تفاوت الحماية الجنائية بين الرجل والمرأة
القاضي علي كمال
لئن كان القانون مجموعة القواعد الملزمة والمجردة ذات الإثبات النسبي التي تعبر عن افكار السلطة التي تصدرها ايا كان شكلها الدستوري او طبيعتها السياسة فالقانون على هذا الاساس لا يمكن ان يكون على الحياد بين المصالح الاجتماعية المتعددة والمتضاربة أحياناً لانه لابد ان يميل نحو ترجيح مصلحة او مجموعة مصالح على اخرى ذلك لان المنطق المجرد وليس القانوني والسياسي فقط يفترض بان السلطة السياسية لا تشرع قوانينها الا بما يوافق عقيدتها في مناحي الحياة المختلفة على تفضيل في الامر تتجاذبه النظريات والعقائد السياسة فالقانون اذن يعبر عن فكر السلطة السياسة لدولة معينة حديثة او قديمة متطورة او مختلفة.
وان السلطة اتخذت على مر العصور اوصافا كانت تنجم عن درجة تطور المجتمع وتنسجم معه ذلك لان جوهر السلطة السياسة يبقى واحدا وان اتخذت السلطة مظاهر مختلفة حسب طبيعة المجتمع الذي تظهر فيه ومن ثم تسوسه ويبدو ان تفاوت الحماية القانونية بين المراة والرجل في اطار علاقات الأسرة والمجتمع قد وافق تطور السلطة في الدولة عبر مراحل تطورها المختلف لهذا بقي الرجال مسيطرين على المرأة بما يفرضوه من قواعد اجتماعية وقانونية من خلال سيطرتهم على سلطة التشريع واذا كان ما يعنينا في هذا المقال رصد مظاهر السلطة في اطار العلاقات الاجتماعية والإنسانية بين الرجل والنساء وما تركته سلطة الرجل في إطار علاقاتهم بالنساء داخل إطار الاسرة من آثار قانونية واجتماعية فانه يمكن القول بان أصل السلطة في مبدأ نشؤها بحسب العديد والراجح من النظريات يرجع الى الأسرة فهي مصدر الدولة وأساسها كما يعبر ارسطو على ان آراء المختصين وان اختلف في أصل الاسرة ذاتها فان الراي الراجح يذهب الى انها كانت تقوم على نظام الاسرة الامية وفيها تتزعم الام اسرتها المكونة منها ومن اولادها ثم تطور هذا النظام لتنتقل زعامة الاسرة من الام الى لاب وهو النظام الذي سمي السلطة الأبوية.
ويحدد البعض الفترة التي انتقلت فيها سلطة قيادة المرة للاسرة الى الرجل ما بين الالف الثاني عشر الى الالف الثامن قبل الميلاد اذ يعتقد بان علاقة المرأة بالرجل في المراحل الاولى من تطور المجتمع التي كانت فيها رب الاسرة لا تعدو ان تكون كعلاقة حيوانات النوع الواحد تجمعهما دوافع الغريزة الجنسية التي لم تسم بهما الى درجة معرفتهما نظام الزواج وتكوين الاسرة الا بعد فترات طويلة من الزمن والتطور فالرجل في تلك الحقبة الموغلة في القدم كان يقضي مع المرأة وطرا لتحمل منه فتلد فترعى صغارها حتى يبلغوا أشدهم فينفصلوا عنها لتستمر الدورة الاجتماعية وهكذا كانت المرأة سيدة الأسرة وليس للرجل عليها اية سلطة اجتماعية منظمة سوى ما قد تفرضه قوته البدنية ولم يدم الأمر هكذا فاذا كان الانسان مخلوقاً فهو ليس ككل المخلوقات لان الله خلقه على أحسن تقويم بدني وعقلي لذلك كانت غرائزه او بتعبير أكثر دقة دوافعه الفطرية تسمو وتتهذب بتطور ملكاته الذهنية في التعامل مع ابناء جنسه ومع ظواهر محيطه المختلفة.
وكان من بين مظاهر تطوره الاجتماعي اختصاصه بامراة او عدة نساء واختصاص المرأة من جانب اخر برجل او عدة رجال ليظهر بعدئذ نظام الزواج الذي اتخذ صورا كثيرة جدا اختلفت باختلاف الازمان والاديان والمجتمعات وبه انجلت بداية عصر اجتماعي جديد بسط فيه الرجل بحكم قوته وجلده فيه.
ونجد قانون العقوبات العراقي النافذ قد اشار اليها في ثلاث جرائم منها جريمة الخيانة الزوجية المنصوص عليها في المادة (377/2) وقتل المرأة لارتكابها الفاحشة في المادة (409) منه وهي تعد اهم ما تبقى من تلك المظاهر التي تنطوي على تفاوت في الحماية الجنائية بين المرأة الرجل فضلاً عما قيل بشان احكام تأديب الزوجة المادة (41/1) اضافة الى اخذ بذلك العديد من قوانين الدول العربية منها المصري والسوري واللبناني وتفاوت بين كل واحد من تلك المواد الظروف الجماعية والانسانية بين الرجل والنساء وماتركته سلطة الرجل في اطار علاقاتهم بالنساء داخل اطار الاسرة من اثار قانونية واجتماعية.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً