إلى حلولٍ ودية سواء كانت اتفاقاً على تنازل الشركاء أو أحدهم عن حصته أو حل الشركة وتصفيتها تصفيةً اختيارية، لذلك يصبح اللجوء للقضاء وطلب التصفية القضائية خياراً لا مفر منه
على الرغم من أن اللجوء للقضاء قد يكون الخيار الوحيد للشركاء أو الشريك صاحب المصلحة لحل الشركة وتصفيتها، إلا أنه خيار له تبعات سلبية من بينها: التأثير على إدارة الشركة وعملها، وكذلك سمعة الشركة والشركاء مع الأخذ بعين الاعتبار طول مدة التقاضي إلى حين صدور حكم نهائي يقضي بحل الشركة وتصفيتها. وبالنظر الي نظام الشركات القديم نجد أنه قد ورد في المادة الخامسة عشر منه أن من أسباب انقضاء الشركة: هو صدور قرار بحل الشركة من هيئة حسم منازعات الشركات التجارية (الجهة القضائية المختصة) بناء على طلب أحد ذوي الشأن وبشرط وجود أسباب خطيرة تبرر ذلك». وفي تفسير الجزء الأخير من هذه المادة والمتعلق بالسبب النظامي اللازم لطلب حل الشركة وتصفيتها قضائياً، تفاوتت أحكام الدوائر التجارية في ديوان المظالم إلى حدٍ يصعب معه التنبؤ بشأن المقصود بالأسباب الخطيرة ؛ والتي بوجودها يُحكم بحل وتصفية الشركة قضائياً.
ومع صدور نظام الشركات الجديده كان من المنتظر أن يقوم المشرع بالتطرق الى المقصود بالأسباب الخطيرة والتي تجيز للشركاء أو أحدهم أو أي ذي مصلحة طلب حل الشركة وتصفيتها قضائياً، إلا أن النظام لم يتطرق من قريب أو من بعيد إلى أهمية وجود أسباب خطيرة كشرطٍ لطلب حل الشركة وتصفيتها قضائياً.
وأرى أن هذه ثغرة قد تفتح الباب على مصراعيه للشركاء أو ذوي المصلحة لرفع دعاوى حل الشركات وتصفيتها دون وجود أي مسوغ يستدعي ذلك. وفي المقابل قد تحرم البعض الآخر من حقه في حل الشركة وتصفيتها لأن خصومته ونزاعه لا يعتبر من قبيل الأسباب الخطيرة.
وأخيراً وبالنظر إلى طبيعة عقد الشركة على أنه عقد رضائي بين الشركاء، يثور تساءل مهم وهو: هل بإمكان الشركاء الاتفاق حول الأسباب المسوغة لقيام الشركاء أو أحدهم بطلب حل الشركة وتصفيتها قضائياً ! ؟، والإشارة إلى ذلك في عقد تأسيس الشركة، مع مراعاة أن يكون هذا الاتفاق بمثابة تنظيمٍ لممارسة هذا الحق الذي كفله النظام وليس حرماناً للشركاء أو أحدهم من استعماله،
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً